جولة في متحف يميسي شيلون للفنون في نيجيريا

الأمهات المؤسسات للفن النيجيري المُعاصر. من اليسار إلى اليمين، في الأعلى: سوزان وينغر والأميرة إليزابيث أولوا ويونيس اوكيجي واسابي باكاري؛ في الاسفل: كلارا ايستو أوغبوداغا-نغو والسيدة كونستانس افيونغ ‘افي’ ايكونغ ولادي كوالي. حقوق ملكية الصورة تعود إلى YSMA، مُصرح باستخدامها.

في صباح يفعمه الأمل زار بعضٌ من طلاب الاتصال الجماهيري الجامعيين متحف يميسي شيلون للفنون (YSMA)، الواقع في جامعة بان أتلانتيك في ولاية لاغوس النيجيرية، وذلك لاكتشاف أسرار القطع الفنية المعروضة فيه ورؤية ردود فعل الناس نحوها. كان الهدف الرئيسي لزيارتنا متحف YSMA —أول متحف جامعي في نيجيريا— هو مشاهدة مجموعتهم المذهلة من القطع الفنية الإفريقية، كجزء من دورة كتابة المقالات الخاصة. لكن انتهى بنا الأمر مسحورين بالمجموعة الفنية العصرية المذهلة التي صنعتها فنانات نيجيريات.

ما الذي يتبادر إلى ذهنك عند سماع كلمة “متحف”؟ في 2014، نشرت مدونة هافينغتون بوست مقالًا يُفصل كيف من المفترض على الناس الشعور والتصرف خلال جولة نموذجية في متحف. بالمختصر، ادعى المقال أن الزوار يتصفون بالذكاء الخارق وتفعمهم المعرفة الفطرية وهادئين على نحو عجيب وتفتنهم بعض القطع الفنية التي تعود بهم إلى قرونٍ سحيقة منذ زمنٍ بعيد، بينما يكون المُشرفين مُتنبهين إلا أنهم يشعرون بالاسترخاء حيال ما ينبغي قوله لشغل هؤلاء الزوار.

أولئك الذين رأيناهم في متحف YSMA كانوا بمثابة مجموعة واسعة من محبي الفن بما فيهم أشخاص مثلنا كانوا هناك في نشاط أكاديمي وطلاب في زيارة تعليمية من إحدى مدراس لاغوس الثانوية وآخرين ممن جاءوا لمشاهدة القطع الفنية.

متحف يميسي شيلون للفنون، جامعة بان أتلانتيك، ولاية لاغوس، نيجيريا. حقوق ملكية الصورة تعود إلى YSMA، مُصرح باستخدامها.

أُسس متحف يميسي شيلون للفنون عام 2019 وسُميَّ بذلك تيمنًا بالأمير وجامع الفنون يميسي شيلون. قام شيلون بتمويل عملية بناء المبنى وتبرع بما يزيد عن 1,000 قطعة فنية من مجموعته الواسعة. متحف YSMA يُوفر تجربة التعلم التحويلي للطلاب وعامة الناس والتي تحققت بفضل انخراط “جمهور متنوع” لزيادة الوعي بثراء “المعرفة حول الفن النيجيري” عبر إقامة المعارض والبرامج التعليمية وتنظيم الزيارات للمتحف، كما يذكر مدير المتحف جيس كاستيلوت على موقع المتحف الإلكتروني. ولقد حاز متحف YSMA على جائرة افتتاح متحف العام لعام 2020 المقدمة من مجلة ابولو.

الحائز على جائزة ابولو لافتتاح متحف العام لعام 2020 هو متحف يميسي شيلون للفنون. شاهد لحظة قبول الأمير شيلون ومدير المتحف للجائزة.

معرض الأيدي الخفيّة

صورة مأخوذة من كتالوج الأيدي الخفية لقطعة ‘المُوَاسِ’ للفنانة نغوزي-اومِجي إزِيما.

هدفت قِطّع معرض الأيدي الخفيّة إلى تسليط الضوء على مساهمة النساء في الفن في نيجيريا. تمتاز هذه المجموعة بكونها غنية ثقافيًا وأسلوبيًا وتُعزز جمال وأهمية الفن في نيجيريا.

إيبوشي نوكوما و تشينير نزِنواتا، ناقدتان فنيتان نيجيريتان وموظفتان لدى متحف YSMA، تؤكدان أن شطب الفنانات النيجيريات عبارة عن “حقيقة تاريخية” كما ورد عنهما في كتالوج الأيدي الخفيّة. ذلك نتيجة “تلقي النساء مقدار ضئيل من الاعتراف أو عدمه”، وعدم إعطائهن “المكانة التي يستحققنها في دائرة الضوء.” وبناءً على ذلك أضافت نوكوما ونزِنواتا، “يهدف هذا المعرض إلى إعادة دويّ المنظور والحضور النسائي في النظام الفني منذ أن غُمِرَ وركز نموه الكبير في مساهمات الفنانات في الوقت الحاضر.”

المكان يبدو هادئًا حين نسير نحو أول قطعة في المجموعة.

صورة مأخوذة من كتالوج الأيدي الخفية لقطعة ‘أشعل الفانوس’ للفنانة نغوزي-اومِجي إزِيما.

