- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

ناشطات حقوق المرأة الإيرانيات تواجهن تهديدات جديدة على الإنترنت

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, إيران, النساء والنوع, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, أدفوكس

الصورة نُشِرت بموافقة فيمينا.


في أيار/ مايو 2022، تلقت العديد من صفحات الإنستغرام الخاصة بناشطات حقوق المرأة الإيرانيات آلاف المتابعين [1] من مستخدمين مجهولين. بالتالي، أثار هذا الارتفاع الهائل مخاوف وسط مجتمع حقوق المرأة والنسوية في البلاد، والتي غالباً كانت هدفاً للهجمات المدعومة من الدولة [2]. خشيت العديد منهن أن يكون ذلك تكتيكاً من قبل الجهات الحكومية الإيرانية إما للتسلل إلى صفحاتهن عن طريق الروبوتات أو استغلال نظام الإبلاغ على إنستغرام لإيقاف حساباتهن. غطت جميع الصفحات المستهدفة قضايا حقوق المرأة وLGBTQI+، بالإضافة إلى بعض القضايا داخل وخارج البلاد. قررت العديد من الناشطات واللواتي كانت حساباتهن مفتوحة أمام المتابعين تحديد الخصوصية منذ ذلك الحين. هذه المضايقات عبر الإنترنت هي امتداد للمضايقات خارج الإنترنت والتي واجهتها المدافعات عن حقوق المرأة لسنوات وتأتي وسط موجة الاعتقالات [3] والاستجوابات الأخيرة.   

“لقد هددوا واستدعوا معظم مديري الحسابات الذين كانوا داخل البلاد، والآن يتم مهاجمة صفحات الإنستغرام هذه، لكننا لن نتوقف”، هذا ما تقوله ناشطة في حقوق المرأة والتي تم استهداف صفحتها مؤخراً.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المدافعات عن حقوق المرأة الإيرانية عبر الإنترنت بهجوم منظم [4]. خلال السنوات العدة الماضية، كان هناك ارتفاع ملحوظ في مضايقات الناشطات الإيرانيات على الإنترنت. كان ذلك على شكل خطاب الكراهية والتهديد المباشر بالعنف، عادة من قبل مجهولين أو حسابات مزيفة على منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتويتر. 

لكن في إيران، استهدفت هذه الهجمات عبر الإنترنت الناشطات تحديدًا وقد تفضي إلى مخاطر حقيقية. في العديد من الحالات، كانت المضايقات المنظمة عبر الإنترنت تمهيداً للاستدعاء [5] من قبل وكالات الأمن فضلاً عن أحكام السجن. لا تُبَلِّغ العديد من المدافعات عن حقوق المرأة في البلاد عن التهديدات عبر الإنترنت إلى السلطات لأن الأحكام القضائية ليست واضحة وغير داعمة، وتتعرض المدافعات لخطر الاحتجاز أو المحاكمة كنتيجة لمنشوراتهنَّ على وسائل التواصل الاجتماعي.

على هذا النحو، فإن السبيل الوحيد للناشطات الإيرانيات لمكافحة الهجمات عبر الإنترنت هو استخدام آليات تقديم الشكاوى لمنصات التواصل الاجتماعي، وإذا فشل ذلك فالسبيل هو بإغلاق حساباتهن وجعلها سرية. وفي ضوء هذا، تتحمل شركات وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وتويتر مسؤولية كبيرة لحماية الناشطات والمستخدمات الإيرانيات.  

تحوي خاصية الإبلاغ على إنستغرام وتويتر ومنصات اجتماعية أخرى عيوب كبرى بالنسبة للناشطات الإيرانيات اللواتي تواجهن الهجمات عبر الإنترنت وتتعرضن لمجموعة واسعة من المضايقات بما في ذلك التحرش الجنسي، والتنمر الإلكتروني، وانتحال الشخصية. غالباً ما يتم شنُّ هجمات ضدهن والتي تستغل آليات الإبلاغ داخل منصات التواصل الاجتماعي والتي تسمح للوكالات الأمنية بإزالة حسابات المدافعات عن الحقوق. هذه العمليات متطورة بشكل كبير وتستفيد في كثير من الحالات من الأخطاء على هذه المنصات.

في ضوء ذلك، فمن الواضح أن القضية الأساسية هي الافتقار إلى التواصل بين الناشطات الإيرانيات وشركات التواصل الاجتماعي الكبرى. تحتاج شركات التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي إلى أن تبقى مواكبة لسياسات الحكومة الإيرانية لأن هذه السياسات يمكنها أن تكون بمثابة دليل حول كيفية مكافحة الهجمات المدعومة من قبل الدولة ضد المستخدمات وبشكل خاص المدافعات عن الحقوق.  

