حرية التعبير في تنزانيا في تدهور

الصورة من أميا ناجراجان

في تنزانيا، حرية التعبير حق لكل مواطن على النحو المنصوص عليه في المادة 18 (1) من الدستور، مع ذلك، تم تقويض هذه الحقوق من خلال تمرير وسن سلسلة من اللوائح القمعية على مر السنوات. أثار قانون الجرائم الإلكترونية التنزاني لعام 2015 انتقادات حادة من أصحاب المصلحة في الحقوق الرقمية. يرى أصحاب المصلحة أن الجهات الحكومية ستستخدم القانون لتقييد حرية التعبير على شبكة الإنترنت. هم محقون في ذلك، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل ​اتهام خمسة تنزانيين بإهانة الرئيس الراحل جون ماجوفولي​ على وسائل التواصل الاجتماعي على واتساب وفيسبوك في عام 2016. تم فرض القانون مرة أخرى في عام 2021 عندما ​تم اعتقال أربعة أشخاص​ بتهمة نشر إشاعات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي أن الرئيس جون ماجوفولي كان مريضًا بشكل خطير.

في عام 2020، وقع وزير الإعلام التنزاني آنذاك هاريسون مواكيمبي على ​لوائح الاتصالات الإلكترونية والبريدية – EPOCA (المحتوى عبر الإنترنت) لعام 2022.​ تمنح هذه اللوائح عبر الإنترنت الجهات الحكومية الحق الكامل في مراقبة المحتوى على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. تجرّم اللائحة نشر الشائعات، أو الرسائل التي تحتقر، أو تسيء، أو تضر بوضع وصورة تنزانيا (جمهورية تنزانيا المتحدة) على منصات التواصل الاجتماعي. وفقًا للائحة، يجب على أي منصة تنشر المحتوى المخالف، إصدار إشعار، وإبلاغ المشترك بإزالة المحتوى المذكور في غضون إطار زمني محدد بساعتين. في هذا المطلب تنتقل المسؤولية إلى المنصات، مما يجبرها على مراقبة محتوى مستخدميها بشكل استباقي، والتصرف على الفور لتصفية، أو إزالة المشاركات التي قد تتسبب في وقوع المنصات في مشكلة مع الحكومة.

في مقابلة مع BBC في عام 2021، رددت الرئيسة سامية سولوهو تصريحات أدلت بها في وقت مبكر من العام — بأنها “كانت منفتحة للنقد على الإنترنت”. أشارت إلى أن النقد كان “مهم للغاية في مساعدة الحكومة على معرفة أفكار الناس، وبالتالي، لم يكن من الضروري حظره”. لم يتغير الكثير فيما يتعلق بحرية الإنترنت في تنزانيا، فالقوانين القمعية التي سنها سلفها لا تزل قائمة، ولقد أكمل نظام “سولوهو” قمع المنتقدين. بعد مرور شهر على تأكيدات الرئيس سولوهو لحرية التعبير، أصدر وزير الداخلية، جورج سيمباشاوين، بيانًا ذكر فيه أن تنزانيا تعتزم وضع “نظام لمراقبة” المناقشات على الشبكات الاجتماعية، واتخاذ إجراءات ضد جميع الذين يسيئون استخدام فيسبوك، وإنستغرام، وتويتر سبيس. قوبلت تصريحات الوزير بمعارضة من الدكتور كريستوفر سيريلو. أكاديمي وناشط في مجال حقوق الإنسان. في بيانه على تويتر، انتقد سيريلو ملاحظات الوزير، مشيرًا أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تعيد عمليات الاختطاف الحكومية سيئة السمعة، وتلفيق الاتهامات على الأصوات المعارضة. تسبب هذا الانتقاد باعتقال سيريلو. أُخلي سبيله بعد 72 ساعة عقب احتجاجات عامة.

في العام نفسه، احتجزت الشرطة التنزانية رسام الكاريكاتير أوبترتوس فويما، وشقيقه فلورنسا فويما، روبرت موامبيمبوا، رئيس شبكة الصناعة الإبداعية، الهيئة المسجلة في تنزانيا تعمل على مناصرة قضايا القطاع الإبداعي في مجالات السياسة والتعليم ونوع الجنس والبنية التحتية وحرية الفن. تستمر الشرطة بالتحقيق مع فويما لارتكابه جرائم سيبرانية. تم اعتقال رسام الكاريكاتير بعد أيام فقط من نشره على صفحته على إنستغرام رسمًا كاريكاتوريًا سياسيًا، اعتبرته الشرطة مهينًا للرئيس. صورت الرسوم الكاريكاتورية الرئيس سولوهو كونه رئيس ضعيف محمي من قبل الرئيس السابق جاكايا مريشو كيكويتي. بعد اعتقاله، اختفت صفحة رسام الكاريكاتير على إنستغرام بشكل غامض.

