- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

أصوات مكبوتة: كيف يُدافع اليمين المُتطرف الهندي عن الإسلاموفوبيا

التصنيفات: جنوب آسيا, الهند, أديان, الإعلام والصحافة, سياسة, صحافة المواطن, Civic Media Observatory, Country Monitor Observatory 2021-2022

صورة استخدمتها “جلوبال فويسز”.

هذا المقال تابع لمنصة “أصوات مكبوتة” (Undertones)، النّشرة الرّسمية لمرصد الإعلام المدني لجلوبال فويسز. اكتشفوا المزيد عن مهمتنا ومنهجيتنا والتواريخ المُتاحة علنًا [1]. سجّل في “أصوات مكبوتة” (Undertones [2]).

يعيش مُسلمو الهند حاليًا وهم يشاهدون منازلهم، وتاريخهم، ومساجدهم، تُجتث من هذه الأرض. المدارس الإسلامية هي في طور التّحول إلى مدارس علمانية، الحُكام المسلمون الذّين حكموا في الهند يختفون تدريجيًا من كُتب التّاريخ، والمساجد تتحول بدورها تدريجيًا إلى معابد هندوسية، كما قامت القوات الحكومية بتدمير المنازل والمتاجر التّي يمتلكها المسلمون؛ إنّ المسلمين الهنود مهدّدون في قعر ديارهم.

المقام الهندي الرّمزي “تاج محل” (Taj Mahal)، الضّريح الإسلامي الشّهير عالميًا، والذي تمّ تشييده في القرن السابع عشر من طرف إمبراطور مغولي كذكرى لزوجته المُتوفاة، هو موضوع جدال حاليًا. الهندوس من اليمين المتطرف باتوا مُقتنعين بأنّ “تاج محل” شُيّد فوق معبد هندوسي وأنّه يجب استخدامه على هذا الأساس- في إطار النّظم الإيكولوجية لوسائل الإعلام المتسمة بالإسلاموفوبيا – بالرغم من أنّه قد تمّت تسوية [3] هذه الحالة من طرف المحاكم الهندية سنة 2017.

منذ وصول “ناريندرا مودي” (Narendra Modi [4]) من حزب “بهاراتيا جاناتا”  Bharatiya Janata) إلى الحكم سنة 2014، دخلت السرديات المتطرفة المتعلقة بالهندوس في التّيار الرّئيسي؛ فالإسلاموفوبيا هي حاضرة بقوة في الخطابات السياسية وتتضاعف بكثرة على وسائل الإعلام الرّئيسية وفي أوساط المجموعات الموالية للهندوس، على شبكة الإنترنت التّي تكثفها أكثر بكثير، وتمثل ركيزة فلسفة الحزب BJP في “الهندوتفا” (hindutva)، وهي إيديولوجيا سياسية تبحث عن هيمنة الهندوس في جميع الأوساط بما فيه الدولة الهندية.

تضمّ الهند أكبر عدد من السّكان المسلمين في العالم، ولكنهم لا يزالوا أقلية داخل البلد. في إحصائيات لسنة 2011، كان يُشكّل المسلمون ما يقارب 14.2% من سكان الهند، بينما يمثل الهندوس قرابة 79%.

تعتبر الأصوات المُنتقدة للحكومة بخصوص الإسلاموفوبيا قليلة؛ فعلى شبكة الإنترنت، الرسائل والخطابات التّي تتحدث باسم حقوق المسلمين هي محلية وليس لها مشاركة كبيرة، وعندما يُثيرون الانتباه، فإنّ جبابرة اليمين يهاجمونهم لفظيًا ويهدّدونهم. لقد وصفت حكومة “مودي” كلّ المُنتقدين بـ “أعداء الهند”، وهذا يُكمّم أكثر الأفواه ويعيق حرية التّعبير.

سرديات خطيرة

 1-“يجب تدمير أو تحويل كل المؤسسات الإسلامية المتواجدة في الهند إلى معابد هندوسية” [5]

يقول الحزب الحاكم وكذلك مجموعات هندوسية أخرى من اليمين المتطرف إنّ المؤسسات الإسلامية المتواجدة في الهند، كالمساجد والمقامات التّي شُيّدت على الأراضي الهندوسية، أو في المعابد الهندوسية القديمة، يجب تدميرها وتحويلها إلى معابد هندوسية وهذا لتحقيق العدالة للهندوس.

