البنغلاديش هو في طور التّحول إلى مصنع نافذ في جنوب آسيا، وعدد حوادث الحرائق الصناعية هي كذلك في ازدياد، بحيث أنّ الشركات الصناعية لا يمكنها مسايرة وتيرة المطالبات المتزايدة في مجالي الأمن والوقاية.
في ليلة 4 يونيو/حزيران من سنة 2022، اندلع حريق في مستودع خاص بحاويات نقل في “سيتاكوندا أوبازيلا” (Sitakunda Upazila)، مدينة في مقاطعة “شيتاتونغ” (Chittagong). تمّ الاتصال برجال الدفاع المدني، وفي الوقت الذي كان أوائل المسعفين يقومون بإخماد الحريق في الحاويات، ضاعوا في انفجار عظيم خلّف موتى وجرحى كثيرين. توالت بعدها بقليل انفجارات أخرى في عين المكان، نتج عنها أمطار من كريات النيران.
إنّ هول الخراب كان عظيمًا لحدّ أنّ رجال الإطفاء ورجال النّظافة وقعوا في مأزق؛ ولكن النّاس، وبعيدًا عن خلافاتهم في الرّأي والأحزاب، أتوا لمساعدة الجرحى.
على تويتر، عبّر “نورفا أكتر لوكي” قائلاً:
those pictures are not of any movie shooting. Picture after the horrific explosion at the container depot at Sitakunda in Chittagong on Saturday night. So far 42 people including 6 fire service personnel have been death and 400 injured in this accident.#PrayForChittagong pic.twitter.com/91pucw04SC
— NurfaAkterLucky💜🇧🇩 (@SafiaHasansafi1) June 5, 2022
صور من فيلم الحادث؛ هي صور عن الانفجار الرهيب في مستودع الحاويات في “سيتاكوندا”، مقاطعة “شيتاتونغ”، يوم السبت ليلاً. توفى 42 شخصًا، من بينهم ستة من رجال الإطفاء و400 جريح حتى الآن.
كان يحتوي المُستودع على الآلاف من الحاويات مُعبأة أساسًا بثياب معدة للتصدير، تلفت حوالي 400 حاوية في الحريق. حسب رجال الإطفاء، مرد هذا الحريق نتيجة تواجد العشرات من الحاويات قرب مادة بيروكسيد الهيدروجين، كما أنّ أصحاب المستودع لم يُنبهوا رجال الإطفاء الذّين وصلوا المكان بتواجد المادة الكيميائية. كانت الانفجارات قوية جدًا لحدّ أنّ الحطام وصل إلى كيلومترات عديدة. في منتصف شهر يونيو/حزيران، توفي 44 شخصًا على الأقل، من بينهم تسعة من رجال الإطفاء ومئات من الجرحى بإصابات خطيرة من بينهم 50 مُسعفًا.
نشر “ميتون ساركر تانوي” بعض الصّور على تويتر:
Fire, explosion at Chattogram, sitakunda container depot pic.twitter.com/hl7l2lsLTO
— Methun Sarker Tanoy (@MethunTanoy) June 10, 2022
انفجار في شاتوغرام، مُستودع الحاويات في سيتاكوندا
يتواجد مُستودع الحاويات “بي أم” (El BM Container Depot) على بعد 30 كلم من مدينة “شيتاتونغ”، ويُستعمل كمستودع داخلي للحاويات (مركز تحويل الحمولة البحرية نحو وانطلاقًا من وجهات داخلية)، وتبلغ مساحته حوالي 105 ألف متر مربع. أُنشأ سنة 2011، كشركة قرينة بين هولندا وبنغلاديش.
وصول المواطنين لمساعدة الضحايا
أدى انفجار المستودع لخراب امتد حتى كيلومترات حول المنطقة؛ كما كان عدد الضّحايا مرتفعًا، من بينهم المُسعفين ورجال الإطفاء، ومُستخدمين من الأمن وقائدي الشّاحنات تابعين للمستودع. كما توفى في الانفجار عامل يبلغ من العمر 20 سنة، كان يصوّر أعمال الإطفاء مباشرة، حيث أغلقت كاميرا هاتفه بينما كان ينقل الصّور على المباشر. خلال الساعات المُتتالية، أُنقذ المئات ممن تعرضوا للحرق، ولكن لم تكن توجد التجهيزات الطّبية اللازمة لمساعدة العديد من الضّحايا، وتوجب تحويلهم إلى مدينة بقرب ميناء “شيتاتونغ”، على بُعد 40 كم. عمل الأطباء والمُمرضون من مستشفيات مختلفة لمقاطعة “شيتاتونغ” بدون انقطاع لمعالجة الجرحى؛ واستقبل مستشفى كلية الطّب في “شيتاتونغ”، في دفعة أولى، أكثر من 400 جريح؛ ممّا سبّب في خلق وضعية كارثية بسبب عدم وجود الدّم أو الأدوية لمعالجتهم.
