- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

نداء اليوم الدولي للمهاجرين: أوقفوا العمل الجبري وأعيدوا للعمال حرية تصرفهم

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, شرق آسيا, إثيوبيا, الإمارات, البحرين, السعودية, العراق, الكويت, عُمان, قطر, لبنان, الأعراق والأجناس, النساء والنوع, الهجرة والنزوح, حقوق الإنسان, صحافة المواطن, عمل, قانون, الجسر, A World Cup of shame

عمل فني لمريم أ.، مستخدم بإذن.

سلّطت بطولة كأس العالم في قطر الضوء مرة أخرى على واقع العمال المهاجرين وكشفت عن قصص الموت والإصابة وظروف العمل الخطيرة التي فُرضت على الأشخاص الذين أنشأوا البنية التحتية لهذا الحدث.

قدّرت صحيفة “ذي غارديان [1]” عدد العمال المهاجرين الذين قضوا في العقد الماضي منذ فازت قطر بحق استضافة بطولة كأس العالم 6500 ضحية. ويلفت التقرير النظر إلى القضايا المهمة المتعلقة باستغلال العمال المهاجرين على يد أرباب العمل في القطاعين العام والخاص على حد سواء.

طغى الاهتمام الذي حظي به عمال البناء على مجموعة مهمة أخرى غفلت عنها الذاكرة العامة، وهي العمال المنزليين المهاجرين. تشكل العاملات من جنوب وجنوب شرق آسيا وأفريقيا نحو 17 في المئة [2] من 41.4 مليون مهاجر في دول الخليج، ويعمل معظمهن في قطاع العمل المنزلي. وتضم قطر وحدها 180000 من هؤلاء العاملات.

يشكل اليوم الدولي للمهاجرين [3] فرصة مناسبة للدعوة إلى معالجة القضايا الهيكلية التي تؤدي إلى استغلال العمال، وتسليط الضوء على سبل استعادة حرية تصرفهم وولايتهم على حياتهم.

يُعد نظام الكفالة [4] نظام الهجرة الكامن وراء ظروف العمل القسري، الذي يرعى عقود عمل المهاجرين في معظم دول الخليج باستثناء العراق. ويعتمد العمل ووضع هجرة العمال وحرية تنقلهم على أرباب العمل وفق هذا النظام، الذي يتسبب بالتالي بانتشار العمل الجبري ويقوض حرية تصرف العمال.

يشكل نظام الكفالة خير مثال على نُظم التأشيرات الاستغلالية والتقييدية التي ترعى العمالة الموسمية المؤقتة أو المقيّدة في سياقات أخرى أيضًا، ويؤدي إلى ظروف شبيهة بالاتجار بالمهاجرين [5].

يلفت التحالف العالمي ضد الاتجار بالنساء [6] إلى أشكال سوء المعاملة وظروف العمل الجبري التي تتيحها نُظم التأشيرات التقييدية في دول مثل الولايات المتحدة [7].

يسمح نظام الكفالة بترحيل العمال إذا تركوا عملهم من دون إذن خطي من أرباب عملهم. ويعتمد العمال كليًا على أرباب العمل لتجديد تأشيراتهم، ما يحرمهم فعليًا من حقهم في تحديد مكان إقامتهم أو عملهم. وهذا يعني أن العمال لا يملكون حرية تصرف تُذكر لإيجاد بدائل للأجور المتدنية أو ظروف العمل السيئة. بالإضافة إلى ذلك، يتعرض [8] العمال على نحو متكرر لسرقة الأجور، وعدم تقاضيها، والعمل المفرط من دون إجازة أسبوعية أو فترات استراحة منتظمة على مدى اليوم.

في حالات كثيرة، يصادر أرباب العمل وثائق هوية العمال، مثل جوازات السفر عند دخول البلاد، لا بل يقيدون أيضًا وصولهم إلى الهواتف المحمولة ويحدون من اتصالهم بعائلاتهم، وتقيّد هذه الإجراءات بشدة استقلالية العمال. ويُعد العمال المنزليون فئة ضعيفة بشكل خاص بسبب طبيعة عملهم، أي داخل منازل أرباب العمل.

بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لثقافة الإفلات من العقاب التي تحيط بهذه الانتهاكات والملاحقة القانونية الجنائية للعمال الذين “يهربون” من منازل أرباب العمل، لا يخضع أرباب العمل لأي مساءلة تُذكر.

خلصت دراسة رائدة [9] أجرتها منظمة Egna Legna [10]، التي تُعنى بالعمال المهاجرين وتتخذ من لبنان مقرًا لها، إلى أن 68 في المئة من العمال في العينة التي ضمت نحو 1000 عامل منزلي مهاجر في البلاد قد تعرضوا للتحرش الجنسي مرة واحدة على الأقل. وكان الجناة في الغالب هم أرباب العمل (70 في المئة من الحالات المبلَّغ عنها)، وأصدقاء وأقارب أرباب العمل (40 في المئة).

في هذا السياق، حُرم العمال من اللجوء إلى العدالة، وأفادت أيضًا القلة التي شملتها الدراسة ولجأت إلى أجهزة إنفاذ القانون أن الجهات المعنية صرفتهم أو طلبت منهم توخي الحذر أو حتى الهروب. يخلّف سوء المعاملة المستشري وغياب الدعم من السلطات المحلية، بالإضافة إلى الانفصال عن العائلة، تأثيرًا خطيرًا على صحة العمال العقلية. فقد فكر الكثيرون من المشاركين في الدراسة في إيذاء نفسهم أو الانتحار.

