أسوأ فيضان في الشّمال الشّرقي لبنغلاديش نتيجة تغيرات المناخ والتّوسع العمراني السّريع

The flooded plains of Sylhet, Bangladesh seen from Laitkynsew, Meghalaya, India.

السهول المغمورة بالمياه في “سيلهات” ببنغلاديش، مناظر من لايتكينسو ميغالايا، الهند. صورة من إينسيكتاتوريوس من فليكر (CC BY-NC-SA 2.0).

تعتبر البنغلاديش من بين البلدان الأكثر عُرضة للخطر لنتائج تغيّر المناخ في العالم، بما أنّ ثُلثي مساحة البلد مُتواجدة على خمسة أمتار تحت مُستوى البحر؛ ولا زالت تُشكّل الفيضانات تهديدًا كبيرًا، حيث في كلّ عام، وخلال موسم الشّتاء، تبقى عائمة في المياه، قُرابة 26 ألف كيلومتر مُربع (10 ألف ميل مُربع) من الأراضي، وهو ما يُعادل 18% من مساحة البلد؛ وهذا ما يُسبّب وفاة الآلاف من الأشخاص ونزوح الملايين منهم.

خلال الأسبوع الثالث من شهر يونيو/حزيران 2022، اشتدت الفيضانات في منطقة الشّمال الشرقي لبنغلاديش، لاسيما في مناطق Sylhet، وSunamganj وNetrokona. خلال شهر مايو/أيار 2022، عانت مُقاطعة سيلهات من أولى الفيضانات للموسم، ولكن في منتصف شهر يونيو/حزيران، كان سبب الفيضانات الأمطار الآتية من المُقاطعات المجاورة للهند، وهي Meghalaya وAssam، بحيث أنّ هذه المياه انبثقت من الوديان والجداول وفاضت. إضافة إلى كون الأراضي المُنخفضة مُجاورة للحدود، فإنّ المدن والمراكز التّجارية للمنطقة، مثل “سيلهات” و”سوناغمانج” تبقى تحت المياه.

ألحق أسوء فيضان خلال عقود، ضررًا بولاية سيلهات وأماكن أخرى في البنغلاديش: أشخاص وحيوانات وجدوا أنفسهم فوق الأسطح؛ مدارس، ومتاجر ومنازل غُمرت بالمياه؛ الكهرباء انقطعت ووسائل النّقل توقفت.

في بعض المناطق، وصل مستوى المياه إلى غاية 2.5 متر، هذا ما جعله الفيضان الأكثر مُميتًا منذ أكثر من قرن. كانت الوضعية تبدو كارثة حيث قُطعت الكهرباء في المناطق التّي عمّها الفيضان، وهذا لتجنب الحوادث؛ ممّا جعل الملايين من الأشخاص يبقون في الظّلام. مع استمرار انقطاع الكهرباء، بقيت مُعظم أبراج الهواتف النّقالة لهذه المنطقة، 3600 برج، بدون خدمة، تاركةً خلفها قُرابة أربعة ملايين من الأشخاص، يُعانون أصلاً أزمة الغذاء ونقص الماء الشّروب. أُغلق مطار سيلهات لمدة ستة أيام لأنّ مهبط الطائرات كان تحت الماء؛ وأُغلقت أيضًا الطرق والسّكك الحديدية بين المدن وباقي البلد، تاركين البلد أسيرًا.

قامت ماريا كيبتيا، طالبة في سيلهات، بالتّغريد على تويتر مُدونة أنّ أبناء جيلها لم يُشاهدوا بتاتًا فيضانًا بهذه الكارثة.

لم يرى سُكان سيلهات فيضانًا بهذه الكارثة؛ فمُعظم الأماكن الحيوية توجد الآن تحت مُستوى مياه الفيضانات، حاليًا، يقوم الجيش بعمليات الإنقاذ. لقد غمرت المياه المطار وأُلغيت الرّحلات.

لغاية الجمعة 24 يونيو/حزيران، بلغ عدد الوفيات 68 شخصًا منذ بداية الفيضانات في أواسط شهر مايو/أيار. أدى تسارع ارتفاع مستوى المياه وانقطاع الاتصالات إلى تأخر وصول مُساعدات الحكومة للمُتضررين من الفيضانات؛ لقد بذل الجيش وكذا القوات الجوية الجهود لتقاسم المساعدات الاستعجالية وإنقاذ الضّحايا من الفيضانات في المناطق النّائية.