تأتي المحاكَمات والمضايقات التي تواجهها ناشطات حقوق المرأة الإيرانيات عبر الإنترنت في وقت أصبحن فيه معتمدات على الإنترنت أكثر من أي وقت مضى لإيصال أصواتهن. تم محاربة حقوق المرأة بشكل متواصل لعقود عدة في إيران. تستيقظ النساء الإيرانيات كل يوم على وثيقة أو قانون أو طلب جديد من الحكومة والذي يقيد حريتهن أو يسعى للحد من مكاسبهن الاجتماعية. على سبيل المثال، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وافق مجلس صيانة الدستور الإيراني [6] على قانون يُعرف باسم ’’ تجديد السكان‘‘ والذي يتعارض بشدة مع الصحة الإنجابية للنساء واستقلاليتهم الجسدية من خلال تقنين وسائل منع الحمل، كما يحظر الإجهاض ويحظر اختبار ما قبل الولادة للنساء الحوامل. علاوة على ذلك، يتم استهداف المدافعات عن حقوق المرأة بانتظام من قبل قوات أمن الدولة للاستجواب والاحتجاز وحتى أحكام السَّجْن الطويلة. وكثير من المدافعات عن حقوق الإنسان العاملات في مجموعة من الميادين التي تدافع عن حقوق المرأة وحقوق العمال، وحقوق الأطفال، والحصول على المعلومات، وحرية الصحافة وما إلى ذلك، حُكِم عليهن بالسجن أو تقضين بالفعل أحكام السجن الطويلة وأعدادهن في تزايد.

في مواجهة مثل هذا الردع وعمليات القمع المستمرة من قِبَل الحكومة، فقد أُجْبِرت ناشطات حقوق المرأة الإيرانيات على تقليل نشاطاتهن على أرض الواقع والاعتماد أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي لرفع الوعي وخلق زخم لمطالبهن. على وجه الخصوص، اعتمدت الناشطات النسويات على إنستغرام، والذي يُعد أحد أشهر منصات التواصل الاجتماعي في إيران والذي لم تحظره الحكومة بعد. تعتمد الناشطات بشكل متزايد على إنستغرام لزيادة الوعي [7] حول التمييز بين الجنسين [8]، ومنع التحرش الجنسي في الأماكن العامة [9] وفي مكان العمل [10]، وتحسين العدالة الإنجابية [11] وحقوق المرأة الجسدية.

مما لا يثير الدهشة، عدم تسامح الحكومة الإيرانية مع النشاط عبر الإنترنت، والتي عملت بلا كلل على إغلاق وتقييد المساحات المدنية. كان أحدث استهداف للمدافعات عن حقوق المرأة والتجمعات النسائية على إنستغرام، عن طريق إرسال دفعة هائلة من طلبات المتابعة إلى حسابات المدافعات عن حقوق المرأة والمجموعات النسائية، مع استهداف الحكومة السابق والإبلاغ الإلكتروني عن الناشطات. على مر السنين، تم توقيف حسابات العديد من الناشطات بما في ذلك الجمعيات النسائية أو ناشطات حقوق المرأة بعد بلاغات مكثفة أو استحالة الدخول إلى إنستغرام عن طريق ’’المنع المضلل‘‘، حيث لا يتم عرض قصصهن ولا تظهر منشوراتهن على محركات البحث بعد الإبلاغ الجماعي عن حساباتهن [1]. لكن الاستهداف عبر الإنترنت من قبل الحكومة لم يوقف ناشطات حقوق المرأة اللواتي يواصلن نشاطهن الإلكتروني وعلى أرض الواقع عندما يكون ذلك ممكناً. بالمقابل، ضاعفت قوات أمن الدولة جهودها لإيقاف نشاط المدافعات عن حقوق الإنسان وإسكاتهن.   

“إذا قمت بالبحث في آخر الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، فستلاحظ أن الأصوات النسوية وحقوق المرأة أصبحت أعلى من أي وقت مضى، ولهذا السبب تقوم الحكومة بمهاجمتنا الآن لإسكات أصواتنا، لكننا لن نتوقف”، هذا ما قالته ناشطة في حقوق المرأة والتي كانت صفحتها مؤخراً هدفاً للهجمات.

رداً على هذه التطورات، في 25 تموز/ يوليو 2022، حثَّ عدد من المجموعات الحقوقية ميتا [12]، الشركة الأم لإنستغرام، على حماية المدافعات عن حقوق المرأة الإيرانية والتعاون مع المجتمع المدني الإيراني من أجل خلق منصة أكثر أماناً. في الواقع، يمكن لشركات وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى العمل بشكل استباقي من خلال إنشاء قنوات اتصال مباشرة مع المجتمع المدني الإيراني للوصول إلى فهم أفضل لاحتياجات المجتمع المدني الإيراني، ومحتوى وسائل التواصل الاجتماعية الإيرانية وكيف تقوم الحكومة بقمع المجتمع المدني على منصات الانترنت. يمكن لمثل هذه القناة المباشرة أن تساعد شركات التكنولوجيا على منع إسكات الناشطات الإيرانيات على منصاتها.