كتبت كارولي تشانونا هذا المقال، نُشِر بالأصل على شبكة كاري-بويز البيئية الإخبارية، يُعاد نشر هذه النسخة المحررة بموجب اتفاقية مشاركة المحتوى.
يُخبرنا العلماء أن مصارف الكربون تُحدد جودة وجودنا، لكن قد يجد شكان بليز صعوبة في التعرف على أحدها. لابد أن يتغير هذا إن أراد سكان بليز الاستمرار في رواية قصة النصر حول حاجز بليز المرجاني.
ستتطلب الاستفادة من الكربون الأزرق، المحتجز في المحيط، والأراضي الرطبة الساحلية، ومنابت الأعشاب البحرية، والرواسب، التي يفوق معدل احتجازها للكربون غابات الكوكب، سياساتٍ طموحة مبنية على حماية البيئة لحفظ وترميم الأنظمة البيئية الساحلية والبحرية للحد من الآثار المدمرة المترتبة عن أزمة المناخ. مع ذلك، يتعين على سكان بليز تولي قيادة التغيير لتحقيق تلك السياسات.
الحاجة لطموحات كبيرة
من بين البلدان القارية في المجتمع الكاريبي، تقع بليز في مركز التنوع الحيوي لأمريكا الوسطى. لحماية التنوع الحيوي الهائل، يجب أن يتحلى شعب مثل شعب بليز بطموحاتٍ كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بالتبعات الجسيمة كالآثار المتفاوتة للديون البيئية نتيجة تغيُّر المناخ. تم بالفعل اتخاذ خطواتٍ مبتكرة. لا تُعد خطط حماية هذا التنوع الحيوي، البري والبحري، الباهر بالأمر الجديد على بليز حيث كانت أول دولة تُخصص منطقة بحرية محمية في أمريكا الوسطى، مع مَعْلم هاف مون كاي الطبيعي في 1982 — أول منطقة محمية في بليز.
كونها تمتلك ثلاث من الجزر المرجانية، الأربع في نصف الكرة الغربي، وثاني أكبر حاجز مرجاني مستمر في العالم، لا عجب وصف تشارلز داروين لحاجز بليز المرجاني “أروع حاجز مرجاني في جزر الهند الغربية”، قبل أكثر من 180 عام. إضافة للجمال المتأصل في نظام محميات حاجز بليز المرجاني، تُعد الشعاب المرجانية مهمة للدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الساحلية مثل بليز. تنتشر أكثر من 400 جزيرة من الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف (الأيكة الساحلية) على امتداد خط البلاد الساحلي البالغ طوله 240 ميل، بعضها مأهولة والبعض الآخر غير مأهولة. يعيش نحو نصف سكان البلاد في المجتمعات الساحلية، التي تعتمد على الأنظمة البيئية البحرية كمصدر للدخل، والغذاء، والحماية من الفيضانات. تُشكل السياحة نحو 45% من اقتصاد بليز، ويُقدر اعتماد ربع تلك النسبة على الشعاب المرجانية فقط.
لهذا السبب، في ديسمبر/كانون الأول 2017، أصبحت بليز أول بلد يرفض كافة أشكال التنقيب عن النفط البحري، بعد معارضة دامت لأعوام بفرض حظر تاريخي لأجل غير مسمى. كما تُمثل السندات الزرقاء لبليز أكبر إعادة هيكلة للديون لحماية البيئة البحرية في العالم حتى الآن، بمجموع 364 مليون دولار أمريكي من الديون المحولة التي خفضت ديون البلاد بنحو 12% من إجمالي الناتج المحلي، بالتمويل المستدام طويل الأجل لحماية البيئة. في المقابل، تتعهد بليز بحماية 30%، على الأقل، من مناطقها البحرية بحلول 2026، أكثر من النسبة الحالية البالغة 15.9%. وقعت بليز على الاتفاقية مع منظمة حماية الطبيعة في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بصندوق تمويل قدره 23.5 مليون دولار أمريكي، وستكون سارية بعد 2040 لتمويل أعمال الحفاظ على البيئة.
عبء الإدارة
رُغمَّ تصنيف اليونيسكو جزء من حاجز بليز المرجاني كموقع تراث عالمي في 1996، مع سبع مناطق بحرية محمية تضم نظام المحميات، أُدْرِجَّ جزء ضمن قائمة المناطق المعرضة للخطر لنحو عقد من الزمن على إثر خطر التعرض لضرر دائم جراء التنمية الساحلية السلبية والتنقيب عن النفط، إضافة لغياب إطار عمل تنظيمي متين.
بعد يونيو/حزيران 2018، سنّت حكومة بليز اللوائح اللازمة لحماية أشجار المانغروف في البلاد، وتعهدت بتشريع الوقف الطوعي الحالي لبيع الأراضي العامة المدرجة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، التي أُزِيلَّ منها نظام محميات حاجز بليز المرجاني.
