استهداف وزارة الداخلية بلدية إسطنبول بتهم إرهابية

الصورة من مؤتمر صحفي لرؤساء بلديات ممثلي حزب الشعب الجمهوري في ديسمبر / كانون الأول للعام 2021.

أطلقت وزارة الداخلية التركية تحقيقات جنائية ضد بلدية محافظة إسطنبول في 26 من ديسمبر / كانون الأول، ويعتبر النزاع الأخير في الفترة الماضية بين حزب العدالة والتنمية الحاكم ومعارضه الرئيسي حزب الشعب الجمهوري. تزعم الوزارة أنها اكتشفت روابط بين بعض موظفين البلدية ومنظمات إرهابية.

وفي 30 من ديسمبر / كانون الأول، صدقت محكمة في تركيا على لائحة الاتهامات كما ستبدأ المحاكمة في 18 فبراير / شباط 2022. حال ثبوت الإدانة، يواجه المتهمون عقوبة تتراوح بين 3 سنوات ونصف إلى 15 سنة في السجن. على الرغم من تصريح وزير الداخلية “سليمان صويلو” أن القرار ليس سياسي، بل مسألة أمنية، إلا أن عمدة محافظة إسطنبول “أكرم إمام أوغلو”، ممثل حزب الشعب الجمهوري، انتقد المبررات وعبر عن دعمه لكل الموظفين في بلديته الذين يزيد عددهم عن 80.000 موظف.

شاركت وزارة الداخلية تغريدة تصرح فيها بالتعرف على أكثر من 500 موظف بلدي، وشركات ذات صلة، لهم روابط مع نشطاء أكراد ويساريِّين وغيرهم من مجموعات “مثيرة للجدل”.

وفي حين يشكك بعض الملاحظين، من بينهم زعيم حزب الشعب الجمهوري، “كمال كيليشدار أوغلو” أن هذه التحقيقات الأخيرة محاولة دبرها حزب العدالة والتنمية الحاكم لاستبدال “إمام أوغلو” بوصي تعينه الحكومة قبل الانتخابات العامة القادمة في 2023.

يوضح الصحفي “فهيم تاستكين” أن الأوصياء (“كُيُّوم” بالتركية) تعيِّنهم الدولة لإدارة المؤسّـَسات، في غالب الأحيان داخل الكيانات التجارية المتداولة لدى العامة، حيث ينتشر الفساد والانتهاكات إلى حين تعيين إدارة جديدة.

أضاف “تاستكين”، أن في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة سنة 2016، اتَّسع نظام الأوصياء ليشمل حتى البلديات ومؤسسات أخرى”. في السابق، عندما قام حزب العدالة والتنمية الحاكم باستبدال رؤساء بلديات أكراد منتخبين (أعضاء في الحزب الديمقراطي الشعبي الكردستاني) زعم أيضًا أن القرار لم يكن سياسي، بل مسألة قانونية، بالإضافة إلى أن الحكومة حاكمت واتهمت عشرات الآلاف من الأشخاص في قضية الإرهاب منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 — من بينهم العديد من رؤساء البلديات أعضاء حزب الشعب الديموقراطي.

يُعتبر “إمام أوغلو” أيضًا مرشحًا محتملًا في الانتخابات القادمة وقد يشكل تهديدًا حقيقيًا أمام الرئيس الحالي “رجب طيب أردوغان”.

في نفس الوقت، ذكر زعيم حزب الحركة القومية، “ديفلت باهشلي” بأنه يجب إقالة “إمام أوغلو” من منصبه حال أكدت التحقيقات إدانته. حزب الحركة القومية متحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم. قال “باهشلي” في مقابلة بعد إعلان التحقيقات: “إذا كانت الادعاءات حقيقية فإن رئيس البلدية خان إسطنبول وهذه الخيانة لا يمكن أن تمر دون عقاب”.

في غضون ذلك، صرحت بلدية محافظة إسطنبول عبر سلسلة من التغريدات في ال 26 من ديسمبر / كانون الأول، عن دعمها لكل موظفيها وبأنها ستطالب بالعدالة أمام القانون. كما صرَّحت أيضًا بأن مسؤولية تحديد الأفراد المتواطئين مع المنظمات الإرهابية على عاتق وزارة الداخلية لا على البلدية.

 ستسعى بلدية إسطنبول (IBB) وموظفيها ال 86 ألفًا لتحقيق العدالة أمام القانون.

إذا كان هؤلاء المتورطين مع “الإرهابيِّين” يتجولون بحرية ويحصلون على وظائف في المؤسسات العمومية، فهذه ليس مشكلة بلدية إسطنبول، بل مشكلة وزارة الداخلية المسؤولة عن الأمن. على أهم وزارة في الدولة مشاركة البلدية المعلومات والوثائق التي تملكها، بدل الخوض في مجادلات سياسية.

ليست المرة الأولى التي يجد فيها رئيس بلدية إسطنبول نفسه في مرمى الحزب الحاكم.

في الانتخابات البلدية لسنة 2019، فقد حزب العدالة والتنمية الحاكم الأغلبية في مدن كبرى، شملت العاصمة أنقرة وإسطنبول التي دام حكم الحزب فيها لمدة 25 سنة. عندما أُعلنت نتائج الانتخابات في إسطنبول، طالب الحزب الحاكم بإعادة الانتخابات، مؤكدًا أنها شهدت احتيالا وخرقًا للقوانين. فاز “إمام أوغلو” في الانتخابات المعادة بأكثر من 800،000 صوت.

بعد مدة قصيرة من الانتخابات، إتُّهم “إمام أوغلو” بإهانة هيئة تنظيم الانتخابات بقوله:” القرار أثّر على مكانة تركيا الدولية، واصفًا الحكم بالغباء”. في مايو / أيار 2022، طالب المدعون بالحكم بالسجن لمدة 4 سنوات ضد إمام أوغلو استنادا على هذه الادعاءات.

في أبريل / نيسان 2022، عندما شهدت تركيا أولى حالات فيروس كورونا، اتّهم الحزب الحاكم رئيسَيّ بلدية إسطنبول وأنقرة بالقيام بنشاطات غير قانونية بعد إعلان البلديتين عن حملة تمويل إغاثة ضد فيروس كوفيد-19.

منعت الحكومة أيضًا حملة إمام أوغلو لتوزيع أقنعة مجانية. في رأي الصحفي “أمبرين زمان”: “اتهم أردوغان حزب الشعب الجمهوري بالتصرف مثل “المنظمات الإرهابية المحظورة” لكي يقلل من مصداقية استجابة حكومته للجائحة بغرض إثارة الاضطرابات، هذه الأزمة تتطلب تضامنًا وطنيًا”. في العام الماضي، وسط المظاهرات المستمرة في جامعة إسطنبول المرموقة “بوڨازيشي”، اتهّم الرّئيس أردوغان حزب الشعب “بخدمة الإرهاب” و”تحريض الشباب”.

أدان رئيس بلدية إسطنبول مرة أخرى التحقيقات الأخيرة أثناء مؤتمر صحفي في ال 27 من ديسمبر/ كانون الأول 2021، متهما الحزب الحاكم بصرف الانتباه عن الأزمة الاقتصادية الحالية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.