من أول وهلة، تبدو قطعة نغوزي-اومِجي إزِيما “أشعل الفانوس” كمجموعة من أصداف الخزف المُشكلة على هيئة أوراق شجر تتدلى من على خيوط صيد السمك. لكن بالتراجع للوراء، يكتشف المشاهدين أن جميع الأصداف تتخذ شكل فانوس غازي ضخم، ذلك النوع الذي كان يُستخدم في جميع أنحاء البلاد قبل أن تصبح الكهرباء منتشرة على نطاق واسع. تعمل إزيما كباحثة ومعلمة في صناعة الخزف في جامعة نيجيريا الواقعة في مدينة نسوكا جنوب شرق نيجيريا. أعمالها الفنية الخزفية تعكس “التناقض بين الأمل واليأس” بينما تصور أيضًا “كيفية استمداد القوة من الألم والتعيين.”

صورة مأخوذة من كتالوج الأيدي الخفية لقطعة “دورة الحياة” للفنانة نايكي داڤيس.

العمل الفني النسيجي “دورة الحياة” عبارة عن عمل فني ممتد من الأرضية حتى السقف للفنانة نايكي اوكنداي-دايڤيس الشهيرة باسم “ماما نايكي”. إنها قطعة منسوجة من نسيج الأدير الذي يُميز شعب اليوروبا. ثمة أنماط عِدة له بما فيها المنسوجة باللون الأزرق الفاتح على خلفية زرقاء داكنة. كما يحتوي العمل أيضًا على زخارف ترمز إلى مهنة الفنانة (مثل المقص) وثقافتها كذلك. لقد تدربت مُصممة نسيج الأدير والباتيك النيجيرية على يد جدتها حيث علمتها نسج الأقمشة التقليدية وصبغها وتطريزها ودباغة الجلد. إنها مالكة معرض نايكي للفنون في مدينة ليكّي في ولاية لاغوس، والذي يُعد أحد أكبر المعارض المملوكة للقطاع الخاص في افريقيا.

فيما كنت أُقيّم لوحة الفنانة أولاومي بانجو “المُوَاسِ”، إذ بي أسمع طقطقة كعبين على أرضية المتحف. استدرت لأرى أحد مُشرفي المتحف، مادونا بجدائلها الخضراء والزرقاء اللامعة تحت أضواء المتحف لتشرح أن القطعة عبارة عن لوحة واقعية مفرطة. مصطلح “الواقعية المفرطة” يُشير للعمل الفني الواقعي الذي يمتاز بدقة عالية لتبدو اللوحة كصورة مُلتقطة بكاميرا لا كَرسمة. هذه القطعة هي لوحة تُظهر فتى يواسي أمه التي تجلس إلى جواره مُرتدية الزي التقليدي “انكارا” وغطاء الرأس (جيلي). استخدمت الفنانة اللون الأسود كخلفية لهذا العمل لتترك رسم العناصر الرئيسية في الأمام. بانجو هي خريجة جامعة بان أتلانتيك وفنانة واقعية وبصرية متخصصة بالمشاهد السريالية. أعمال بانجو الفنية تستكشف “الوقائع الخفية التي تواسينا فرادى وجماعة في شتى أنحاء العالم.”

صورة مأخوذة من كتالوج الأيدي الخفية لقطعة ‘عروس في التاسعة من العمر’ للفنانة بيجو ألاتيس.

حينما كنت أقترب من منحوتة الفنانة بيجو ألاتيس “عروس في التاسعة من العمر”، أمكنني سماع أصوات تصدر من المدخل. يبدو أن المتحف يحظى بالمزيد من الزوار. القطعة عبارة عن منحوتة تنتقد ممارسة زواج الأطفال في نيجيريا. تتألف القطعة من عدة أشخاص يرتدون أزياء “انكارا” متشابهة بما فيهم فتاة صغيرة تواجه عددًا من الرجال والنساء (بعضهم بلا رأس) والذين يبتعدون عنها قليلًا. ألاتيس هي فنانة متعددة التخصصات ومهندسة في ولاية لاغوس النيجيرية. فنها يمتاز بكونه “تجريبي وكثيف العمل باستمرار” ويشمل “وسائل وأساليب ومواد متنوعة بما فيها دون اقتصار اللوحات والأفلام والتماثيل والمنحوتات.”

انعكاسات هادئة

القطع الفنية المعروضة في متحف يميسي شيلون للفنون. حقوق ملكية الصورة تعود إلى YSMA، مُصرح باستخدامها.

أولئك الذين ذهبوا في جولة لم يفعلوا شيء سوى محاكاة ردود مُشرفي الجولة حول المتحف. نقدهم الثقيل للقطع اقتصر على مديح طفولي ابتداءً من “هذا لطيف حقًا،” إلى “لا أفهم هذا مُطلقًا،” يصحبه جلسات مكثفة من تصوير اللوحات ووجوههم الباسمة. وقد تحولت الانعكاسات الهادئة للفن إلى جلسات نقاش محتدمة من الآراء الخاصة عمن قامت بعمل أفضل من الفنانات. لقد كان عمل تاوي إداهور “ذلك ما يقولونه” (2015) موضوع إحدى هذه الحوارات، حيث تجادل الطلاب عما إذا كانت مُحقة بتركها مساحة بيضاء كبيرة في عملها.

وكل هذا حدث بينما يستمع الطلاب بانتباه بالغ. خلال بِضْعَ دقائق من الجولة، اكتسب الكثيرون معرفة كافية وقرروا أن التصرف الأمثل كان عدم التفكير بما شهدوه وتجاهل كل ما يتعلق بالمتحف ومجرد الضحك حيال لا شيء بالتحديد.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.