أمام هذه الكارثة، تفاعل النّاس، وتواجد طابور من مئات الأشخاص للتّبرع بالدّم في مختلف المستشفيات. البعض كانوا يُساعدون بحمل المرضى إلى المستشفى على متن وسائل نقل خاصة وعلى عربات الدّفع “ريكشاوز” (rickshaws)؛ وساعدت المنظمة المحلية “لجنة كاوسيا” (Comité Gausia) في استرجاع بقايا رفات الموتى في مكان الانفجار، ونقلتهم إلى المستشفى لتحديد هويتهم. كانت النيران قوية جدًا، لحدّ أنّه تمّ تحديد هوية من هلكوا عن طريق فحوص الحمض النووي، وتطوّع المئات من الأشخاص التّابعين للمنظمة في نقل الجثث من مكان الانفجار، وتحويل الضحايا إلى المستشفى.
جاءت أيضًا جمعية الهلال الأحمر في بنغلاديش لمساعدة الضّحايا.
@BDRCS1 are cooperating with the fire service to recover the bodies of the fire at the container depot at Sitakunda in Chittagong and providing emergency medicines, medical services and working to establish contact with the families of the missing and injured people. pic.twitter.com/usvPypaGaV
— Bangladesh Red Crescent Society (BDRCS) (@BDRCS1) June 7, 2022
تتعاون جمعية الهلال الأحمر، في بنغلاديش، مع رجال الإطفاء لاستعادة الجثث الهالكة في حادث انفجار مُستودع الحاويات في سيتاكوندا، بمقاطعة شيتاتونغ، وتمدّ بأدوية استعجالية وخدمات طبية، وتعمل على التّواصل مع عائلات المفقودين والضّحايا.
هرع المئات من طلاب جامعة شيتاتونغ إلى مستشفى كلية الطّب شيتاتونغ، هذه اللّيلة، بعدما استعلموا عن قلة المتبرعين بالدّم، خاصة الحاملين زمرة سلبية، وتوزعوا في كامل محاطات الحافلات المتجهة إلى المستشفى، وهم يبحثون عن حاملي الزمرة السلبية، ونقلوهم إلى المستشفيات.
كان، قُرب مكان الحادث، الفريق الإنساني بيدياناندا (Bidyananda) – مستشفى الأمومة والطفولة –؛ ومباشرة عقب الانفجار، تسارع متطوعو المنظمة لنجدة الضّحايا. قام المتطوعون، والأطباء والممرضون بيدياناندا بإسداء خدمات إسعافية أولية في المستشفى مجانًا منذ الحادث؛ كما قدّموا وجبات أكل وأدوية أوصاهم بها أطباء. بالإضافة إلى ذلك، قال فريق بيدياناندا، في صفحتهم على الفايسبوك، إنّهم يخطّطون من أجل إعادة تأهيل الجرحى بعد تعافيهم.
ثمّن قائد الفريق الوطني للعبة الكريكيت ببنغلاديش، “تميم إقبال” (Tamim Iqbal)، هذه البادرة من طرف مجموعات مختلفة على الفايسبوك، وشكر أولئك الذّين تجاوبوا عند الأزمة:
অভাবনীয় পরিস্থিতিতে জাতি হিসেবে আমরা এক আবারো প্রমাণিত হলো। অনাকাঙ্ক্ষিত ঘটনার তীব্রতা এবং বিস্তৃতি আমরা আঁচ করতে পারিনি কিন্তু পাশে থাকতে ঝাঁপিয়ে পড়েছি। মানুষ মানুষের জন্য। শত বিভেদ ভুলে আমরা সকলের পাশে আছি, কাঁধে কাঁধ মিলিয়ে চলছি, লড়াই করছি। ধন্যবাদ এই নায়কদের। মানবতার আবারো জয় হলো।
তাদের সবাইকে আমার স্যালুট।
لقد أظهرنا مرة أخرى، كأمة، أنّنا قادرون على الاتحاد في الأوقات الصّعبة. لا يمكننا تصوّر شدّة وهول هذه الكارثة المُفاجئة، ولكن الناس أتوا للمساعدة. النّاس للنّاس، لقد نسينا الكثير من الاختلافات، وكنا بجنب الضّحايا، تقدمنا ساعدًا بساعد وجابهنا المشاكل. شكرًا لهؤلاء الأبطال، لقد انتصرت الإنسانية.
سلامي للجميع.
