أحدث تداعيات حرب الجنرالين في السودان

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم قتالاً عنيفاً. هذه الصورة مأخوذة من فيديو من “الحدث“. استخدام عادل

قامت إيجيبشين كرونيكلز Egyptian Chronicles بنشر هذه القصة في 26 إبريل/نيسان 2023، مدونة شخصية منذ عام 2004. أُعيد نشر النسخة المعدلة هنا بإذن.

بدأ الأسبوع الثاني للصراع الدائر بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح برهان – رئيس المجلس السيادي السوداني- وقوات الدعم السريع؛ مجموعة من الميليشيات تحت قيادة جنرال الحرب السابق محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي”.

عمل برهان وحميدتي معًا أثناء الحرب الأهلية التي بدأت عام 2003 في إقليم دارفور غرب السودان لمكافحة التمرد ضد متمردي دارفور. إلا أن برهان كان جنديًا محترفًا بينما كان حميدتي قائد ميليشيا طموح، وقد نمت سلطته بشكل ملحوظ بدعم من عمر البشير الذي كان حينئذ الحاكم العسكري للسودان. وضع البشير هذان الرجلان أحدهما في مواجهة الآخر، آملاً في ألا تمتلك إحدى المجموعتين المسلحتين القوة الكافية للإطاحة به. لم يكن يدري أن الأمر سيؤول لتلك النهاية بالضبط.

تصادمت طموحات هذين القائدين العسكريين مما تسبب في فوضى للسودان وأهله. إن الصراع الدائر يلقي الضوء على النزاع على السلطة بين الجنرالين صاحبيّ السمعة السيئة، وعلى أثره على المدنيين السودانيين العالقين وسط تلك الفوضى.

هروب اللاجئين وإجلاء الرعايا الأجانب نتيجة تصاعد العنف في السودان

إجلاء الرعايا الأجانب من السودان. صورة من فيديو “بي بي سي” على يوتيوب 25 إبريل/نيسان 2023. استخدام عادل.

بدأت العديد من الدول بترحيل مواطنيها من السودان بمساعدة الدول المجاورة كالمملكة العربية السعودية ومصر. يبدو أن إنقاذ الرعايا الأجانب يأتي على رأس الأولويات، بينما لا يمثل المواطنون السودانيون الأولوية لأحد خاصة عبد الفتاح برهان ومحمد حمدان دقلو. يخشى المواطنون السودانيون من تدهور الموقف بعد مغادرة الأجانب للسودان مما قد يسفر عن المزيد من سفك الدماء. 

في هذه الأثناء، يفر مئات الآلاف من السودانيين إلى الدول المجاورة للهروب من العنف والفوضى اللذان حصدا أكثر من 459 حياة حتى الآن، وخلّفا أكثر من 4 آلاف جريح خلال الأسبوع ونصف الماضي، حسب تقارير الأمم المتحدة. إلا أنه من المتوقع أن يكون عدد القتلى الفعلي أعلى من ذلك بكثير.

يتوجه اللاجئون إلى بور سودان أو وادي حلفا لعبور الحدود إلى مصر، وأيضًا غربًا متجهين إلى تشاد.

صورة قمر صناعي تظهر الدمار في السودان مع استمرار الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع. صورة من فيديو “إندبندنت” على يوتيوب. 17 إبريل/نيسان 2023. استخدام عادل.

تظهر صور الأقمار الصناعية آثار القتال المكثف والطوابير الطويلة للسيارات، والشاحنات، والحافلات على الطرق السريعة المؤدية للمعابر الحدودية.

ينتهك كلاً من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الهدنة الهشة لوقف إطلاق النار، لمدة ثلاثة أيام، التي فرضتها الولايات المتحدة في الخامس والعشرين من إبريل/نيسان 2023.

ردة فعل الحكومة المصرية تجاه الأزمة السودانية

يتوجه آلاف اللاجئين السودانيين إلى الدول المجاورة. صورة من فيديو “الجزيرة انجليزي” على يوتيوب. 26 إبريل/نيسان 2023. استخدام عادل.

