- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

أين أصوات إيغور آسيا الوسطى وروسيا؟

التصنيفات: آسيا الوسطى والقوقاز, أخبار عاجلة, الأعراق والأجناس, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, الجسر
[1]

ناشط تتاري وعضو اتحاد شباب التتار “أزاتليك” يحمل ملصقا كُتب عليه “نطالب بوقف الإبادة الجماعية لشعب الإيغور في جمهورية الصين الشعبية” باللغة الروسية، ويدعو إلى دعم إيغور الصين باللغة التترية. 21 يونيو/حزيران 2021. صورة [2] من فيسبوك مستخدمة بإذن مالكها.

على الرغم من وجود أعداد كبيرة من الإيغور في آسيا الوسطى وروسيا، إلا أن هذه المجتمعات ماتزال تنأى بنفسها في إدانة انتهاكات حقوق الإنسان ضد الإيغور في الصين [3] مقارنة بنظيراتها في البلدان الغربية. هل هي في الواقع “سلبية” كما يقترح بعض المعلقين، أم أنها ببساطة أقل ظهورًا؟ هل هي قضية ثقافية واجتماعية، حيث لا يزال نشاط حقوق الإنسان في روسيا وآسيا الوسطى في مرحلة انتقالية على عكس الديمقراطيات الغربية؟ هل هي قضية سياسية، حيث تُسكت الدول النضال الجريء لإرضاء شريك اقتصادي مربح؟ أم أنه بسبب نقص الوعي بهذه القضية، نظرًا لقلة تغطيتها باللغات المحلية؟

على غرار العديد من الأقليات العرقية الأخرى في الصين، يفقد [4] الإيغور وضعهم القانوني والسياسي وثقافتهم بشكل متزايد منذ أوائل التسعينات، وهم مجتمع عرقي تركي مسلم يضم 12 مليون نسمة. منذ بداية عام 2021، شهد العالم حالات موثقة [5] من انتهاكات حقوق الإنسان غير المسبوقة وتجريد هذه الأقلية من إنسانيتها. على الرغم من إدانة الأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والعقوبات [6] التي فرضتها الدول الغربية على الصين بما في ذلك الاتحاد الأوروبي [7]، والمملكة المتحدة [8]، وكندا، والولايات المتحدة، إلا أن الوضع لم يتحسن، ولكنه في الواقع يتدهور [9].

ردت الصين بفرض عقوبات مقابلة [8] ولا تستطيع العديد من البلدان [10] تحمل تكاليف مواجهة هذا العملاق الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، بعض الدول العربية الإسلامية [11] التي كان من المتوقع دعمها للإيغور “كإخوانهم” المسلمين، كانت على العكس من بين الداعمين للدولة الصينية في القضايا المتعلقة بسنجان [12] أو تركستان الشرقية، بل وقاموا بترحيل الإيغور [13]. أما “الإخوة” الآخرون الذين يُتوقع دعمهم للإيغور، فهم الدول التركية الأخرى مثل تركيا، وأذربيجان، وبلدان في آسيا الوسطى.

يوجد أعلى تركيز للإيغور خارج الصين في آسيا الوسطى الكبرى، حيث يبلغ عددهم وفقًا للإحصاءات الرسمية حوالي نصف مليون نسمة، وتفيد التقارير بأن هناك 300 ألف من الإيغور [14] في كازاخستان، و50 ألف في قيرغيزستان، و20 ألف في أوزبكستان، وحوالي 10 آلاف في تركيا. لكن مجتمعات الإيغور في البلدان الغربية عددها أصغر بكثير، فعلى سبيل المثال في ألمانيا هناك أقل من 1,000 من الإيغور، وحوالي 15 ألف يعيشون في الولايات المتحدة [15].

مع ذلك فإن العدد الأصغر من الإيغور في البلدان الغربية أكثر نشاطًا، والمنظمات غير الحكومية مثل مؤتمر الإيغور العالمي [16] في ألمانيا، ومحكمة الإيغور [17] في المملكة المتحدة فهي منظمات بارزة في الساحة الدولية.

أخبرتني صوفيا ممثلة مؤتمر الإيغور العالمي:

Mostly, we receive support from our own community, Uyghurs around the world. Turkish community has been also showing us a great amount of [moral] support for a long period of time.

نتلقى الدعم في الغالب من قلب مجتمعنا، من الإيغور في جميع أنحاء العالم. كما أظهر لنا المجتمع التركي قدرًا كبيرًا من الدعم [المعنوي] لفترة طويلة من الزمن.

بما أن المعلومات الواردة من مصادر رسمية لا تقدم الصورة الكاملة، فقد نَشرت أسئلة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي في مجموعات ومجتمعات مختلفة متعلقة بالشأن التركي فيما يتعلق بالدعم التركي للإيغور.

