- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

سكان أذربيجان يدفعون الثمن غاليًا للحصول على الماء

التصنيفات: آسيا الوسطى والقوقاز, أذربيجان, احتجاج, الاقتصاد والأعمال, بيئة, تطوير, حرية التعبير, حقوق الإنسان, حكم, سياسة, صحافة المواطن, كوارث

صورة لـ “إليزابيث لياس” [1]، استُعملت بترخيص من “أونسبلاش” [2].

منذ ثلاث سنوات وخلال اجتماع حكومي، وعد الرئيس “إلهام علييف” بالتطرق إلى مشكلة نقص المياه المُتزايدة في البلد. أعلن [3] “علييف” عام 2020: “من الآن، ستندرج مشاريع مياه الشرب، والسقي على جدول أعمالنا كقضايا أولوية. الهدف الرئيس لاجتماع اليوم، منع الأخطاء، والقضاء على السلبيات الموجودة في هذا القطاع خلال الأعوام المُقبلة”. في نفس تلك السنة، وقع [4] الرئيس على مخطط العمل لضمان الاستعمال الجيد للموارد المائية بين سنتي 2020 و2022. حاليًا، تبدو مشكلة المياه، المُتأزمة [5] بسبب كثافة الزراعة، ووجود عدد كبير من السدود، والجفاف، والتلوث، وضعف الإدارة، بعيدًا عن الحل [6]. يُعد الوضع الصعب [7] لسكان مقاطعة “ساتلي”، مثالاً حديثًا يُظهر غياب الحلول الناجعة.

منذ 13 مارس/آذار، خرج سكان ثلاث مدن من “ساتلي” إلى الشوارع مُطالبين [7] بالحصول على المياه، بعد مُحاولات عديدة [8] للتواصل مع موظفين ومؤسسات حكومية مُهمة، إذ لم يبقَ لديهم بديل آخر. بعد قيام السكان بسدّ الشوارع، استعملت [6] الشرطة القوة والعنف لتفريق الحشود. أعلنت [9] وسائل الإعلام المحلية عن إصابة العديد نتيجة التدخل العنيف لقوات الشرطة، مثل إصابة شاب، ذو 15 سنة، برصاص مطاطي.

أذربيجان: إصابة ثلاثة أشخاص بجروح في مقاطعة “ساتلي”، بعد فتح الشرطة النار على حشد من المتظاهرين. عمل السكان على سد الطريق مطالبين بنهاية أزمة نقص مياه الشرب في المنطقة.

أُدين [14] الناشط “إيلفين موستفايف” بسجن مؤقت 25 يوم، لعرضه المشكلة التي يواجهها السكان على وسائل التواصل الاجتماعي. رغم اتهام “موستفايف” بالتخريب البسيط والعصيان، يقول أصدقاؤه إن الاتهامات انتقامية بسبب انتقادات الناشط.

من جهة أخرى، يقول السكان إن نقص المياه الحاد أثّر على موارد عيشهم. مثل غالبية الشعب، يعيشون من الزراعة، ونقص المياه أثر على ماء الشرب، وماء السقي، لهذا يشترون ماء الشرب منذ عدة أعوام من قرية قريبة. في تصريح [15] لقناة “ميدان تيفي”، أبدى جار تذمره من تكلفة شراء ماء الشرب بصفة منتظمة. يشرح [15] “رشاد غولياف”، الذي يعيش في إحدى القرى: “نشتري من موردي الماء، أتعلمون ما معنى أن تكون موارد العيش صعبة، ونسبة البطالة عالية؟ يبقى الماء المشترى حتى عشرة أيام في حال التوفير، فهو يكلف 20 مانات (حوالي 11.70 دولار أمريكي) ونسدد ثمن ماء الشرب بحوالي 60 مانات (ما يعادل 36 دولار أمريكي) للشهر الواحد.

يُعد نهرا “كورا” و”أراز” مصدرا المياه في أذربيجان، وقد تأثرا منسوبهما بسبب نقص المياه منذ سنوات، مما يعتبر مشكلة بالنسبة للسكان. وفق تقرير [5] “أوراسيانات”: “تقلص منسوب نهر كورا جزئيًا بسبب النشاط الزراعي الكثيف، ينبع هذا النهر من تركيا، ويسري عبر جورجيا وأذربيجان ليصب في بحر قزوين”، بينما تقلص منسوب نهر أراز “بسبب وجود سدود عديدة تسحب الماء منه”.

يقول [16] سكان “ساتلي” إن الماء سيئة للتربة، ويمكن أن تجعلها قاحلة. يواجه مزارعو هذه المناطق خيار صعب، إما استعمال مياه الصرف الصحي [8] أو المالحة [6] للزراعة، رغم أنها غير صالحة للتربة.

مع ذلك، يقول السكان كذلك إن نقص المياه مقصود. في تصريح [16] لمصالح قناة “بي بي سي” المتواجدة بأذربيجان، علق ساكن بخصوص تخصيص الماء إلى موظفي الحكومة الذين يمتلكون أراض بدل السكان المعنيين. “يمكنك الذهاب ومعاينة ذلك بنفسك، الماء متوفر، غير أن موظفي باكو يقطعون إمدادات المياه عمدًا لهؤلاء الأشخاص”، يقول “وحيد ماهاراملي”، خبير في الزراعة، أكد [17] اتهامات السكان.