انفجر هذا السّرد سنة 1992 مع تحطيم مسجد “بابري” (Babri)، الذّي شُيّد منذ 500 سنة، بحجة أنّه بُني على أنقاض معبد “رام” (Ram ) (الإله الهندي)، عندها أطلق الحزب الحاكم BJP وقالبه الإيديولوجي Rashtriya Swayamsevak Sangh [6] حملة ضدّ المساجد أدى إلى تدميره؛ تسبب هذا بخلق نزاعات، وانتفاضات، وقتل المئات من المسلمين والهندوس.

حاليًا، لدى المجموعات اليمينية هدف، وهو الاستيلاء على المسجد الشّهير “جيانفابي” (Gyanvapi) في شمال الهند، وكذا “تاج محل” حيث قدمت عريضة لدى المحاكم، زاعمة أنّ “تاج محل” هو في الأصل معبد الإله الهندي “شيفا” (Shiva)؛ هذا السّرد تمّ نشره على الإنستغرام، وتليغرام، وواتساب.

كيف تطوّرت الأمور على الإنترنت

نشرت صفحة الهندوس من اليمين المتطرف على الإنستغرام صورتين في الآن ذاته، واحدة لمسجد “بابري” تمّ تحطيمه من طرف اليمنيين الهندوس المتطرفين سنة 1992، والأخرى لمسجد “جيانفابي” وتحصل نشر الصورتين على 3000 إعجاب ورسائل مُتحمّسة تدعو إلى تجنيد الهندوس (اطلعوا على التّحليل هنا [7]).

[7]

في تحليلنا، حصل هذا المنشور على نقطة منخفضة في تنقيط التأثير المدني للمرصد [8] (-3) لأنّه يحثّ على العنف في نفس الوقت الذي وصل فيه إلى مشاهدة كبيرة.

المنشور التّالي يبيّن نقدًا على دعاية ضدّ المسلمين؛ وتشير صفحة الرّأي التابعة لـ “أولتا شاسما أوك” (Ulta chasma uc)، بصفة ساخرة، إلى أنّه في الوقت الذّي يكافح شباب مقاطعة “أوتار براداش” (Uttar Pradesh) ضدّ البطالة، فإنّ الحكومة تحت زعامة الحزب الحاكم BJP “منشغلة بالبحث عن أصنام في المساجد وتشييد المعابد” (اطلعوا على التّحليل هنا [9]).

[9]

في تحليلنا، حصل هذا المنشور على +2 في تنقيط التأثير المدني للمرصد، لأنّه من بين المناشير القليلة التّي تحدّت علنًا عن الخطاب الهندوتفي للحزب الحاكم BJP، وحاول شدّ الانتباه بخصوص المشاكل الواقعية التّي يعانيها الهنود.

 2-“المسلمون هم أجانب وليسوا هنودًا حقيقيين” [10]

في هذا السّرد المُهيمن والمتنامي، نجد الإعلام الهندوسي لليمين المتطرف يهاجم كلّ شيء، انطلاقًا من صلاة المسلمين حتى لباسهم، وطبخهم. يقول الحزب الحاكم BJP وحلفاؤه إنّ المسلمين الذّين يعيشون في الهند وفي شبه القارة عامة هم أجانب اجتاحوا المنطقة وهم يهدّدون المجتمع الهندوسي حاليًا.

وصل الإسلام في الهند عن طريق المسافرين، والتّجار، والفتوحات التاريخية التّي بدأت منذ القرن الثاني عشر إلى غاية القرن التاسع عشر، مع تولي حكام من آسيا الوسطى: الفرس والمغول. أصبحت تشكل الثقافة العربية والفارسية جزءًا من الطّبخات، والأكلات، والفنّ، واللّغات، والتقاليد الهندية؛ فالثّقافة والتاريخ الهندي لا يمكن استيعابه دون تأثير من ثقافات عديدة على مرّ القرون.

في سنة 2017، راجعت [11] المقاطعات الهندية التابعة للحزب الحاكم BJP بصفة دلالية كتب التّاريخ للحدّ من أهمية الهيمنة المغولية وإبراز الممالك الهندوسية، وتمّت المراجعة الأخيرة على المستوى الوطني في شهر أبريل/نيسان 2022، حيث قرّر المجلس المركزي للتربية الثانوية في الهند أن يكون لتلاميذ الطّور الثّانوي برامج دراسية [12] تحتوي على معلومات قليلة جدًا عن حركات عدم الانحياز، والحرب الباردة، والدولة الإسلامية، والممالك المغولية، والثّورة الصّناعية، كما تمّ إقصاء الشّعر الشّعبي المكتوب بالأردية.