كما تعترف المنظمات غير الحكومية الإيغورية في كازاخستان، وقرغيزستان، وروسيا بدعم الشعب التركي. مع ذلك أشار معلق تركي على صفحة على فيسبوك، على الرغم من أن تركيا تقدم دعمًا معنويًا أكبر للإيغور من بلدان أخرى، إلا أنها أقل مما تقدمه للدولة الفلسطينية. كان ذلك في إشارة إلى الإقامة الجبرية [18] لناشط إيغوري في مجال حقوق الإنسان خلال زيارة مسؤولين صينيين، وهو ما برره المسؤولون الأتراك بأنه إجراء احترازي لمواجهة كوفيد-19.

شتات الإيغور في كازاخستان [19] هو الأكبر إلى حد كبير مع أكثر من 100 [20] ألف إيغوري في مدينة ألماتي وحدها. تعمل العديد من المنظمات الثقافية في كازاخستان بما في ذلك جمعية غير رسمية مرتبطة بمجموعة فيسبوك “إيغور العالم [21]“، كما أنها تشارك في النشاط الاجتماعي السياسي وتنظم اجتماعات تعليمية لدراسة تاريخ وحقائق الإيغور الصينيين. يصف أحد النشطاء المقيمين في كازاخستان، الذي قابلته أنا، نشاطهم على الأرض بقوله:

The Uyghurs here in Kazakhstan are trying to bypass the “Uyghur issue.” … Conferences or gatherings are not prohibited in Kazakhstan, but there are no official rallies or pickets; they are not supported at the official level. On the contrary, when something of this kind is planned, there is always communication with the state security. Therefore, it happens so that a picket is planned, but the Uyghurs are not there. <….>Uyghurs in Central Asia rely more on Uyghurs in Europe or the United States … where the Uyghur issue is openly discussed.

الإيغور هنا في كازاخستان يحاولون تجاوز “قضية الإيغور”. لا تُحظر المؤتمرات أو التجمعات في كازاخستان، ولكن لا توجد تجمعات أو اعتصامات رسمية فهي غير مدعومة على المستوى الرسمي. بل على العكس من ذلك فعندما يُخطط لشيء من هذا النوع، يكون هناك دائمًا اتصال بأمن الدولة. لذلك يحدث أن يُخطط للاعتصام، ولكن الإيغور ليسوا هناك. <….>الإيغور في آسيا الوسطى يعتمدون أكثر على الإيغور في أوروبا أو الولايات المتحدة … حيث تُناقش قضية الإيغور علنًا.

لكن المناقشات في روسيا ودول آسيا الوسطى ليست بنفس العلنية، بل إن السلطات تدعم [22] في بعض الأحيان سياسة الصين [23] على غرار نظيراتها العربية.

في ردودهم على منشوري على وسائل التواصل الاجتماعي، أشار بعض المستخدمين إلى نقص المعلومات في وسائل الإعلام الرسمية، في حين أن آخرين مثل مستخدم في مجموعة نحن أتراك/BİZ TÜRKLER [24] كان داعمًا للاندماج:

They, Uyghurs, shall integrate to the vertical and horizontal structures of their state – China, and stop being a source of Islamic extremism there. If not, then they should either leave their homeland, or be violently assimilated. Integration is better than assimilation…<…>

هم، أعني الإيغور، سوف يندمجون في الهياكل الرأسية والأفقية لدولتهم-الصين، ويتوقفون عن كونهم مصدرًا للتطرف الإسلامي هناك. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فعليهم إما أن يغادروا وطنهم، أو أن يذوبوا في ثقافة الغير بالقوة. الاندماج أفضل من الذوبان… <…>

دعا منشور في مجموعة Tilde, Fikirde, İşte Birlik/الجمال التركي [25] إلى مناقشة بين المشاركين من خلفيات عرقية مختلفة، وشدد العديد منهم على تقاعس الإيغور أنفسهم من منطقة آسيا الوسطى:

In Almaty Kazakhs are three months in a row picketing the General Consulate of PRC against tortures and camps in East Turkistan, however not even a single Uyghur has joined.

يعتصم الكازاخستانيون في ألماتي لثلاثة أشهر متتالية في اعتصام أمام القنصلية العامة لجمهورية الصين الشعبية ضد التعذيب والمخيمات في تركستان الشرقية، ولكن لم ينضم حتى فرد واحد من الإيغور.

اتفق مستخدم آخر بقوله:

Uyghurs in Central Asia are very passive, for what concerns the Uyghurs historical homeland. They, it could be said, are indifferent to the problems of the genocide in XUAR.

الإيغور في آسيا الوسطى سلبيون للغاية فيما يتعلق بالوطن التاريخي للإيغور. يمكن أن يقال إنهم غير مبالين بمشاكل الإبادة الجماعية في سنجان أو تركستان الشرقية.

رد نشطاء الإيغور في كازاخستان وقرغيزستان بالمثل، مشيرين إلى الشراكة الاستراتيجية بين هذين البلدين والصين، والضغط الصيني، وموقف الإيغور كأقلية قومية أو حتى كشتات في المنطقة.

