اكتساح الاحتجاجات شوارع تركيا مع هبوط الليرة بشكل غير مسبوق

اندلعت الاحتجاجات في كثير من المدن التركية في مساء يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك بعد انهيار العملة القومية التركية على نحو غير مسبوق مقابل العملات الأخرى في وقت سابق من اليوم. اجتاح المواطنون الشوارع، مطالبين الحكومة بالاستقالة بعد تعهّد الرئيس رجب طيب أردوغان بإبقاء نسب الفائدة منخفضة على الرغم من التضخم الشديد في وقت سابق من ذلك اليوم.

هبطت العملة القومية إلى أدنى مستوياتها منذ 20 عامًا، وحسب تقرير بلومبيرج، “فقد وصلت إلى حدود 13 دولارًا لأول مرة على الإطلاق”.

وفقًا لتقرير أسوشيتد بريس في 23 نوفمبر/تشرين الثاني، فقد خسرت العملة القومية حوالي 40 في المئة من قيمتها منذ 1 يناير/كانون الثاني، 2021.

تعليقًا على البيئة الاقتصادية الحالية وسياسات “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، أخبر كريم روتا، رئيس السياسة الاقتصادية في حزب المستقبل المعارض، بلومبيرج إن “الأمر أشبه بتحميل طفل مسؤولية مصنع طاقة نووية”.

إحقاقًا للحق، فقد نظر الرئيس أردوغان إلى السياسات الاقتصادية للحزب الحاكم على أنها “حرب اقتصادية من أجل الاستقلال” في خطاب تليفزيوني وجهه إلى الشعب في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، فقد أعرب قائلًا:

As a country with great knowledge and experience in financial crisis management just like in every area, we are determined to make use of the opportunities offered by the critical period the world is currently going through. We see the games those who seek to push our country out of the equation play over exchange rates, interest rates and price hikes as they used to do in the past, and we display our will to move forward with our own game plans.

كوننا بلد ذو دراية عميقة وخبرة في إدارة الأزمات المالية كما نحن في كل المجالات الأخرى، فقد عقدنا العزم على استغلال الفرص الناتجة عن الفترة الحرجة التي يمر بها العالم الآن. نحن قادرون على تمييز الحيل التي تقوم بها الجهات التي ترغب في إخراجنا من المعادلة، سواء بخصوص أسعار الصرف، وأسعار الفائدة، وزيادات الأسعار بنفس طرقهم الماضية. ونحن نؤكد عزمنا على المضي قدمًا مع حيلنا الخاصة.

قام كمال كليتشدار أوغلو، رئيس المعارضة، باتهام الرئيس بتحويل العملة القومية “إلى عملة سيئة السمعة”. كما انتقد رئيس المعارضة البنك المركزي، الذي التزم بتعليمات الرئيس أردوغان في إبقاء الأسعار منخفضة. يعلق كليتشدار أوغلو على انعدام السلطة وصناعة القرار الظاهر في تحركات البنك المركزي قائلًا إن “المؤسسة المسؤولة عن استقرار الأسعار غير قادرة على تحقيق استقرار الأسعار”.

قام الرئيس أردوغان باستبدال ثلاثة من رؤساء البنك المركزي منذ 2019، مبرهنًا على سيطرته على البنك المركزي وسياساته المالية. حدثت آخر حالة استبدال من خلال حكم قضائي فوري التنفيذ نشرته الجريدة الرسمية في مارس/آذار 2021، عندما تم استبدال ناسي أغبال، وزير المالية السابق، بشهاب كافي أوغلو، أستاذ في العلوم المصرفية وكاتب في جريدة حكومية. مع غياب التفسيرات الرسمية لهذا القرار، يقول النقد أن الاستبدال المفاجئ له علاقة بقرار أغبال، حيال زيادة أسعار الفائدة، الأمر الذي يعارض النظريات القديمة الخاصة بأردوغان بخصوص السياسة المالية وأثرها على التضخم. شغر أغبال منصبه لمدة 4 أشهر فقط قبل إقالته واستبداله بكافي أوغلو، الذي يشارك الرئيس في آرائه حول السياسة المالية. خلال فترة عمل أغبال، شهدت الليرة بعض التعافي، حيث إنه رفع سعر الفائدة إلى 19 في المئة من 10.25 في المئة منذ شغله المنصب في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

في الوقت الراهن، حذّر أحمد داود أوغلو، رئيس وزراء البلاد سابقًا، الرئيس بضرورة تغيير المسار قبل فوات الأوان على إنقاذ الاقتصاد.

ردًا على أزمة العملة المتفاقمة، وخوفًا من ارتفاع الأسعار، حمل الناس مخاوفهم إلى الشوارع في كثير من الأحياء والمدن. بعضهم أخذ معه الأواني والمقالي.

صوت الأواني والمقالي: صوت احتجاج الحي بعد يوم مضنٍ للاقتصاد التركي.

اتجه الناس في أنقرة إلى الشوارع، مطالبين باستقالة الحكومة بعد انهيار الليرة التركية على نحو غير مسبوق في تاريخها.

على صعيد آخر، حاول مقدم في القناة التليفزيونية المؤيدة للحكومة TGRT طمأنة المشاهدين بأن الزيادة في أسعار الصرف خفضت من الحد الأدنى للأجور، وهو شيء إيجابي؛ لأنها ستجعل القوة العاملة في تركيا رخيصة للغاية.

شريط في قناة إخبارية مؤيدة للحكومة في تركيا: “نحن البلد المستعدة للعمل بأرخص الأجور”. استمروا في خفض الحد الأدنى للأجور. نحن موافقون.

كان من بين المحتجين الكثير من الطلاب، في أنقرة وإسطنبول، شوهد طلاب جامعة الشرق الأوسط التقنية وطلاب جامعة بوغازجي وهم ينظمون مظاهرات في الحرم الجامعي والشوارع.

تستمر احتجاجات طلاب جامعة الشرق الأوسط التقنية. يستمرون في عرض اللافتات “استقالة حزب العدالة والتنمية” و”استقالة الحكومة” على بوابة الحرم A4، حيث تمنعهم قوات الشرطة من المغادرة.

طلاب جامعة بوغازجي في الشوارع كذلك، يهتفون “كلنا معًا، أو لا أحد منا”.

في حديث لولفانجو بيكولي، مدير البحث لدى Teneo، شركة استشارات، مع قناة بي بي سي باللغة التركية، قال “إن تركيا تعلمت بعد معاناة كيف أن الأزمة المالية قد تستغرق وقتًا أطول لتكون بارزة ومتوقعة، لكن عند حدوثها، فإنها قد تتفاقم بسرعة فائقة وقد تصبح خارجة عن السيطرة.

يقول خبير الاقتصاد أردا تونكا في مقابلة له مع قناة بي بي سي باللغة التركية، إن مستقبل تركيا المالي سقط في غياهب الشك وعدم اليقين، وبات من المستحيل إصدار أي توقعات في هذه المرحلة. “لقد شهدتُ الأزمة في 1994، وفي 2001، والأزمة المالية العالمية في 2008. وفي كل واحدة من تلك الأزمات، كانت تحوم لحظات من الغموض، لكن على الأقل، كان من الممكن إصدار توقعات بخصوص الخطوات الصحيحة اللازم اتخاذها والنتائج الناجمة عنها. لكن في الوقت الراهن، من المستحيل التحكم في حالة الغموض الحالية. نحن نعيش في زمن تسبقنا فيه القواعد الاقتصادية”.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.