- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

إندونيسيا ماضية في نقل عاصمتها إلى نوسانتارا رغم المعارضة الشعبية المتصاعدة

التصنيفات: شرق آسيا, اندونيسيا, الاقتصاد والأعمال, بيئة, تاريخ, سياسة, صحافة المواطن, Green Voices
President Joko Widodo alongside the Governor of East Kalimantan Isran Noor visiting the location of Nusantara. Photo by BPMI President's Secretariat/Muchlis Jr - President of the Republic of Indonesia. Source: Wikipedia

الرئيس جوكو ويدودو إلى جانب حاكم شرق كاليمانتان إسران نور يزوران موقع نوسانتارا. تصوير: سكرتارية رئيس BPMI / Muchlis Jr – رئيس جمهورية إندونيسيا. المصدر: ويكيبيديا [1] غبر المشاع الابداعي [2]

بعد توقف مؤقت [3] بسبب جائحة فيروس كورونا، تواصل إندونيسيا خطتها طويلة المدى، والمعروفة أيضًا باسم مشروع IKN، لنقل عاصمتها من جاكرتا إلى موقع جديد في شرق كاليمانتان في جزيرة بورنيو. في خطوة تكاد تكون غير مسبوقة، تعمل الحكومة الإندونيسية على إنشاء المدينة بالكامل من الصفر، إذ قامت بقطع آلاف الهكتارات من الغابات، والحقول، والمراعي، لإفساح المجال للمدينة الجديدة والتي سيطلق عليها اسم نوسانتارا. من المقرر إنهاء المرحلة الأولى من المشروع بحلول عام 2024.

تهدف عملية النقل إلى تخفيف الضغوط الديموغرافية على العاصمة جاكرتا، التي تعاني من الازدحام المروري [4]، والاكتظاظ، والتلوث [5].

وتواجه جاكرتا أيضًا ضغوطًا مناخية هائلة بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر، حيث تقع 40 في المائة من المدينة تحت مستوى سطح البحر. وما يفاقم المشكلة، هو غرق المدينة بمعدل 11 بوصة سنويًا [6] في بعض المناطق، بسبب الإفراط في استخدام المياه الجوفية أسفل المدينة. تضافرت هذه العوامل لتنتج فيضانات سنوية كارثية، تسببت في نزوح الآلاف من سكان جاكرتا، وأجبرت الناس على هجر بعض القرى الساحلية [7]. ومع تفاقم أزمة المناخ، من المتوقع أن يصبح الوضع أكثر هشاشة بالنسبة لسكان السواحل.

 فكرة [8] نقل العاصمة ليست بالجديدة، فقد اقترح الرئيس سوكارنو نقل العاصمة إلى بالانجكارايا – مدينة في وسط الأرخبيل الإندونيسي – في عام 1957. غير أنه لم يتم تنفيذ فكرة سوكارنو إطلاقًا. بعد ذلك، خلال حكم سوهارتو في التسعينيات، تم تقديم اقتراح [9] لنقل العاصمة إلى جونغول. ومرة أخرى، لم تتحقق هذه الخطة. خلال رئاسة سوسيلو بامبانج يودويونو (2004-2014)، تم إحياء الاقتراح كحل للاختناقات المرورية، والفيضانات في جاكرتا. ولكن لم يحدث أي تقدم لغاية 29 أبريل/نيسان 2019، حيث قام الرئيس جوكو ويدودو (جوكووي) أخيرًا باتخاذ خطوة حاسمة، ووافق على خطة [10] لنقل الحكومة المركزية من جاوة.

تبلغ مساحة أرض [11] العاصمة الجديدة حوالي 256,142 هكتارًا، ومساحتها المائية حوالي 68,189 هكتارًا.

يأمل الرئيس جوكووي أن تكون العاصمة الجديدة بمنزلة المدينة الفاضلة – “مدينة ذكية [12]” خضراء، مع قوة عاملة جيدة [13]، وتكنولوجيا متطورة. وشارك رؤيته للعاصمة كالتالي:

Energy sources in the new Indonesian capital will come from renewable energy [14]. For transportation, the government will develop electric-based autonomous vehicle technology. Pedestrians and cyclists will appreciate it most. The distance to everywhere can be in ten minutes.

ستكون مصادر الطاقة في العاصمة الإندونيسية الجديدة من الطاقة المتجددة [14]. أما بالنسبة للنقل، فستعمل الحكومة على تطوير تكنولوجيا المركبات الكهربائية المستقلة. وسينال ذلك إعجاب المشاة، وراكبي الدراجات. كما يمكن أن يستغرق الوصول إلى أي مكان عشر دقائق.

ردد [15] بامبانج سوسانتونو، رئيس سلطة العاصمة نوسانتارا، آراء جوكووي، مضيفًا أن المدينة الجديدة ربما تكون نعمة للمجتمع الإندونيسي:

Building a city is not only about building its physical body but mainly about social cohesion, the interaction between its citizens, how the city becomes a humanist, liveable city. We are pleased for all society to support that the Capital of the Nusantara becomes an inclusive, green city, and sustainable, built for all, a city for all.

لا يقتصر بناء مدينة على بناء هيكلها المادي فحسب، بل الأمر يتعلق بشكل أساسي بالترابط الاجتماعي، والتفاعل بين مواطنيها، وكيف تصبح المدينة مدينة إنسانية، وصالحة للعيش. يسعدنا أن يدعم كل المجتمع أن تصبح عاصمة نوسانتارا مدينة شاملة، وخضراء، ومستدامة، ومبنية للجميع ومدينة للجميع.

