- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

“الملهى” مسلسل نتفليكس الناجح الجديد، يتحدى ماضي تركيا المضطرب

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, تركيا, أديان, الأعراق والأجناس, تاريخ, تعليم, صحافة المواطن, فنون وثقافة, لغات
لقطة من الإعلان التشويقي لمسلسل نتفليكس، الملهى.

لقطة من الإعلان الترويجي [1] لمسلسل نتفليكس The Club (الملهى).

تتواجد المجتمعات غير المسلمة في تركيا منذ زمن طويل [2]، لكنها مهُمشّة سياسيًا واجتماعيًا عبر التاريخ. يروي مسلسل نيتفليكس القصير والجديد، “الملهى [3]“، قصص اليهود القادمين من إسبانيا والبرتغال، الأرمن واليونانيين اللذين أطلقوا على اسطنبول اسم الوطن في عام ١٩٥٠. حظي [4] المسلسل بالثناء في جميع أنحاء العالم لتمثيله العميق والشامل لهذه المجموعات المُهملة في أغلب الأحيان.

تجري أغلب أحداث المسلسل في شارع الاستقلال والأحياء المحيطة ببرج غلاته في اسطنبول. يعتبر المسلسل واحدًا من أوائل المسلسلات التركية التي تغوص في الآونة الأخيرة من تاريخ اسطنبول. كانت مشاعر غير المسلمين آنذاك متأججة [تنبيه بكشف أحداث الجزء الثاني من المسلسل]، بلغت ذروتها بإثارة الشغب في اسطنبول [5] في عام ١٩٥٥. يأخذ [6] مسلسل “الملهى”، أو ما يعرف باللغة التركية “كولوب”، المشاهدين [6] برحلة عبر تاريخ تركيا، مستندًا إلى الثقافات والطقوس واللغات التي على وشك أن تفقدها المدينة والبلاد ككل في وقتنا الحاضر.

لقطة من الإعلان التشويقي لمسلسل نتفليكس، الملهى.

لقطة من الإعلان [1]الترويجي لمسلسل نتفليكس The Club (الملهى).

كان أكثر من نصف [7] سكان اسطنبول مواطنين غير مسلمين في عصر الدولة العثمانية. كتب الصحفي عمر فاروق غورجين في موقع عين الشرق الأوسط “تحولت هذه النسبة إلى أغلبية ساحقة من المسلمين خلال الفترة الممتدة من الحرب العالمية الأولى وبعدها، حتى إعلان الجمهورية التركية عام ١٩٢٣. بقيت أقلية كبيرة من اليونانيين واليهود في عام ١٩٥٠ من بين آخرين لكن تضاءل عدد غير المسلمين الكلي أكثر بسبب سياسات التمييز.”

تركز الحلقة السادسة من المسلسل على هذه الفترة الزمنية.

بطلة القصة، ماتيلدا أسيو (لعبت دورها الممثلة جوكشة باهدير)، يهودية إسبانية من اسطنبول. ماتيلدا، أُطلق سراحها مؤخرًا بعد سبع عشر سنة من السجن، تعزم على مغادرة اسطنبول إلى إسرائيل. تتعقد حبكة المسلسل عندما تقرر ماتيلدا التكفير عن خطأها تجاه ابنتها المبعدة في دار للأيتام والبالغة من العمر سبع عشر سنة. هناك أيضًا النادي وزبائنه، النادي الباذخ في قلب اسطنبول والذي سُمّي المسلسل باسمه. يمثل المدير، أورهان، ومساعده، شلبي، وطاقم العمل المجتمعات غير المسلمة المتنوعة في اسطنبول.

لقطة من الإعلان التشويقي لمسلسل نتفليكس، الملهى.

لقطة من الإعلان الترويجي [1] لمسلسل نتفليكس The Club (الملهى).

الحبكة

يسلط مكان هذه الأحداث الدرامية المصمم تصميمًا جيدًا والقصص والشخصيات والمسلسل بأكمله الضوء على وقت عصيب من تاريخ تركيا. خلال عام ١٩٤٠، كان الحماس الوطني شديدًا وواجه العديد من أعضاء المجموعات غير المسلمة في البلاد عمليات قمع. يتناول المسلسل أيضًا ضريبة الثروة المثيرة للجدل في عام ١٩٤٢ والتي بسببها خسرت عائلة ماتيلدا الغنية كل ما تملك وانتهى الأمر بوالدها وشقيقها بالعمل في مخيمات العمل. استهدف القانون المتعلق بهذه الضريبة غير المسلمين بشكل رئيسي، لا سيما اليهود والأرمن واليونانيين المسيحيين للإطاحة بثروتهم [4].

