- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

الأصوات المكبوتة: اقتصاد تركيا المتدهور يفيض بمزاعم المؤامرة والفساد

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, تركيا, الإعلام والصحافة, الاقتصاد والأعمال, حجب, صحافة المواطن, Civic Media Observatory, Country Monitor Observatory 2021-2022

رسم توضيحي بواسطة جلوبال فويسز.

هذه المقالة جزء من نشرة “الأصوات المكبوتة” (أندرتونز)، النّشرة الإخبارية لمرصد الإعلام المدني لجلوبال فويسز. لمعرفة المزيد عن مهمتنا [1]، ومنهجيتنا [2]، والبيانات المُتاحة للجميع [3]، اشترك في نشرتنا الإخبارية “الأصوات المكبوتة” [4].

سواء كنت في موعد أو في جلسة عائلية، فثمّة موضوع واحد يتردد على كل شفة ولسان في تركيا: الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد. للقضية وجهات نظر عديدة، بينما تجادل حكومة أردوغان بأن البلاد تخوض “حربًا اقتصادية” ضد الأعداء، فإن المعارضة تلقي باللائمة على الفساد الذي يزيد من حدته الحزب الحاكم.

يُسجل معدل التضخم ارتفاعًا مستمرًا: تُشير التقديرات الرسمية إلى وصوله إلى نسبة 80 في المائة، بينما يعتقد خبراء الاقتصاد المستقلون أن المعدل قد تجاوز نسبة 150 في المائة [5]. بصورة ملموسة، تبلغ تكلفة فنجان القهوة في مقهى في إسطنبول 36 ليرة (أي ما يعادل قيمة 2 يورو). في حين أن هذا قد لا يبدو مُكلفًا بالنسبة لشاربي القهوة في اليونان أو ألمانيا، إلا أنه في تركيا ثمن باهظ. الحد الأدنى للأجور في تركيا هو 302 يورو [6] وهو ما يُعادل ثمن حوالي 150 كوب قهوة.

تختلف مُسببات زيادة معدل التضخم الجنونية في تركيا باختلاف الشخص الذي تسأله. بدأت المحن الاقتصادية لتركيا قبل بضع سنوات، ولكن كان وقع جائحة كوفيد 19 شديدًا على السكان والاقتصاد، وكذلك وقع حرب روسيا ضد أوكرانيا؛ تعد روسيا وأوكرانيا من بين أكبر الشركاء التجاريين وأكبر مصادر سياحة تركيا.

رغم ذلك، فإن أداء معدل التضخم في تركيا أسوأ مما هو عليه في هذه البلدان المتحاربة. يُلقي العديد من الأتراك باللوم على حكومة أردوغان لانخفاض قيمة الليرة.

Turkey’s elections

Presidential and general elections are scheduled to take place in June 2023, but there is a chance that Erdoğan will call for early elections. According to our researchers, the electoral campaign will be defined by economic narratives: whichever party offers the most convincing storyline about the economic crisis and its solutions will increase its chances of ruling the country in the near future.

انتخابات تركيا: من المقرر عقد الانتخابات الرئاسية والعامة في يونيو/حزيران 2023، لكن هناك احتمال بأن يقوم أردوغان بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. بحسب باحثينا، سيتحدد سير الحملة الانتخابية من خلال الروايات الاقتصادية المطروحة: الحزب الذي سيقوم بتقديم السرد الأكثر إقناعًا عن الأزمة الاقتصادية وحلولها، سيُزيد من فرصه في حكم البلاد في المستقبل القريب.

عملت إدارة أردوغان على إبقاء أسعار الفائدة في مستويات منخفضة؛ لمواصلة جذب الاستثمارات والحفاظ على الأعمال التجارية. كما أنها وضعت حدًا أقصى لزيادة الإيجارات بنسبة 25 في المائة. مع ذلك، فقد تبين أن هذا الأمر صعب التنفيذ بالنسبة لكثير من الناس؛ فقد تضاعفت تكاليف الإيجار (كما يظهر على مواقع العقارات الشهيرة [7]). تنتشر انعدام الثقة في الليرة التركية، مما يؤدي إلى تسارع دوامة الانحدار مع استعداد البلاد للانتخابات.

Turkey’s media landscape

In Turkey, the media is tightly controlled and social media is monitored. Critics of the state “have been muted through a combination of traditional forms of censorship such as arrests, detentions, intimidation, (…) combined with a crackdown on the internet using high level opaque administrative and judicial decisions blocking, banning, and withholding online content,” according to Global Voices’ Unfreedom Monitor [8] report. About a month ago, an investigation revealed [9] that Turkey's information and communication authority had collected private user data for over a year.

Mass media, therefore, follows the government line: that Turkey has a generally stable economy with some temporary problems. Questioning this stance might have consequences. 