كيف تتطوّر الأمور على شبكة الإنترنت

على تويتر، قامت مجموعة “ديكشا”، وهي من الطقوس الهندوسية، بتغريد صورة تُظهر سلالات هندوسية مُدوّن عليها مدة ملكهم مُبالغ فيها، حيث غرّد لهذه الصورة قرابة 2000 مرة وتلقت 63 ألف إعجاب.

تمّت التغريدة في الوقت الذّي تصاعدت فيه اتهامات الجماعات الهندوسية بأنّ النّظام التّربوي الهندي يمنح صفحات كبيرة للحكام المسلمين في كتب النّصوص، وفي سياق هذه التّغريدة، يُعتبر المغول مثل جميع المسلمين كأجانب ومحتلين، في حين أنّ الحكام الهندوس يسمونهم هنودًا. الأمر هو محاولة لدمج الهندية مع الهندوسية (اطلعوا على التّحليل هنا [13]).

[13]

هذه التغريدة تروّج للإسلاموفوبيا وهي مغلوطة موضوعيًا، وحصلت على تنقيط التأثير المدني -1.

 3-“الإسلام يدعو إلى العنف” [14]

كان رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) متواجد في الهند لمدة عقود، ولكن مع مجيء حزب BJP إلى الحكم سنة 2014، أصبحت ديانات أخرى، وعلى وجه الخصوص الإسلام، محتقرة جدًا في الخطاب الشّعبي. في هذا السّرد، يقول الحزب الحاكم BJP وكذلك وسائل الإعلام الموالية له إنّ المسلمين هم رجعيون، وأبويون، وعنيفون.

كيف تتطوّر الأمور على شبكة الإنترنت

يُظهر مقطع فيديو روّجتها صفحة  Hindutva Rag Darbari، والتّي يُتابعها حوالي ثمانية ملايين مشاهد، برنامج تليفزيون حيث يدور حوار بين مشايخ هندوس ومسلمين، ويقول داعية هندوسي – ولأول مرة خلال ساعات المشاهدة الكبيرة – إنّ المسلمين هم منافقون؛ إذ أنهم لم يحترموا الهندوسية ولا الهندوس لمدة قرون، ويخبر رفقاءه في حلقة النّقاش عن الأئمة المسلمين ويسميهم بالخونة، ويقول إنّه توجد في مسجد “جيانبافي” أصنام وأوثان هندوسية على الأرض؛ ولا يوجد على مقطع الفيديو ردّ المسلمين؛ فالفيديو مع الشكل الذّي تمّ نشره يوحي بأنّ المسلمين لا يمكن الوثوق فيهم، وأنّ عليهم التّدين بالهندوسية للبقاء في البلد (اطلعوا على التّحليل هنا [15]).

[15]

بما أنّ مقطع الفيديو هذا يتمثل في خطاب الكراهية وأقوال خاطئة موّجهة إلى المسلمين وبما أنّه وصل إلى نسبة مشاهدة كبيرة جدًا، تحصل على تنقيط بثلاث نقاط سلبية على خريطة التأثير المدني -3.

يبيّن المقال التّالي واحدًا من الأخبار القليلة التّي تُندّد بعنف الحزب الحاكم BJP ضدّ المسلمين. ففي 16 من شهر أبريل/نيسان الماضي، شوهد موكبًا من الهندوس متسلحين بالسيوف والمسدسات، يردّدون أغاني تدعو إلى تهديدات مفتوحة للتّطهير العرقي وإبادة المسلمين، هذا يشكل مخططًا لاستفزاز الجاليات المسلمة للتمكن من استخدام العمليات الانتقامية بعد ذلك لتبرير العنف ضدّ المسلمين الذّي تشرف عليه الدّولة، وعندما تحدث مواجهات، وحدهما الشرطة والحكومة تنشطان ضدّ المسلمين.

البث المباشر على صفحة الفيسبوك الذّي نقله الصحفي “أجيت أنجوم” (Ajit Anjum)، وأعيد نشره على صفحة المتابعين، حصل على +2 على سلم الإعلام المدني (اطلعوا على التّحليل هنا [16]).

[16]