- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

مواصلة معارضة مواطنو العراق وإيران المحليون لمشاريع تركيا الكهرومائية على نهر دجلة

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, إيران, العراق, تركيا, بيئة, صحافة المواطن, Green Voices

صورة لمدينة حصن كيفا -المغمورة بالماء الآن- تعود لعام ٢٠٠٨ التقطها سينول ديمير

القصة التالية جزء من سلسلة عن سد اليسو في تركيا وفيضان حصن كيفا.

واجه سد اليسو الذي اكتمل بناءه عام ٢٠١٩ كجزء من مشروع جنوب شرق الأناضول التركي (مشروع جنوب شرق الأناضول الإنمائي أو ما يتم اختصاره ب GAP باللغة التركية) انتقادًا شديدًا من قبل المراقبين المحليين والعالميين والبلدان الواقعة على مصب نهر دجلة. يعد سد اليسو ثاني أكبر سد [1] في تركيا بعد سد أتاتورك حيث يبلغ ارتفاعه ١٣٥ متر وإجمالي تخزين المياه ١٠،٦ مليار متر مكعب كما يعتبر الأكبر في العالم [1] عندما يقاس حجم التعبئة بالمقارنة مع “السدود الصخرية ذات السطح الخرساني.”

تم التفكير بالسد لأول مرة منذ أكثر من ٧٠ عام لكن القلق بشأن التمويل والضغط العالمي أجّلا تشييده. شرح الصحفي محمد كيزماز في مقابلة له مع جلوبال فويسز أنه تقرر بناء السد عام ٢٠٠٦ لكن العديد من المؤيدين السابقين للبناء سحبوا ضمانات ائتمان الصادرات بعد إدراكهم الضرر البيئي، الثقافي والتاريخي الذي سيسببه التشييد للمواطنين المحليين.

بحلول عام ٢٠٠٨، قامت الشركات الأوروبية التي شكلت جزءًا من الاتحاد [2] المموِّل بتحويل أسهمها لشركة نمساوية تُدعى أندريتز والتي بقيت في المشروع خلال مرحلتي التخطيط والبناء. في عام ٢٠١٠، بدأ التشييد أخيرًا بوساطة قروض من أغلب المصارف التركية بدعم من الحكومة التركية. أضاف كوركماز أن تكلفة السد المقدّرة بلغت ٢.٥ مليار يورو على الأقل في بداية التخطيط، أُنفق منها ٨٠٠ مليون يورو على نزع الملكية وأعمال “إعادة التوطين.”

تابع كيزماز:

The actual costs are thought to be higher. Spending such a large amount of money on a devastating project that has brought nothing but poverty left the region that was already lagging economically, even poorer.

يُعتقد أن التكاليف الفعلية أعلى. لم يجلب إنفاق المال على مشروع مدمّر كهذا سوى الفقر، تاركًا المنطقة المتخلفة اقتصاديًا أساسًا أفقر.

بدأ تشغيل السد عام ٢٠١٩. لكن أثناء عملية إنشاء خزان لتخزين المياه، غمرت المياه مدينة حصن كيفا ذات الألف ومئتي عام. في ذلك الوقت، أكدت الحكومة التركية أن ١٢٠٠ ميجا وات من سعة الطاقة ستنتج ٤.١ مليار كيلو وات ساعي من الكهرباء كل سنة (ما يقارب ٣ مليار ليرة تركية من الإيرادات السنوية — ٣٠٠ مليون دولار أمريكي). استُخدم دخل السياحة، الري والطاقة المتوقع لتبرير فيضان المدينة القديمة وإعادة توطين مواطنيها. 

ما زال من الصعب تقدير التأثير الاقتصادي للسد على المنطقة. في عام ٢٠١٤، لاحظ [3] عضو في مجلس النواب من هكّاري الأثر المنحرف للتنمية، موضحًا أنه "تم توسيع قيم الأراضي في بعض المدن عن قصد من خلال التخطيط وتقسيم المناطق. هذه سياسة متعمدة للدولة، تقديم الرأسمالية الجامحة للمنطقة. إنها سياسة تنمية منحرفة وهندسة اجتماعية، محاولة لتشكيل هوية جديدة." على العموم، لم يقلل [3] سد اليسو من عدم المساواة [3]، "سمح المشروع ل ٦١.٤٪ من الشركات الزراعية بزراعة ١٠.٥٪ فقط من الأرض بينما زرعت ٦،٢٪ من الشركات الزراعية الكبيرة نصف الأرض تقريبًا."

بينما ما تزال الفوائد الاقتصادية للسد غير واضحة، يبقى الضرر البيئي والاجتماعي جليًا لسكان المنطقة. قال المواطن والناشط ريدفان أيهان من حصن كيفا في حديث له مع جلوبال فويسز أن الناس خسروا كرومهم، حدائقهم، أرضهم ومنازلهم حيث غمرتها المياه جميعها. أوضح أيهان أن "حوالي ٨٠ ألف إلى ١٠٠ ألف شخص اضطروا للهجرة." مُضيفًا أنه "ما من مستقبل بدون ماض، دمّروا تاريخنا وثقافتنا. هذا التاريخ ليس تاريخنا فقط، بل تاريخ البشرية. هذه مجزرةٌ تاريخية."

