والدة الحقوقي السابق المسجون تلجأ لوسائل التوصل الاجتماعي سعيًا للعدالة

صورة من وسائل التواصل الإجتماعي، حملة تطالب بالإفراج عن زياد العليمي.

“صباح الخير يا زياد. أدعو الله أن تكون أنت ومن معك من الطيبين بأفضل حال.” هكذا تبدأ إكرام يوسف منشورها شبه اليومي على الفيسبوك، مخاطبة ابنها زياد العليمي، ناشط المعارضة والحقوقي السابق، الذي يقضي السنة الرابعة له في السجون المصرية، عقب اتهامات ينظر إليها عالميًا على إنها ملفقة وذات دوافع سياسية.

تقوم بمشاركة تفاصيل عن زياد في طفولته وشبابه في كل منشور، أو تفاصيل عن نفسها كأم تصارع مشاعر قلة الحيلة والذنب نحو الظلم الواقع على ابنها وآلاف غيره ممن تورطوا بحلقة مفرغة وغير قانونية من تمديد الحجز السابق للمحاكمة.

زياد هو ناشط، وعضو مؤسس بالحزب المصر الديمقراطي الاجتماعي، ووالد لطفل صغير؛ تم القبض عليه مع مجموعة من الصحفيين والسياسيين في يوليو/تموز 2019 فيما عُرف فيما بعد “بقضية الأمل”، بعد أن التقوا مع مجموعة من الأحزاب السياسية ونواب المعارضة لمناقشة احتمالية الترشح للانتخابات البرلمانية لعام 2020. منذ ذلك الحين وهو معتقل في السجون المصرية على ذمة عدد من الاتهامات ذات الدوافع السياسية.

في منشور حديث، تم نشره في الرابعة عشر من يوليو، كتبت إكرام:

زي ما انت عارف، انا دقة قديمة وماليش قوي في الاغاني الشبابية ولا الموسيقى الصاخبة!!.. لكن من شوية سنين كتيرة، كنت خارج مصر، وانتم الاتنين رجالة كبار، وعرفت ان بسام عنده دور انفلونزا، وانت لوحدك بتراعيه وبتعمل له شوربة خضار وكده!! حسيت بذنب فظيع؛ وان ابني مريض ، ومش قادرة اكون جنبه واعمل له شوربة واخفف عنه، يومها بالصدفة سمعت أغنية تامر حسني “حبيبي وانت بعيد ، محتاج للمسة ايد من غير ولا همسة، غمض ومد اديك، أول ما افكر فيك حتحس باللمسة” الكلام ده لمس قلبي جامد!! خصوصا ان اللحن كان هادي ومش صاخب! لدرجة اني عيطت ، عشان كان نفسي المس بسام واطبطب عليه، وآخده في حضني! الأغنية دي، هي نفسها اللي بتيجي على بالي، كل ما احس اني نفسي المسك واطبطب عليك واحضنك، وانت في زنزانتك!.. جرب يا زياد! “غمض ومد ايديك، اول ما افكر فيك حتحس باللمسة”.. في اي ساعة بالليل او بالنهار، عشان تلات ارباع ذهني بقى عايش عندك ومش بيفكر غير فيك، وعايشة وسط الناس يادوب بالربع الباقي! وحشتني!

الصحفية والمترجمة إكرام يوسف قالت إنها بدأت كتابة منشورات فيسبوك في اليوم اللاحق لاختطاف زياد، أوضحت إكرام أنها بدأت الفكرة خلال حديثها مع “الأصوات العالمية” عبر دردشة فيسبوك:

My profession of over 40 years, has been writing, and I've been interested in public issues. I used to attend court trials of prisoners of conscience following the revolution and tell people via social media about these cases, because the press didn't carry their news, and I felt it was the least I can do to these people and their families to carry out the role of telling their stories/cases to the public.

“خلال 40 عاماً امتهنت الكتابة، وكنت مهتمة بالقضايا العامة. كنت معتادة على حضور محاكمات سجناء الرأي عقب الثورة، وأن أخبر الناس عن هذه القضايا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لأن الصحافة لا تنشر عنهم، وكنت أشعر أن نقل قصصهم وقضاياهم للعامة هو الحد الأدنى لما يمكنني فعله من أجل هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم.”