تفاعل الأشخاص والمُنظمات

تجنّدت العديد من المُنظمات السّياسية والاجتماعية، وأيضًا النّاس عُمومًا، بطرق مُختلفة من أجل مُساعدة ضحايا الفيضانات، فالسكان لا زالوا في مرحلة خطر، رغم أنّ الوضع تحسن؛ إنّها تُضفي مساعي الحكومة وهذا بجمع الأموال من عند النّاس ومُساعدة السكان المُتضررين من الفيضانات بالأدوية، واللّباس، والغذاء، والماء ومُحتجات أخرى. إنّهم يُساعدون، بالتّعاون مع الجيش، في عمليات الإنقاذ وتوفير المُدخرات. قال حسن مرشد، الخبير في العمل المباشر في المنطقة خلال الفيضانات المُمتدة بين سنوات 2004 و2016، إنّ عمليات الإنقاذ ضرورية أكثر بكثير خلال الأيام الأولى. نشر في صفحته على فيسبوك:

তাহলে এই মুহুর্তে মানুষের আসলে প্রয়োজন কী? এই মুহুর্তে মানুষের আসলে প্রয়োজনে- উদ্ধার। মানুষকে আক্রান্ত এলাকা থেকে দ্রুত নিরাপদে সরিয়ে আনা। সরিয়ে আনার পর খাওয়া দাওয়ার চিন্তা। সরিয়ে আনার কাজ কি যে কারো পক্ষে সম্ভব? না সম্ভব না। এর জন্য বিশেষায়িত উদ্যোগ প্রয়োজন।
এই বিশেষায়িত উদ্যোগটুকু স্থানীয় প্রশাসনের সহযোগী হিসেবে শুরু করে সেনাবাহিনী।

ماذا يحتاج الأشخاص [المُتضررين من الفيضانات] الآن؟ يحتاج النّاس أولاً أن يتم إنقاذهم؛ يجب تحويلهم بسرعة من المنطقة المُتضرّرة، تأتي بعدها قضية إمدادهم بالغذاء والحفاظ عليهم. هل يمكن لشخص المساعدة في عمليات الإنقاذ؟ هذا مُستحيل [دون وسائل والنّفوذ إلى المنطقة]، فهذا يتطلّب مُبادرة مُتخصصة.

وضع الجيش هذه المُبادرة المُتخصصة في إنقاذ الأشخاص كحليف للإدارة المحلية.

غرّد أسيف صالح، المدير التّنفيذي لمنظمة براك، وهي أكبر منظمة غير حكومية للتّطور في بنغلاديش، مُدونًا أنّ جميع المكاتب في “سوناغمانج” غُمرت بالمياه:

إنّ نتيجة الفيضانات في سيلهات سيئة وتتفاقم أكثر بكثير؛ فنحن بصدد حشد المُساعدات. هذه هي الصورة التّي وصلتنا من مُستخدمينا على الميدان في هذه الآونة، إذ أنّ جميع مكاتبنا في سوناغمانج غمرتها المياه.

خصّصت المُنظمة أموالاً لمُساعدة أولاً العائلات المُتضررة.

في الوقت ذاته وأمام هذه الوضعية البائسة، ضاعف التّجار، وبدون رحمة، أسعار المواد الأولى الضّرورية؛ وبما أنّه لا يوجد كهرباء ونفدت الشّموع، وصل الحدّ بالنّاس أن دفعوا ثمن مائة تاكا (أي دولار واحد) لشراء الشّموع، حيث كان سعرها قبلاً يُقارب 20 تاكا (أي 0.20 دولار). بالنّسبة للجزم وقوارب النّجاة أصبحت الأكثر طلبًا، لقد ارتفع سعر كرائها كثيرًا: كان يُطلب من بعض الأشخاص دفع 30.000 تاكا (300 دولار) لسفر يدوم ساعتين؛ والكثير لم يستطيعوا دفع ثمن عمليات الإنقاذ.

غير أنّه حدث كذلك عكس ذلك، بحكايات مؤثرة لأشخاص يتعاونون فيما بينهم في قلب الخطر. يروي عليم الرازي قصة إيجابية في صفحته على فيسبوك:

গতকাল গোয়াইনঘাট এলাকার এক হাওর থেকে ফুপু এবং ফুপাতো ভাই-বোনদের উদ্ধার করে আনলাম।
কোনো নৌকাই পাওয়া যাচ্ছিলো না। কয়েক ঘন্টা অপেক্ষার পর শেষমেষ মাঝারি আকৃতির একটা নৌকা জোগাড় হয়েছিলো। নৌকার চালক কম বয়েসী। ১৭ বা ১৮ হবে বড়জোর।
বিশাল হাওর পাড়ি দিয়ে, কিছু যায়গা ঠেলে, কিছু যায়গা বৈঠা বেয়ে সে যখন সবাইকে নিয়ে আবার তীরে ফিরে এলো তখন সে কোনো টাকাই নিতে চায়না। অনেক জোরাজোরির পর তার হাতে ৫০০ টাকা গুঁজে দিয়ে এসেছিলাম।
ছেলেটির নাম ছিলো বাসার।
বাসারের কথাও টাইমলাইনে থাকুক।

البارحة، ذهبتُ لإنقاذ خالتي وأبنائها في مُستقنع هاور في منطقة جواينغات، في بداية الأمر، لم أجد أيّ قارب، وبعد ساعات من الانتظار، تمكّنا من الحصول على قارب مُتوسط الحجم، كان السّائق مُرهقًا، يبلغ سنه ما بين 16 أو 18 سنة.