معارضة السكان الأصليين والمجتمع المدني

أثارت هذه الخطوة انتقادات كثيرة من جماعات نشطاء، ونشطاء من السكان الأصليين، الذين يجدون أن مشروع IKN ليس إلا مثالاً آخر على استيلاء الحكومة على أراضي السكان الأصليين. كانت منطقة كاليمانتان تعاني مشاكل سرقة الأراضي في الماضي، حيث منحت الحكومة الأراضي التي يملكها السكان الأصليون والمزارعون لشركات التعدين والزارعة دون موافقة المجتمع المحلي.

قال إيراسموس كاهيادي [16]، نائب الأمين العام لتحالف الشعوب الأصلية في الأرخبيل (AMAN)، وهو تنظيم مجتمع مدني محل: “قبل الحديث عن المشروع العاصمة الجديدة بوقت طويل، لم يكن موقع المشروع أرضًا فارغة، أو أرضًا دون ملاك، ولكن أرضًا مملوكة، ويسيطر عليها السكان الأصليون والمزارعون. ولكن، فيما بعد، صارت الأراضي تحت إدارة شركات التعدين والمزارع “.

وفقًا لملاحظات AMAN نهاية عام 2021 [17]، يعيش 21 مجتمعًا أصليًا في منطقة المشروع. تقدّر AMAN أنه سيتم تهجير ما لا يقل عن 20,000 من السكان الأصليين بسبب المشروع. وردد كارهادي ما يعتقده العديد من السكان المحليين حول المشروع: “إن المشروع يرمي فقط لتحقيق مآرب تجارية، وسياسية.”

يقدر الخبراء أن المشروع يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تفاقم النزاعات المحلية، وتقويض برامج الإصلاح الزراعي في المنطقة. وأشار رئيس مناصرة السياسات لاتحاد الإصلاح الزراعي، روني سيبتيان، إلى أنه خلال السنوات الخمس الماضية [18]، حدث 30 صراعًا زراعيًا في مساحة قدرها 64,707 هكتارًا، بسبب نزاعات على الأراضي في شرق كاليمانتان. من المتوقع أن تزداد هذه النزاعات، نظرًا للعدد الهائل من الأشخاص الذين سيتم تهجيرهم قريبًا بسبب المشروع.

المخاوف السياسية والبيئية

لاقت خطة العاصمة الجديدة معارضة شعبية أيضًا. واقترح رئيس حزب العدالة المزدهرة المعارض، مرداني علي سيرا، أن تركز إدارة جوكووي على تنمية الموارد البشرية [19] في العامين المتبقيين من الحكم.

The most important thing is not building a new State Capital but building intellectual centers, centers for improving human resources, the best universities, and training centers.

إن أهم شيء ليس بناء عاصمة دولة جديدة، وإنما بناء مراكز فكرية، ومراكز لتطوير الموارد البشرية، وأفضل الجامعات، ومراكز التدريب.

نشر معهد ناراسي عريضة عبر الإنترنت [20]، يحث فيها الحكومة على وقف خطة نقل عاصمة الدولة إلى كاليمانتان. وأكد البيان أن الحكومة يجب أن تركز على المخاوف الأكثر إلحاحًا، مثل جائحة كوفيد-19، والأزمة الاقتصادية الناشئة. وحصلت العريضة على 35,971 توقيعًا منذ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

إضافة إلى ذلك، عارضت 19 منظمة من منظمات المجتمع المدني، والمنخرطة في اللجنة الوطنية للإصلاح الزراعي، علنًا مشروع عاصمة الدولة الجديدة في شرق كاليمانتان. أشار أولي أرثا سياجيان، مدير حملة الغابات والمزارع من منتدى البيئة، إلى أن موقع المشروع [16] هو مصدر مياه استراتيجي للمجتمعات المجاورة. وحذر من أن إنشاء المشروع يمكن أن يقطع إمدادات المياه، ويدمر النظام البيئي لغابات المانغروف في خليج باليكبابان، التي تغطي مساحة قدرها 2,603.41 هكتارًا. فضلاً على ذلك، سيتأثر 14 مستجمعًا مائيًا بالمشروع، مما قد يؤدي إلى كوارث بيئية في المستقبل.

وقد تكون هناك عواقب بيئية أخرى أيضًا، حيث أكد عضو اللجنة الرابعة لمجلس النواب يوهان روسيهان [21]، أنه بناءً على نتائج الدراسة البيئية الإستراتيجية التي أجرتها وزارة البيئة والغابات، كانت هناك ثلاث مناطق في موقع المشروع ذات قيمة بيئية عالية – مما يعني أنها تحتوي على أنظمة بيئية، ونباتات، وحيوانات [22]، أساسية أو متوطّنة، يجب حمايتها. قال روسيهان: “إنني أتساءل عن خطوات التخفيف، ومبادئ التكيّف، التي ستتخذها الحكومة للمناطق ذات القيم البيئية العالية في ظل وجود هذا المشروع”.

بغضّ النظر عن المشاكل المحتملة المتعلقة بالبيئة، والأخلاقيات، واستخدام الأراضي، تساءل البعض أيضًا [23] عن كيفية تمويل المشروع الذي تبلغ قيمته 34 مليار دولار أمريكي.

مع المعارضة المحلية، تسير أعمال البناء كما هو مخطط لها، وعلى مدى العامين المقبلين، تشمل الخطة [24] بناء قصر رئاسي جديد، ومبنى مجلس الولايات، و500 ألف سكن مخصص لموظفي الخدمة المدنية. كما يأمل الرئيس الاحتفال بعيد الاستقلال الإندونيسي 79 في العاصمة الجديدة في 17 أغسطس/آب 2024.