- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

المشكلة الحالية والمستمرة للعنف المنزلي في جورجيا

التصنيفات: آسيا الوسطى والقوقاز, جورجيا, أخبار جيدة, احتجاج, النساء والنوع, حقوق الإنسان, حكم, سياسة, صحافة المواطن, قانون

صورة التقطها “ميكا باوميستر” [1]، استعملت بترخيص من “أونسبلاش” [2]

 نُشر هذا المقال في الأصل [3] من قبل “تشايكانا ميديا”، ونعيد نشر نُسخة منه مُنقحة بموجب اتفاق للشراكة.

تُعاني واحدة من بين سبع نساء من العنف المنزلي في جورجيا طوال حياتها، حسب تقرير الأمم المتحدة للنّساء لعام 2018 [4]؛ ورغم ملاحظة الناشطين لتقدم البلد في مُحاربة هذه المشكلة، تتعقد الإصلاحات بسبب وجود خليط قاتل من المُحرمات الثّقافية، والموارد المحدودة. عاد النقاش حول العنف المنزلي عندما قُتلت امرأة بوحشية [5] على يد زوجها في شهر نوفمبر/تشرين الثّاني 2022.

أصبح التّطرق للعنف المنزلي تحديًا، لأنه تقليدي، تعتبره الشرطة مشكلة عائلية، وليست قانونية. أشارت “باية باتارايا”، المُحامية المُختصة في حقوق الإنسان، والمساهمة في صياغة الإصلاحات القانونية الأولى التّي تُدين العنف المنزلي في جورجيا كجريمة، أنّه خلال العامين الأوليين، لم تهتم الشرطة وكذلك المحاكم، بالتّحقيق أو الإعلان عن حالات.

لكنّ الأمر تغيّر عام 2014، عندما حدث تزايد هائل في عدد النساء [6] المقتولات على أيدي معذبيهنّ. صدمت جرائم القتل السلطة القضائية؛ تتذكر “باتارايا”، مديرة منظمة نساء “سباري”: “كانت كموجة جديدة للحركة النّسوية”.

“على إثر هذا، يمكننا تبني العديد من المواد والقوانين الضّرورية من أجل تحقيق فعّال، فحاليًا لدينا تشريع متطوّر إلى حدّ ما”.

كمديرة لمركز استقبال للنّساء المُعنفات وأطفالهنّ في العاصمة “تيبلسي”، عاينت “غفانتسا باكرادز” بشكل مباشر أثر جهود جورجيا لمحاربة العنف المنزلي. تشرف “غافنتسا” على مركز رعاية الأمهات والأطفال “سانتا باربرا”، أحد الملاجئ الخاصة لنساء البلد؛ وأشارت “لقد تغيّرت الكثير من الأشياء بما في ذلك أحكام التّشريع”، وأبدت تفاؤلها حول المستقبل، بفضل تّحسن أهمية مُحاربة العنف المنزلي، كما طرأ تغيير في كيفية بحث النّساء عن ملجئ لصالحهنّ ووضعيتهنّ.

“لاحظت أنّ النّساء قويات جدًا، يواجهنّ الكثير من المشاكل، وفي الكثير من الحالات يمضينّ قدمًا، ويواصلنّ في بناء حياتهنّ. لا أعتقد أنّ هذا المسار سينقلب بأيّ شكل كان”، تُؤكد “باكرادز”. في المركز الذّي تشرف عليه منظمة خيرية كاثوليكية “كاريتاس”، يعمّ الهدوء: دمى في قاعة الاستقبال، ورائحة الطّعام المنزلي المُنبعثة من المطبخ، ونساء يتحدثنّ ويرعينّ أطفالهنّ، لحدّ السّاعة، هنّ يشعرنّ بالأمان. “إنّ الوصول إلى مراكز الاستقبال خطوة مُهمة لمحاربة العنف المنزلي، فالنّساء ضحايا العنف المنزلي يعتمدنّ اقتصاديًا على مُعنفيهنّ، ولا يمتلكنّ الإمكانات للعثور على مسكن جديد. مع ذلك، فإنّ توفر الملاجئ يتغيّر في مختلف المناطق بجورجيا، لأنّ التّمويل غير متوفر بنفس الطّريقة”.

تُموّل دولة جورجيا خمسة ملاجئ في كامل البلد، وتشرف كذلك على خمسة مراكز للأزمة، حيث يمكن للنّساء العيش لغاية العثور عن مكان للإيواء. إضافة لذلك، يتواجد رقم طوارئ وطني، لإعطاء معلومات ومساعدة ضحايا العنف. تشرف الوكالة الوطنية للمساعدة بجورجيا جميع هذه الخدمات، رغم إشارة مديرة الوكالة “ميري ماغلابيريدز” لوجود “ثغرات” في شبكة البرامج والمساعدة؛ مثلاً، غالبية النّساء يُفضلنّ الذّهاب إلى تيبلسي، لوجود فرص العمل في العاصمة، كما توفر الراتب أساسي لاستقلالهنّ اقتصاديًا عن معذبيهنّ.