شكّل فيضان مدينة حصن كيفا التاريخية سببًا جوهريًا للمعارضة المنظمة للسد. تحدث اسماعيل جان، واحد من أكثر المعارضين صراحة ورئيس الحفريات في تل كاراهان أحد أقدم المواقع الأثرية في تركيا، لجلوبال فويسز عن حجم الدمار:

Since the world has existed, mankind has constantly worked to leave a mark on this world wherever it has lived. They have left behind magnificent structures that represent them, and unfortunately, we are not even aware of what kind of humanity we have destroyed. Hasankeyf has hosted dozens of civilizations. All of this we have now destroyed for the sake of a dam. It is impossible to compare the cultural heritage of thousands year old Hasankeyf, one of the main cradles of human civilization, with some income from the Ilisu Dam Hydroelectric Power Plant.

منذ وجود العالم والبشرية تعمل باستمرار على ترك بصمة فيه أينما عاشت. تركت ورائها أبنية رائعة تمثلها ولسوء الحظ، نحن لا ندرك نوع الإنسانية التي دمرناها. استقبلت مدينة حصن كيفا عشرات الحضارات لكننا دمرناها جميعها الآن من أجل السد. من غير الممكن مقارنة الإرث الثقافي لمدينة حصن كيفا ذات آلاف السنين وإحدى مهود الحضارة الإنسانية الرئيسية ببعض الدخل من محطة سد اليسو لتوليد الطاقة الكهرومائية.

عواقب مشروع جنوب شرق الأناضول العالمي

لا يؤثر سد اليسو على مواطني تركيا فقط.

في عام ٢٠٠٢، أصدر وفد مؤلّف من ثلاث منظمات غير حكومية في المملكة المتحدة — حملة سد اليسو، مشروع حقوق الإنسان الكردي ومنزل الزاوية — تقريرًا عن التأثيرات المحتملة للسدود على المصب. بحسب التقرير [4]، "سببت سدود مشروع جنوب شرق الأناضول تغيرًا ملحوظًا بالفعل في نظام تدفق نهر الفرات وبدرجة أقل نهر دجلة من حيث الجودة والكمية. سبب التدفق المنخفض لنهر الفرات ملوحة زائدة في الروافد السفلية للنهر، مؤثرًا على الزراعة بشكل خطير. سيشكل التنفيذ الكامل لمشروع جنوب شرق الأناضول آثارًا سلبية على عدد كبير من القاطنين في [سوريا والعراق]" وأن "تركيا تنتهك نصًا أو روحًا، أو تفشل في الامتثال... للاتفاقيات الدولية بشأن مشاركة الماء واستخدامه لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية العالمية."

اعترضت حكومتا العراق وسوريا -اللتان يعتمد شعبهما على نهر دجلة بشكل كبير- جهرًا على مشروع جنوب شرق الأناضول وسد اليسو. في عام ٢٠١٨، اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الحكومة التركية [5] باستغلال سد اليسو لأغراض سياسية. أشار [6] المسؤولون العراقيون أن السدود الممتدة على عشرات الروافد قطعت أكثر من نصف المياه المتدفقة للعراق مقارنةً بما كانت عليه قبل عشرين عامًا. انتقد [7] وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مشاريع تركيا المائية طويلًا، ووصفها [8] بـ "غير المقبولة" في أيار عام ٢٠٢٢ ومضرّة بمواطني العراق للغاية.

عريضة إيرانية على موقع "منظمة التغيير" لإيقاف تركيا من بناء سدود أكثر.

باعتبار أن أكثر من ٥٠٪ من جميع مصادر المياه الإقليمية مشتركة بين أكثر من بلد، اختتم محمد كيزماز بآثار مشاريع جنوب شرق الأناضول الضخمة عالميًا، "كان لسد اليسو تأثيرًا سلبيًا على مصب نهر دجلة؛ نجمت مشكلات خطيرة في توفير مياه الشرب في العديد من المدن العراقية خاصةً في بغداد والموصل. تعرضت الزراعة العراقية التي تعتمد في سقايتها على الأنهار بشكل كبير لخطرٍ كبير أيضًا. أعلنت المنظمات البيئية الإيرانية أن مشروع سد اليسو سيسرع المشاكل البيئية وسيفاقم غيوم الغبار المتشكلة بواسطة تجفيف أهوار بلاد ما بين النهرين التي سيدمرها السد."

ما زالت المناهضة المحلية والعالمية لمشروع تنمية النهر التركي المستقبلي محدودة. بدأ ناشطون عراقيون بعريضة على موقع "منظمة التغيير" [9] لمنع المزيد من الإنماء الكهرومائي المسؤول عن حالات الجفاف في مختلف أنحاء إيران [10]. اتهمت الاحتجاجات -التي دامت لسنوات- السدود التركية [11] بزيادة مسائل ندرة الماء سوءًا. اختتم كيزماز أنه محليًا "ما من رد فعل في حصن كيفا في الوقت الراهن لأن الناس يعتقدون وهم محقون أن كل شيء انتهى. التزم الجميع الصمت بسبب ذلك. ينطبق ذلك على الناس الأخرين كالناشطين والصحفيين اللذين حاربوا لسنوات. لدي هذا الشعور أنا أيضًا. هل من فرصة لإعادة الموتى إلى الحياة؟