يقول [6] أوزغور كإيماك، المحاضر والباحث في شؤون الأقليات العرقية والدينية في تركيا، في مقابلة مع عين الشرق الأوسط “السبب الرئيس لهجرة معظم اليهود الأتراك إلى إسرائيل [8] هو ضريبة الثروة. تُظهر المقابلات التي أجريتها مع أناس متضررين خلال تلك الفترة الجرح العميق الذي تركته هذه الضريبة في ذاكرة الفرد والمجتمع من المجتمعات غير المسلمة في تركيا.”

بحسب الصحفي عمر فاروق الذي كتب [4] عن المسلسل لقناة الجزيرة:

Of the roughly 350 million Turkish lira raised by the time it was repealed under international pressure in 1944, at least 290 million came from non-Muslim citizens, in many cases people who were ordered to hand over more than 200 percent of all their assets within 15 days. Those who could not pay the full amount – by some estimates thousands of people – were sent to labour camps where historians say a few dozen people even died.

ساهم المواطنون غير المسلمون، في كثير من الحالات، من طُلب منهم تسليم أكثر من مئتين في المائة من ممتلكاتهم خلال خمسة عشرة يومًا، بحوالي ٢٩٠ مليون ليرة تركية على الأقل من مجموع ٣٥٠ مليون ليرة تركية تقريبًا جمعت كتبرعات استجابةً للضغط الدولي عام ١٩٤٤. من لم يستطع دفع المبلغ كاملًا – الآلاف من الناس وفقًا لبعض التقديرات – أُرسل إلى مخيمات العمل حيث مات بضع عشرات من الناس بحسب قول المؤرخين.

بالإضافة إلى ضريبة الثروة، هناك أيضًا خطط الحكومة “بإضفاء الطابع التركي [9]” والتي تعني الاستعاضة [10] عن “أرمن ويهود ويونانيو اسطنبول بمسلمين علمانيين جيدين.” يجري ذلك في المسلسل عندما يْقدم لأورهان، مالك الملهى، لقب “رجل الأعمال التركي لهذه السنة” بعد النجاح الذي حققه الملهى. سريعًا ما أدرك أورهان أن عليه طرد كل موظفيه غير المسلمين في حال قبوله للقب.

التأثير

أشاد النقاد والمشاهدون بالمسلسل لشمولية تصويره وتنوع ممثليه.

قال [11] أوزغور كايماك في مقابلة له مع موقع المونيتور الإخباري “إنه أول مسلسل يتناول المجتمع اليهودي دون الخضوع للاضطهاد، ووصف اليهود بأصحاب بنوك أشرار، أو مقترضي أموال طامعين، أو الرضوخ للحنين المعطر برائحة الورد إلى الأيام الخوالي التي عاش بها الجيران المتعددين الأعراق معًا بانسجام في أرجاء برج غلاته.”

كتب [12] دايفيد كلين لوكالة التلغراف اليهودية “وجد العديد من الأتراك اليهود في المسلسل الإلهام بدءًا من النقاش حول قواعد يوم السبت وتقليد تقبيل الميزوزا عند الدخول لغرفة إلى المشاهد المصورة في المعابد اليهودية التركية خصوصًا أن الإنتاج التركي عادةً ما يحيل اليهود إلى نماذج نمطية.”

أثني على المسلسل أيضًا لتضمنه عددًا من اللغات فتقريبًا جميع الممثلين على اختلافهم يتكلمون بلغاتهم الأصلية.

شاهدت البارحة مسلسل الملهى [13] من نتفليكس [15]. سيطر المسلسل لتصويره حياة اليهود في اسطنبول في عام ١٩٥٠ على عقول الجماهير التركية منذ انطلاقه قبل أيام. اعترف بسماع لادينو ورؤية الحياة التي أدمعت عيني يومًا. إنها قصة جميلة بالطبع.

الانتقادات

لم تكن جميع نظرات وتعليقات الجمهور إيجابية بشأن المسلسل. تسائل بعضهم عن التصوير النمطي لغير المسلمات من النساء. قال المؤرخ أكسل كورلو وأستاذ علم الأجناس البشرية في جامعة ميسوري، لويس نيكوس ميشيلايدس، في حوار [9] مع موقع “المونيتور” الإخباري “صُورت النساء اليونانيات بمستويات متدنية من الأخلاق كنوم امرأة مع عدة رجال، كما صُوّر الرجل السني في علاقة غرامية غير شرعية مع امرأة غير سنية “سهلة المنال”. بالطبع تشكّل هذه القوالب النمطية أساس التيار السائد من نزعة تركيا القومية وخطاباتها”.

لكن في النهاية، مسلسل “الملهى” ليس قطعة وثائقية أو تاريخية، وإنما عدة قصص مرتبطة ببعضها عن شخصيات تبحث كل منها عن مكان لها في العالم. تبحر القصص أيضًا في شبكة السياسة المعقدة، التاريخ، الذاكرة والانتماء.