- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

الكريكت الكاميروني النسائي يحلق لآفاق عالية

التصنيفات: جنوب الصحراء الكُبرى - أفريقيا, الكاميرون, النساء والنوع, رياضة, شباب, صحافة المواطن

لاعبة المنتخب الكاميروني للكريكت – ميفا دوما. الصورة بتصريح من رابطة الكريكت الكاميرونية.

الكاميرونية – ميفا دوما – ذات السادسة عشر ربيعًا تدخل التاريخ [1] من أوسع أبوابه وتصنع معجزة في الثاني عشر من سبتمبر/أيلول 2021 في مباراة بين منتخبي الكاميرون وأوغندا خلال التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم للكريكت (T20) المُقامة في غابورون عاصمة دولة بوتسوانا بتنظيم الاتحاد الدولي للكريكت (ICC).

علينا أن نشيد بمدى براعة اللاعبة في ترك بصمتها في أول ظهور دولي لها بإصابة 5 ويكيت (wicket) في جولة واحدة وإقصاء 4 ضاربات من الفريق المنافس مُسجلة رقمًا قياسيًا جديدًا في الكريكت مُتبعة أسلوبًا غير شائع في الإقصاء يُسمى مانكادن (Mankading) تيمنًا باللاعب الهندي الشهير فينو مانكاد [2].

على الرغم من أن هذا الأسلوب لا ينتهك القوانين [3]، إلا أنه غالبًا ما يُنظر إليه على أنه مخالفة لروح اللعبة. يرجع ذلك إلى أنه أشبه بالخداع منه إلى استخدام مهارة فعلية للكريكت في الرمي حيث ينتظر رامي الكرة ويتأخر بضع خطوات حتى يترك الضارب غير المهاجم خط الضرب – بنفس طريقة ميل لاعبي البيسبول بعيدًا عن القاعدة منتظرين أن يركضوا إلى القاعدة الأخرى – وبذلك يمكن لرامي الكرة إخراج الضارب غير المهاجم بالتوقف عن الرمي ثم ضرب البوابة (ويكيت wicket) القريبة قبل أن يرجع الضارب غير المهاجم إلى مكانه.

ألهمت (ميفا دوما) العديد من الشباب والشابات في موطنها، فلم يعد يُنظر إليها على أنها جزء من المنتخب فحسب. فبفضل إنجازاتها انضم الكريكت النسائي الكاميروني الناشئ لعالم الشهرة بعد أن كان قابعًا خلف بريق وسط أفريقيا وغربها. كما نشر لاعب الكريكت الهندي المعتزل (كارتيك مورالي ) تغريدة مفادها:

(ميفا دوما) لن أنسى هذا الاسم

في عشق الكريكت

في غرفة تملؤها معدات الكريكت من واقيات وخوذات وكرات يتوسطها قميص المنتخب حاملًا الرقم 9، تتبادر إلى الذهن صورة شخص وُلد ليمارس الكريكت.. إلا أن الواقع مخالف، ففي طفولتها لم يخطر على بالها أنه مُقدر لها ممارسة الكريكت أو أن تُسجل رقمًا قياسيًا في سن السادسة عشر.

ترعرعت (ميفا دوما) وسط عائلة من سبعة أفراد. عاش والداها مسيرة رياضية مميزة حين كانا في مثل عمرها، حيث مارست والدتها كرة اليد وكرة السلة بينما مارس والدها الفنون القتالية المختلطة ما حفزها على إكمال ما بدآه وتحقيق ما عجزا عنه لقلة الفرص. في عام 2005 يبدو كما لو أنها ورثت عن والديها موهبتهما الرياضية لترتقي لمستوى التوقعات.

لم يمر سوى تسعة أشهر منذ أن خطت (ميفا دوما) أولى خطواتها في عالم الكريكت وهي بسن الخامسة عشر، فلقد نشأت في حي مهووس بتلك الرياضية لتتعلم اللعبة من أخيها الأكبر الذي غالبًا ما كان يعتبرها اللاعبة الاحتياطية ودُعامة فريق الهواة بالحي. مثل تلك الأجواء هي ما أنشأت الموهبة الصاعدة، فلقد صرحت اللاعبة لجلوبال فويسز:

“I was captivated by the way people played cricket in the quarter [her neighbourhood] and I decided to play as well,”

فُتنت بطريقة ممارسة الكريكت في الحيّ ولهذا قررت ممارستها.

حدث لا ينسى

ما حققته (ميفا دوما) في المباراة التي أقيمت بشهر سبتمبر/أيلول أذهل الجميع بما في ذلك اللاعبة نفسها، صرحت قائلة:

“At first I was really surprised but later became very proud of myself because I now hold an international record in cricket,” she said. “I owe this success to my coach and all those who inspired me to play cricket.”

