منظور بوسني حول النضال من أجل حقوق الإنجاب في الولايات المتحدة الأمريكية

مظاهرة في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة الأمريكية، 4 أكتوبر 2021. صورة بقلم غاياتري مالهوترا، Unsplash.com، نُشرت تحت إلغاء الترخيص.

حُرِّر هذا التقرير من قبل ميا باكسلي Mia baxley ونشر أساسًا في بلقان ديسكيرز Balkan Diskurs مشروع مركز أبحاث ما بعد الصراع. (PCRC) أعيد نشر نسخة معدلة من طرف جلوبل فويسز بموجب عقد نشر المحتوى.

تعد المحافظة على حقوق الإنجاب من أعظم التحديات في الحقوق الشخصية في 2022 ويتشارك ناشطون في كلٍ من العالم المتقدم والنامي في الخوف المشترك من العودة إلى الحقوق القانونية السابق وضعها

كشف تقرير جديد من صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) أن نصف الحوامل على أقل تقدير كل سنة عبر العالم حملت من دون الرغبة في ذلك وكان ذلك نتيجة للعنف الجنسي الحميم، الاغتصاب في الحروب، وغياب عام في إمكانية التحكم في الانجاب والثقافة الجنسية.

ألغت المحكمة العليا قرار “رو ضد وايد Roe v. Wade” في الرابع والعشرين من جوان وهو قرار تاريخي عام 1973 شرّع الإجهاض في جميع الولايات الخمسين. لقد وفر هذا القرار الحماية للمرأة فيما يخص الإنجاب الصحي وألغى حظر الإجهاض على مستوى الولاية تقريبا. هناك ما لا يقل عن 21 ولاية أمريكية لديها قوانين أو تعديلات دستورية سارية بالفعل لتمكين حظر الإجهاض السريع، بينما من المرجح أن تحظر أربع حالات أخرى عمليات الإجهاض في المستقبل القريب وفقا لمعهد جوتامشتر Guttmacher.

أصبحت مسألة الإجهاض في الولايات المتحدة مسابقةً اجتماعية سياسية بين ناشطين مؤيدين للإجهاض يكافحون للحفاظ على إمكانية الإجهاض عند الطلب مدعين أنهم يمثلون 80 بالمئة من الأمريكيين في سن التصويت الذين يدعمون السياسات المؤيدة لحق الإجهاض وناشطين معارضين للإجهاض ومطالبين إلغاء شرعيته فدراليًا.

اقترن الكفاح من أجل حقوق الإنجاب ما لم يكن غريبا في البوسنة والهرسك بقضايا ناشئة متعلقة بالدولة اللامركزية. وُضعت هذه الدولة البلقانية الصغيرة في مسار مماثل لحماية حق اختيار مصير الإنجاب للفرد بسبب تاريخها الحديث جدا للحمل القسري في سياق الاغتصاب الجماعي.

تبنى جيش جمهورية صربسكا (صرب البوسنة) خلال الحرب البوسنية في أوائل التسعينيات سياسة الاغتصاب الجماعي والحمل القسري لزرع بذور العرق الصربي وإضعاف السلالة العرقية البوسنية وكرد على هذه الجريمة، أقر قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 رسميًا بأن الاغتصاب الجماعي والحمل القسري أثناء النزاع جريمة ضد الإنسانية.

“منزل كرمان”، وهو موقع تم تعذيب واغتصاب النساء بالقرب من فوتشا في شرق البوسنة (1992- 1994). الصورة مقدمة من المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، أعيد نشرها عبر ويكيبيديا.

استُخدم هذا الفعل بشكل شبه حصري بالنسبة للنساء الناجيات من الاغتصاب في زمن الحرب في البوسنة، للهدف النهائي المتمثل في إحداث الحمل ضد إرادة الضحية. اغتُصبت ما يقدر بحوالي 20 ألف إلى 50 ألف امرأة من قبل جنود جيش جمهورية صربسكا بسبب سياسة الاغتصاب الجماعي التي يتبعها الجيش حيث أفاد العديد منهن تعرضهن للاغتصاب عدة مرات في اليوم. حدثت حالات الاغتصاب في معسكرات تدعى بالعامية “معسكرات الاغتصاب” وغيرها من مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد، ولكنها حدثت أيضًا في بعض الأحيان داخل منزل المرأة.