Although direct censorship has not been recorded, there is concern that Erdoğan's party is introducing regulations [10] to block “alternative statistics” — that have not been approved by the Turkish Statistical Institute (TÜİK) — by using prison sentences. This is important in today’s context, as the official inflation rate according to TÜİK is 79.60 per cent, whereas the independent Inflation Research Group (ENAG [11]) says it is 176.04 per cent. TÜİK stopped sharing the list of items that it used to measure the inflation rate last May.

المشهد الإعلامي التركي: في تركيا، تخضع وسائل الإعلام لرقابة صارمة، كما ويجري مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. وفقًا لتقرير [8] مرصد حجب الحرية Unfreedom Monitor [8] التابع لجلوبال فويسز، قد تعرضت أصوات مُنتقدي الدولة “للكتم من خلال مزيج من الصور التقليدية للرقابة، مثل: الاعتقالات، والاحتجاز، والترهيب، (…) مع حملة للقمع على الإنترنت باستخدام قرارات إدارية وقضائية عديمة الشفافية وعالية المستوى تقوم بمنع المحتوى، وحظره، وحجبه على الإنترنت”. منذ حوالي شهر، كشفت [9] التحقيقات أن هيئة المعلومات والاتصالات التركية كانت تجمع البيانات الخاصة للمستخدمين لأكثر من عام.

لذلك، فإن وسائل الإعلام تتبع مسار الحكومة وهو أن: تركيا لديها اقتصاد مستقر بصفة عامة، مع بعض المشاكل المؤقتة، وقد يؤدي التشكيك في هذا الوضع إلى حدوث عواقب.

على الرغم من عدم وجود سجلات للرقابة المباشرة، إلا أن هناك مخاوف من قيام حزب أردوغان بإدخال لوائح [10] لمنع “الإحصائيات البديلة” -التي لم يوافق عليها المعهد الإحصائي التركي- من خلال فرض أحكام بالسجن. هذا أمر هام في السياق الراهن، حيث يبلغ معدل التضخم الرسمي وفقًا للمعهد الاحصائي التركي نسبة 79.60 في المائة، بينما تشير مجموعة أبحاث معدل التضخم المستقلة (ENAG [11]) بأنه بلغ نسبة 176.04 في المائة. أوقف المعهد الإحصائي التركي مشاركته قائمة العناصر التي استخدمها لقياس معدل التضخم في مايو/أيار الماضي.

روايات متعارضة:

الرواية الأولى: “الاقتصاد التركي ُمستهدف”

 شاهد التحليل السردي في قاعدة بياناتنا هنا.  [12]

تتخيل حكومة أردوغان نفسها في حالة حرب اقتصادية محاطة بدول غربية معادية، والتي غالبًا ما توصف بأنها “إمبريالية” (حتى لو لم يكن هناك تفسير للمصطلح). يُصوَّر العدو على أنه تحالف مظلم وغامض من “مراكز القوة” الأجنبية والإرهابيين، وبالطبع، المعارضة “الخائنة” المتواطئة مع كل هذه الكيانات الشريرة. إن الروايات حول تخريب القوى الخارجية للاقتصاد والسياسة في تركيا ليست بجديدة، فهي موجودة منذ عقد على الأقل، لكنها تضاعفت في الأشهر الماضية.

تعددت الاتهامات ما بين ما هو معقول وما هو خيالي. على سبيل المثال، يُلقي أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم (أيه كيه بي) باللوم على المعارضة لرسم صورة مروعة للغاية للاقتصاد، والتي، كما يقول، تصبح نبوءة تحقق ذاتها؛ لأنها تؤدي إلى انعدام الثقة. وفي الوقت نفسه، يحاول حزب العدالة والتنمية أيضًا التمسك بقاعدة الناخبين المتناقصة من خلال قصص مثيرة وحماسية عن تآمر قوى خفية ضد تركيا القوية، وأردوغان هو البطل الشجاع الذي يُحاربهم بمفرده.

منظور مواقع التواصل الاجتماعي: [13]

في 26 أغسطس/آب، في رد على تغريدة لمجلة الإيكونوميست عن اقتصاد تركيا “المقلوب رأسًا على عقب”، إدّعى [13] وزير الاقتصاد التركي نور الدين نبطي أن اقتصاد تركيا يتبع برنامجًا حكوميًا، وأنه لا يوجد أية “عقبة” ستعترض طريقه. تُشير التغريدة إلى أن مجلة الإيكونوميست تُشكل جزءًا من هذه “العقبة”.

في شهر أبريل/نيسان الماضي، ألمح [14] أردوغان إلى أن هناك “قيادة” تحاول إلحاق الأذى بتركيا من خلال ضرب الاقتصاد، وأن نفس هذه الجهات الفاعلة قد حاولت زعزعة استقرار تركيا من خلال الوصاية العسكرية، والانقلابات، والإرهاب في الماضي. في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، زعم [15] الصحفي الموالي للحكومة كاراجول أن هناك “عملية متعددة الجنسيات” تهدف إلى خلق أزمة اقتصادية في تركيا.

