الموسيقى في زمن الحرب: الأغنية كأحد أشكال المقاومة الأوكرانية

صورة من قناة أوكيان إلزي على يوتيوب بعنوان أغنية ميستو فيسني (مدينة الربيع). وفي أسفل الزاوية اليمين، توجد رسالة باللغة الإنجليزية ورسالة تحتها باللغة الروسية تذكرنا بالحرب الروسية في أوكرانيا.

حرب روسيا على أوكرانيا هي أيضًا حربٌ ثقافية: إنكار كيان مستقل عن “العالم الروسي“، وقصفُ المباني الثقافية والدينية، وغير ذلك. وبالتالي فإن المقاومة في أوكرانيا ليست عسكريةً فحسب، بل هي ثقافيةٌ أيضًا، وفي تلك الحرب، تحتل الموسيقى مكانة مهمة.

الفرقة الأوكرانية أوكيان إلزي (باللغة الأوكرانية Океан Ельзи، بالمعنى الحرفي: مُحيط إلزي) كالنجمِ البارز في الساحة الموسيقية في البلاد. تأسّست عام 1994 في مدينة لفيف التاريخية في غرب أوكرانيا. بعد انتقال الفرقة إلى كييف، بدأوا في تلقي الاهتمام الدولي وأصبحوا أول فرقة أوكرانية حديثة تعزف على قناة إم تي في روسيا في عام 1998. أصبحت الفرقة معروفة على نطاق واسع لاحقًا، واكتسبت معجبين في العديد من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي. يمكن لمعظم المتحدثين بالروسية، بجهد ضئيل، فهم أو تخمين معنى الكلمات الأوكرانية. بدأت الفرقة أيضًا في تقديم حفلات موسيقية في روسيا وأوروبا، واكتسبت في النهاية مكانة جماهيرية في أوكرانيا.

أصبح مغني الفرقة سفياتوسلاف فاكارجوك من المشاهير، ففي عام 2005 أصبح سفيرًا للنوايا الحسنة للأمم المتحدة وفي عامي 2007-2008، ثم مرة أخرى في 2019-2020، وكان نائبًا في مجلس النواب الأوكراني، وبعد فترة أعتُبر المرشح الأوفر حظًا في الانتخابات الرئاسية لعام 2019. في السابع من مارس / اذار، وانضم للجيش الأوكراني للخدمة في قوات الدفاع في منطقة لفيف.

منذ ذلك الحين تحدث علنًا عن الحرب، داعيًا المشاهير الروس إلى الخروج من صمتهم والتحدث علانية ضد الحرب. قبل الحرب، كان لعدد من المطربين الروس جمهور كبير في أوكرانيا، وقاموا بجولات تجارية ناجحة في البلاد.

مُنذ بدء الحرب، قدم فاكارجوك عروض غناء مجانًا للجماهير الأوكرانية، غالبًا بشكل منفرد، من خلال الغناء والعزف على البيانو أو الجيتار في محطات مترو الأنفاق وأمام محطات السكك الحديدية ومعسكرات النقل المؤقتة كما يمكن أن نشاهدهُ في هذا الفيديو في مترو خاركييف.

أغنيةٌ واحدة يعزفها باستمرار لها أهميةٌ خاصة؛ أغنية “Місто весни” (“ميستو فيسني”، أو “مدينة الربيع”) وهي مُخصصة لمدينة لفيف مسقط رأسه.

النسخة الأصلية من الأغنية والتي صدرت في عام 2021، هي ثنائية مع المغنية إيرينا شفايداك، من فرقة “أودين ڤي كانوي”. يشرح فاكارجوك كلمات الأغاني التي كتبها، قائلاً بأن هذهِ هي الأغنية الأولى التي كتبها عن مسقط رأسه.

أصبحت لفيف اليوم بوابة لأكثر من 3 ملايين لاجئ أوكراني غادروا الأجزاء الشرقية والشمالية من بلادهم للفرار من القنابل الروسية والبحث عن ملاذ في بولندا وسلوفاكيا والمجر. ينتقل جميع المواطنين عبر لفيف بالقطار والسيارات والحافلات. من أواخر القرن الثامن عشر إلى أوائل القرن العشرين، كانت لفيف أيضًا جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية وهي اليوم ترمز إلى التطلعات الأوكرانية السائدة لتصبح مرة أخرى جزءًا من أوروبا وبعيدة عن روسيا.

هكذا اكتسبت كلمات الأغنية معنى رمزيًا ويبدو أنها تتحدث بالفعل عن مأساة الحاضر. تبدأ الأغنية بالكلمات التالية:

Чому мені сниться, як знову і знову
Гуляєм з тобою по рідному Львову
Там пахне весною, і сонце сідає
На березі річки, якої немає

У Львові так просто своє не вмирає

لمّاذا أحلمُ بذلك، مرةً بعد مرة / بأننيّ أتمشى معك في مدينتي لفيف /حيثُ تفوح رائحة الربيع، وغُروب الشمس/ عنّد ضفاف نهرٍ لم يعد لهُ وجود / … / فما هو عزيزٌ عليكَ لنّ يموت بتلك السهولة في لفيف.

في الواقع، تبدو الكلمات الأخيرة، عند ترجمتها إلى اللغة الروسية، وكأنها رسالة تحدٍ للقوات الروسية: “Во Львове так просто своё не умирает”، بمعنى “فما هو عزيزٌ عليكَ لنّ يموت بتلك السهولة في لفيف”


لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، راجع تغطيتنا الخاصة، روسيا تغزو أوكرانيا.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.