بعد القبض على زياد، اكتسبت هذه المهمة “طابعاً شخصياً”. تقول إكرام: كل ما همني في الأمر هو أن أعبر عن الألم المتفاقم بداخلي، وأن أنشر الوعي بين الناس عن سجناء الرأي الذين -بحسب القانون والدستور والأعراف الدولية- لا يستحقون السجن لمجرد تعبيرهم السلمي عن رأيهم.

القيادة المصرية -التي تواجه نقداً عالمياً بسبب تاريخها الأسود في انتهاك حقوق الإنسان- تنكر احتجازها لأي سجناء سياسيين.

كلمات إكرام المفعمة بالمشاعر تجد العديد من ردود الفعل في كل مرة، وهو شيء توقعته منذ البداية حسب ما قالته “للأصوات العالمية”: “لأنني أعلم مدى حب الناس لشخصية زياد، وكم الأشخاص الذين يتذكرون مواقفه النبيلة معهم.”

برز زياد في الفترة التي سبقت ثورة 2011 بمصر، وكان من ضمن الأصوات الشبابية المفعمة بالحياة التي دعت إلى الإصلاح السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي في أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان.

منذ ذلك الحين، أصبح أحد الأصوات الناقدة للحكومات المتعاقبة التي تولت زمام القيادة. في عام 2012 – حين كان زياد قانونياً  في مجلس النواب المؤقت الذي تم انتخابه عقب الإطاحة بنظام مبارك، والذي كان يمثل التغيرات التي حدثت عقب الثورة – قام بإهانة محمد حسين طنطاوي، الذي كان حينها وزيراً للدفاع والقائد الأعلى. تعرض زياد للمحاكمة العسكرية بسبب انتقاده لطريقة تعامل المجلس العسكري مع الفترة الانتقالية بعد مبارك، وانتهاكات القادة العسكريين ضد المتظاهرين الشباب.

تم احتجاز زياد لمدة عامين بدون محاكمة بعد القبض عليه في 2019، وتم عرضه على المحكمة لاتهام آخر مرتبط بمقابلة أجراها مع البي بي سي في عام 2017، مشككاً في جدوى المشاريع الوطنية العملاقة. اعتبرت المحكمة زياد مذنباً “بنشر أخبار كاذبة تدعو لبث الذعر بين الناس، وتعكر صفو الجو العام”، وتم الحكم عليه بسنة واحدة في السجن وكفالة قدرها 20 ألف جنيه مصري (ما يعادل حوالي 1,270 دولار).

عقب هذا الحكم، قال فيليب لوثر، مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا:

It is outrageous that he has been punished with a year’s imprisonment simply for speaking to the media. The unfounded charges of which Zyad has been convicted stem solely from the peaceful expression of his opinion and his peaceful political activities, demonstrating the Egyptian authorities’ total intolerance of dissent.

“إنه لأمر مشين أن يتم معاقبته بالسجن لمدة عام لمجرد تحدثه مع وسائل الإعلام. هذه التهم عديمة الأساس التي أدين بها زياد، سببها الوحيد هو تعبيره السلمي عن رأيه، وممارساته السياسية السلمية، مما يوضح عدم تسامح السلطات المصرية مع المعارضة”

علاوة على ذلك، فإن الناشط – الذي تمت إضافته للائحة الإرهابيين بمصر، والتي يتم إضافة المعارضين السياسيين إليها في أغلب الأحوال- حُرِم من الرعاية الطبية اللازمة في السجن لعلاج داء الساركويد (الغرناوية)، والربو، وارتفاع ضغط الدم، وداء السكري -وهو ما كان يعاني منه قبل اعتقاله- بالإضافة لداء القلب الذي أصابه خلال فترة سجنه حسب ما قالته منظمة العفو الدولية.

خلال هذا كله، تواصل إكرام دعواتها ومنشوراتها المخصصة لولدها السجين، الذي كانت زياراتها له مقتضبة وغير كافية. اختتمت حديثها قائلة: “كما أكتب عن زياد، أكتب عن غيره من السجناء السياسيين، أعرف بعضهم بشكل شخصي وآخرين لا أعرفهم، ولكن يكتب عنهم آخرون”.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.