في مايو/أيار 2022، تم اختطاف الناشط أبو بكر فامبو، رئيس أوموجا وا كوداي كاتيبا إمبيا تنزانيا (UKUKAMTA)، وهي حركة تدعو لدستور جديد، من قبل مهاجمين مجهولين يعتقد أنهم من شرطة الولاية. يُعرف فامبو بالتحريض على الإصلاحات الدستورية. استثار اختطافه غضب الجَمهور، الذي دفع لإطلاق سراحه بعد احتجاجات على تويتر تحت وسم #FreeFambo. في آب/أغسطس من العام نفسه، طردت الشرطة في دار السلام جوناس أفومويسي، المدير الإقليمي لشركة السكك الحديدية التنزانية، ثم ألقت القبض عليه. عارض أفومويسي فرض الحكومة التنزانية، مؤخرًا، رسومًا على المعاملات المالية على الهاتف المحمول. يقال إنه نشر آرائه في مجموعة واتساب. كما تم اتهامه، في رسالة تم مشاركتها عبر الإنترنت، بما يلي: معارضة جهود الحكومة للتطعيم ضد تفشي الأمراض في البلاد، والتشهير بالرئيس سولوهو ورئيسة مجلس النواب تنزانيا، الدكتورة توليا أكسون، في منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي (المشاركات المذكورة غير متاحة للجمهور).

في حادث استبدادي رقمي آخر، فرضت لجنة المحتوى التابعة لهيئة تنظيم الاتصالات التنزانية (TCRA) في سبتمبر/أيلول 2022 غرامة على تلفزيون Zama Mpya عبر الإنترنت قدرها 2 مليون شلن تنزاني (800 دولار أمريكي)، لنشره تعليقات الفنان التنزاني الشهير أفاندي سيلي، فيما يتعلق برسوم المعاملات المتنقلة الباهظة التي تفرضها الحكومة على مواطنيها. كان سيلي قد قال إن الرسوم ليس لها مبرر، وعلى الحكومة فرض ضرائب على أعضاء مجلس النواب بدلاً من ذلك، لأنهم لا يدفعون الضرائب. أجبرت الغرامة، المنصة عبر الإنترنت على اللجوء إلى جمع التبرعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حثت المتابعين والمؤيدين على التبرع بالرسوم التي تفرضها الهيئة. قبل هذه العقوبة التي فرضتها الهيئة، كان وزير تقنية المعلومات والاتصالات، ناب نوناوي، قد استدعى تلفزيون زاما مبيا في أيار/مايو. شعر نوناوي بالغضب بعد تقرير المنصة يشير لزيادة تكلفة خطط بيانات الإنترنت، وهو تقرير مزيف.

شددت الحكومة في هذا الاتجاه عندما حكمت محكمة الصلح المقيمة في منطقة سيميو التنزانية في تشرين الأول/أكتوبر على ليفينوس كيدانابي، الحركة الشبابية التابعة للحزب الحاكم، بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة قدرها 10 ملايين شلن تنزاني (4000 دولار من دولارات الولايات المتحدة)، بتهمة التشهير برئيس جمهورية تنزانيا في مجموعة واتساب.

وفقًا لحكم القاضي، خالف كيدانابي قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2015 من خلال الترويج للأكاذيب. كما فرض على كيدانابي غرامة قدرها مليون تيزا بسبب انتحال شخصيتها. كان بحوزته بطاقة SIM غير مسجلة باسمه، بما يتعارض مع لوائح EPOCA لعام 2020.

توضح هذه الأحداث كيفية تمكن سًن القوانين المختلفة، وتطبيقها، الحكومة التنزانية من مراقبة وسائط الإعلام الاجتماعية والحد من حق التنزانيين في حرية التعبير، الانتهاك المطلق للمادة 18 من الدستور التنزاني، والمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

زر صفحة المشروع لمزيد من المقالات من مرصد لا-حرية

 

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.