الشرطة الصينية تَحْتجزُ امرأة ترتدي ثوب الكيمونو الياباني، مُشْعِلةً نار الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي

صورة التقطتها شياو يا في 10 أغسطس/آب 2022. لقطة شاشة من منشور قد حُجب الآن على موقع ويبو

بلغت حرب الصين الثقافية عبر الإنترنت ضد اليابان آفاقًا جديدة هذا الصيف، بعد سلسلة من الخلافات المتعلقة باليابان، مثل إلغاء مهرجانات ماتسوري الصيفية في عدة مدن. وقعت آخر حالة في 10 أغسطس/آب 2022، عندما ألقى ضابط شرطة من مدينة سوجو في مقاطعة جيانغسو القبض على امرأة؛ لارتدائها ثوب الكيمونو الياباني التقليدي أثناء التقاطها الصور في شارع هوايهاي بحي للمأكولات اليابانية.

وجُهت إليها تهمة “التسبب في الخلافات وإثارة المتاعب”، والتي هي تُهمة عادة ما تُستخدم لقمع الاحتجاجات.

كما كان متوقعًا، أَيَّدَ القوميون عبر الإنترنت تصرف ضابط الشرطة وانتقدوا الشابة بقسوة لإهانة الصينيين، ومع ذلك فقد أعلن آخرون كثيرون مُعارضتهم لإساءة استخدام الشرطة للسلطة وكراهية الأجانب، وبعد رد الفعل العنيف على الإنترنت، أعادت شرطة سوجو ثوب الكيمونو المُصَادَر إلى الشابة في 19 أغسطس/آب.

حادثة الكيمونو:

أعادت مانيا كوتسي، رئيسة تحرير واتس أون ويبو -وهي مدونة عن الموضوعات الرائجة في الصين على وسائل التواصل الاجتماعي- نشر مقطع الفيديو الخاص بمشهد الاعتقال على تويتر:

 ألقت الشرطة المحلية القبض على شابة صينية في سوجو مساء يوم الأربعاء؛ لأنها كانت ترتدي ثوب الكيمونو. “لو كنتِ ارتديتِ ثوب الهانفو (الزي التقليدي الصيني)، فما كنت لأقول هذا أبدًا، لكنكِ ترتدين ثوب كيمونو كامرأة صينية. أنتِ صينية!”

كانت المرأة الشابة، تحت الاسم المستعار شياو، تُجسد شخصية أوشيو كوفون، وهي شخصية أنثوية خيالية من الأنمي الياباني الشهير “عرض التوقيت الصيفي“.

وكما يظهر في مقطع الفيديو، أثناء جلسة التصوير، دَنَا ضابط الشرطة الغاضب باتجاهها هي والمُصور قائلاً: “لم أكن لأقول أي شيء إذا كنتِ ترتدين ثوب هانفو صيني، أليس كذلك؟ لكن الكيمونو الياباني؟ كيف تجرئين، كصينية؟ هل أنتِ صينية؟ أنتِ صينية!” وصرخ في المرأة رغم محاولتها شرح جلسة التصوير.

في الفيديو، ذكر ضابط الشرطة أن الجريمة التي ارتكبتها كانت “التسبب في الخلافات وإثارة المتاعب” لكنه لم يُقدم المزيد من الإيضاح قبل أخذها عُنوة واحتجازها في مركز الشرطة المحلي.

أخبرت شياو يا أصدقاءها لأول مرة عن المصادمة مع الشرطة على موقع كيو كيو سبيس، وهي منصة تواصل اجتماعي شهيرة في 12 أغسطس/آب، وأُعيد نشر المنشور لاحقًا على ويبو ولاقى رواجًا.

كما أفادت أنه بمجرد أن أخذتها الشرطة إلى المركز، قامت بمُصَادَرة وفحص محتوى هاتفها، بما في ذلك الصور وسجلات الدردشة عبر الإنترنت. كما حذفت الشرطة لقطات زيّها التنكري، وصادرت زيّها الشبيه بالكيمونو، وأمرتها بكتابة خطاب نقد ذاتي من 500 كلمة. واستمر استجواب الشرطة طيلة خمس ساعات، وقيل لها ألا تناقش الحادث على الإنترنت. كما وتظن أيضًا أن الشرطة قد اتصلت بمدرسة التصوير الفوتوغرافي الخاصة بها للتأكد من أنها “متعلمة” بشكل صحيح.