في حوار [17] أجرته “ميدان تيفي”، صرح “ماهاراملي” عن مشاهدته لواد غني بالماء خلال زيارته لمنطقة ساتلي، عند سؤاله للسكان عن عدم استعمالهم للمياه، أجابوه أن الماء تحت سيطرة “باسا هولدينج”، أكبر تكتل اقتصادي أذربيجاني. “يقول القاطنون، في كل مرة يحاولون الاقتراب من الوادي، تتدخل عناصر الشرطة المتواجدة في المنطقة. هنا توجد مياه كافية لحل مشاكل العديد من المناطق. هناك العديد من الأمثلة من هذا النوع، وتقريبًا في جميع المناطق”، يقول “ماهاراملي”. يمتلك تكتل “باسا هولدينج” أعضاء من العائلة الحاكمة وهو “تكتل اقتصادي ذو نشاطات بنكية، والبناء، والأمن، والسياحة، والاستثمارات”، تشير [18] أبحاث مشروع التنديد بالفساد والجريمة المنظمة (OCCRP في التسمية الإنجليزية). “أريف باساياف” هو رئيس التكتل، وهو حمو الرئيس “إلهام علييف”، وتمتلك [19] بنتا الرئيس المسمتان “أرزو” و”ليلى علييفا” أسهما في “باسا هولدينج”.

“لو تعلق الأمر بشخص عادي، لتمكنا من الشكوى لدى الموظفين المحليين”، يقول جار في حوار [20] مع “ميديا تيفي”. “الجميع يتملكهم الخوف في قول أي شيء لأنهم يخافون من السجن، كل ما نريده هو الماء”، يقول [20] ساكن آخر. “يكذبون عندما يقولون بعدم وجود الماء، يوجد ماء، لكنهم ببساطة لا يعطوننا”، يقول [20] قاطن محلي آخر، ويضيف أن أراضيه الزراعية عانت من تبعيات نقص المياه. لقد حاولوا مرارًا وتكرارًا [8] الاتصال بالسلطات المحلية، لكن دون جدوى، حسب إذاعة “أزدليك”، وهو مكتب لإذاعة “ليبرتي” متواجد بأذربيجان.

حاول خبراء، مثل “ماهاراملي”، تحذير الدولة من النقص الهام للمياه الذي يمكن أن يعاني منه البلد، لكن الدولة لم تعط اهتمامًا كبيرًا. إضافة إلى ذلك توجد مشاكل أخرى، يقول الخبير في الزراعة “شاهين ناجافوف”. في حوار [8] مع إذاعة “أزدليك”، يشرح “ناجافوف” أن المشكلة نابعة أيضًا من تنامي الأراضي الزراعية الصناعية مع خطة زراعية غير مناسبة. في بلد معروف بنقص المياه [21]، وخطر الجفاف، تعد زراعة القطن، المُنتشرة جدًا في أذربيجان، غير مُنتجة، لأن القطن يحتاج لكميات هائلة من الماء، يقول [8] “ناجافوف”. كما حذرت [21] منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إذا لم تُتحذ إجراءات صارمة، يمكن أن تخسر أذربيجان 23 بالمائة من مواردها المائية مع مطلع 2050. وفقًا [22] لتصنيف معهد الموارد العالمية، أطلس الإجهاد المائي “أكيدوكت”، تعد أذربيجان من بين البلدان ذات مستوى من الإجهاد المائي “العالي جدًا” في توقعات 2020 و2030 و2040.

رغم الاستثمارات الهامة في البنية التحتية، وتحسين الحصول على الماء، غير أن “نوعية هذه الخدمات متأذية بسبب ضعف الإدارة، والحوكمة الضعيفة للمؤسسات، والتشغيل غير الملائم، وضعف أنظمة الفواتير، وانخفاض معدلات التحصيل”، يكتب [23] مدونو مقال نُشر في مدونة تابعة للبنك الدولي.

في 30 مارس/آذار [24]، أُنشأت الوكالة الحكومية للموارد المائية لأذربيجان، لكن خبراء يقولون [24] إن الكثير من الإجراءات التي اتُخذت هي غير كافية. في حوار [24] مع إذاعة “أزدليك”، يقول الخبير الاقتصادي “روفشان أغاياف”، رغم امتلاك الوكالة الحكومية الجديدة العديد من الكفاءات، مثل استخراج المياه، ومعالجتها، ونقلها، وإمدادها، يجب القيام عكس كل ذلك. تمركز كل شبكة تحسين المياه وتزويدها بماء الشرب في هيئة واحدة هو أمر غير مجد؛ على عكس ذلك، يجب توزيع المسؤوليات بين الهيئات الحكومية المهمة. “يجب أن تتكفل وزارة الزراعة بشراء المياه، وتوزيعها على المزارعين. يجب أن تعود مهمة إمداد المياه إلى البلديات أو مستثمري القطاع الخاص على أساس محدود”، يشرح “أغاياف”.

في سياق آخر، وبينما ينذر الخبراء عن تأخر تنفيذ الإجراءات الحكومية للتطرق إلى مشكلة نقص الماء في البلد، يدفع السكان المحليون، لاسيما المزارعون، الثمن غاليًا، بمواجهة الرصاص المطاطي، وعنف الشرطة.