احتجاج الجورجيين على خلفية اقتراح مجلس النواب لقانون “العملاء الأجانب” الجديد

لقطة شاشة من تقرير مُصوّر من إعداد شبكة كانال 13 التليفزيونية يُغطي احتجاجات 6 مارس/آذار التي نُظمت خارج مبني مجلس النواب في العاصمة تبليسي.

نزل الآلاف من الجورجيين إلى الشوارع يوم 6، و7، و8 مارس/آذار احتجاجًا على ما يصفه المجتمع المدني بقانون “العملاء الأجانب” الخاص بجورجيا. مع تصاعد الانتقادات يوم 6 مارس/آذار، استأنف مجلس النواب المناقشات بشأن نسختين من مشروع القانون الجديد. عقب 3 أيام من الاحتجاجات الحاشدة، أعلن حزب حلم جورجيا الحاكم إلغاء مشروع القانون، في انتصار بارز للناشطين في المجتمع المدني والمتظاهرين.

نبأ عاجل: حزب حلم جورجيا وحزب قوة الشعب يعلنان الإلغاء “غير المشروط” لمشروع قانون التأثير الأجنبي، بعد ليلتين من الاحتجاجات في تبليسي.

أيام من المناقشات والاحتجاجات

في الوقت الذي احتشد فيه الناس أمام المبني صباح يوم 6 مارس/آذار، داخل قبة مجلس النواب، تعرض ما لا يقل عن ثلاثة من نواب المعارضة للطرد بالقوة من جلسة اللجنة، بحسب تقرير نشره موقع Civil.ge. كما أفادت تقارير لوسائل إعلام محلية ودولية عن وقوع اشتباكات بالأيدي بين النواب.

من نافذة مبنى مجلس النواب، شوهد نواب آخرون لحزب المعارضة وهم يعلقون أعلام دول الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، وجورجيا، التي ترمز إلى التطلعات الأوروبية لحزب المعارضة.

بحسب ما ورد، رشق المتظاهرون المحتشدون خارج مبنى مجلس النواب المبنى بالبيض، كشكل من الاحتجاج.

تعهدت أحزاب المعارضة بمواصلة المظاهرات لحين توقف مجلس النواب عن مناقشة مشروع القانون. كما شارك حوالي 60 منبرًا إعلاميًا، ومئات من منظمات المجتمع المدني في التجمع.

جاء القانون المقترح بشأن “شفافية التأثير الأجنبي” على غرار قانون “العملاء الأجانب” الروسي لعام 2012، الذي استخدم لسحق القوى المعارضة والمنشقة في روسيا منذ بدء سريانه. اقترح مشروع القانون مجموعة من النواب، رسميًا أعضاء حزب حلم جورجيا الحاكم، الذين استقالوا العام المنصرم من صفوف الحزب، وشكلوا حزبًا سياسيًا خاصًا بهم يُسمى قوة الشعب في أغسطس/آب 2022. أفادت تقارير لمنظمة أوراسيانيت الإخبارية أنه في حال تمرير مشروع القانون، “ستضطر المنظمات غير الحكومية ذات التمويل الأجنبي إلى أن تُدرج في سجلٍ كعملاء تأثير أجنبي.”

كان هناك نسختان لمشروع القانون. اقترح وقدم كلتيهما حزب قوة الشعب، بدعم من حزب حلم جورجيا الحاكم. ذكر موقع Civil.ge أنه بحسب التقارير، فإن المسودة الثانية لمشروع القانون، “بشأن تسجيل العملاء الأجانب”، كانت “أكثر صرامة”، ووسعت نطاق شروط التسجيل من “المنظمات لتشمل الأفراد، وشددت عقوبات الإخلال بمتطلباتها من فرض الغرامات إلى عقوبة بالسجن تصل إلى 5 سنوات.” تُلزم المسودة الأولى لمشروع القانون جميع المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام في جورجيا التي تتلقى أكثر من 20 في المائة من التمويل من الخارج التسجيل “كعملاء أجانب”، وأن تتقدم بتقرير عن دخلها السنوي.

في 7 مارس/آذار، صادق مجلس النواب على كلتا النسختين.

كانت الحكومة آنذاك سترسل مشروع القانون إلى لجنة البندقية -هيئة استشارية تابعة لمجلس أوروبا- التي تصدر توصيات بشأن ما إذا كانت “التشريعات المقدمة متوافقة مع معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان”. ظهرت بالفعل علامات تشير إلى عدم أخذ الحكومة التوصيات بعين الاعتبار. في 7 مارس/آذار، قال رئيس حزب حلم جورجيا الحاكم، ماموكا مدينارادزي، إن الحزب لن يتبع توصيات اللجنة إلا “إذا وجدوا على أقل تقدير شيئًا معقولاً مكتوبًا هناك”. أضاف مدينارادزي أنه من المرجح أن يُقر مجلس النواب المسودة الأولى لمشروع القانون.

