سريلانكا: احتمال وقوع 9.5 مليون نسمة في براثن الفقر، تشير الدراسة

ماتو بونغال (مهرجان رأس السنة التاميلية) في ديرانياغالا، سريلانكا. هذا العام، قيل للذين أعدوا وجبات الطعام أن كمية الخضروات أقل مما يستخدمون عادةً بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني. الصورة من انستغرام مُلتقطة بواسطة أمَليني، مُصرح باستخدامها.

نُشر هذا المقال في الأصل من قبل البروفسور الأكاديمي واسانتا أثوكورالا في غراوندفيوز، موقع إلكتروني لصحافة المواطن حائز على جوائز. نُشرت نسخة محررة هنا كجزء من اتفاقية مشاركة المحتوى مع جلوبال فويسز.

تشهد سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية لها منذ الاستقلال مع التراجع السريع لمعدل النمو الاقتصادي إضافة للعجز المالي المتزايد في ميزان المدفوعات، وميزانية واستثمار ومدخرات الحكومة. أُفيد أن إجمالي الناتج المحلي الفعلي كان 3.6-% خلال 2020 و3.7% خلال 2021 و4.8-% خلال النصف الأول من 2022. وفقًا لأحدث تقارير التركيز الاقتصادي لجنوب آسيا وسريلانكا أبدايت، من المتوقع انخفاض إجمالي الناتج المحلي الفعلي بنسبة 9.2% خلال 2022 و4.2% أخرى خلال 2023. يُثير الوضع السياسي المضطرب إلى جانب اختلال القطاع الضريبي، والخارجي، والمالي شكوكًا كبيرة حول المستقبل الاقتصادي. أثرت الأزمة الاقتصادية المستمرة سلبًا على الظروف المعيشية ومن المتوقع أن تزيد من الفقر بدرجة كبيرة.

تُقدر إدارة إحصاءات التعداد السكاني خط الفقر الرسمي في البلاد شهريًا، لكن لم يُجر الاستطلاع خلال هذا العام. لهذا لا توجد معلومات رسمية متوفرة لفهم وضع الفقر في البلاد. في غضون ذلك، يزعم البنك العالمي أن الانتعاش الاقتصادي خلال 2021 غير كافٍ لإعادة مستويات الفقر لسابق عهدها قبل الأزمة. تُظهر تجارب المحاكاة أن الأزمة المالية المستمرة قد تزيد من مستوى الفقر إلى 25.6% خلال 2022، أي وقوع أكثر من 2.5 مليون شخص في الفقر بين 2021 و2022 واستعادة مستويات الفقر إلى ما كانت عليه خلال 2009 البالغة 57.9%.

نظرًا لعدم وجود دليل علمي على وضع الفقر في البلاد، أجرى فريق بحث من جامعة بيرادينيا يضم البروفسور موديثا كاروراثنا، والبروفسور تيلاك باندارا، والدكتور شيامانثا سوباسينها، والسيدة لاكشيكا ويراغودا، تحت إشراف البروفسور واسانثا أثوكورالا (أنا) دراسة في هذه المنطقة. تُقدر الدراسة نسبة عدد الفقراء لشهر يوليو/تموز 2022 باستخدام بيانات خط الفقر الرسمي الصادرة عن إدارة التعداد والإحصاء السيريلانكية. تتخذ المنهجية الأساسية لهذه الدراسة عدة خطوات. تمثلت الخطوة الأولى في تحديدنا لخط الفقر الرسمي لشهر يوليو/تموز 2022 الذي يعادل 13،138 روبية سريلانكية (35.76 دولار أمريكي لكل شهر، ما يساوي 1.19 دولار لليوم). مما يعني أن عائلة من أربعة أفراد تحتاج إلى 52،552 روبية سريلانكية (143 دولار أمريكي) في الشهر على أقل تقدير لتلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الاستهلاكية، التي كانت 31،652 روبية سريلانكية (86.14 دولار أمريكي) في 2021 (ارتفع بمقدار 66% خلال 7 أشهر).

تمكّنا من تحديد إجمالي عدد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر الرسمي باستخدام هذه الطريقة. لم تشمل تقديراتنا سوى فئات الدخل الدُنيا. بالتالي، تُمثل هذه الدراسة الحد الأدنى من الفقر في البلاد.

