- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

ما وراء حظر تيك توك في الأردن

التصنيفات: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا, الأردن, احتجاج, الإعلام والصحافة, النشاط الرقمي, تقنية, حجب, حرية التعبير, حقوق الإنسان, حكم, سياسة, صحافة المواطن, شبكة التكنولوجيا من أجل الشفافية, أدفوكس

حقوق الصورة لأميا ناغاراجان مأخوذة من صورة Motionstock [1] من بيكساباي [2]، بموجب ترخيص بيكاساباي [3].

تم نشر [4] هذا المقال للمرة الأولى من قبل منظمة سمكس SMEX، في 19 يناير/ كانون الثاني 2023، بقلم زينب اسماعيل. تمت إعادة نشر نسخة معدلة هنا بموجب اتفاقية شراكة المحتوى.

لا يزال تيك توك محظورًا في الأردن، بعد شهر من قيام الحكومة بحظر المنصة، للحد من انتشار اللقطات الحية التي توثق احتجاجات العمال في معان. لم تصدر الشركة الصينية، المالكة للتطبيق بايت دانس، أي تعليق مباشر أو علني حول الحظر، لكنها أكدت أنها تجري محادثات مع السلطات “لمواصلة خدمة ملايين المستخدمين” في الأردن.

في منتصف ديسمبر/كانون الأول، خرج سائقو الشاحنات إلى الشوارع للاحتجاج [5] على ارتفاع أسعار الوقود في محافظة معان، جنوب عمان، وكانوا يبثون المظاهرة على الهواء مباشرة عبر تطبيق تيك توك. كما شارك أصحاب سيارات الأجرة والحافلات العامة في الاحتجاجات، ونظمت العديد من المتاجر من مدن مختلفة العديد من الإضرابات، قُتل [6] ضابط شرطة وثلاثة من رجاله.

في 16 ديسمبر/كانون الأول 2022، أعلنت السلطات الأردنية حظرًا مؤقتًا على تيك توك، بسبب “سوء الاستخدام من قبل البعض” بالإضافة إلى “فشل المنصة في معالجة المنشورات التي تحرض على العنف والفوضى”، بحسب بيان [7] نشر على صفحة مديرية الأمن العام على فيسبوك.

حذرت المديرية من أن وحدة الجرائم الإلكترونية تراقب المحتوى المشارك على منصات التواصل الاجتماعي، مع التركيز على خطاب الكراهية، “والتحريض على التخريب، والاعتداء على مؤسسات إنفاذ القانون، والأضرار التي تلحق بالممتلكات وقطع الطرق”.

عزل المتظاهرين عن العالم

بدأت الأخبار حول إغلاق الإنترنت وتوقف تطبيق تيك توك عن العمل تنتشر بمجرد اندلاع الاحتجاجات. في مقابلة مع “سمكس”، صرحت راية شربين، الخبيرة والمدافعة عن الحقوق الرقمية المقيمة في الأردن، أن سكان محافظة معان لم يعانوا من حظر تيك توك فقط، ولكن من الإغلاق الكامل للإنترنت في معان والكرك خلال النهار، الذي استمر حتى 26 ديسمبر/كانون الأول.

لعب تطبيق تيك توك دورًا رئيسيًا في نقل الأخبار المتعلقة بالاحتجاجات في مناطق مختلفة داخل الأردن. كما نقل الأحداث إلى ما وراء الحدود الوطنية. وكشف ناشط أردني، فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، لمنظمة “سمكس” أن: “المواقع الإخبارية في الأردن موالية في الغالب للسلطات المحلية، وتعمل كمتحدثين باسمها. لذلك، قمنا بتصوير مقاطع الفيديو ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة على تيك توك، لأنها تسهل نشر المحتوى ومشاركته. لقد استفزتهم حلولنا البديلة [السلطات] لإغلاق الإنترنت وحظر تيك توك، وبالتالي إبقائنا معزولين عن العالم”.

في الواقع، كان الصحفيون يتابعون الأخبار وآخر التطورات عبر تيك توك بدلًا من وسائل الإعلام المحلية، كما أكدت سوسن أبو السندس، صحفية مقيمة في عمان، في تصريح لمنظمة “سمكس”. وأوضحت أن تيك توك “هي منصة شعبية قائمة على الفيديو وسهلة الاستخدام للأشخاص من جميع الأعمار والخلفيات الذين يرغبون في التعبير عن آرائهم”.

بسبب القيود التي تفرضها السلطات، يستخدم الأشخاص برنامج الشبكة الافتراضية الخاصة (VPN) للتحايل على الحظر ونشر مقاطع الفيديو الخاصة بهم. وأكد شربين أن شعبية تيك توك في الأردن جعلته أداة سهلة للعمل من مكان [8] المتظاهرين للإبلاغ عن الأحداث والتحديثات.

وفقًا لمديرية الأمن العام، “لم يعالج تطبيق تيك توك، بشكل صحيح، إساءة استخدام المنصة من قبل الأشخاص الذين أشادوا بأعمال العنف ونشروها، أو دعوا إلى الفوضى”. ومع ذلك، لم توضح المديرية ما إذا كانت قد اتصلت بالمنصة بشأن هذه القضايا أم لا.

في مقابلة [9] مع وسائل الإعلام المحلية في 8 يناير/كانون الثاني، صرح وزير الاتصالات الحكومية الأردني، فيصل شبول بأن “الحكومة تجري مناقشات تقنية مستمرة مع تيك توك، في محاولة للسيطرة على المحتوى على المنصة”. كما أكد أن الحكومة لن ترفع الحظر في أي وقت قريب “ما لم يتم استيفاء شروط مراقبة المحتوى”. كما حذر شبول من أن “أصحاب الحسابات سيتحملون مسؤولية التعليقات المضافة على منشوراتهم”.