لا يرد ذكر “الهوية” بشكل مباشر مطلقًا، بل يُشار إليها ضمنيًا فحسب. تارةً تكون نخبة الكماليّين [16]، وتارةً أحزاب المعارضة، وتارةً الدول الغربية، وفي أغلب الأحيان مزيجًا من كل ما سبق.

الرواية الثانية: “الفساد والمحسوبية يحلان محل الجدارة في مؤسسات الدولة”

 شاهد التحليل السردي في قاعدة بياناتنا هنا.  [17]

تتهم المعارضة السياسية أردوغان وحزب العدالة والتنمية بالمحسوبية وعدم الكفاءة بشكل عام. وجه الائتلاف اليميني بقيادة حزب الشعب الجمهوري اللوم على الحزب الحاكم؛ لافتقاره لسياسة اقتصادية عامة، ودعم البيروقراطيين الفاسدين والحلفاء السياسيين الذين يطالبون بدفع الرشاوي بشكل متزايد. يشارك كل من لا يثق في حكم أردوغان هذا السرد.

ثمّة شعور عام بأنه قد يكون للمعارضة -وخاصة تحالف حزب الشعب الجمهوري- فرصة للفوز [18] في الانتخابات التركية المقبلة.

ومع ذلك، يُحذر [19] الاقتصاديون المُعارضة من الفشل في مقاومة إغراء تقديم وعود شعبوية لإصلاح ما هو فوق طاقتها، حيث يقع العديد من مُسببات الأزمة الاقتصادية خارج نطاق سيطرة تركيا المباشرة، مثل: الحروب الخارجية، والأسواق المالية العالمية، والقضايا الهيكلية طويلة داخل البلاد.

Perceptions about corruption

Although economists and sociologists suggest [20] that corruption is not the biggest issue for economic woes globally, the main opposition bloc is arguing that nepotism, a form of corruption, is indeed the source of most of Turkey’s problems. For our researchers, it is strategic rhetoric for the upcoming elections.

Our researchers have also anecdotally pointed out that, culturally, there is a certain tolerance among some sectors of the population for corruption, justified with arguments such as,  “they stole but they served the country too”. But now that the vast majority of people are becoming strikingly poorer, nepotism in particular is being reprehended.

انطباعات عن الفساد: على الرغم من إشارة الاقتصاديين وعلماء الاجتماع إلى أن الفساد لا يُشكل أكبر مشكلة مُسببة للمحن الاقتصادية على مستوى العالم، فإن تكتل المعارضة الرئيسية تجادل بكون المحسوبية، وهي شكل من أشكال الفساد، مصدر معظم مشاكل تركيا في الواقع. بحسب آراء باحثينا، فإن هذا مجرد خطاب استراتيجي من أجل الانتخابات المقبلة. أشار باحثونا أيضًا، بشكل متناقل، إلى أنه، ثقافيًا، هناك قدر من التسامح بين بعض الفئات السكانية بشأن الفساد، الذي يُبرر بحجج مثل، “لقد سرقوا، لكنهم خدموا البلد أيضًا”، ولكن الآن بعد أن أصبحت الغالبية العظمى من الناس أشد فقرًا بشكل لافت للنظر، صارت المحسوبية منبوذة على وجه الخصوص.

منظور مواقع التواصل الاجتماعي:

[21]

I filed a criminal complaint about the 56 tender of the General Directorate of Highways, to which the AK Party had connected a hose.
The current amount of 56 tenders delivered to the address by bargaining procedure, although the conditions specified in the law are not met:
95,808,900,620 TL!
Who are these companies? ⬇️

تقدمت بدعوى جنائية بشأن مناقصة 56 للمديرية العامة للطرق السريعة، والتي ترتبط بكشف رواتب حزب العدالة والتنمية. سُلمت المنح البالغة 56، إلى العنوان عن طريق إجراءات المساومة، على الرغم من عدم استيفاء الشروط المحددة في القانون:

95,808,900,620 ليرة تركية!

من هي هذه الشركات؟

كتب النائب عن حزب الشعب الجمهوري، دنيز يافوزيلماز، سلسلة على تويتر [21]، مدعومة بوثائق مؤيدة، تكشف أن مديرية مملوكة للدولة أعطت 56 عطاءا حكوميًا لشركات تشييد معينة، دون مراعاة الأصول القانونية الواجبة. يافوزيلماز هو شاب وأول نائب يلفت النظر إلى الفساد لأكثر من مرة. سابقًا، قام أيضًا بفضح البيروقراطيين الذين تلقوا عدة رواتب بطريقة غير مشروعة.