- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

نزار بنات: صوتُ الحقيقة الذي اغتالته السُلطة الفلسطينية

التصنيفات: صحافة المواطن

صورة من فيديو [1] نشر عبر تويتر يظهر آلاف المتظاهرين المشيعيين لجثمان نزار بنات.

فجرالخميس 24 يونيو، اقتحم 25 عنصرًا من الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية [2] منزل نزار بنات في مدينة الخليل: فجروا باب بيته، هاجموه بينما كان نائمًا، ضربوه، رشّو عليه الفلفل الحارق، واقتادوه عاريًا إلى مكاتبهم. بعدها بساعات قليلة، أعلنوا وفاته.

استيقظ الشعب الفلسطيني، الذي لايزال يُقاوم التهجير والتطهير العرقي في الشيخ جرّاح [3] وسلوان [4] وبيتا [5] على فاجعةِ فقدان أحد أكثر الأصوات انتقادًا لسياسات السُلطة الفلسطينية، هذه المرّة على يد الأمن الفلسطيني.

فمن هو نزار الذي ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، والشوارع في فلسطين المحتلة، والضفّة الغربية، وعواصم عالمية للمطالبة بالقصاص من قتلته؟

اشتهر نزار، 43 عاما، من خلال نشره فيديوهات له عبر فيسبوك [6] انتقد فيها فساد السلطة الفلسطينية، وكان قد قرر الترشح للانتخابات التشريعية التي ألغيت في وقت سابق هذا العام. وعُرف نزار بتصريحاته اللاذعة [7] تجاه المسؤولين في حركة فتح والسُلطة الفلسطينية فيما يخص جائحة كورونا، وموقفها من أحداث حي الشيخ جرّاح وسلوان والعدوان على غزّة.

فقبل مقتله ببضعة أيام، نشر نزار مقطع فيديو ينتقد فيه صفقة اللقاحات منتهية الصلاحية التي كانت على وشك أن تتم بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل [8]، والتي ألغيت بعد أن انتشر الخبر ولاقى انتقادًا واسعًا محليًّا ودوليًا.


وبعد الاعتداء عليه من قبل الأمن، تمكن نزار – وكأنه استشعر دنو موته – من نشر ما يشبه الوداع على صفحته:


فور انتشار خبر اغتياله، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي لاستنكار الحادثة، كما تم تناقل دعوات للتظاهر في مختلف المدن الفلسطينية تنديدًا بهذا الفعل الاجرامي.

احتشد الفلسطينيون في رام الله مطالبين باسقاط الرئيس محمود عبّاس [11]، وحكومته، والسُلطة.

ولم تتوقف ردود الفعل الشعبية الساخطة على هذه الحادثة على رام الله فحسب، بل كان اسم نزار يصدح في كل مدن فلسطين. ففي قرية بيتا جنوب نابلس والتي تشهد تصعيدا استعمارياً من قبل الاحتلال منذ أشهر، هتف أهلها باسم نزار أثناء مقاومتهم ومواجهتهم التهجير والترحيل.

وفي مدينة أم الفحم، نظّم أهلها صلاة الغائب على روح نزار، مؤكدين وحدة الدم الفلسطيني، واتهموا السلطة الفلسطينية بالعمالة وبأنها وجه آخر للاحتلال.

وكان السؤال الأكثر أهمية هو ما طرحه الصحفي علي عبيدات عبر فيسبوك، حول أثر هذه الجريمة التي قُتل فيها فلسطيني على يد فلسطيني آخرعلى التضامن العالمي الذي حصدته القضية الفلسطينينة في الأشهر الماضية على يد شبّان وشابّات عاديون.

بعد وقوع الحادثة بساعات، أصدر رئيس الحكومة الفلسطينية ايعازَا بتشكيل لجنة تحقيق حول مقتل نزار [20]، الأمر الذي لاقى استهجانًا واسعًا بين النشطاء الفلسطينيين.

الصحفية مجدولين حسونة، صديقة نزار بنات، كانت من متصدري مظاهرة رام الله، وكانت قد صرخت بوجه رجل الأمن الذي كان مستعدًا لضربهم وقمعهم حفاظًا على وظيفته.  مجدولين، من هول صدمتها بالواقعة، كانت تصرخ بوجه رجال الأمن الفلسطيني أن من قُتل هو أخٌ لهم وليسَ من أعدائهم:

واستدعت واقعة اغتيال نزار رموزا فلسطينية أخرى اغتيلت، فحضر رسّام الكاريكاتير ناجي العلي [25] في العديد من المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت أبرزها تلك التي تجسّد المواطن الفلسطيني وهو يكتب وصيّته بعد نشره لمقالٍ عن الديمقراطية:

باسل الأعرج [31] ، الملقب ب”المثقف المُشتبك” نظرا لطريقة مطاردة القوات الإسرائيلية له ومقتله على أيديهم  في 2017، كان حاضرًا أيضا ضمن ما نُشر عن مقتل نزار، حيث اشتركا في كونهما ضحايا ظلم السُلطة الفلسطينية وقمعها لجهرهم بالحقيقة حول مواطن الفساد والعقبات التي تضعها السُلطة أمام الشعب في مسعاه للتخلص من الاحتلال الإسرائيلي:

اغتيال نزار على يد قوات الأمن الفلسطيني فجّرغضباً شعبيا كان مقتصرا على الاحتلال. إلا أن العديد من الفلسطنيين اعتبروا أنهم يقاومون احتلالين، أولهما هي إسرائيل التي سرقت الأرض، وشرّدت الشعب الفلسطيني، وثانيهما هي السلطة الفلسطينية التي لم تتوقف عن التنسيق الأمني مع المحتل لتسليم “المطلوبين” لهم، أو للهروب من المواقع التي تدّعي أن لها سيطرة لها حين يُقرر جيش الاستعمار الدخول لاغتيال أو اعتقال من يُريد؛  مثل ما حدث في جنين منذ أسبوعين. [33]

علي مواسي كتب على فيسبوك:


وبحسب تغريدة تظهر صورة ملتقطة من رسالات تبادلها نزار وشخص آخر، فإن القتيل الذي  لطالما هاجم الفاسدين في السُلطة وحلم بحياة تملؤها الكرامة لأبنائه، كان على علم برغبة في تصفيته.

يعلم أنهم سيقتلونه.

استمرت المظاهرات في المدن الفلسطينية لأيام، وعلى الرغم من انتشار الانتقادات والدعوات للسلطة الفلسطينية وحركة فتح للكف عن نشر ما سماه معارضوها “بمرتزقتها” لقمع المتظاهرين، إلّا أن ذلك لم يجد صدىً لديها، وأسفرت عن مواجهات في مناطق متعددة من الضفّة الغربية التي تخضع لسيطرة السلطة.

التطور الأخير الذي حدث على هذه الصعيد هو انتشار لمقطع يوثق لحظة سحب قوات الأمن للناشط نزار بنات من بيته واقتياده إلى مكانٍ مجهول قبل أن يتم اعلان وفاته بعدها بقليل.

وقد فتحت هذه الحادثة جدالا حول مفهوم الوطنية ومدى ارتباطه عند الفلسطينيون بالمقاومة، فكتب مجد كيّال على الفيسبوك:

مقتل نزار نتج عنه توحيد الشعب الفلسطيني في مواجهة الظُلم والطغيان، أكان متمثلا في استعمار ومحتل، أو حكومة متواطئة.