فنانون ومشاهير يتنافسون في الانتخابات العامة المُزْمع إجراؤها في كينيا في 2022

مع أقل من أسبوعٍ على انتخابات كينيا العامة، سيكون هناك ظهور لأسماءٍ معروفةٍ ومشهورةٍ في صندوق الاقتراع يوم الانتخابات. ويتنافس عدد من الشخصيات والمبدعين المشهورين على استحواذ المقاعد السياسية، بالرغم من تفاقم التوتر ما بين قطاع الإبداع في كينيا والأوساط السياسية. وتعمل هذه التحركات على زعزعة أنماط التصويت التقليدية، وتدفع بالكثيرين إلى التشكيك فيمن يتاجرون بشعبيتهم للحصول على الأصوات. كما وانتقد آخرون افتقار المرشحين لاستراتيجياتٍ واضحة للاقتصاد الإبداعي للبلاد.

الشهرة ليست حقيقية، وإنّما الأصوات

شَهدتْ الانتخابات العامة لعام 2017 تنافسَ عددٍ لا بأس به من الشخصيات الكينية الشهيرة على الاستحواذ على المقاعد السياسية. حَذرتْ كارولين موتوكو -مُقدمة برامج إذاعية سابقة، ومُديرة برامج حالية في محطة كيس 100 الإذاعية- على قناتها على يوتيوب أُولئك الذين يظنون أنهم مشاهير من التفكير في قدرتهم على تحويل شهرتهم إلى نفوذٍ سياسي، حيث قالت: “الشهرة ليست حقيقية، وإنّما الأصوات.”

على الرغم من انتقاداتها في الانتخابات الأخيرة، بانتقالنا سريعًا إلى هذا العام، فقد كَثرت الأسماء المُدرجة في قائمة المتنافسين المشهورين.

من روبرت ألاي -المُدون المثير للجَدَل الذي اكتسبت سُمعته كرجل مُحرّض للفتنة، وقاتلٍ مُرتزقٍ في مجال التدوين مكانًا في وسائل الإعلام الكينية- إلى توني موشاما -الشاعر والصحفي والكاتب المعروف باسم سميتا- فهناك أكثر من 20 كينيًا شهيرًا يتنافسون على المقاعد السياسية، حيث يؤمل كوميديون، وصحفيون، وموسيقيون، ومُقدمي برامج إذاعية، وممثلون، ونجوم برامج في الانضمام إلى الحكومة المقبلة.

شكك زملائهم في المجال الإبداعي في دوافعهم. فقال بوليكارب أوتينو من الفرقة الموسيقية سوتي سول:

يبدو أن كل فنان/مشهور في هذا البلد يتنافس للاستحواذ على مكانٍ في الحكومة الجديدة. هل يا تُرى المقعد السياسي هو العرش الأعلى؟ أم أنهم يريدون بصدق مصلحتنا في صميم قلوبهم؟ تأملات…”

وفي ردٍ على تغريدته، أشارت أديل أونيانغو-مُقدمة البرامج الإذاعية السابقة، ومُستضيفة البث الإذاعي، لعدم قيام أي من المبدعين المتنافسين بتقديم أيّة توصياتٍ سياسيةٍ مُتسقة للمجال ذاته الذي جعلهم مشهورين.

هذا أمرٌ لا بأس به تمامًا، ولكن الغريب أنني لم أرَ أحدًا يقدم بيانًا رسميًا يُورد تفاصيل أي استراتيجية، ولو حتى للاقتصاد الإبداعي! مجرد استخدامٍ للكلمات السياسية الطنّانة الجديدة في العلاقات العامة “ساعدوا الشباب”… حسناً، كيف؟

الاقتصاد الإبداعي في كينيا

بالنسبة للكثيرين في الاقتصاد الإبداعي، فإن الحصول على مقعدٍ سياسي هو في الواقع الجائزة العظمى.

على الرغم من إمكاناته الاقتصادية، فلا يزال مجال الإبداع في كينيا مُتعثرًا بسبب الافتقار إلى السياسات المناسبة، وإنفاذ السياسات، والبنية التحتية وهي عوامل تمنعه من الوصول إلى السوق العالمية المربحة. وفي مقالته الصحفية البارزة في ذي إيليفنت بعنوان” دائمًا متأخر، مجال كينيا الإبداعي المُتعثر ” قارن أليكس روبرتس بين المجال الإبداعي في كينيا ونظيره في كوريا الجنوبية وأدائهما منذ سبعينيات القرن الماضي.

A major factor is South Korea’s investment in the creative economy versus the Kenyan government’s approach of letting the entire sector be deprioritised and left to flounder alone. …

كتب روبرت: ثمة عامل رئيسي وهو استثمار كوريا الجنوبية في الاقتصاد الإبداعي مقارنة بنهج الحكومة الكينية المتمثل في عدم إعطاء الأولوية للقطاع بأكمله وتركه يتعثر بمفرده. …

This “lack of seriousness” has resulted in one of the worst policy frameworks for the arts in the developing world. Concerts go unattended, books are not bought (if they can be published at all), grants are not delivered, artistic facilities remain unfinished and draconian regulations are imposed on the content that can be produced.” Roberts writes.