والجدير بالذكر أيضًا أنه يُنظر أحيانًا إلى العمال المهاجرين السود ككائنات جنسية وتتم سوء معاملتهم. فقد أفاد [11] عمال قادمون من المنطقة الأفريقية أنهم تعرضوا لأشكال متنوعة من العنف الجسدي واللفظي والجنسي أكثر من العمال من البلدان الأخرى.

وتلعب أيضًا نُظم الهجرة في بلدان الأصل دورًا في زيادة ضعف العمال. فقد منعت [12] إثيوبيا مثلًا، عمل الإثيوبيين في المنازل في دول الخليج، حتى مع استمرار الوكلاء في استقدامهم وتوظيفهم في هذا القطاع بشكل غير قانوني. ويضطر العمال إلى دخول دول الخليج باستخدام تأشيرات زيارة والبقاء فيها بعد انتهاء مدة إقامتهم القانونية، ويعرضهم ذلك لاستغلال إضافي من قبل الوكلاء وأرباب العمل والسلطات المحلية.

في هذا الصدد، يفيد [13] التحالف العالمي ضد الاتجار بالنساء أن السياسات التي تقيد حركة المرأة كمبرر للحد من الاتجار بهن تدفع العاملات إلى طرق الهجرة غير الشرعية. بالنسبة إلى المهاجرات، تمنح الهجرة الاستقلالية [14]، لأن خيارات سبل العيش في بلدانهن الأم محدودة بسبب معايير النوع الاجتماعي وعوامل أخرى. نحن بحاجة إلى نُظم تحمي حقوق العمال أكثر من النُظم التي تهدف إلى وقف الهجرة تمامًا.

أصبحت قطر من الدول الأولى التي أصلحت [15] نظام الكفالة في عام 2020، بهدف الحد من سيطرة أرباب العمل المطلقة على الوضع القانوني للعمال المهاجرين في البلاد. فلم يعد العمال في قطر بحاجة إلى شهادات عدم الممانعة من أرباب العمل لتغيير عملهم قبل انتهاء عقدهم، ولكنها ما زالت مفروضة عليهم في بلدان أخرى.

وحددت الإصلاحات أيضًا حدًا أدنى أعلى قيمة للأجور لجميع العمال، وأصبحت بالتالي قطر ثاني [15] دولة خليجية بعد الكويت تعتمد قانون الحد الأدنى للأجور. وأقرت الدولة قانونًا للعمال المنزليين في عام 2017 يتضمن أحكامًا تتعلق بعقود العمل وساعات العمل والمعاشات التقاعدية.

مع ذلك، ما زال تنفيذ هذه القوانين والإصلاحات ضعيفًا جدًا، كما يشير [16] إليه الاتحاد الدولي للعمال المنزليين، إذ ما زالت أكثر من نصف طلبات تغيير العمل تُقابَل بالرفض. وطالب الاتحاد الحكومة القطرية بالعمل مع مجموعات العمال المهاجرين لتنفيذ الإصلاحات.

يُعد تنظيم العمال أحد الطرق الأساسية لوضع حد لحلقات العزلة وسوء المعاملة. وتمكنت النقابات وتجمعات العمال غير الرسمية من فرض نفسها على الرغم من حرمانها من حرية تكوين الجمعيات بموجب نظام الكفالة. لكن ما زالت النقابات غير قادرة على التسجيل والحصول على حقوق المفاوضة الجماعية على الرغم من نشر التوعية في صفوف العمال وتقديم الخدمات الأساسية مثل التمثيل القانوني والاستجابة للأزمات. ويُستبعد [17] صراحة العمال المنزليون من قانون العمل والحماية الاجتماعية في معظم دول مجلس التعاون الخليجي وعدد كبير من الولايات القضائية في العالم.

ولكن تتوفر مسارات واضحة لاستعادة حرية تصرف العمال وكرامتهم.

أولًا، يُعد إصلاح نظام الكفالة وإلغاؤه ضروريين لفصل وضع الهجرة عن وضع العمالة. فيجب أن تشمل أطر قانون العمل الوطني العمال المنزليين وينبغي أن توفر الحماية الملائمة للحد الأدنى للأجور، وساعات العمل وظروفه، والحماية الاجتماعية.

يجب أيضًا أن يشمل القانون الوطني لمكافحة التحرش الجنسي، مثل القانون رقم 205 في لبنان، العمال المنزليين. وأُقر هذا القانون مؤخرًا لحماية العمال من العنف في مكان العمل، ولكنه لا يوفر ضمانات إضافية لحقوق العمل لضمان حماية العمال المنزليين.

وينبغي أن يستهدف الشق الثاني من الإصلاح قوانين الهجرة في بلدان الأصل، بما في ذلك رفع الحظر التمييزي [18] على الهجرة، وتوفير برامج إعادة إدماج للعمال العائدين، وتوقيع اتفاقات ثنائية لحماية حقوق العمال.

تشمل المطالب الأخرى القابلة للتنفيذ دعم العمال الذين يتعرضون لسوء المعاملة من خلال سفارات بلدان الأصل المحلية، وإمكانية الوصول إلى العدالة من خلال المسؤولين المدربين في قانون العمل والشرطة.

من الضروري المصادقة على المعايير العالمية المتعلقة بالهجرة، بما في ذلك بروتوكول عام 2014 لاتفاقية العمل الجبري، 1930 [19]، والاتفاقية رقم 189 بشأن العمال المنزليين [20] والاتفاقية رقم 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش [21].

وقبل كل شيء، تتطلب هذه الإصلاحات التحول من نُظم الهجرة التي تهدف إلى معاقبة العمال الذين يهربون من الظروف الاقتصادية الكارثية إلى النُظم التي تعزز طرق الهجرة الآمنة وتعيد إلى العمال حرية التصرف وولايتهم على حياتهم.