كتب “أريفور رحمان ريبون” (Arifur Rahman Ripon) على فيسبوك، مُثنيًا على من تقدم لمساعدة الجرحى:
রিক্সা, সিএনজি, অন্যান্য গাড়ি ড্রাইভারা ভাড়া নিচ্ছে না। ওষুধের ফার্মেসি রক্তদানে অপেক্ষারত হাজারো রক্তদাতা শারীরিক শ্রম দিচ্ছে শত শত স্বেচ্ছাসেবক খাবার, পানি সরবরাহ করছে যে যেভাবে পারছে দল-মত-নির্বিশেষে এগিয়ে এসেছে রাজনৈতিক নেতারা।
আহ, মানবতা। চট্টগ্রাম আসলেই প্রশংসার দাবিদার।
حمل سائقو عربات الدّفع “ريكشاوز”، والشّاحنات والعربات الأخرى الضّحايا، لم يقبلوا الأموال. المئات من مُتبرعي الدّم انتظروا للتّبرع بدمائهم، ومئات المتطوعين انتظروا داخل الصيدليات لجلب الأدوية، والأكل والماء. مدّ الأشخاص، من كلّ الطّبقات الاجتماعية، بكل ما استطاعوا، وهذا بعيدًا عن انتماءاتهم الحزبية.
يا الله على الإنسانية! شيتاتونغ تستحق الثّناء.
وصف الإعلامي توشار عبد الله هذه الحالة كطبيعة حقيقية لسكان بنغلاديش الذّين يساعدون الآخرين في الأوقات الصّعبة؛ وكتب في مقال رأي لصحيفة داكا بوست Dhaka Post:
কতিপয় চরিত্র হারানো, দেশ বিমুখ বাংলাদেশের পরিচয় হতে পারে না। বাংলাদেশের পরিচয় ঐ তরুণ সিএনজি চালক, যার গলায় ঝুলানো প্ল্যাকার্ডে লেখা ছিল—‘হাসপাতালে যেতে বা রোগীর সেবায় পরিবহন সংকটে পড়লে ফোন করুন নিচের নম্বরে..’। এই আম জনতারই বাংলাদেশ।
لا نستطيع التّعريف بهوية سكان بنغلاديش بكون أنّ بعض الأشخاص يمارسون نشاطات غير أخلاقية أو مُخالفين للدّولة. يجب أن تكون الهوية الحقيقية للبنجلادشيين في صورة الشّاب قائد الشاحنة الذّي حمل لافتة معلّقة على رقبته قائلاً: “إذا احتجتم وسيلة نقل لحمل الضّحايا أو عائلاتهم إلى المستشفى، اتصلوا على الرّقم المُدوّن أسفله”. هذا هو بنغلاديش الأناس العادية.
هل حوادث الحريق اعتيادية في البنغلاديش؟
وقعت العديد من الكوارث بسبب الحرائق الصّناعية خلال الأعوام العشرة الأخيرة.
في سنة 2010، شبّ حريق في مخزن للمواد الكيميائية في نيمتالي Nimtali، في المدينة القديمة لمقاطعة “داكا”، توفى 124 شخص. في سنة 2012، اندلع حريق في مصنع الألبسة، المُسمى تازرين فاشان Tazreen Fashion، في أشوليا Ashulia، وتوفى فيه 116 عامل. في سنة 2019، توفى 27 شخصًا في حريق برج “أف أر” في بناني في مقاطعة داكا. ضمّت أيضًا قائمة حوادث الحريق في العقود الأخيرة تامبوكو فويلز Tampaco Foils، أشيم فودس Hashem Foods، وعابرة أم في أبيجان 10 MV Abhijan-10 وآخرين كثيرين.
في منشور على فيسبوك، وصف محمد قيوم الخراب الذّي سبّبته الحرائق في أوقات مختلفة:
২০০৪ থেকে ২০২০ পর্যন্ত ২,৩০৮ জন অগ্নিদগ্ধ হয়ে মৃত্যুবরণ করেছেন! ভবন ধস, সড়ক দুর্ঘটনা, লঞ্চডুবি ও অন্যান্য অপমৃত্যুর ঘটনা যোগ হলে বাংলাদেশ আসলেই মৃত্যু উপত্যকা।
هلك ما بين سنوات 2004 و2020، 2308 شخص بسبب الآلاف من الحرائق؛ وإذا أضفنا عدد الضحايا من هلكوا في كوارث أخرى، مثل انهيار المباني، وحوادث المرور، وكوارث العبارات ووفيات أخرى غير متوقعة، يمكن أن يطلق على البنغلاديش اسم وادي الموت.
في الوقت ذاته، بعد معاينة البيانات حول نوع حوادث الحرائق الرئيسية وتقارير التحقيق، قالت مصلحة الإطفاء إنّ 80% من الحرائق سببها أعطال كهربائية، نتيجة استعمال تجهيزات كهربائية ذات نوعية رديئة. لكن في حالة حريق سيتاكوندا، فإنّ السّبب الرّئيسي كان وجود أوعية كيميائية تحتوي على بروكسيد الهيدروجين في خليط حاويات الألبسة. إنّ بروكسيد الهيدروجين ليس بالوقود، ولكنّه يعمل كمُسرّع للاحتراق في درجات حرارة مرتفعة؛ وتابعت الشّرطة ثمانية موظفين وعاملين بالمُستودع في قضية إهمال وسوء تسيير المُسببان للحادث الكارثي.