- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

ركوب الدراجات نشاطٌ محفوفٌ بالمخاطر مع تجاهل مطالب تجهيز الطرق في ترينيداد وتوباغو

التصنيفات: الكاريبي, ترينيداد وتوباجو, بيئة, تطوير, تعليم, سياسة, صحافة المواطن, قانون
[1]

الصورة من كانفا برو [1].

سلبت حادثة صدم وفرار وقعت لدراجة هوائية قبل أربعة أشهر في متنزه كوينز بارك سافانا [2] —أهم المتنزهات الترفيهية في ترينيداد وأكبر المساحات الخضراء في العاصمة بورت أوف سباين— روحًا أخرى، مما أعاد فتح جراح الماضي لأُسر الضحايا السابقين.

في صباح 9 يوليو/تموز، كان المصور الصحفي أنثوني هاريس [3] يقود دراجته في أنحاء المتنزه حين صدمته مركبة. رغم إصابة هاربس البليغة —أُسرع به للمستشفى [4] حيث خضع لجراحة دماغية— لاذّ السائق بالفرار [5] من مكان الحادثة. ماتَّ [6] هاريس في اليوم التالي.

للأسف، هاريس ليس الدرَّاج الوحيد الذي لقي حتفه. في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، دهسَّ [7] سائق فقدَّ السيطرة على مركبته مجموعة من 14 درَّاج [8] على امتداد طريق بيتهام السريع، الطريق الرئيس بين الشرق والغرب في البلاد، ما أسفر عن مقتل اثنان وإصابة آخرين كُثّر رغم مرافقة الشرطة للمجموعة.

فيما تكون الإحصاءات الشاملة عن وفيات الدرَّاجين في ترينيداد وتوباغو محدودة [9]، نالت عدة حالات بارزة على اهتمام العناوين الرئيسية خلال الأعوام الماضية. في 2018 فقط، قُتِلَّ [10] 8 درَّاجين على الأقل. وفقًا للبيانات الصادرة [11] عن منظمة الصحة العالمية في 2020، بلغت نسبة وفيات حوادث السير في ترينيداد وتوباغو 1.51% من إجمالي الوفيات —في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 1.4 مليون نسمة. مع ذلك، صرحَّ [12] وزير العمل والنقل روهان سينانان أنه بين عامي 2018 و2021، شهدت حوادث الطرق المميتة انخفاضًا كبيرًا.

هذا ليس بالكثير لطمأنة مستخدمي الطرق. عند الحديث مع جلوبال فويسز، اعترف الدرَّاج الوطني السابق مايكل فيليبس أن قيادة الدراجة على طرقات البلاد تبدو كمخاطرة، موضحًا سبب تردده حيال السماح لأطفاله، المهتمين بقيادة الدراجات الهوائية، بمرافقته:

I may be very experienced and skilled, but that does not help [in cases where] someone [may] just point-blank hit you from behind. [There are] also issues of ignorance of the law. Sometimes a driver may pass by and shout, ‘Ride on the sidewalk; go somewhere else and ride!’ It will help us if drivers just drove in accordance with the law, understanding that we are legally entitled to use the roads.

قد أكون ذو خبرة ومهارة عالية، لكن ذلك لا يُفيد [في حال] اصطدم بكّ أحدهم من الخلف من مسافة قريبة. ثمة أيضًا مسألة الجهل بالقانون، أحيانًا قد يمر سائق من جانبك ويصرخ، ‘قُد على الرصيف؛ اذهب للقيادة في مكانٍ آخر!’. سيكون من المساعد لو أن السائقين يقودون وفقًا للقانون، ويتفهمون أنه يحق لنا قانونيًا استخدام الطرق.

يُصّنف قانون المركبات والمرور في ترينيداد وتوباغو الدراجات الهوائية على أنها “مركبات”، مما يُتيح للدرَّاجين حق استخدام جميع الطرق، كسائر فئات المركبات الأخرى. حتى أنه كان هنالك حملة تعليمية تحثُّ [13] سائقي السيارات على “مشاركة الطريق”.

كان لفيليبس نصيبه من حوادث الدراجات حيث شاركَّ قصة اصطدام شاحنة به أثناء قيادته الدراجة في متنزه شاغواراماس الوطني في شمال غرب ترينيداد، إنه يتذكر سقوطه عن دراجته فيما لاذت الشاحنة بالفرار. أيُمكن أن يكون هنالك عامل آخر مؤثر في هذا النوع من حوادث الطرق؟ وفقًا لمنظمة أرايف ألايف [14] غير الحكومية، أيًا كانت العوامل المساهمة في وفيات راكبي الدراجات الهوائية قد أدّت أيضًا دورًا لوفيات المشاة، الذين شكلوا النسبة الأكبر (39%) من الوفيات الناجمة عن حوادث السير خلال 2021.