حاليًا، تمنح الدّولة النّساء إمكانية تعلّم كفاءة جديدة، مثل الطّبخ، أو قصّ الشّعر من خلال برامج تعليمية تسمح لهنّ الحصول على وظيفة جديدة؛ لكنّ هذه البرامج لا تمنح لهنّ المساعدة التّي تلزمهنّ. “هنّ مهتمات بالحصول على عمل حالًا، لا للتّعلم، لأنهنّ يرغبنّ في الحصول على مداخيل أولاً”، تُؤكّد “ماغلابيريدز”.

لكنّها تعتقد بتجاوز أحد أكبر العراقيل “عندما تمّت المصادقة للمرة الأولى على قانون حول العنف المنزلي عام 2006، ضحك النّاس لأنّهم كانوا يعتقدون أنّه مجرد شأن عائلي”.

تُشير الإحصاءات الرسمية أنّ عدد الأشخاص المعنيون بالعنف المنزلي يرتفع تدريجيًا [7]؛ ويؤكد “غورام إيمنادز”، مدير برنامج الديمقراطية والعدالة في مركز العدالة الاجتماعية، أنّ جهود الدولة جزئية وغير مُجدية. يضيف أنّه في عام 2020، أدين 379 شخص فقط بعقوبة السّجن من بين 1287 شخص المُدانون بالعنف المنزلي. تقول “آنا أرغاناشفيلي”، محامية حقوق الإنسان للمنظمة غير الحكومية لحقوق الإنسان، لا زال هناك مشاكل في تطبيق القانون، خاصة فيما يتعلّق بمعالجة المعنفين المدانين؛ على سبيل المثال، تم التطرق لحالة عنف منزلي متورط بها نجم التنس الجورجي “نيكولوز باسيلاشفيلي” بحقّ زوجته السّابقة “نيكا دوروكاشفيلي”، تحوّلت إلى حملة قذف ضدّ “دوروكاشفيلي”، بحيث برأت محكمة مدينة “تيبلسي” اللاعب “باسيلاشفيلي” في شهر أكتوبر/تشرين الأول، بعد مرور سنتين من المحاكمة. صرّح “أرغاناشفيلي”، الموظف في المنظمة التّي دافعت عن “دوروكاشفيلي”:

The entire society thinks that he couldn't be a perpetrator because he's famous. We're receiving a lot of threats because, the ex-wife for them is a woman who shouldn't have claimed anything because he is a world champion, and you must be quiet and allow him to make Georgia famous.

… On the paper we're progressing, but in reality, I don't see much progress.

يعتقد المجتمع بعدم جنايته لأنه مشهور؛ نتلقى الكثير من التّهديدات، بالنسبة لهم، لا يمكن لزوجته السابقة أن تطالب بأيّ شيء لأنّه بطل عالمي، وعليها أن تصمت وتتركه يتمتع بشهرته في جورجيا.

…على الورق، نحن في تقدم، ولكن في الواقع، لا أرى كثيرًا من التّقدم.

شرع “أرغاناشفيلي” في تعليم الشّباب حول العنف المنزلي وحقوقهم خلال سنوات، لأنّ “وجود القوانين وحدها لا تعتبر حلاً بتاتًا”؛ لغاية اليوم، وضع برنامجًا تلفزيونيًا موجه للأطفال بغية إعلامهم عن حقوقهم وتبسيط القانون لهم. هو مُقتنع، أنّه إذا شعرت الفتيات بالأمان كونهنّ نساء، سيحدث تغيير.

أشارت “باية باتارايا” إلى أنّ تنفيذ التشريعات يبقى “مُعقدًا”.

تقول: “لقد ربحنا بعض التّقدم، لدينا الآن تشريع أفضل، رغم أنّ تنفيذه يظل مُعقدًا؛ فالسّلطة القضائية لا تُراعي الفوارق بين الجنسين ولا تفكر في الضّحايا”، وتضيف أنّ المجتمع بكامله لا يزال يفضل المعنفين مقابل الضّحايا، والرّجال على النّساء، “لاسيما إن كان الرّجل ذو نفوذ وشهرة، لا يزال من الصعب على المرأة الدفاع عن حقيقتها”.

في 2022، أعلنت [8] النّيابة العامة لجورجيا عن 16 حالة لقتل النّساء خلال الأشهر العشرة الأولى؛ وفي بيان علني نُشر في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة، أكدت [9] غرفة دفاع الشّعب بجورجيا: “بعيدًا عن التغييرات التشريعية أو المؤسساتية، لا يزال العنف ضدّ المرأة والعنف المنزلي في جورجيا تحديًا كبيرًا”. في ذلك اليوم خرجت العشرات من النّساء إلى الشّارع [10] للتّظاهر ضدّ تزايد العنف تجاه المرأة.