قابلات في جنوب ساو باولو صورة: جمعية “سوبرو الحياة”/استُعملت بترخيص
نشر مقال Mariana Lima بالأصل في شهر مارس/آذار 2022، على موقع Agencia Mural [1]؛ وأُعيد نشر هذا المقال بموجب اتفاق تعاون مع “جلوبال فويسز”.
لم يكن مخاض الولادة الأوّل ليتيسيا ريخينا لينو، 28 سنة، كما تصوّرته. في عمر 15 عامًا، ولدت ابنها الأوّل بعملية قيصرية استعجالية، وأدى قصور المتابعة خلال فترة قبل الولادة لعدم التّعرف على المشاكل الصّحية للطّفل.
“لم أحصل على كُتيب المرأة الحامل’ في تلك الفترة”، مُذكرةً بذلك، وهي تُشير إلى الوثيقة التّي تُرافق الولادة.
في البرازيل، يصل مُعدّل النّساء اللائي يلدن بواسطة عمليات قيصرية لحوالي 55 بالمائة، حسب التّقرير الوطني للصّحة سنة 2019 [2] نسبة كبيرة عمّا تنصح به منظمة الصّحة العالمية [3]، والمُتمثّلة ما بين 10 و15 بالمائة.
ضحايا ما يُسمى العنف المُتعلّق بالولادة، 45 بالمائة من النّساء الحوامل [4] في خدمات الصحة العامة [5]، كما تُشير إلى ذلك تحقيق Nacer eb Brasil [6]، من منظمة Oswaldo Cruz في 2011 و2012.
تجنّبت “ليتيسيا”، لحدّ الآن، إنجاب طفل ثانٍ، وتعيش “ليتيسيا” في ضواحي Embu das Artes في ساو باولو الكبرى [7]، ولذلك فقد اندُهشت عندما أنجبت “صوفيا”، بعد مُضي قُرابة 13 سنة.
شعرت “ليتيسيا” بعدم الأمان، حتى شهرها السّادس من الحمل؛ وهذا بعدما تعرّفت على عمل “تجمّع سوبرو الحياة” [8] الذّي أنشأته قابلات واللّائي يُطلق عليهنّ اسم القابلات التّقليديات [9].
القابلات التّقليديات، نساء يمُارسنّ عمل القابلات مُستندات على معارف الأسلاف في ثقافات السّكان الأصليين، من سكان “كيلومبولاس” وضواحيها، حيث يستعملنّ أعشابًا ويُرتلنّ صلوات ويقمنّ بطقوس تُساعد على التّواصل مع الطّبيعة ومعرفة الأسلاف بين المرأة الحامل والطّفل.
حتّى وإن اختارت الولادة التّقليدية في المنزل، تبقى المرأة الحامل يرافقها طبيب مهني، وعند الولادة تكون القابلات وحدهنّ حاضرات. تقول عضوات التّجمع إنّه لديهنّ دائمًا خطة استعجالية في حالة ما استلزم الأمر نقل الحامل إلى المستشفى.
تقوم القابلات بتقييم صحة الأمّ والطّفل ويصفنّ علاجًا ما قبل الولادة بُغية مُعاينة أيّ خطر أثناء الحمل؛ فإذا ما ظهر أيّ مُؤشر سلبي، فهنّ لا ينصحنّ بالولادة في المنزل.
تجمّع سوبرو الحياة يساعد النّساء الحوامل في أقصى جنوب البلاد. صورة: تجمّع سوبرو الحياة/نشر/ استُعنلت بترخيص.
“لم تكن لديّ فكرة عن وجود قابلات في مدينة [ساو باولو]، يُعجبني عملهنّ؛ فمعهنّ فهمتُ معنى عنف الولادة، وخطة المخاض، والوسائل المُباشرة. هنا أفكّر في أن ألد تقليديًا في المنزل”، تقول “ليتيسيا”.
تواصل متابعة صحتّها لفترة ما قبل الولادة، وذلك بفضل المُرافقة الطّبية للقابلات حتّي يتسنى لها إمكانية الولادة بصفة آمنة في المنزل.
في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل 2021، في حوالي السّاعة السابعة صباحًا، تمزّق الكيس الأمنيوسي. “جهزّتني [القابلات] جسديًا لعمل الولادة، وهو أمر لم يوجد أثناء ولادتي الأولى. لقد أمضيتُ الصّبيحة في مُمارسة تمارين لتوسيع عنق الرّحم بالموسيقى والأكل، وهو شيء يستحيل تصوّره داخل مستشفى”.
في حوالي الساعة 19:00 مساءً، وُلدت “صوفيا”. قالت الأم: “بعد عملية قيصرية حيث لم يكن ليّ أيّ خيار ولا أيّ صوت، فإنّ ولادة صوفيا غيّرني، ولو حملتُ مرة أخرى، سأقوم بالأمر ذاته”.
قابلة تقليدية
إعطاء أوقات كهذه لحوامل الضّواحي هو ما يُحفّز عمل سيليا بياجيولي، البالغة من العمر 44 سنة، هي قابلة تقليدية ومُؤسسة “تجمّع سوبرو الحياة” والمؤسسة الشريكة “حركة الوطنية للقابلات”، إضافة إلى كونها مُمثلة ومُهرّجة.
تُواجه “سيليا”، مثل العديد من النّساء الحوامل التّي تُرافقهنّ، مشاكل في عدم الاستماع إليها خلال الحمل الأوّل؛ وتتذكّر قائلة: “أردتُ تشغيل الموسيقى، والبقاء عاريةً والإبقاء على الضّوء فوق رأسي، ولكن كلّ ما كان يقولونه لي في المستشفى هو ~مُستحيل~”.