في الوقت نفسه، لاحق الحزب الحاكم منتقدي مشروع القانون، واصفًا إياهم “بمنتقصي الكنيسة”، و”الجواسيس”. بحسب صحيفة أو سي ميديا الإلكترونية، ظهر على منصة فيسبوك عدد من الصفحات التي تستهدف منتقدي مشروع القانون باللهجة ذاتها. شاركت الملصقات المنتشرة في مختلف أنحاء المدينة نفس الرسالة:

ظهور ملصقات “جواسيس يشوهون الكنيسة” التي تعرض قادة المجتمع المدني في شوارع تبليسي، في الوقت الذي يستعد فيه مجلس النواب لمناقشة قانون “العملاء الأجانب”.

رفض مؤيدو مشروع القانون هذه الانتقادات، زاعمين أن القانون من شأنه “تحسين مستوى الشفافية”، غير أن النقاد قالوا إنه غير ضروري؛ بالنظر إلى أن المعلومات المتعلقة بملكية المنظمات كانت متاحة للعامة على أي حال، وأنه كان هناك وصول كامل إلى السجلات المالية لهذه المنظمات.

مطالبات بإلغاء مشروع القانون

أصدرت لجنة حماية الصحفيين بيانًا في 1 مارس/آذار، قالت فيه: “على مجلس نواب جورجيا رفض أي تشريع من شأنه أن يصنف وسائل الإعلام على أنها عملاء أجانب، كما وينبغي على حكومتها اتخاذ تدابير ملموسة لإظهار التزامها بالتنوع الإعلامي”.

انخرط آخرون بدورهم في توجيه دعوات مماثلة، من أعضاء مجلس النواب الأوروبي إلى نادي كرة قدم جورجيا البارز وصانعي النبيذ في البلاد:

إن قيادة جورجيا تُعرض المستقبل الأوروبي الذي يطالب به شعبها لخطر داهم. الخيار بسيط. على مجلس النواب أن يتخلى عن مشروع قانونه ذو الطراز الروسي بشأن العملاء الأجانب، ويعمل بدلا من ذلك على إحراز تقدم حقيقي في استيفاء شروط الترشيح للاتحاد الأوروبي. إن جورجيا هي أوروبا.

أصدر دينامو تبليسي، النادي الوطني لكرة القدم، بيانًا عبر صفحته على فيسبوك:

في بادرة لم يسبق لها مثيل، أعلن دينامو تبليسي، أبرز أندية كرة القدم في جورجيا، معارضته لمشروع قانون “العملاء الأجانب”، وأعرب عن دعمه لتطلعات جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي.

كما انضم صانعوا النبيذ بدورهم في النقاش، بحسب تقارير لموقع Batumelebi.ge.

في بيان مشترك أصدرته هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، دعت منظمتي الرقابة مجلس النواب إلى إلغاء القانون. وصف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، قرار مجلس النواب باعتماد مشروع القانون في القراءة الأولى بأنه “تطور بالغ السوء لجورجيا وشعبها”. وأضاف:

The law in its current form risks having a chilling effect on civil society and media organisations, with negative consequences for the many Georgians benefiting from their work. This law is incompatible with EU values and standards. It goes against Georgia’s stated objective of joining the European Union, as supported by a large majority of Georgian citizens. Its final adoption may have serious repercussions on our relations.

قد يكون للقانون في صيغته الحالية أثر مروع على المجتمع المدني والمنظمات الإعلامية، مع ما يترتب على ذلك من عواقب سلبية على العديد من الجورجيين المستفيدين من عملهم. يتنافى هذا القانون مع قيم ومعايير الاتحاد الأوروبي. إنه يتعارض مع هدف جورجيا المعلن المتمثل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يدعمه الغالبية العظمى من المواطنين الجورجيين. قد يكون لاعتماده النهائي تداعيات خطيرة على علاقاتنا.

خلال مؤتمره الصحفي الدوري في 7 مارس/آذار، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن “مشروع القانون هذا سيهاجم بعض الحقوق الأساسية لتطلعات شعب جورجيا إلى ديمقراطية موحدة، وتكامل أوروبي أطلسي، ومستقبل أكثر إشراقًا”. كما أشار برايس إلى إمكانية فرض عقوبات على حكومة جورجيا، “لدينا عدد من الوسائل ضمن إطار صلاحياتنا، من شأنها أن تسمح لنا بمحاسبة أي شخص في أية دولة في العالم مسؤول عن قمع ما من شأنه أن يكون حقًا من حقوق الإنسان العالمية”.