انخفض متوسط الدخل الشهري للأسر من 76،390 روبية سريلانكية (207.87 دولار أمريكي) في 2021 إلى 72،720 روبية سريلانكية (97.88 دولار أمريكي) بحلول يوليو /تموز 2022. أثناء ذلك، ارتفع معدل التضخم بمقدار 52% بين يناير /كانون الثاني ويوليو /تموز 2022. خلال الفترة ذاتها، ارتفع معدل التضخم الغذائي بمقدار 60% فيما ارتفع معدل التضخم غير الغذائي بمقدار 45%. لقد ارتفع خط الفقر الرسمي بنحو 66% خلال الفترة ذاتها. كل هذا يوفر دليلًا على أعلى معدل نمو في مستويات الفقر بعد يناير /كانون الثاني 2022.

عند النظر في المجموعات العُشرية (للدخل) في البلاد، كانت المجموعتين العُشرية الأولى والثانية (الأدنى) تحت خط الفقر بحلول نهاية 2021 (نحو 1.14 مليون أسرة أو 4.56 مليون شخص). أصبحت المجموعتين العُشرية الثالثة والرابعة وأكثر من 140 ألف أسرة ممن كانوا في المجموعة العُشرية الخامسة تحت خط الفقر بين يناير /كانون الثاني ويوليو /تموز 2022. مما يعني أن نحو 1.28 مليون أسرة أو 5.12 مليون شخص أصبحوا تحت خط الفقر في فترة لا تتجاوز السبعة أشهر. وفقًا لخط الفقر الرسمي، يُعتبر الأشخاص الذين يعيشون في الأُسر التي يقل إجمالي إنفاقها الاستهلاكي الفعلي للفرد عن 6،966 روبية سريلانكية (18.95 دولار أمريكي) خلال 2019 فقراء. طبقًا لذلك، تعيش 11.9% من الأُسر في الفقر، أي ما يعادل 681،800 أسرة و3،042،300 فردًا (14.3%). تُشير تقديراتنا التي تتبع نهج الدخل إلى أن عدد الأُسر التي يقل مدخولها عن خط الفقر الرسمي يُقدر بنحو 2،422،500، أي ما يعادل 42% من إجمالي الأُسر في البلاد. يشمل ذلك نحو 9،690،000 شخص (44%).

أولت الميزانية المؤقتة التي قدمها وزير المالية بعض الاهتمام للتحويلات النقدية المباشرة للأُسر الفقيرة في الآونة الأخيرة. يشمل ذلك تقديم إغاثة فورية لنحو 3.2 مليون شخص متأثر بالوضع الاقتصادي الحالي. بموجب ذلك، تمت زيادة المعونة الشهرية لمبلغ يتراوح بين 5 ألف روبية سريلانكية (13.61 دولار أمريكي) و7،500 روبية سريلانكية (20.42 دولار أمريكي) في الشهر لنحو 1.7 مليون أسرة تتلقى المعونة. علاوة على ذلك، قُدِّمتْ مؤقتًا 5 ألف روبية سريلانكية (13.61 دولار أمريكي) في الشهر لنحو 726 ألف أسرة كانت في لائحة الانتظار لتلقي المعونات. تُدفع المعونة لكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، ومرضى الكلى وتمت زيادتها لمبلغ يتراوح بين 5 ألف روبية سريلانكية (13.61 دولار أمريكي) و7،500 روبية سريلانكية (20.42 دولار أمريكي) في الشهر. سيتم تنظيم معونة مؤقتة بمبلغ 5 ألف روبية سريلانكية (13.61 دولار أمريكي) للأشخاص المدرجين في لائحة الانتظار. هذا دليل على تحسن برامج الرعاية الاجتماعية؛ مع ذلك، يجدر بهم التركيز بدقة على احتياجات الأُسر المحتاجة. عند أخذ التضخم السائد بالاعتبار، يُشكل هذا النوع من التحويلات النقدية الصغيرة حوالي 9% من الحد الأدنى من احتياجاتهم من النفقات ولا تستوفي الحد الأدنى من احتياجاتهم.