كان المولدون نتيجة قسر الحمل هذا ضحايا نظرة المجتمع لهم بأنهم ملوثون منذ الولادة. مع بلوغ العديد منهم سن الرشد، يُشار إلى ما يقدر بـ 2000-4000 طفل ولدوا نتيجة الاغتصاب خلال الحرب على أنهم “أطفال منسيون” أو “أطفال غير مرئيين” أو التسمية المهينة “شيتنيك” (وهو مصطلح ينطبق على الصربيين القوميين المتطرفين أو الجماعات شبه العسكرية). نشأ العديد من هؤلاء الأطفال دون مكان في المجتمع البوسني، أو تم تبنيهم من قبل أزواج في الخارج دون هُوِيَّة عرقية واحدة في بلد منشطر. كما قرر بعضهم في السنوات الأخيرة العودة لاستيضاح ظروف ولادتهم.

حقوق المرأة والإجهاض في البوسنة

تعتبر البلقان منطقة محافظة للغاية إلا أن عمليات الإجهاض قانونية حتى الأسبوع العاشر أو الثاني عشر من الحمل في جميع أنحاء المنطقة ويرجع ذلك جزئيًا إلى القوانين الموجودة مسبقًا من يوغوسلافيا السابقة التي سمحت بهذا الإجراء.

نصت المادة 191 من الدستور الفيدرالي ليوغوسلافيا الذي سُن في عام 1974 على أن “تقرير ولادة الأطفال حق إنساني”، ما كرس الوصول إلى الإجهاض كحق أساسي من حقوق الإنسان. تعني الإمكانية المتاحة للإجهاض في يوغوسلافيا أن ما يقرب من 100% من عمليات الإجهاض في الاتحاد حدثت في المرافق الطبية، وأن معدلات الوفيات بين المرضى كانت معدومة بتقديرٍ تقريبي.

تُركت الجمهوريات الناشئة حديثًا لتحديد قوانين الإجهاض الخاصة بها مع تفكك يوغوسلافيا في عام 1991، حيث اختار البعض (مثل كرواتيا ومقدونيا) إعادة صياغة وتحديث القواعد الموجودة سابقًا.

نذكر الدولة العلمانية. لا نريد العودة إلى عمليات الإجهاض غير القانونية. وقفة احتجاجية أمام المحكمة الدستورية [في زغرب في كرواتيا].

تعّقد التركيبة الفيدرالية للدولة البوسنية ككيانين فدراليين التعريف القانوني للإجهاض من بين العديد من القوانين الأخرى التي يتم فرضها وتوزيعها بشكل غير متساوٍ عبر البلاد. بحيث إنها تتكون من كيانين فدراليين ويمتلك اتحاد البوسنة والهرسك وجمهورية صربيا سلطات تشريعية مماثلة للولايات الأمريكية.

يسمح بالإجهاض حتى الأسبوع العاشر من الحمل في جمهورية صربيا لكن فقط في حالات الاغتصاب، وضعف الجنين، وسفاح القربى، والمخاطر على صحة وحياة الأم. اعتُبر الإجهاض في الاستراتيجية الحكومية لتحسين الصحة الجنسية والإنجابية في جمهورية صربسكا (2019-2029)”مشكلة اجتماعية وطبية وصحية عامة كبيرة […] أيضًا مشكلة اقتصادية بسبب زيادة تكاليف العلاج الفوري، المضاعفات المبكرة والمتأخرة والعقم “

أفاد النشطاء أن الوصول إلى الإجهاض غير متكافئ بالنسبة للنساء في البوسنة والهرسك بسبب اللامركزية الشديدة في الكيانين. من الغريب أن ترفض بعض المستشفيات إجراء الإجهاض لأسباب اختيارية، ويفتقر البعض الآخر إلى المُعِدَّات أو الخبرة المناسبة لإجرائه. كما أعربت منظمة سراييفو المفتوحة لحقوق الإنسان عن قلقها بشأن ارتفاع تكلفة عمليات الإجهاض القانونية وزيادة العيادات تحت الأرض التي تقدم خدمات أرخص للنساء الريفيات والفقيرات.

