مُظاهرات في اندونيسيا دعمًا للنّساء الإيرانيات مع تصاعد الموجة المُحافظة في البلد

مُتظاهرة أندونيسية باللّباس التّقليدي “كيبايا”، تحمل صورة “مهسا أميني”، صورة مأخوذة من “عرب نيوز” وتمّ نشرها على موقع “يوتيوب”.

منذ منتصف شهر سبتمبر/أيلول، عمّت اضطرابات في إيران تبعتها ثورات واحتجاجات بعد وفاة “مهسا أميني” البالغة من العمر 22 سنة عندما قامت الشّرطة باحتجازها. تمّ إيقاف “أميني” لعدم ارتداء خمارها بطريقة صحيحة، وهي مُمارسة مُجبرة على النّساء في إيران منذ الثّورة الإسلامية سنة 1979. سبّبت وفاتها مُظاهرات في كامل أرجاء العالم وأثارت النّقاش حول حرية النّساء والرّقابة وقمع الدّولة. بطبيعة الحال، هذه النّقاشات كان لها وقع في إندونيسيا، وهو البلد المُتكوّن من عدد السّكان المُسلمين الأكبر في العالم، أين اندلعت مُظاهرات دعمًا “لأميني” والمُتظاهرين والمُقاومة في “إيران”.

في 18 من شهر أكتوبر/تشرين الأوّل، اجتمع المئات من المؤيدين الإندونيسيين، الأعضاء في منظمات المُجتمع المدني ومواطنون إيرانيون خارج السّفارة الإيرانية في “جاكرتا” للتّظاهر ضدّ الاعتداء العنيف المُمارس في حقّ المُتظاهرين، والتّعامل القاسي تُجاه النّساء، واحتجاز الصّحفيين. من بين مُنظمات المُجتمع المدني المشاركة في هذه المُظاهرات، حضر أعضاء من “غالارووا” و”إندونيسيا أواكينينج” و”يونايتيد بيتاوي فوروم” و”كونسيرن فور ذي ناشان بيبول موفمونت” و”نوسانتارا داي فوروم” و”ناشيونال داياك تراديشيونال كوميونيتي بريغايد” وغيرهم.

لوّح المُتظاهرون بعلم إيران وصور النّساء المقتولات من جرّاءِ القمع العنيف، ورفعوا يافطات يُقرأ عليها “لا تقتلوا المزيد من الأشخاص الأبرياء” وكذا “في إندونيسيا، لا تزل مُختلف الدّيانات والإثنيات في انسجام” وكذا “امرأة وحياة وحرية”، هذه الشّعارات تحوّلت إلى نشيد شعبي للمُتظاهرين في كلّ أرجاء العالم دعمًا لإيران.

خلال التّظاهرة، قصّت عشرات من النّساء شعورهنّ تضامُنًا مع نساء إيران. في معظم إندونيسيا، مسألة الحجاب والرّموز الدّينية هي ثانوية، باستثناء مقاطعة “أساه” في شمال “سومطرة”، أين يُفرض على النّساء المُسلمات ارتداء خمورهنّ.

يُطالب المُتظاهرون ومُنظمو المُجتمع المدني من إندونيسيا فرض مكانتها كبلد مُتكوّن من غالبية السّكان المُسلمين في العالم للضّغط على إيران حتّى تكفّ عن استعمال العنف والتّعنيف والقمع. لقد أعلنت “ريفرين سيفساني”، وهي ناشطة في حقوق النّساء وإحدى المُنظّمات في التّظاهرة، لمجلة “عرب نيوز”:

We urge the Indonesian government to use its power as the country with the largest Muslim population in the world, so the Iranian government stops all forms of violence, including the abduction and murder of its people who are calling for reforms in Iran.

نُطالب الحكومة الإندونيسية فرض سُلطتها باعتباره بلد ذي غالبية مُسلمة الأكثر عددًا في كلّ أرجاء العالم، حتّى تكفّ الحكومة الإيرانية عن كلّ شكل من أشكال العُنف بما في ذلك من احتجاز وقتل شعبها الذّين يُطالبون بإصلاحات في إيران.

طالب المُتظاهرون كذلك بإطلاق سراح الصُّحفيين الذّين تمّ إيقافهم خلال المُظاهرات في إيران؛ وأعلن “أندرياس هارسونو” أحد مُؤسسي “الرّابطة الدّولية للصّحفيين” (AIJ) وباحث في منظمة “يومان رايث ووتش لأندونيسيا” لمجلة “عرب نيوز”:

“في كلّ بلد، بما في ذلك إيران، يكون الأمر صعبًا عندما تُكمّم أفواه حُرية الصّحافة ويُحتجز الصّحفيين”.

