- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

المساواة بين الجنسين في اللُّغة الأوكرانيَّة: تحظى أسماء الوظائف المؤنَّثة الآن بالاعتراف الكامل

التصنيفات: أوروبا الشرقية والوسطى, أوكرانيا, الإعلام والصحافة, النساء والنوع, صحافة المواطن, قانون, لغات, Ukrainian language, arts, and culture, الغزو الروسي لأوكرانيا

لقطة شاشة من قناة اليوتيوب “كفانتو فيلوليقيا” [1] تظهر مسمَّيات لنفس الوظائف باللُّغة الأوكرانيَّة، على اليسار المسمَّيات المؤنَّثة وعلى اليمين المذكر منها.

أكرهت النساء الأوكرانيَّات لقرون عدة على الابتعاد عن الميادين العامة، فكن لا يرثن الأملاك ولا يستطعن تمثيل أنفسهن في المحكمة أو العمل أو تقلَّد المناصب الحكومية. هذا هو السَّبب التَّاريخي لعدم توافر كلمات مؤنثة لهذه المناصب. مع ذلك تراجعت الفجوة تدريجيًا بين حقوق النِّساء والرِّجال، وفي نهاية المطاف أصبح من الضَّروريّ استخدام المؤنَّثات [2].

تعد المؤنَّثات خاصيَّة مميزة في اللُّغة الأوكرانيَّة، والَّتي لديها ثلاث أجناس لغويَّة: ذكر وأنثى ومحايد. يسمح هذا بتشكيلهن بإضافة لاحقة إلى نهاية الاسم المذكر الموجود أصلاً وفقاً للأجناس اللُّغويَّة. يوجد في اللُّغة الأوكرانيَّة أكثر من 13 لاحقة من تلك اللَّواحق، لكن لا يزيد عدد الأكثر فاعليَّة منها عن أربعٍ إلى ست لواحق فقط ومنها: (إنَّه) و(في) و(حرفيّ الجمع) باللُّغة الإنجليزيَّة “إتس” و”إن” و”إس” ويتبعهما الصوتان “يآ” أو “أي”. وعلى سبيل المثال: يصبح لفظ كلمة (طالب) باللغة الإنجليزيَّة “ستوودنت” ويلفظ المؤنَّث منها “ستوودنتكا”.

تاريخ المؤنَّثات

بدأت طلائع المؤنَّثات بالظُّهور في أوكرانيا خلال العصور الوسطى، ويمكن ملاحظة ذلك في أوائل الأدب الأوكراني مثل: كِتاب العدالة الرُّوسيَّة [3] في القرن 11، أو ملحمة حملة إيغور [4] في القرن 12. برزت المؤنَّثات في القرن 16 في القواميس، كأول قاموس أوكراني مطبوع  ليكسيس [5] وجامِعَهُ لورانس زيزانيا؛ الَّذي يعود تاريخه إلى عام 1596، ويحمل بين طياته سبع تأنيثات، وازداد هذا الرقم مع مرور الوقت. من القرن 17 إلى القرن 19، ازداد استخدام كبار الكتَّاب الأوكرانيين للمؤنَّثات شفهيَّاً، واستخدموهن غالبًا في الشِّعر مثل: تاراس شيفتشينكو [6] وليسيا أوكراينكا [7].

أصبحت المؤنَّثات منذ بداية القرن 20، ومع عمل النِّساء في وظائف جديدة، أكثر تكرارًا في القواميس. يمكن إِيجاد كلمات مثل (مالكة) و(مجرمة) و(فنانة) باللُّغة الأوكرانيَّة، في قاموس اللُّغة الأوكرانيَّة [8] وجامعه دميترو يافورنيتسكي. وستجد في قاموس [9] بوريس جرينشينكو (1907-1909) 935 مؤنَّثة. أضاف قاموس روسي أوكراني [10] آخر، وجامعه تانهيل كريمسكي (1924-1933)، كلمات مثل: (مفوضة) و(ديمقراطية) و(مشرعة قوانين) باللُّغة الأوكرانيَّة، والعديد من المؤنَّثات الأخرى.

وفقًا للأكاديميان إيفان أوجينكو، وميخائيل جينزبورغ [11]، أزيلت المؤنَّثات من اللُّغة الأوكرانيَّة خلال الحكم السُّوفيت منذ ثلاثينيَّات القرن العشرين؛ لرغبة السُّلطات بدمج اللُّغة الأوكرانيَّة بالرُّوسيَّة، حيَّث تهيمن الأسماء المذكَّرة الواصفة للوظائف في اللُّغة الرُّوسيَّة، ولا يوجد فيها إلا أربعة لواحق لتحويل الكلمة إلى مؤنَّث. بالإضافة لذلك، عادةَ ما يكون للمؤنَّث دلالة سلبيَّة باللُّغة الرُّوسيَّة.