أكد [10] وزير الاقتصاد الرقمي والريادة الأردني، أحمد هناندة، في 15 يناير/كانون الثاني، أنه لا توجد أخبار عن رفع حظر تيك توك في المملكة، ولا يزال التطبيق محظورًا في الأردن، وفقًا لما وثقناه من خلال اختبار [11] الحظر الذي أجري على المرصد المفتوح لتداخل الشبكة (OONI).

أكد تيك توك بشكل غير مباشر لمنظمة “سمكس”، أن التطبيق محظور، وأنهم يناقشون الحلول مع السلطات الأردنية: “نعتقد أنه من خلال تواصلنا المستمر، يمكننا التوصل إلى قرار يسمح لتطبيق تيك توك الاستمرار في خدمة ملايين المستخدمين في الأردن الذين وجدوا في المنصة مساحة للتعبير الإبداعي”.

في ردها المتأخر، بدا أن تيك توك تبلغ السلطات الأردنية بأنها تراقب المحتوى بالفعل، مؤكدة أنها ستتخذ “الإجراء المناسب ضد المحتوى الذي ينتهك تعليمات مجتمعها [12]“. كما أضافت أنها ستزيل بشكل صارم واستباقي أي محتوى مخالف في الأردن. في ردها [13]، ذكر تطبيق تيك توك: “وفقًا لتقريرنا الأخير، تمت إزالة ما مجموعه 310,724 مقطع فيديو في الأردن، 86.6% منها قبل تلقي أي مشاهدات”.

حظر تطبيق تيك توك، إجراء قانوني؟

أثار قرار حظر تطبيق وموقع تيك توك آراء مختلفة حول شرعيته، خاصة أنه يقيد حرية التعبير للمواطنين. تقول المحامية إيناس زايد، المتخصصة في القانون الدستوري الأردني، لمنظمة “سمكس”، إن قطع الإنترنت وحظر تيك توك لا ينسجمان تمامًا مع الدستور والقانون الأردني. حيث يدعم الأخير بوضوح حرية الرأي والتعبير، مشيرًا إلى أن تقييد هذه الحريات يجب أن يستند إلى القوانين وليس القرارات الصادرة عن سلطة تنفيذية.

كما أشارت زايد إلى أن الأردن صادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية [14]، الذي يؤكد على أن حرية الرأي والتعبير مطلقة، ولا استثناء إلا في حدود ضيقة.

تقول زايد: “يمنع الحظر الناس من التعبير عن آرائهم بشكل طبيعي في التطبيق”. “في حالة وجود انتهاك قانوني على المنصة، يجب على السلطات إحالة الجاني إلى القضاء. لكن هذا الحظر الجماعي، يحرم الأفراد الذين لا يعبرون عن آرائهم السياسية في المقام الأول من حقهم في التعبير عن أي شيء، وليس فقط رأيهم في الإضرابات”.

تقييد المساحة الرقمية

يعتمد الناس بشكل متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن آرائهم بسبب رفض وسائل الإعلام التقليدية نقل أصواتهم. بالنظر إلى هذه المنافذ البديلة كتهديد، تلجأ السلطات إلى تقييد المساحات العامة المتبقية المتاحة للمواطنين.

كما أشارت سوسن أبو السندس إلى أن عملها، الذي تضمن رصد استجابة وسائل الإعلام الأخيرة لإضراب سائقي الشاحنات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشف عن تعتيم إعلامي شبه كامل. يجب أن يكون دور الصحافة المحلية إيصال صوت المتظاهرين والأشخاص المتأثرين بقرارات الحكومة. كما غاب المراسلون الميدانيون والمصورون في بداية الأحداث، بحسب أبو السندس.

وقعت سلسلة من الاعتقالات، استهدفت المسؤولين والنشطاء المحليين، بالتوازي مع إغلاق الإنترنت وحظر تطبيق تيك توك. اعتقلت [15] الأجهزة الأمنية رئيس بلدية معان ماجد الشراري السابق، واتهمته “بإثارة النعرات الطائفية والدينية، وإثارة الصراع بين الشعب، ونشر خطاب الكراهية”.

كما ألقت القبض على الصحفي والناشط السياسي خالد تركي المجالي [16]، الذي اتهم “بالتحريض وكذلك الشتم والقذف عبر الوسائل الإلكترونية”، والناشط علاء الملكاوي الذي كشفت [17] زوجته أن سبب اعتقاله كان منشوره على فيسبوك.

في عام 2020، تسبب [18] قطع الإنترنت في الأردن لخسائر تقدر بنحو 4.9 مليار دولار. بالإضافة إلى كونه انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، ويتسبب قطع الإنترنت لخسائر اقتصادية فادحة في البلاد، ويعرقل تقدمها في المجال الرقمي الذي تخطط وتطمح العديد من الدول العربية، بما في ذلك الأردن لتوسيعه.

علاوة على ذلك، أثر قطع الإنترنت سلبًا على قطاع التعليم في مدينة معان، حيث كشفت مصادر لمنظمة “سمكس”، أنه بسبب سوء الأحوال الجوية، قررت جامعة الحسين بن طلال عقد محاضرات عبر الإنترنت، وليس بشكل شخصي. مع ذلك، منع ضعف خدمات الإنترنت، والانقطاعات المتكررة، الطلاب من حضور الفصول الدراسية.

قال المدير التنفيذي لمنظمة “سمكس” محمد نجم: “هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها السلطات إلى حجب شبكة الإنترنت [19] تحت ذرائع واهية مثل الحد من الغش في الامتحانات”. أضاف نجم: “تزايدت عمليات قطع الإنترنت على خدمات البث المباشر، والمواقع والتطبيقات في السنوات الأخيرة في الأردن”.