لا يقدم بحثُنا أدلة كافية لتوضيح مدى انتشار الفقر في البلاد حسب القطاع أو المنطقة. إلا إنه من الواضح أن معظم أصحاب الدخل المنخفض قلصوا من عدد وجباتهم، وانتقلوا لاستهلاك المنتجات ذات الجودة والتكلفة المنخفضة، وقلصوا من نفقات أطفالهم الطبية والتعليمية. زادت الحكومة من ضرائبها غير المباشرة والمباشرة، ما أثر سلبًا على فئة الدخل المتوسط في البلاد كذلك. حاولت الأُسر الريفية النجاة من خلال جمع مختلف الأشياء من الحدائق الخلفية لمنازلهم لكن إمكانات كهذه لا وجود لها في المُدن. نتيجة لذلك، تأثرت الأُسر في المناطق الحضرية بشدة بفعل الأزمة الغذائية. كان الأطفال والأمهات الحوامل، على وجه التحديد، عرضة لخطر الإصابة بنقص في التغذية بسبب كمية، وجودة الاستهلاك الغذائي في فئات الدخل المنخفض، التي عانت بشدة خلال هذه الفترة الزمنية.

تمر البلاد بوضع حرج. لقد أثرَّ التضخم الغذائي، وفقدان فرص العمل، ومحدودية إمدادات الأسمدة، وتراجع معدل التحويلات المالية على الأُسر الأفقر بشكل غير متكافئ. كما فاقمت التغيُّرات الحالية في الهيكل الضريبي (تزايد الضرائب المباشرة وغير المباشرة) من سوء الوضع. من الجلي أن جميع الفئات المهمشة تعاني كثيرًا. على سبيل المثال، أكثر من 3 مليون أسرة تمتهن الصيد البحري، وأكثر من مليون أسرة في القطاع الزراعي، ونحو 300 ألف من أصحاب الأجور اليومية هم ضحايا مباشرين للأزمة. يعيش نحو 20% من السكان في الأحياء الفقيرة (كنسبة مئوية من سكان المناطق الحضرية). مع مرور الزمن، قد تصبح هذه الفئة أكثر عنفًا وتلجأ لوسائل غير أخلاقية وغير قانونية لكسب لقمة العيش.

شكلت المشاريع البالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة أكثر من 75% من جميع الأعمال التجارية، ووفرت 45% من جميع فرص العمل وأسهمت بمقدار 52% من إجمالي الناتج المحلي في سريلانكا. بلغَّ عدد منشآت المشاريع البالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة 1.017 مليون (يتضمن ذلك 935 ألف مشروع بالغ الصغر و71 ألف مشروع صغير) وتُشكل نحو 99.7% من إجمالي منشآت القطاع غير الزراعي. يوفر قطاع المشاريع البالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة سُبل العيش لما يقارب 2.23 مليون شخص، وهو ما يزيد عن 75% من إجمالي توظيف القطاع الخاص في القطاع غير الزراعي (وفقًا لإدارة التعداد والإحصاء السريلانكية في 2020). تأثر هذا القطاع للغاية جراء الإصلاح الضريبي، والتغيرات في أسعار خدمات الهاتف والكهرباء والماء، والتضخم، إضافة للأزمة الاقتصادية السائدة.

لابد أن تُعالج سريلانكا الضعف الاقتصادي الذي طال أمده في إطار سياسة اقتصادية كلية سلمية ما زال يتعين تطويرها. تُعيد الحكومة حاليًا التفاوض بشأن ديونها مع المقرضين الثنائيين بما فيهم الصين واليابان وجهات متعددة الأطراف مثل مصرف التنمية الآسيوي والبنك العالمي. بعد إنشاء خط ائتمان لدي صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يستقر اقتصاد البلاد من خلال خفض التضخم، وتسوية ميزان المدفوعات وأزمات أسعار الصرف، وطرح خطة تعافي بصفة أساسية.

لا تزال أزمة البلاد السياسية عائقًا أمام العملية الجارية، فبعض التدابير الأساسية مثل تحسين الحوكمة، والقضاء على الفساد لا تحظى بالاهتمام اللازم. لذلك، أتوقع أن يزداد وضع النظام سوءًا لمرحلة لا يُمكن تداركها.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.