ونتج عن “الافتقار إلى الجدية” هذا أحد أسوأ أطر السياسات العامة للفنون في العالم النامي. الحفلات الموسيقية بلا رقابة، والكتب لا تُشترى (هذا إذا كان من الممكن نشرها في الأساس)، والمنح لا تُسلم، كما تظل المرافق الفنية غير منجزة، وتُفرض لوائح صارمة على المحتوى الذي يمكن إنتاجه.

في الفترة من 2007 إلى 2009، بلغت قيمة الاقتصاد الإبداعي في كينيا حوالي 85 مليار شيلينغ كيني [714 مليون دولار أمريكي]، أو 5.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في عام 2013 -وهو العام الأخير الذي توفرت فيه البيانات- بلغت قيمة تصدير السلع الإبداعية من كينيا 40.9 مليون دولار أمريكي.

بالنسبة للعديد من المبدعين، وخاصة للموسيقيين، فإن أحد أكبر نقاط الضعف هو مجلس حقوق الطبع والنشر الكيني (كيكوبو)، وهي الهيئة التي تفرض قوانين الملكية الفكرية، وتُشرف على منظمات الإدارة المشتركة (سموس) التي تجمع رسوم الترخيص الموسيقية، حتى أن كيكوبو اعترفت بفشلها في ضمان حقوق الفنانين بالشكل المناسب.

The management of copyright in Kenya is a mess. Effecting reforms in Kenya is fraught with various difficulties,” the Kenya Copyright Board (KECOBO) board’s executive director Edward Sigei said in a statement to the media in 2021. 

صرح إدوارد سيجي- المدير التنفيذي لمجلس حقوق الطبع والنشر الكيني (كيكوبو)- في بيانٍ لوسائل الإعلام في عام 2021 بأن: “إدارة حقوق التأليف والنشر في كينيا في حالة يُرثى لها. كما أن تنفيذ الإصلاحات في كينيا يكتنفه صعوبات شتى.”

أصبح الانتقال من اسم فنان صاعد إلى “مشيميوا”- وهو لقب مُشرف لمن يشغلون مناصب سياسية- هو الهدف النهائي للعديد من الكينيين المشهورين، ومن السهل لنا إدراك السبب. وبفضل يُسر الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول، فيمكن أن تُكتسب الشهرة بسهولة وبثمن بخس، وتكون في بعض الأحيان على بعد مقطع فيديو واحد واسع الانتشار. ومع ذلك، بالنسبة لمعظم الناس فلا يَعقُبها مال، مما يجعل العديد من الفنانين يكافحون من أجل الحفاظ على نمط حياة وهمي.

كانت العلاقة القائمة ما بين الصفوة السياسية لكينيا وقطاعها الإبداعي علاقة حب وكُره، وعملية معاملات بحتة في كل دورة سياسية. وفي حين يجني العديد من الموسيقيين أرباحًا كبيرة من موسيقاهم وعروضهم، والتي قد تتضمن أحيانًا مقطوعات موسيقية موجهة تحديدًا نحو حشد التأييد للطامحين، يتصادم بعض السياسيين مع الفنانين بسبب انتهاكات حقوق النشر. وعندما تحدث مثل هذه الانتهاكات، فإن العبء دائمًا ما يقع على عاتق الفنان في السعي للحصول على وقف تنفيذ قانوني. ونظرًا لأن معظم الفنانين إما يكافحون من أجل صنع اسم لأنفسهم أو أنهم ليسوا على دراية بقوانين الملكية الفكرية، فغالبًا ما تفلت الأحزاب السياسية من مثل هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق النشر.

يسقط الدور الحاسم الذي يضطلعون به في اجتذاب التأييد للأحزاب السياسية والمرشحين من خلال العروض في طيّ النسيان بمجرد انتهاء الانتخابات. فهي حالة كلاسيكية من كسب المعركة وخسارة الحرب: يحلب موسيقيون أقلاء فقط أموال بقرة الحملة الانتخابية من خلال تقديم الترفيه للموسم في الوقت الذي لا يزالون لا يقومون بتوفير أي دعم طويل الأجل للاقتصاد الإبداعي.

ممثل كوميدي سابق ومشروع لتعديل قانون حقوق الطبع والنشر

في فبراير/شباط 2022، قام جون كياري الممثل الكوميدي السابق (المعروف باسم كي جيه) والذي انضم إلى السياسة في عام 2017 كعضو في مجلس النواب- فعل ما عبر عنه أديل أونيانغو وبوليكاب في تغريداتهما، فقدم جدول أعمال للاقتصاد الإبداعي.

قدم كياري -مع زميل بريطاني- اقتراحًا لتعديل نص القانون من أجل تثبيت ملكية الحقوق الموسيقية للفنانين في أكبر شركة اتصالات في كينيا كجزء من قانون تعديل حقوق الطبع والنشر. وبمجرد دخول القانون حيز التنفيذ، سيؤدي هذا القانون إلى زيادة عائدات الفنانين من منصة اسكيزا تونز، وذلك من 40 بالمائة الحالية إلى 52 بالمائة كحد أدنى.

قلما توجد قصص النجاح هذه. وبقدر ما في تحول كياري من كونه كوميديًا سياسيًا إلى واحد من السياسيين ذاتهم الذي كان يسخر منهم من أجل كسب لقمة العيش من مفارقة، إلا أنه قد تمكن من القيام بشيء من أجل المجال ذاته الذي منحه الشهرة التي يحتاجها وحولها إلى أصوات.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.