في مقابلة على انفراد مع صحيفة بيجين يوث دايلي (المحجوبة الآن)، كشفت أنه في مقالها المؤلف من 500 كلمة، طُلب منها الاعتراف بأن ارتداء الكيمونو كان “عملًا خطيرًا”. مع ذلك، احتجت في المقابلة التي عُقدت بأن الثقافة الفرعية أيه سي جي (الأنيميشن، والقصص المصورة، والألعاب) لا تتعارض مع الوطنية الصينية:

我不光喜歡二次元文化,也喜歡中國的傳統文化。2018年的暑假,我和家人、朋友一起去日本旅遊,我特意帶了漢服,在京都和大阪街頭穿漢服…當我向別人介紹漢服的時候內心很自豪,其實在我眼裡,漢服與和服都是很好看的衣服。我們二次元這個群體也很愛國。

إلى جانب الثقافة الفرعية أيه سي جي، فإني أُحب أيضًا الثقافة التقليدية الصينية. سافرت خلال عطلة الصيف 2018، إلى اليابان مع عائلتي وأصدقائي وجلبتُ مجموعة من أثواب هانفو [ملابس في عهد أسرة هان الحاكمة] وارتديتها في شوارع كيوتو وأوساكا… وشعرتُ بالفخر عند شرح ما ارتديته. في رأيي، يبدو كُلاً من الهانفو والكيمونو في غاية الجمال. وكما أننا عشاق أيه سي جي وطنيون جدًا أيضًا.

تعرض الفيديو القصير، وحسابها الشخصي على كيو كيو سبيس، وإعادة نشره على ويبو، ومقابلتها مع بيجين يوث دايلي للحجب على وسائل التواصل الاجتماعي منذ 23 أغسطس/آب.

فيضان المشاعر المُعادية لليابان في الصين:

مع تصاعد النزعة القومية في الصين، يتعرض الشباب الذين يستمتعون بالثقافة اليابانية لضغط شديد، وغالبًا ما تُشوه اهتماماتهم وتتخذ طابعًا سياسيًا. هذا العام، ألغت الأماكن الخاصة، بما في ذلك الفنادق ومراكز التسوق في العديد من المدن، مهرجانات ماتسوري الصيفية، بعد دعوات المقاطعة من القوميين الصينيين.

بل وأخذ القوميون الصينيين على الإنترنت في نشر نظريات المؤامرة القائلة بأن حادثة الكيمونو كانت مُرتبطة بتاريخ 15 أغسطس/آب- ذكرى استسلام اليابان خلال الحرب العالمية الثانية ونهاية الحرب الصينية اليابانية الثانية.

تعرض الزيّ التنكري لشياو يا وحسابها للتشويه باعتبارهما عملاً سياسيًا لانتقاص وإذلال انتصار الصين على الغزو الياباني. يرد أدناه رد فعل قومي نمطي على ويبو:

她为什么要八月十日穿,八月十四日发,让这个事情15日发酵带节奏。其心可诛。查下她的家族吧。说不定是个汉奸家族。 ​

لماذا ارتدت [الكيمونو] في 10 أغسطس/آب، ونشرت المنشور في 14 أغسطس/آب، ليُحدث وقعًا في 15 أغسطس/آب. لديها نية سيئة. تحققوا من عائلتها، فمن المحتمل أن يكون لديهم تاريخ كخونة.

كثيرًا ما تستشهد وسائل الإعلام الصينية المملوكة للدولة بهذا التاريخ لترمز إلى الانتصار الناجح في صد الغزو الياباني للصين في عام 1945 بمقاومة الحزب الشيوعي الصيني.

بالنسبة لبعض القوميين، يُعتبر ارتداء الكيمونو أمرًا “يجرح مشاعر الشعب الصيني”. ههنا مثال لأحد هذه التعليقات على ويبو:

作为施害国家的民族服装,还在我们的特定日期穿着,招摇过市,伤害我们民族感情,我们就是不允许!!!