المؤنَّثات في أوكرانيا حاليًا

أعاد الشَّعب الأوكراني منذ بداية الألفيَّة الثَّانية النَّظر بشأن موقفهم تجاه التطور في لُغتهم، بما في ذلك استخدام المؤنَّثات. أحد الأسباب وراء ذلك هو انتشار الحركة النِّسويَّة، التي أعادت استخدام المؤنَّثات عند وصف الوظائف. شملت ترجمة أول إصدار من مجلدات هاري بوتر السبع إلى اللُّغة الأوكرانيَّة، والًّتي بدأها فيكتور موروزوف [12] عام 2002، بعض المؤنَّثات مثل: (البروفيسورة مكجونجال) و(تنينة) باللُّغة الأوكرانيَّة.

نشر البروفيسور أناتولي نيليوبا قاموس إنشاء الكلمة في أوكرانيا المستقلَّة [13] (1991-2011) واصِفاً المؤنَّثات الَّتي ظهرت في الصَّحافة الأوكرانيَّة خلال تلك الفترة.

تبنت أوكرانيا في عام 2019 علم إملاء جديد [14]، اشتمل على توصيات وقواعد لِتركيب المؤنَّثات، مما جعلها جزءًا من اللُّغة الأوكرانيَّة التقليدية. لو كان استخدام المؤنَّثات في السابق شفهيًا، أو في الشعر والقواميس فقط، الآن يمكن استخدامهن في جميع المجالات اللَّغويَّة، بما في ذلك المجالات العلميَّة، والاتصالات الرَّسميَّة.

لهذا فقد سمحت وزارة التنمية الاقتصاديَّة والتجارة والزِّراعة رسميَّاً في عام 2020، وبناءً على قواعد علم الإملاء الجديدة استخدام المؤنَّثات في أي منصب من مناصبها. وقع الرَّئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في عام 2021 قانونًا [15]يعدِّل تسمية “يوم المدافعين عن أوكرانيا” إلى “يوم المدافعين والمدافعات عن أوكرانيا”. هذه الحالة الوحيدة الَّتي أُدخلت فيها المؤنَّثات في أي احتفال رسمي في أوكرانيا.

وفقًا لدراسة أجرَّاها معهد الإعلام الجماهيري [16] تبين أنَّ %63 من الصَّحافة الأوكرانيَّة تستخدم باستمرار المؤنَّثات في المحتوى الإعلامي، وأشار %15 بعدم يوجد إصرار يذكر من المحررين والمحررات بشأن استخدام المؤنَّثات، بينما قال %12 أنَّ بعض الوظائف لا تسمح باستخدام التَّراكيب المؤنثة، وأربعة بالمئة فقط ممن لا يستخدم المؤنَّثات إطلاقًا في المحتوى.

لماذا يعارض بعض الأوكرانيون المؤنَّثات؟

تذكر الدكتورة اولينا ماساليتينا [17] ثلاثة أسباب لرفض النَّاس استخدام المؤنَّثات قطعيًا. السَّبب الأول، عدم ضلوع الشخص في استخدام التأنيث، أو يكون متحدثاً للرُّوسيَّة. لا تحتوي اللُّغة الرُّوسيَّة إلا على عدد قليل من المؤنَّثات واللَّواحق الَّتي تسمح بتشكيلها. لهذا عند تحدَّث هذا الشَّخص للغة الأوكرانيَّة، قد يشعر أنَّ لفظ الكثير من الأصوات المؤنَّثة غير طبيعيَّة أو غريبة. وفقًا لدراسة اجتماعية أجريت على أساس التَّقييم الجماعي [18] يتحدث %51 من الأوكرانيين اللُّغة الأوكرانيَّة فقط في الحياة اليوميَّة، العمل والمنزل، بينما يتحدث %36 اللُّغتين الأوكرانيَّة والرُّوسيَّة معًا، ويتحدث %13 اللُّغة الرُّوسيَّة فحسب.

السَّبب الثَّاني: في الكثير من الأحيان لا ترغب النِّساء بأن تخاطب بالمؤنَّثات؛ لاعتقادهن أن ذلك يمثل نوع من أنواع التَّحَيُّز. تقول الدكتورة اولينا ماساليتينا: “إذا نظرنا في قاموس اللُّغة الأوكرانيَّة فسنجد أنَّ الألفاظ المذكَّرة تزيد عن المؤنَّثات بمقدار النصف. بالطبع أصبح من الواضح أنَّ المجتمع احتقر النِّساء لقرون عدة، وما زال هذا الاحتقار مستمرًا؛ لم يمر الوقت الكثير منذ أن تساوت النِّساء مع الرِّجال في الحقوق. لا يمكن إنكار أنَّ ردة الفعل هذه، إلا إثبات لعيشنا في مجتمع ذكوري. مع ذلك إذا شعرت اِمرأة بعدم الارتياح عند الحديث عنها، على وجه التحديد باستخدام المؤنَّثات، لا يوجد أي داعي لإجبارها أو الشعور بالسَّخط. من الجدير احترام موقفها ومنحها حق التقرير بنفسها”.

السبب الأخير هو عشق بعض الأشخاص لأن يكونوا مثيرين للجدل، وبالتأكيد فأن مسألة المؤنَّثات مثاليَّة لذلك.