ذُهلت مما فعلت، أما الآن فأنا فخورة للغاية بنفسي فالرقم القياسي الدولي للكريكت مُسجل باسمي. أدين بهذا الإنجاز لمدربي وجميع من ألهموني لممارسة الكريكت.

أضافت اللاعبة:

“I noticed that it was difficult to beat the striker. So, I decided to look for an alternative. I realised that at every moment I ran to throw the ball, the non-striker came out of her crease. And that's where I decided to dismiss them.”

لاحظت مدى صعوبة التغلب على المهاجمة لذلك قررت إيجاد استراتيجية بديلة. أدركت أنه في كل مرة أستعد لرمي الكرة تخرج لاعبة مركز الضارب غير المهاجم من مكانها وتترك خط الضرب، ومن هنا قررت إقصائها.

إقصاء واحد.. محض صُدفة
إقصاءان.. استهتار وإهمال الفريق الخصم ليس إلا
ولكن تحقيق أربعة إقصاءات متتالية في جولة واحدة لهو إنجاز يتطلب سلاسة ودقة وقوة.

تركيبة مميزة من المهارات والجرأة اجتمعت لدى (ميفا دوما) لتجعلها محط أنظار العالم على أمل أن تدفعها بقوة تجاه مسيرة رياضية استثنائية. صرّحت اللاعبة:

“I never believed I was able to run out batters like my role model [Chris Benjamin [6], a South African cricketer]. I think I can greatly excel in the sport and perhaps shine someday,” she said.

لم أتوقع مُطلقًا أن بإمكاني إقصاء الضاربين مثلما فعل قدوتي – كريس بنجامين [6] لاعب الكريكت الجنوب أفريقي. أظن أنه بمقدوري التميز وربما أتألق يومًا ما في سماء الكريكت.

كما أن اللاعبة لا تركز على الكريكت فحسب، بل تطمع للجمع بين الرياضة والتعليم:

“I usually train after school and pick up my books. We usually train on weekends and occasionally during the week,”

عادة أتمرن بمفردي بعد المدرسة ومعي كتبي، بينما يتمرن الفريق دائمًا في عطلة نهاية الأسبوع، إلا أننا في بعض الأوقات نتمرن في أيام الأسبوع.

موهبتها وخصالها هما ما جعلوها بطلة فريقها والحيّ بأكمله حيث صرّحت والدة اللاعبة لجلوبال فويسز:

“It is my hope that Maeva benefits from appropriate mentorship that will help in practicing the sport more by the federation and other competent bodies. I hope her talent doesn’t die. At 16-year-old, she is just a kid and can go very far,”

آمل أن تجد ابنتي الإرشاد والتوجيه المناسبين من الاتحاد والجهات المُختصة لمساعدتها على ممارسة الكريكت والانخراط في عالم الرياضة حتى لا تضيع موهبتها فهي لا تزال طفلة بعمر السادسة عشر أمامها مستقبل واعد لتتخطى حدود المستحيل.

خطر كورونا يهدد الظهور الدولي

بعد مرور أيام وشهور من التدريب الشاق، أصبح المنتخب الكاميروني على أهبة الاستعداد للتوجه لجمهورية بوتسوانا لمُشاركته الأولى في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم للكريكت للسيدات 2023 (T20) في جنوب أفريقيا – التي أقيمت في الفترة 9:19 سبتمبر/أيلول 2021 بمشاركة 11 دولة – إلا أنه ظهرت مفاجأة لم تكن في الحسبان دمرت آمالهن.. أظهرت نتيجة الفحص إصابة إحدى اللاعبات، بل الأفضل، بفيروس كورونا فور وصولهن إلى غابورون.

عُزل الفريق لخمسة أيام ما أثر سلبًا على المستوى البدني للفريق وعلى نفسية اللاعبات، فمعظمهن يافعات يُسافرن لأول مرة لدولة أجنبية. عليه صرّح رئيس رابطة الكريكت الكاميرونية – فيكتور أغبور – لجلوبال فويسز:

“we didn’t have the normal training sessions that we had to. We had to leave isolation and quarantine to play without training, being stigmatized and traumatized. Despite the odds, we came into the tournament with our legendary fighting spirit and gave our best.”

لم نحظ بفرصة لإجراء الحصص التدريبية المُقرر عقدها فور وصولنا.. تعيّن علينا خوض المباريات فور انتهاء فترة العزل دون تدريب. بالرغم من الصدمة النفسية التي تعرضنا لها ووصمنا بالعار إلا أننا خضنا المباريات بالروح القتالية المعهودة وبذلنا قصارى جهدنا رغم ضعف احتمالات تأهلنا.