[الكيمونو] هو زي البلد المُعتدي، اختارت [هي] أن تلبسه في تاريخ خاص وعلى الملأ. هذا يجرح مشاعرنا الوطنية ولن نسمح بذلك!!!

في السنوات الأخيرة، غالبًا ما يُوصف عشاق الثقافة اليابانية باسم جينغري (精 日)، وترجمته الحرفية اليابان روحيًا، وهو مصطلح ازدرائي في الصين للأشخاص المنحدرين من أصول غير يابانية الذين يدعمون الإيديولوجية الإمبراطورية والعسكرية اليابانية. وتواجه شياو يا حملة تشهير وقد وصفها المُؤثرون القوميون بجينغري، بما في ذلك مستخدم موقع ويبو raffaelloliu@ لاستعراضها ثوب الكيمونو في الشوارع الصينية.

غضب الرأي العام من إساءة استخدام سلطة الشرطة

على الرغم من هذه الانتقادات، هذه المرة، لم ينجح القوميون في السيطرة على مشاعر الرأي العام. فشارك العديد من مستخدمي الإنترنت الصينيين صورًا لأبطال قوميين صينيين يرتدون أثواب كيمونو لمكافحة الخطابات المتزايدة المعادية للأجانب، كما أوضح الكاتب الصيني GaoFalin@:

ارتداء الكيمونو “يُسبب الخلافات ويُثير المتاعب”؟!

الشخصيات التاريخية في الصور هي لو شون، وهو كاتب صيني حديث بارز (1883-1936)؛ وتشيو جين، وهي نسوية ثورية صينية (1875-1907)؛ وتشانغ تايان، عالم بالإتيمولوجيا وفيلسوف وثوري (1869-1936)؛ وتشيانغ كاي شيك، زعيم جمهورية الصين (1887-1975)؛ ولى دازهاو، أحد مؤسسي الحزب الشيوعي الصيني (1889-1927)؛ وجوو موروو، زعيم الحزب الشيوعي الصيني (1892-1978).

كما انتقد العديد من مُستخدمي الإنترنت إساءة الضابط للسلطة خلال حادثة الكيمونو. ولخص مستخدم على موقع ويبو الأسباب الكامنة وراء السخط العام:

民众对于苏州和服事件愤怒的三大原因,个个都很现实:

①愤怒于个人权利被随意践踏,日式风情街,穿和服拍个照片,不违反任何法律法规,就如同穿比基尼在海滩游泳一样;

②愤怒于公权力被随意滥用,今天能因为你穿和服定你寻衅滋事,明天就能因为你开三菱车定你寻衅滋事,后天你在家看个奥特曼可能都会被带走;

③愤怒于狭隘的民族主义者如此泛滥,其实民族主义走向一种极端,就有可能成了军国主义,爱国的前提一定是合法、理性。

 هناك ثلاثة أسباب وراء غضب الرأي العام:

  1.  انتهاك حقوق المواطن: فوقعت الحادثة في شارع مزين بأسلوب ياباني، ولا يُخل التقاط الصور في ثوب الكيمونو بأي قانون؛ فهو مثل ارتداء البكيني على الشاطئ.
  2.  إساءة استخدام السلطة: اليوم، أنت مُتهم بإثارة الخلافات لأنك ترتدي الكيمونو، وغدًا ستُتهم بإثارة الخلافات بسبب قيادة سيارة ميتسوبيشي اليابانية، أما بعد غد فيمكن أن يتم أخذك بعيدًا لمشاهدتك ألترامان (أنمي ياباني شهير) في المنزل.
  3.  تزايد التعصب القومي ضيق الأفق: قد تؤدي النزعة القومية المتطرفة إلى النزعة العسكرية. يجب أن تكون فكرة الروح الوطنية عقلانية وقانونية.

بعد رد الفعل العنيف، أعادت الشرطة ثوب الكيمونو إلى شياو يا، وحذفت سلطات الرقابة المحتوى الرائج المرتبط بها.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.