خففت مصر متطلبات تأشيرة الدخول ليتمكن الأطفال، والنساء، وكبار السن، فوق خمسين عامًا من دخول مصر دون تأشيرة. حتى وقت كتابة هذا المقال، دخل 10 آلاف شخص إلى مصر عبر معبر أرقين الحدودي. بينما ينتظر المزيد من الآلاف عند ذلك المعبر حيث أقام الهلال الأحمر المصري مركزًا للإغاثة. 

تكثف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين جهودها لمساعدة الأشخاص الباحثين عن الأمان في الدول المجاورة للسودان، حيث يبدو أن القتال سيتسبب في المزيد من النزوح داخل وخارج الدولة. إلا أنه يوجد احتياج ملح للمزيد من جهود الإغاثة خاصة أثناء الأزمة الاقتصادية.

من الجدير بالذكر، أنه في عام 2004 وقعت مصر والسودان اتفاقية الحريات الأربع تسمح للمواطنين من كلا البلدين بالتنقل، والعيش، والعمل، وامتلاك العقارات دون قيود. بالرغم من توقيع الاتفاقية والتصديق عليها إلا أنها لم تطبق بالكامل، خاصة فيما يتعلق بحرية الحركة بسبب مخاوف من الجانبين تتعلق بالأمن القومي.

طلبت وزارة الخارجية المصرية من المواطنين المصريين، المقيمين خارج الخرطوم، بالتوجه لمدينة وادي حلفا شمال السودان أو بور سودان شرق السودان، لإجلائهم يوم الأحد 23 أبريل/نيسان 2023. غادر أكثر من 1000 مصري خلال 48 ساعة على متن طائرات عسكرية. كما حثت الوزارة المواطنين المصريين في الخرطوم الحفاظ على سلامتهم، لحين حصولهم على تعليمات من السفارة المصرية نظرًا للوضع المضطرب.

اللاجئون عند معبر أرقين. 27 إبريل/نيسان 2023. صورة من فيديو “أون”. استخدام عادل.

تعمل القوات المسلحة المصرية والسودانية معًا للبدء في عمليات الترحيل. أمدت السودان مصر بمعلومات عن الممرات الآمنة المؤدية إلى المواقع المخصصة للإجلاء. تشير التقارير الإخبارية إلى أن الجيش السوداني يرافق مجموعات من المصريين إلى المعابر الحدودية بين الدولتين لإجلائهم.

 لقي حتى الآن مواطنان مصريان مصرعهما في الخرطوم، أحدهما محمد الغراوي -مساعد إداري يعمل بالسفارة المصرية بالخرطوم- أثناء تواجده في سيارته في طريقه إلى السفارة يوم الاثنين. اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالمسؤولية عن الهجوم، بينما زعمت قوات الدعم السريع أنها ستتعاون مع السلطات المصرية للوصول إلى الجاني.

يخلق قتال الشوارع المكثف بيئة خطرة للمدنيين مما يعوق قدرتهم على التحرك بحرية. صورة من فيديو “العربية” على يوتيوب. 26 إبريل/نيسان 2023. استخدام عادل.

توفى الطالب بكلية طب جامعة الخرطوم، صابر نصر الدين، 23 عامًا، يوم الأحد الماضي نتيجة هبوط حاد بضغط الدم. أفاد زملائه بالسكن عن معاناته جراء إصابته بمرض السكر، ومن عدم تمكنه من الحصول على الإنسولين بسبب الصراع الجاري.

لم تتمكن عائلة نصر الدين، المقيمة بديروط في محافظة أسيوط، من نقل جثمانه من الشقة التي كان يقطنها في الخرطوم بسبب النزاع الدائر. وجهت والدته نداءات على وسائل التواصل الاجتماعي لإعادته إلى مصر ليدفن في مسقط رأسه في صعيد مصر. إلا أن والد نصر الدين قد صرح أن نجله دفن في مقبرة في الخرطوم في الوقت الحالي.

لم يكن الطالب المصري الشاب الضحية الوحيدة للوضع الإنساني المزري في السودان. أدى انهيار القطاع الصحي في العاصمة إلى عدم تمكن ما يزيد عن 52 مستشفى في الخرطوم من تقديم الخدمات الطبية، نتيجة انقطاع الكهرباء، والافتقار إلى الإمدادات الطبية.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.