كان السّفر طويلاً، لقد اضطرّ إلى الزحف على الأرض بواسطة أخشاب في بعض المناطق والجدف في مناطق أخرى ليوصلنا بأمان عبر مستنقع “هاور” الكبير. في نهاية السّفر، وجدت صعوبة في إعطائه أجره، فهو رفض أن يقبل النّقود من أجل الإنقاذ، بعدما أصررتُ كثيرًا، تمكنتُ من إعطائه ورقة بـ 500 تاكا (5 دولارات).

اسم الطّفل بشار، ويجب أن يكون “بشار” مُدوّنًا على تقويمنا الزّمني.

إنّ مُبادرة 1 تاكا للوجبة، التّي قامت بها منظمة بيديانوندو، تتمثّل في السّفر إلى المناطق النّائية حاملة معها مطبخًا متنقلاً من أجل منح وجبات للآلاف من الأشخاص:

ভ্রাম্যমাণ রান্নাঘর এখন সুনামগঞ্জের চালবনের উদ্দেশ্যে…. রান্না হচ্ছে ডিম খিচুড়ি….গরম গরম খাবারের অপেক্ষায় আছে শত শত শিশু….

يصل مطبخنا المُتنقل إلى شالبون في سوناغمانج … نطبخ بيض خيشوري khichuri [طبق من الأرز والعدس] … ينتظر المئات من الأطفال هذا الغذاء السّاخن…

لماذا تتجدّد الفيضانات؟

كميات هائلة من الأمطار لا سابق لها في “شيرابونجي” بالهند، هي التّي سبّبت في هذه الفيضانات المُفاجئة في “سيلهات” و”سوناغمانج”. إنّ المنطقة الجبلية هي مُتواجدة على حدود ولاية “سوناغمانج”، وبالتّالي فالمياه تنحدر مُباشرة في المناطق المُنخفضة لولايات “سوناغمانج” و”سيلهات” ببنغلاديش.

غرّد “م.ك فهيم”، مهني في إعلام “داخا”، على تويتر:

سجّلت البارحة “شيرابونجي” 811.6 ملم من الأمطار في يوم واحد، وهو أكبر معدل خلال 27 سنة الماضية؛ في حين أنّه سجلت “ماوسينرام”، المُتواجدة على بُعد 10 كلم جوًا، وهي المنطقة الأكثر رطوبة على كوكب الأرض، 710.6 ملم من الأمطار.

ينقل نهر “ميغنا” Meghna وروافده المياه من المنبع في الشّمال إلى غاية البحر في الجنوب؛ ولكن بسبب ضعف الملاحة في النّهر، غمرت المياه الزّائدة المناطق المُتواجدة بقرب النّهر. كما اتهم أكم سيف الإسلام، مدير معهد تسيير المياه والفيضانات بجامعة الهندسة ببنغلاديش، التّوسع العمراني غير المُخطط في إحداث فيضانات، وقال في حوار مع قناة “بي بي سي” باللّغة البنغالية:

হাওরে বিভিন্ন জায়গায় পকেট পকেট আমরা রোড করে ফেলেছি। ফলে পানি প্রবাহে বাধার তৈরি হচ্ছে। [..] এসব কারণে আগাম বন্যা হচ্ছে এবং অনেক তীব্র বন্যা হচ্ছে।

حاليًا، نحن بصدد بناء طريق على جوانب مستنقعات “هاور“، وبالتّالي نمنع التّدفق الطّبيعي للمياه [لأنّه توجد فيضانات مُتكررة وشديدة].

كثيرون من ألقوا اللّوم على الاحتباس الحراري الذّي سبّب الفيضانات؛ ودعا النّاشط في مجال البيئة والمناخ “محيمينول إسلام زيبات” Mohaiminul Islam Zipat إلى اتخاذ إجراءات فورية:

لقد تغيّر المناخ! هذه المرة “سوناغمانج” ببنغلاديش تطفو فوق مياه الفيضانات. لا توجد أيّة كلمة جديدة. يتطلّب إجراء ملائم للكلمة. عدالة مُناخية في الوقت الرّاهن!

غرّدت روشنارا علي، نائبة في مجلس النواب البريطاني ومن أصول البنغلاديش بخصوص نتائج التّغيّر المناخي:

فيضانات جديدة في بنغلاديش، بقي مئات الآلاف من الأشخاص عالقين. من المحتمل أن تتفاقم حالة الفيضانات خلال 24 ساعة المُقبلة في المناطق الأكثر ضررًا، في الشّمال والشّمال الشّرقي، حسب السّلطات.

———-

البنغلاديش من البلدان الأكثر عُرضة للخطر في العالم في مجال المناخ. في “سيلهات” حيث أنا والعديد من النّاخبين نمتلك عائلة، مسّها الضّرر. قلبي مع جميع المُتضررين.

يرتفع عدد لاجئي المُناخ كلّ يوم في بنغلاديش؛ وحسب بيانات البنك العالمي، يُهاجر كلّ عام حوالي 400 ألف شخص باستمرار المناطق الرّيفية نحو المدن العمرانية، من بينهم 70% من لاجئي المُناخ. هذا راجع إلى ارتفاع مُستوى البحر، وزيادة نسبة ملوحة الأنهار، وزيادة انجراف الأنهار، والكوارث الطّبيعية مثل الفيضانات وظواهر المدّ والجزر.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.