في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بعد تأكيد الحكومة على اعتزامها إجراء عمليات مسح زلزالية، بدأت منظمة أوشينا بليز —عضو مؤسس لتحالف “أنقذوا تراثنا الوطني” الذي عمل على كسب تأييد الحظر في المقام الأول — بجمع التواقيع لاستفتاء شعبي من شأنه تقرير وجوب إلغاء أعمال التنقيب عن النفط. رغم التقدم الذي أحرزته بليز، يؤكد الوضع على المبدأ الذي يفيد بقدرة تأثير قرار واحد على مستقبل البلاد الجماعي، وكون قوة الشعب الوسيلة الوحيدة لمساءلة صناع القرار في غالب الأحيان.
دروس من الماضي
في 2020، قبل السندات الزرقاء من منظمة حماية الطبيعة، بلغ مقدار الديون العامة لبليز 1.5 مليار دولار أمريكي. هناك الكثير على المحك، ونمط حياة شكان بليز هو الثمن.
في النهاية، يتلخص الوضع في تنفيذ القوانين البيئية، وتوسيع المناطق المحمية ووصولهم للإدارة المشتركة، وتوفير التمويل الأخضر لضمان ذلك. لكن مع تعرض بليز لارتفاع مستويات سطح البحر بشدة، فالوقت يداهمنا فعلًا. يُعرِّض الضعف الناتج عن التحضر الساحلي والأنشطة الاقتصادية، أي شيء عدا السياسات المتعلقة بالمناخ، حماية السواحل، والغذاء، والترفيه، واحتجاز الكربون للخطر، مع احتمال تَعرُّض تنوع وقدرة حاجز بليز المرجاني على الثَّبات، والتكيُّف للخطر أيضًا.
في أبريل/نيسان 2020، لاحظ معهد إحصاء بليز لنشرة التجارة الخارجية أن البلاد حققت ما يزيد عن 40 مليون دولار أمريكي في تصدير السلع والخدمات المعتمدة على الطبيعة خلال شهر واحد، مع جني المنتجات البحرية لأرباح قدرها 1.2 مليون دولار أمريكي.
أين الخطورة؟
عادةً ما تكون الأعشاب البحرية وأشجار المانغروف أول الأنظمة البيئية التي تزول باسم التنمية، لكن إن لم تُعط الأولوية للبيئة، لن تدوم التنمية. كأنظمة الجذور الهوائية الكثيفة، تُشكل أشجار المانغروف حاجزًا قويًا، لكنه نافذًا، أمام الأمواج والتيارات وتغطي السواحل لحمايتها من التعرية والتغيُّر المناخي. لكل فدان، تُخزن غابات المانغروف ثلاثة إلى خمسة أضعاف الكربون في تربتها أكثر من الغابات الاستوائية الأخرى. تُشير التقديرات إلى أن نصف غابات المانغروف فُقِدت خلال الأعوام 50 الماضية، لكن وفقًا للدكتورة ليندرا تشو ريكيتس، عالمة بيئة بحرية وأحد مؤسسي معهد الأبحاث البيئية في جامعة بليز، ما زالت بليز تحتفظ بجزء كبير من غطاء المانغروف بالمقارنة مع جيرانها الإقليميين.
يضم جزء من بحث الدكتورة تشو ريكيتس التابع لبرنامج المرونة الساحلية قياسًا لقيمة الكربون في غابات المانغروف في بليز: “بصفتها من الدول الموقعة على معاهدة باريس، تستطيع بليز إدراج حماية غابات المانغروف ضمن خططها للمساهمة المحددة وطنيًا”.
مع ذلك، ثمة قصة أخرى تحدث على بُعد أمتار من الطحالب، والإسفنج، وشقائق النعمان التي تطوق جذور المانغروف الطويلة.
في يناير/كانون 2022، نُشِرت دراسة توثق أكثر من 20 عام من التغيُّر الذي شهدته مجتمعات قاع البحر في أنحاء الشعاب المرجانية، وكان التدهور شديدًا: انكمش غطاء الشعاب المرجانية من 13% إلى 2% فقط. أدت الأمراض، والعواصف، وارتفاع درجة حرارة المحيط، والتلوث للموت الجماعي لمنشآت الشعاب المرجانية في أنحاء الكاريبي على مدى العقود الأربعة الماضية، مما جعل الاستثمار في إجراءات التخفيف الشاملة والمشددة مهمًا.
زرعت فراغمينتس أوف هوب، منظمة مجتمعية غير ربحية لحماية البيئة، أجزاء من “الأكروبولي” الكاريبي عقب إعصار أيريس خلال 2001، وواظبت العمل على مشروع زرع المرجان الرائد. يمتلك متنزه لافينغ بيرد كاي الوطني، أحد المناطق السبع المحمية ضمن مواقع التراث العالمي لنظام محميات حاجز بليز المرجاني المُصدق عليها من قبل اليونسكو، 60% من تغطية الشعاب المرجانية حاليًا، أعلى مما كانت عليه قبل إعصار أيريس، وما زالت تنمو. تقول ليسا كارن، مؤسسة فراغمينتس أوف هوب وعالمة بارزة، “المزيد من المرجان، يعني المزيد من الأسماك. إن حجم الفرق الذي يُمكن للمرء إحداثه مثيرٌ للدهشة […] لدينا مُرشدين سياحيين قادرين على عرض النظام البيئي للشعاب المرجانية لضيوفهم، وليس مجرد أنقاض مرجانية”.
ربما بليز مستعدة لتظهر للعالم أن الأمل يكمن في داخلنا.