خلال مقابلة مع جلوبال فويسز، قال رايان دارمانين، خبير في التخطيط الحضري، أن الحادثة التي وقعت في يوليو/تموز وأدت لمقتل هاريس شدت انتباهه، خاصةً بسبب مكان وقوعها: “أركض في أنحاء متنزه كوينز بارك سافانا بشكل منتظم جدًا، لذا انتابني شعور شديد بالانزعاج وعدم الأمان جراء حركة المرور عالية السرعة المجاورة.”

مُشيرًا إلى أن القرار الأخير المتمثل في زيادة حدود السرعة من 50 إلى 65 كيلومتر في الساعة حول متنزه كوينز بارك سافانا تسبب تردي الوضع الأمني أكثر، انتقد [15] دارمانين وزارة العمل والنقل [16] لزيادتها حدود السرعة للتوافق مع السرعات المُشار إليها في الطريق بمنتهى البساطة، عوضًا عن إعادة تصميم الطرقات للحث على إبطاء السرعة.

على أعقاب وفيات راكبي الدراجات في طريق بيتهام السريع خلال 2018، صرحَّ [10] وزير العمل والنقل روهان سينانان أن الحكومة كانت تعمل على تحسين أمن الطرق عبر مشروع سياستها بشأن ركوب الدراجات الهوائية في الطرق، الذي قدمه للحكومة في 15 نوفمبر /تشرين الثاني. يهدف التشريع لضمان إدماج لوزام أنشطة ركوب الدراجات الهوائية في البنية التحتية للطرق الحالية وتصاميم التنمية الجديدة. التزامًا بإصلاح الطرق في شاغواراماس، المستخدمة بكثافة من قبل راكبي الدراجات، أشار الوزير أيضًا إلى أنه تم تحديث قانون الطرق السريعة وقانون المركبات والمرور لفرض غرامات ونقاط سلبية على أي شخص يرتكب مخالفة متعلقة بركوب الدراجات.

فيما أكملت الوزارة مشروع إصلاح طرقات شاغواراماس بين 2019 و2020 الذي شملَّ 6.4 كيلومتر من المسارات المخصصة للدراجات، كانت هناك ردود فعل متباينة. لقيت الإجراءات استحسان البعض، بينما اعتبر البعض الآخر حواجز الحماية الممتدة على طول الطريق ضعيفة جدًا ليكون لها أي فائدة تُذكر عند وقوع حادثة.

بحلول 2019، أشار [17] سينانان أنه فيما تلتزم [18] الحكومة بإنشاء بنية تحتية ملائمة، من مسؤولية المواطنين أن يكونوا أكثر مسؤولية على طرق البلاد.

وفقًا لدارمانين، الاعتقاد بأن “اتباع نهج صارم هو كل ما يتطلبه الأمر” غير مجدي:

We believe that laws, fines and appealing to personal responsibility can solve every imaginable problem. […] Maybe that works in authoritarian systems of governance, but we see time and time again that it fails in democracies. […] There are design factors that inherently encourage drivers to speed, by subconsciously suggesting that it is safe to do so, regardless of what a speed limit indicates. Addressing the issue requires creating an environment that is uncomfortable to speed in.

نعتقد أنه بإمكان القوانين، والغرامات، ومناشدة المسؤولية الشخصية حل كل مشكلة يُمكن تصورها. […] قد يفلح ذلك في أنظمة الحكم الاستبدادية، إلا إننا نرى فشل هذا النهج مرارًا وتكرارًا في الأنظمة الديمقراطية. […] ثمة عوامل تصميم تحفز السائقين غريزيًا على الإسراع، بالإيحاء لا شعوريًا بأنه من الآمن الإسراع، بغض النظر عما تُشير إليه حدود السرعة. تتطلب معالجة المشكلة خلق بيئة تفرض إبطاء السرعة.

متحدثًا خلال حدث قص شريط بعد فترة وجيزة من وفاة هاريس في يوليو /تموز، قال [19] سينانان أنه بينما تُبذل الجهود لتعزيز أمان راكبي الدراجات في أنحاء متنزه كوينز بارك سافانا، تُشكل المساحة عامِلًا مقيدًا.

