هذا مُقتطف من تقرير منظمة آيفكس عن الأمريكتين في يوليو/تموز 2022، وأُعيد نشره وتحريره في جلوبل فويسز أدفوكس بموجب اتفاقية شراكة إعلامية. آيفكس (التبادل الدولي لحرية التعبير) هي شبكة عالمية من المنظمات التي تعمل في مجال الدفاع عن حرية التعبير. اضغط هنا للإطلاع على التقرير الكامل.
في السنوات الأخيرة، قد سادت التكنولوجيا باعتبارها الحل الأمثل لمكافحة الجريمة في الأميركتين. على الرغم من ذلك، تعرض هذا التوجه لتبني مذهب الحلول التقنية لانتقادات واسعة. لا تَمْتثل الأدوات التي تُستحدث وتُستخدم بحُجة أنها ضرورية لمكافحة الجريمة للمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، في حين تتحول المبادرات الرامية إلى بناء مدنٍ “ذكية” إلى أنظمة دخيلة لجمع واستغلال البيانات في غياب قدر كافٍ من الشفافية. في العديد من الحالات، تستغل الأنظمة الاستبدادية التقنيات الحديثة لانتهاك خصوصية المواطنين، والتي لها وقعها على جاليات المُهاجرين، والصحفيين، والمدافعين عن الحقوق، والمُعارضين السياسيين.
تُشير مجموعات حقوق الإنسان إلى أن الحكومات قد عملت بهمّة على إقامة أنظمة ضخمة للمراقبة، والتعرف على الوجه، دون استشارة الشعب أو مُشاركته، كما استخدمت التكنولوجيا المُستحدثة خارج المنطقة.
من بين حالات استخدام تقنية برمجيات التجسس “بيغاسوس” المُثيرة للجدل، والتي سُلط عليها الضوء في مطلع هذا العام، هي حالة وكالة أخبار أمريكا الوسطى صاحبة الجوائز “إلفارو”، وذلك بفضل تحقيق تولى قيادته ائتلاف من منظمات الحقوق الرقمية (من بينها منظمة أكسس ناو، وسيتزين لاب، وسوشال تيك). كما أعربت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ، وحثّت حكومة السلفادور على إجراء تحقيق، ووقعت مجموعات الحقوق الرقمية بيانًا مشتركًا في ذلك الوقت، دعت فيه الهيئات الدولية والإقليمية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.
وفقًا لتقرير حديث أصدرته عضوة آيفكس أيه دي سي (التي يرمز اختصارها بالإسبانية إلى رابطة الحقوق المدنية)، فإن تكنولوجيا المُراقبة بالاستعانة بالبيانات المتعلقة بالسمات البيولوجية تواصل انتشارها في الأرجنتين، والبرازيل، والإكوادور. كما ألقى التقرير الضوء أيضًا على الشركات التي تقف وراء هذه الأدوات التي تعتبرها “خطيرة”، والسياسات والممارسات التي وضعتها الحكومات، والتي يجري تقويض حقوق الأشخاص من خلالها. كما وأشارت أيه دي سي إلى أن استخدام هذه التقنيات مُستمر في الانتشار، وشددت على ضرورة إطلاع عموم السكان على هذه المبادرات، وكذلك استخداماتها الإشكالية.
نتج عن الادعاءات والتحقيقات في استخدام التكنولوجيا في الأماكن العمومية وإساءة تحصيل البيانات في بعض الأحيان انتصارات صغيرة. فقد كان هذا هو الحال مؤخرًا في بيرو، حيث قدمت كل من منظمة هايبر ديريكو المحلية، ومنظمة أكسس ناو الدولية غير الهادفة للربح شكوى أسفرت عن فرض السلطة الوطنية المعنية بحماية البيانات عقوبة على لا فيكتوريا في 14 يوليو/تموز، وذلك لمعالجتها لبيانات شخصية مُستقاة من كاميرات المراقبة.
كما ووقع تطور آخر كان بمثابة انتصار للخصوصية في اثنتين من المدن الكبرى في القارة وهما: ساو باولو في البرازيل (في مارس/آذار)، وبوينس آيرس في الأرجنتين (في أبريل/نيسان). أصدرت السلطات القضائية المحلية قرارًا ضد استخدام التعرف على الوجه، مما أعطى الأمل للناشطين في احتمال رؤية قرارات مُماثلة في بقية المنطقة.
قدمت الولايات المتحدة مثالاً ساطعًا على الكيفية التي يُمكن بها للتغييرات الجذرية في التشريعات أن تثبت صحة دعاة الخصوصية. أدى إبطال الحكم المعروف باسم قضية “رو ضد وايد”، والذي ألغى الحق في الإجهاض كحق دستوري، إلى قرع ناقوس الخطر بشأن استخدام البيانات الإنجابية على الإنترنت. على هذا الصعيد، قامت مؤسسة الحدود الإلكترونية (إي إف إف، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها في الولايات المتحدة) عضوة آيفكس، بالمطالبة بالموافقة على تمرير مشروع قانون “جسدي بياناتي“، بهدف “حماية خصوصية وسلامة الأشخاص الذين يلتمسون الرعاية الصحية الإنجابية.” كما أنها تتابع التحقيق بشأن سماسرة المعلومات الذين يقومون بالتجميع والبيع العشوائي للبيانات، وذلك بقيادة ثلاثة أعضاء في مجلس النواب.
كانت المراقبة الرقمية العامة تحت أنظار العديد من المنظمات التي اتخذت من الأميركتين مقرًا لها في السنوات الأخيرة، ومحط تركيز العديد من حملات التوعية والبحوث المكثفة. ونشر عضو آيفكس، ديريكوس ديجيتالس، تقارير عن استخدام الخوارزميات التي ترصد المناطق الحضرية، وآثار المراقبة التي تعدت الخصوصية في فنزويلا وبوليفيا. وفي عام 2021، انضمت ديريكوس ديجيتالس إلى عدد من المنظمات، من بينها أعضاء آيفكس: مؤسسة كاريزما، وأرتيكل 19 في المكسيك، وسنترال أمريكا، وأر ثري دي، وفليب، وذلك لزيادة الوعي بشأن استخدام الدوريات الإلكترونية، ومراقبة الشرطة وغيرها من السلطات لسلوك الناس عبر الإنترنت.
تستمر ممارسات وتقنيات المراقبة في التقدم في الأميركتين، ولكن تسعى المنظمات المحلية والدولية إلى مراقبة هذه التطورات، ونشر الوعي، والسعي لتحقيق انتصارات قضائية للحد من آثارها السلبية على المجتمعات.