لم يكن الظهور الأول الذي أمله المنتخب الكاميروني للسيدات، فلقد وضعته القرعة في المجموعة الثانية مع أقوى المنتخبات – سيراليون، نيجيريا، أوغندا، ناميبيا – ليخسر جميع مبارياته ويُنهي التصفيات متذيلًا المجموعة [7]، إلا أن رابطة الكريكت الكاميرونية ركزت على إيجابيات المشاركة:

“It was a great experience full of ups and downs,” Nso said. “The preparation was done without government support. Our participation was not an easy one. We left Cameroon to Gaborone and luck did not shine on our side.”

كانت تجربة مميزة مليئة بالنجاحات والإخفاقات، فالتحضيرات تمت دون أي دعم من الحكومة.. لم تكن مشاركتنا بالأمر الهين، لقد سافرنا من الكاميرون إلى غابورون ولم يحالفنا الحظ.

بالرغم من النتائج المُحبطة للمنتخب الكاميروني إلا أنه كان محط الأنظار. اتضح للفريق بأنهم خاضوا أفضل التدريبات في الكاميرون على الرغم من محدودية الفرص وندرة الموارد. حيث أكدّ مدرب منتخب الكريكت للرجال ومسؤول التطوير والتنمية – جيمس سوليفاك – في حواره مع جلوبال فويسز:

“it was not easy for us to prepare the girls for that competition. At our small level, we teach the girls the rules. We don’t take things lightly around here. Our training is gradual. We teach them cricket from the base.”

تجهيز الفتيات للمنافسة لم يكن بالأمر السهل.. نبدأ من أدنى المستويات ونُعلمهنّ قوانين اللعبة.. لا نستخف بالتدريبات ولا نستهين بالكريكت.. نبدأ تدرجيًا لنُعلم من الصفر ونبني على أساس متين.

كما يرى المدرب أن إمكانية تطور الكريكت النسائي في الكاميرون لا تزال قائمة:

“If chances are given to Cameroon to take time and prepare very well in the years to come we shall have a crop of well-trained and talented players for the country,”

إذا أتيحت الفرصة للمنتخب الكاميروني بأخذ وقت للاستعداد جيدًا في السنوات المُقبلة فسيكون لدينا لاعبات من الطراز العالمي موهوبات تلقوا تدريبًا جيدًا لتمثيل بلدهن.

الكريكت الكاميروني يتقدم بخطى ثابتة

منتخب الكريكت الكاميروني للسيدات. الصورة بتصريح من رابطة الكريكت الكاميرونية

يرى معظم الشعب الكاميروني أن الكريكت رياضة مستحدثة في دولتهم، إلا أن رئيس رابطة الكريكت الكاميرونية يرى أنها تطوّرت تطورًا ملحوظًا في السنوات العشر الماضية، وازدادت شعبيتها وأصبحت تحظى بإقبال الكثيرين، حيث يُمارسها ما يزيد عن سبعة آلاف طفل من مختلف المناطق متحمسين للتدريب.

غير أن أزمة الحرب الأهلية الكاميرونية [8] أثرت سلبًا على الأندية الواقعة في المناطق المتضررة ومنعتهم من المشاركة في المسابقات التي تُنظمها الرابطة. يقول رئيس رابطة الكريكت الكاميرونية:

“We have schools in Douala, Yaounde, the North West, and South West although the socio-political crisis has slowed work. These are the strongholds of cricket. We have athletes who can potentially match up with Maeva’s talent in the future,” Nso said.

على الرغم من أن الأزمة الاجتماعية السياسية عاقت تقدم الرياضة وأبطأت وتيرة العمل، إلا أنه لدينا مدارس في مناطق منشأ الكريكت – دوالا، ياوندى، المنطقة الشمالية الغربية، المنطقة الجنوبية الغربية – كما أنه لدينا لاعبين ولاعبات يتمتعوا بالموهبة وسيرتقون لمهارة (ميفا دوما) مستقبلًا.

اختتم قائلًا:

“We have gone through a lot of strides. When we started, people did not have confidence in us. We received criticisms. They said cricket can’t thrive in Cameroon,” he said. “And I told them, I’ve gone around the world, I’ve seen what other countries are doing. Today we are the new admiration of the world.”

لقد قطعنا شوطًا كبيرًا.. لم تكن بدايتنا بالأمر اليسير.. لم يثق أحد بنا وواجهنا العديد من الانتقادات.. قال البعض أن الكاميرون ليست البيئة المناسبة للكريكت، وقال آخرون أنه من المُستحيل أن تزدهر الكريكت في الكاميرون. أخبرتهم بأنني سافرت جميع بقاع العالم ورأيت ما تفعله الدول الأخرى.. وها نحن اليوم محط إعجاب العالم أجمع