الحقيقة هي أن البنية التحتية الملائمة لمستخدمي الطرق غير متوفرة [20] لمجموعة من الأسباب المتمثلة في عدم كفاية الصيانة [21]، و”قيود المساحة [20]“، وسوء التخطيط الحضري. فيما قد لا تكون إعادة التجهيز المكثفة خيارًا واردًا، ثمة مناهج أخرى ممكنة. ينصح دارمانين أنه يُمكن تنفيذ تدابير “تهدئة حركة السير” —بما فيها رفع معابر المشاة، ومطبات السطح العلوي المستوي، وتمهيد طُرق غير ملساء، وطُرق سفر أضيق— في الطرقات الخطيرة. في الوقت ذاته، يُمكن أيضًا توسيع الأرصفة وإنشاء خطوط محمية للدراجات، كما هو الحال في المدن ذات الكثافة السكانية العالية مثل نيويورك. كما يُمكن تخصيص أيام لزيارات المشاة والدراجات الهوائية فقط في بعض الطرق لحث الناس على الخروج في بيئة أكثر أمانًا، ويُمكن للحكومة النظر في إلغاء أو تقليل تأثير رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة على الدراجات الهوائية ومعدات السلامة، إضافة لتقديم حوافر مالية لإنشاء مواقف للدراجات الهوائية ومرافق غسيل في مكاتب القطاع العام والخاص.

رغم شعور دارمانين بضرورة إعادة تصميم الطرق المحلية للحث على إبطاء السرعة، قال أخيرًا، “أي هيئة تضع سياسة لا تركز على خطر وفاة المشاة وراكبي الدراجات لإدارة حركة المرور في المناطق الحضرية وفقًا لسرعة سير المركبات، تتصرف بشكل غير مسؤول جدًا مع حياة المواطنين.” العامل الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بوفيات حوادث الطرق هو إجمالي الأميال التي تقطعها المركبات. بعبارة أخرى، كلما ازدادت مسافة القيادة، زادت الوفيات أكثر. يُمكن أن يساعد نظام نقل عام آمن وفعال في خفض هذه الأرقام على المدى الطويل.

ثمة أيضًا عقبة أخرى لتجاوزها: الأخلاقيات. أخبرَّ مخطط النقل العام أونيكا موريس ألين جلوبال فويسز أن “كل من المشاة وراكبي الدراجات عرضة للخطر بسبب العقليات والمناهج المتمحورة حول السيارات في جوانب البنية التحتية، والعمليات، والتنفيذ. اتفق دارمانين معه، موضحًا، “نفشل تمامًا في رؤية الترابط القائم بين صنع القرار في مختلف الوزارات والهيئات. […] أطلقت وزارة الصحة مؤخرًا حملة ترينيداد وتوباغو تتحرك [22] لزيادة النشاط البدني. بالطبع، تكمن الطريقة الأمثل لزيادة النشاط البدني في تعزيز وجوده في وسائل النقل. مع ذلك، تتمحور جميع مخططات التخطيط الحضري لدينا حول تلبية احتياجات القيادة، وقراراتنا المتعلقة بالنقل تتم بالمثل.”

“المسألة ليست في أننا لا نملك خطط حضرية جارية في ترينيداد وتوباغو”، واصل قائلًا، “بل في أن النتائج التي نحصل عليها هي تبعات مباشرة لنهج تخطيط معين أتبعناه منذ الاستقلال.” لم تتوقع أو تتجاوب البلاد على نحو فعال مع التغيّر، وأخفقت رؤية كيف سيُفيد وجود دراجات أكثر على الطرقات السائقين (ازدحام مروري أقل كثافة)، وتُجار التجزئة (حركة مشاة أكثر كثافة)، والبيئة (انبعاث غازات دفيئة أقل).

في غضون ذلك، قال موريس ألين أنه في غياب “نهج شامل ومدروس” لسياسة النقل الوطنية، “سنواصل الدوران في حلقات مفرغة.” لا يوجد حل سحري— ما يوجد في ترينيداد وتوباغو هو قصص نجاح [23] يُمكن التعلم منها لتطوير “سياسات ومناهج تراعي السياق.” موضحًا فكرة أن “جميع بيئات النقل عبارة عن مجموعة استثنائية من المواقع الجغرافية، والبُنى التحتية، والثقافة،” افترضَّ موريس ألين:

The main solution is people-first transportation system design, which is connected to many many other issues in the areas of land use, public health and education. […] Infrastructure design [24] is probably the most critical and tangible aspect. Are we designing our infrastructure to move and protect cars or move and protect people?

يتمثل الحل الرئيسي في تصميم نظام نقل يقوم تلبية احتياجات الناس أولًا، والذي يتصل بالعديد من المسائل الأخرى في جانب استخدام الأراضي، والصحة العامة، والتعليم. […] على الأرجح يُعد تصميم البنية التحتية [24] الجانب الأكثر أهمية وواقعية. أنعمل على تصميم بنيتنا التحتية لنقل وحماية السيارات أم الناس؟

بالنسبة للعديد من الأُسر التي فقدت [25] أحبائها بفعل حوادث الطرق، الإجابة واضحة.