القابلة “سيليا بياجيولي” تهتمّ بامرأة حامل مع تجمّع سوبرو الحياة. صورة: تجمّع سوبرو الحياة/نشر/استُعنلت بترخيص.
تروي أنّها شعرت بإلهام أن تكون قابلة في سنوات 1990، وواصلت بحوثها لغاية سنة 2012، عندما رافقت حمل صديقتها، وآنذاك تعرّفت على عمل القابلات التّقليديات؛ وتشرح “سيليا” أنّ القابلات ليست معتادات أن يكون لهنّ تكوينًا رسميًا. بفضل هذا النّداء الذّي تشعر به العديد من نساء السّكان الأصليين أو التّقليديات، حضرتها فكرة أن تصبح قابلة (العمل كقابلة)؛ وحتّى وإن وُضعت ورشات من طرف تجمّعات وحركات للقابلات التّقليديات، فيمكن أن تكون واحدة غير مُستعدة للتّوليد.
لاستقبال النّساء اللاّئي يبحثنّ عن التّوليد التّقليدي ولا يملكنّ شروط القيام به في المنزل، هيّأت “سيليا” غرفة في مزرعتها حيث تعيش مع عائلتها في Parelheiros [10]، في ولاية ساو باولو.
“تقوم القابلة بالتّحقّق إذا كان كلّ شيء على ما يُرام: وضعية الطّفل، وضربات البطن، وصحة الحامل لمُرافقتها والتّكفّل بالطّفل؛ ففي نهاية الأمر، تكون الحامل هي من تقوم بالولادة”، تقول شارحةً.
بالاستعانة بتجمّع القابلات، فإنّ النّساء الحوامل يُساهمنّ بقيمة اجتماعية تتوافق مع واقعهنّ الاجتماعي الاقتصادي. إنّ هذه المعونة المالية هي مُوجّهة للإبقاء على المشروع ودعم من لا يملك الوسائل المادية للمُساهمة.
تسجيل الولادة
لتكون قريبةً من مجتمع السّكان الأصليين والمناطق الرّيفية، فإنّ “سيليا” ليست لديها صعوبات في تحرير “الدي أن في” DNV (تصريح بالميلاد الحيّ) في السّجل المدني لـ “باريلهيروس”؛ وهي وثيقة ضرورية [11] من أجل تسجيل الأطفال.
“لكنّ هناك مناطق تجعل الأمور صعبة، بحيث تنتقد الأمهات وتهدّد باستدعاء مجلس الوصاية كونهنّ أنجبنّ في المنزل”، تروي ذلك.
تقول إنّ وجود الأحكام المُسبقة بخصوص مشاركة القابلات يعود إلى غياب الاعتراف الرّسمي بمعرفتهنّ.
هذا هو من بين المبادئ الذّي تتبعه “سيليا” بمرافقة تجمّع القابلات، فهي تأتي للتّعلم مع قابلات Guarani Mbya (فريق ثانوي لقرية غواراني) في قرى لأراضي السّكان الأصليين Tenondé Porã [12]، المُتواجدة أيضًا في أقصى الجنوب “باريلهيروس”.
منذ سنة 2012، تعمل القابلات حتى تلد النّساء من السّكان الأصليين أطفالهنّ في القرى، عندما لا توجد مخاطر أو مشاكل صحيّة، دون تدخل طبيّ لازم وبفضل طقوسهنّ الخاصة.
“إنّها طريقة لاستعادة هويتهنّ، لأنها تُعتبر معرفة تقليدية افتقدنّها. لقد كان الأمر مُذهلاً سماع امرأة من السّكان الأصليين، عند الالتقاء بها في إحدى القرى، أنّها ستلد هناك”، تروي “سيليا”.
دور مُرافقات الحوامل
في أقصى منطقة الجنوب أيضًا، Ponte Seca، مقاطعة Marsilac، وجدت لوسيانا رودريغاس ألفيس، وهي مُمرضة في الإسعافات الأولية للصّحة، البالغة من العمر 43 سنة، فضاءً لجمع تكوينها الأكاديمي بعمل مُرافقة الحوامل، وهي التّي تُرافق جسديًا وعاطفيًا الحوامل قبل وخلال وبعد الولادة.
تروي أنّ “الكثير من الحوامل يأتينّ بفكرة أنّهنّ لن يكون لهنّ استقلالية وأنّ المستشفى هو من لديه زمام الأمور، حينها أبرهنّ لهنّ عكس ذلك، وأنّه توجد أصناف أخرى من الولادة”. إنّها تعمل في الوحدة الأوليّة للصّحة UBS.
تُشير إلى أنّ “[نساء المنطقة] لا يمتلكنّ تكوينًا، وإذا لم تتشارك عائلتهنّ، مركز الدّعم، فالأمر يبدو صعبًا للقيام بهذا العمل”.
تهتم “لوسيانا” بالنّساء اللّائي لا يجدنّ بسهولة في غالب الأحيان وسائل النّقل العمومي لأنّهنّ يعشنّ في المناطق الرّيفية، وهذا ما يُضفي الشّك في مُمارسة عمل التّوليد في حدّ ذاته.
تشرح قائلة: “عنما يصلنّ إلى مصلحة الأمومة، يجدنّ أنفسهنّ مُجبرات على البقاء واقفات حتّى لا يرجعوهنّ إلى منازلهنّ، سواءً كان ذلك بسبب أنّ عنق رحمهنّ لم يتسّع بما فيه الكفاية أو أنّ آلام الولادة ليست قوية، إنّه سفر طويل، فالذّهاب والرّجوع في الوقت ذاته غير مُمكن”.