Protest for women's rights.

تناضل اليوم العديد من المنظمات غير الحكومية من أجل حقوق المرأة: احتجاج في رينو، نيفادا، الولايات المتحدة في أكتوبر 2021. الصورة بواسطة ماني بيسيرا، unsplash.com، منشور بموجب ترخيص Unsplash.

تكافح العديد من المنظمات غير الحكومية من أجل حقوق المرأة والإنجاب في البوسنة والهرسك والتكيف مع الظروف المتغيرة. تم تأسيس Medica Zenica عام 1993، أحد أوائل مراكز الصحة الإنجابية في البوسنة، لتوفير الوصول إلى خدمات أمراض النساء الناجيات من الاغتصاب في زمن الحرب وهي الآن تستجيب بشكل أساسي لعنف الشريك الحميم والاتجار بالبشر.

تستفيد النساء البوسنيات أيضًا من عمل منظمات الرعاية الصحية الإنجابية الدولية، مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) الذي جاء إلى البلاد في عام 1995. كذلك، ساعدت في تطوير موارد الصحة الإنجابية منذ عام 2019 للشباب البوسنيين في المجتمعات الريفية المعرضة للخطر. كما قادت في العاصمة سراييفو، برنامج تطعيم جديد لحماية الشابات البوسنيات من فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، والوقاية من سرطان عنق الرحم المتوطن.

ترتفع معدلات الإجهاض في البوسنة بسبب العوز في الثقافة الجنسية الصحية. لا تتوفر مناهج التربية الجنسية الوطنية المناسبة للعمرعلى الرغم من مصادقة البوسنة على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1993.

دعت استراتيجية جمهورية صربسكا لعام 2019 إلى زيادة الوعي بأساليب تنظيم الأسرة الحديثة بالأخص كوسيلة لخفض معدل الإجهاض الحالي. يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان في البوسنة أيضًا مع المنظمات غير الحكومية المحلية في كل من سراييفو وبانيالوكا عاصمة جمهورية صربسكا من أجل إنشاء برنامج التربية الجنسية الشامل خارج المدرسة على الصعيد الوطني الذي من شأنه سد الفجوة التعليمية في المناطق الريفية.

لدى الولايات المتحدة أعلى معدل حمل للمراهقات مقارنة بأي دولة متقدمة كنتيجة لعدم كفاية التثقيف الجنسي وهذه العواقب أكثر وضوحًا في الولايات التي لا يحصل فيها الطلاب على المعرفة الصحيحة بشأن صحتهم الجنسية. تتطلب مناهج التربية الجنسية في 37 ولاية أمريكية دروسًا في الامتناع عن ممارسة الجنس (الامتناع تمامًا عن ممارسة الجنس)، في حين أن المعلومات الدقيقة طبيًا حول وسائل منع الحمل مطلوبة فقط في 18 ولاية.

تشترك الولايات المتحدة والبوسنة في عدد من أوجه التشابه فيما يتعلق بمسألة الإجهاض. بسبب اللامركزية الشديدة يكافح كلا البلدين لتطبيق الحقوق الإنجابية والتعليم بشكل موحد على جميع المواطنين. ومع ذلك، فإن العديد من النساء البوسنيات يدركن عن كثب الوقت الذي تم فيه انتزاع حقوقهن الإنجابية بالقوة، وقد نجح النشطاء المؤيدون لحق الاختيار في التصدي لمحاولات تقليص هذه الحقوق خلال العقدين الماضيين. يبقى أن نرى كيف سينعكس تأثير قرار “رو Roe” على النساء والأجيال القادمة المولودة جراء هذا القرار في جميع أنحاء العالم.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.