لم تقُم السّفارة الإيرانية في “جاكرتا” بأيّ تعليقات على العلن بخصوص الاعتراف بالمُظاهرات القائمة على أبوابها، رغم نشوب اضطرابات في منتصف شهر سبتمبر/أيلول، لقد ظلّت السّفارة الإيرانية في إندونيسيا تُدافع باستمرار عن التّظاهرة المُوّجهة لتحسين صورة إيران في قضايا الجنس وحقوق النّساء عبر حسابها على “تويتر”.

التّهديدات بالحرية في البلد

حذّر بعض النّاشطين من تصاعد تيار المُحافظين في بعض أرجاء إندونيسيا لأنّ هذا يعني بأنّ نساء البلد يمكن لهنّ ضياع حقّهنّ في الاختيار؛ ورغم أنّ الحكومة الوطنية حظرت ارتداء اللّباس الدّيني المفروض عليهنّ في المدارس، فعلى المُستوى المحلّي، من المٌعتاد أن تفرض المدارس العُمومية للبلد أن يرتدينّ البنات الحجاب في المدارس، سواءً مُباشرة أو عبر ضغط اجتماعي كبير.

أعلنت “دونا سويتا” وهي ناشطة في “معهد سلطة المرأة في مقاطعة أساه بإندونيسيا”، إحدى المناطق الأكثر تحفُظًا في البلد والمنطقة الوحيدة التّي تُطبّق الشّريعة أنّ الشّرطة احتجزتها واتهمتها وأرعبتها بحجة عدم ارتدائها الحجاب.

أعلنت في اليومية البريطانية “تليغراف”: “الأمر لا يتعلّق بمنطقة أساه، بل إنّها تُدافع عن هذا الحقّ في كلّ أرجاء البلد”.

شرح تقرير “هيومان رايت ووتش” (HRW) لسنة 2021 بالتّفصيل، تصاعد تيار المُحافظين والأصوليين في إندونيسيا؛ وجاء التّقرير تحت عنوان “أريد الهرب: قانون ارتداء اللّباس المُتعسّف بالنّسبة للنّساء والبنات في إندونيسيا”، ويتمثّل في نقاش حول تصاعد تيار المُحافظين، لاسيما في القرى الرّيفية حيث تُمارس وقفات تعسفية وتُشاع اتهامات ضدّ النّساء والبنات اللّائي يخترنّ عدم ارتداء اللّباس الدّيني أو المُحافظ؛ وهي أجوبة غير واضحة للرّئيس “جوكو ويدودو” (المُلقبّ “جوكوي”) وكذا الحكومة الفيديرالية.

تمّت كتابة التّقرير بقلم “أندرياس هارسونو”، باحث رئيسي في منظمة “هيومان رايت ووتش” في إندونيسيا، حيث يقول التّقرير:

Over the past two decades, women and girls in Indonesia have faced unprecedented legal and social demands to wear clothing deemed Islamic as part of broader efforts to impose the rules of Sharia, or Islamic law, in many parts of the country. These pressures have increased substantially in recent years.

خلال السنوات العشرين الأخيرة، واجهت النّساء والبنات في إندونيسيا شروطًا قضائية واجتماعية دون سابق، لارتداء اللّباس الإسلامي كجزء من المجهودات الكبيرة لفرض قواعد الشّريعة أو القانون الإسلامي في العديد من مناطق البلد؛ وقد تضاعفت هذه الضّغوطات بصورة ملحوظة خلال الأعوام الأخيرة.

في ذات السّياق، نشر المجلس الإداري لصحيفة “جاكرتا بوست”، إحدى الصحف الرّئيسية في إندونيسيا، مقالاً يوم 28 سبتمبر/أيلول، جاء في مضمونها، إذا ما لم يتراجع تصاعد التّيار الأصولي الإسلامي، من المُقدّر أن تُواجه إندونيسيا تهديدًا مُشابهًا لإيران: “على الرغْم أنّ وسائل الإعلام لم تُذكّر الشّعب الإندونيسي بما يحدث في إيران، فإنّه يمكن حدوث الأمر ذاته في اندونيسيا”:

Indonesia, the world’s most populous Muslim country, is known as a representation of moderate Islam. But the tragedy in Iran could happen here if the state does not withstand the temptation to control the private lives of its citizens in the name of religion or ideology.

إندونيسيا، البلد ذو أغلبية مُسلمة في عدد السّكان في العالم، هو معروف كبلد يُمثّله الإسلام المُعتدل؛ لكنّ المأساة في إيران يمكنها أن تحدث هنا في إندونيسيا إذا لم يصمد البلد لمحاولة تقييد الحياة الشّخصية للمُواطنين باسم الدّين والإيديولوجية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.