في مقابلة أجريتها مع فرحات إبراجيموف من مؤتمر الإيغور العالمي في قيرغيزستان، شرح الأخير بعض الصعوبات في هذه البلدان:

There are, of course, also differences: when rallies or pickets are organized by ethnic Kazakhs in Kazakhstan or Kyrgyz in Kyrgyzstan, and when they are organized by national minorities, especially in support of the Chinese Uyghurs. A summons for interrogation, a fine, and even detention can arrive here. In addition, many of Uyghurs themselves are afraid both for their own lives and families and for their relatives in China.<…>

بطبيعة الحال يختلف الأمر عندما ينظم مواطنون كازاخستانيون في كازاخستان أو مواطنون قرغيزيون في قيرغيزستان المسيرات أو الاعتصامات، وعندما تنظمها الأقليات القومية ولا سيما لدعم الإيغور الصينيين. استدعاء للاستجواب، أو غرامة، أو حتى الاحتجاز يمكن أن يصل إليه الأمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من الإيغور أنفسهم يخافون على حياتهم وأسرهم وعلى أقاربهم في الصين. <…>

يضيف إبراجيموف أن معظم الإيغور فقدوا الاتصال بأقاربهم في سنجان أو تركستان الشرقية في عام 2016 عندما كان من الخطر حتى إجراء مكالمة هناك.

أكد رافات ساديكوف من الرابطة الأقاليمية الروسية وهي الرابطة الثقافية الوطنية للإيغور [26] في موسكو وسانت بطرسبرغ هذا الرأي، وذكر العدد الصغير نسبيًا من الإيغور في روسيا وهو 4 آلاف شخص في البلد بأسره: حوالي 400 في منطقة موسكو، و182 فقط في كل مدينة موسكو.

قال ساديكوف أن الإيغور ومؤيديهم في روسيا يتمتعون بحرية تنظيم الفعاليات الثقافية والتعليمية، بل ويمكنهم تنظيم اعتصامات [27]فردية والمشاركة فيها أمام السفارة الصينية، ولكن الفعاليات الأكبر غير مرحب بها.

…there is no oppression based on nationality in Russia. We live freely and organize events. There is rather a tacit ban on a political stance towards China. Russia does not welcome support for China's declared “separatism.” For Russia, China is a strategic partner. We understand [the] Russian position in relation to China. After all, a conflict with such an international partner can hurt the country's economy, and it will affect everyone …

لا يوجد اضطهاد على أساس الجنسية في روسيا. نحن نعيش بحرية وننظم فعاليات. هناك حظر ضمني على أي موقف سياسي تجاه الصين، ولا ترحب روسيا بدعم الدعاوي “الانفصالية” في الصين. بالنسبة لروسيا فإن الصين شريك استراتيجي. نحن نتفهم الموقف الروسي فيما يتعلق بالصين، ففي نهاية الأمر صراع مع هذا الشريك الدولي يمكن أن يضر باقتصاد البلاد وسوف يؤثر على الجميع …

عندما سُئل عن التقاعس النسبي لمجتمعات الإيغور في المنطقة، أجاب ساديكوف:

[The] Uyghur’ issue for us is not the past or something distant. We are all worried not only for our relatives, but also for our compatriots; this is a sore point for us. And we are not silent, albeit through culture, or single pickets, we try to convey information to people, we talk about it wherever possible. True, our voices are not as audible as the voices of the Uyghurs in Germany, for example.

قضية الإيغور بالنسبة لنا ليست ماضي أو شيء بعيد عنا. نحن جميعا قلقون ليس فقط على أقاربنا، ولكن أيضًا على مواطنينا. فهذه نقطة مؤلمة بالنسبة لنا. لسنا بصامتين. فنحن نحاول نقل المعلومات إلى الناس حتى ولو من خلال الثقافة أو الاعتصامات الفردية ونتحدث عن ذلك كلما كان ممكنًا. والأمر صحيح أن أصواتنا ليست مسموعة مثل أصوات الإيغور في ألمانيا على سبيل المثال.

في معرض التفكير في القيود المفروضة على تنظيم الفعاليات الاجتماعية والسياسية بشأن قضايا الإيغور، يشير الناشط الكازاخستاني إلى الصورة الأكبر:

The human rights activism is not important just for Uyghurs, but rather for others, in order to learn and avoid such a destiny.

النضال في مجال حقوق الإنسان ليس مهما بالنسبة للإيغور فحسب، بل بالنسبة للآخرين من أجل التعلم من مثل هذا المصير وتجنبه.

بالنظر إلى ما سبق، فإن خفوت الأصوات في آسيا الوسطى وروسيا لا يعني الصمت أو السلبية دائمًا، بل يعني الافتقار إلى تغطية أوسع نطاقًا وبالتالي نقص الوعي.