اشتعل الغضب الشعبي في 7 مارس/آذار، حيث صوّت المشرعون بواقع 76 مقابل 13 صوتًا لصالح القراءة الأولى لمسودة التشريع. على وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت لقطات مصورة للشرطة على نطاق واسع وهي تستخدم خراطيم المياه بالإضافة إلى وجود تقارير تفيد استخدامها للغاز المسيل للدموع.

استخدمت الشرطة خراطيم المياه ضد متظاهرة سلمية تلوح بعلم الاتحاد الأوروبي خارج مجلس النواب في جورجيا احتجاجًا على اعتماد القانون الروسي المناهض للمنظمات غير الحكومية.

وجهي يحترق حرفيًا. أعطتني بعض الفتيات الرائعات بضع قطرات من الماء، لقد ساعد ذلك قليلاً.

استمرت المظاهرات في يوم 8 مارس/آذار.

يواصل آلاف المحتجين على مشروع قانون العملاء الأجانب في جورجيا التجول في شوارع تبليسي، سادين الطرق الرئيسية في وسط المدينة. بالرغم من استخدام الشرطة المكثف للغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

في وسط حالة الفوضى، كان هناك لحظات كهذه أيضًا، التي التقطتها عدسات الكاميرا وشاركها المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي:

تستخدم حكومة جورجيا صفارة إنذار بغيضة حقًا في احتجاجات تبليسي. هذه هي الطريقة التي يرد بها الشباب. في البلد الذي يزخر بمحبي الموسيقى الإلكترونية الراقصة، لا يمكنك إخافتهم بعيدًا باستخدام الضجيج! مستحيل!

قالت الرئيسة سالومي زورابيشفيلي، الموجودة في الولايات المتحدة في زيارة رسمية، إنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القانون وإنها تؤيد مطالب المحتجين.

اعُتقل أكتر من 100 شخص خلال الاحتجاجات. رغم ذلك، تمسكت الحكومة بلهجة مثيرة للشقاق حتى بعد إعلان قرارها بسحب مشروع القانون. في بيان، قال حزب حلم جورجيا الحاكم إن “آلة الكذب نجحت في تقديم القانون من زاوية خاطئة، وضللت جزءً من الشعب، وتمكنت القوى المتطرفة من جر جزء من الشباب إلى القيام بأعمال غير مشروعة “. كما وصفوا تدابير حفظ النظام، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المتظاهرين بكونها أعمال “بطولية”.

الجورجيون يعارضون. من المزمع استمرار الاحتجاجات لحين ضمان عودة الحكومة إلى مسارها المؤيد للغرب. ثمة انعدام ثقة في الحكومة أيضًا. في يوليو/تموز 2021، أعلن الحزب الحاكم قراره بالانسحاب من اتفاقية أبريل/نيسان 2021 – المُبرمة بجهود الوساطة التي بذلتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي- التي وقعها حزب حلم جورجيا الحاكم ومعظم أحزاب المعارضة، في تعهد بتطبيق العديد من الإصلاحات القضائية والانتخابية، كما وتضمنت وعدًا من حزب حلم جورجيا بإجراء انتخابات نيابية جديدة في أكتوبر/تشرين الأول 2021. منذ ذلك الحين، لجأ الحزب الحاكم إلى استخدام خطاب باعث على الانقسام ضد التطلعات المؤيدة للديمقراطية والموالية للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي استمرت فيه التوترات مع الحلفاء الغربيين بالتأجج.

في غضون ذلك، قال وفد الاتحاد الأوروبي في جورجيا إنه “يرحب” بالخطوة و”يشجع جميع القادة السياسيين في جورجيا على استئناف الإصلاحات المؤيدة للاتحاد الأوروبي، بطريقة شاملة وبناءة تتماشى مع الأولويات 12 لجورجيا لنيل وضع المرشح.”

تشمل هذه الشروط الحد من الاستقطاب السياسي، وإصلاح النظام القضائي، وضمان عمل مؤسسات الدولة، وتعزيز تدابير مكافحة الفساد، بما في ذلك القضاء على وجود القلة الحاكمة، وغيرها.

أعلنت الحكومة الحالية خطتها للتقدم لعضوية الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار 2022، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا- بعد يوم واحد من تقديم أوكرانيا لطلبها الرسمي. آنذاك، وُصفت هذه الخطوة بأنها تحول في مسار حزب حلم جورجيا الحاكم، الذي أصر حتى عهد قريب على أنه لن يسرّع الجدول الزمني الأولي لتقديم طلب العضوية في عام 2024.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.