أثناء كتابة هذا المقال بمساعدة الإملاء الصوتي، تنتشر آلامٌ حادة كطعنات السكين عبر ظهري حتى أسفل الساق، بينما تزداد شدة الهزات القوية، غير الملحوظة لمن حولي، في أنحاء جسدي. لا أشعر بالراحة حتى عند الاستلقاء. كلما أقف، يُصيبني مشهد من الألوان والعتمة بالدوار. فيما تتمايل الجدران، يتعين عليّ التماسك. يُصيبني الهلع كلما غادرت المنزل ولابد أن يرافقني شخصٌ ما دومًا.
بالرغم من أني أبدو بصحة جيدة، كأي امرأة أخرى في سني، إلا أن الاشمئزاز من وجودي وجسدي في وظيفتي تسبب بتدهور صحتي. ليس من غير المألوف للغرباء، حتى في الاستشارات الطبية، قول، “ما الغرض من استخدامك عصا للمشي؟” أو “إن كانت ساقيك ضعيفتان، مارسي التمارين الرياضية”.
استغرقني الأمر أكثر من 5 أعوام للعثور على أخصائي، الذي عوضًا عن اعتباري كسولة، أخذ حالتي الصحية على محمل الجد، هكذا شخصني كأي مريض آخر. شأني كشأن 7.1% من الكولمبيين الذين يواجهون صعوبة في أداء الأنشطة اليومية الأساسية. مع ذلك، إعاقتي غير مرئية لدرجة عدم توافر إحصاءات تتعلق بهذه الحالة في أمريكا اللاتينية.
“صباح الخير، أيها الألم”
أحاول الاستماع لجسدي. أُقيِّم شعوري والتغييرات التي تلزمني للاستيقاظ. يصبح الأمر أكثر تعقيدًا عندما تكون الأعراض مفاجئة، وعندما تظهر وتختفي. ذلك يعني أن هناك أيام أستطيع فيها الذهاب إلى ميعادي مع الطبيب والعودة للمنزل مباشرة لأستريح. في أيام أخرى، إن لم أمتلك الطاقة، وشعرت بالألم والهلع، فضلًا عن صعوبة العثور على شخص لمرافقتي، قد يتعين عليّ إيجاد حلول لا تتطلب مغادرتي المنزل.
لا يُمكن للأشعة السينية إظهار الألم والهلع الذي ينتابني. لذلك نميل لتجنب مناقشة حالتنا الصحية، فنحن لسنا بحاجة لسماع المزيد من الآراء المزعجة، والمشككة، والوقحة. كما لا نريد من الأطباء الآخرين أو أفراد العائلة إخبارنا بأننا “لا نبدو معاقين”. ذلك بالرغم من أن الالتهاب العضلي الليفي وإصابات العمود الفقري من بين الحالات المرضية التي شُخِّصت بها. حال سمحت ظروفنا الصحية أن نكون مُنتجين، على سبيل المثال لتأمين منزل، وطعام، ومصدر دخل، يُفضَّل عدم الإفصاح عنها.
الجوانب المختلفة للإعاقات غير المرئية
تُعرف أيضًا بالإعاقات “المخفية”، الإعاقات غير المرئية هي حالات جسدية، ونفسية، وعصبية، وحسية أو مزيج منها. كونها غير مرئية، تحد هذه الإعاقة من الأنشطة الشخصية وتفرض تحديات للتأقلم معها. تضم بعض أعراضها الشعور بألمٍ مزمن، وإرهاق، وهلع، ودوار، وتشوش الذهن، وصعوبة في الحركة دون سبب واضح، إضافة لصعوبات في التذكر.
خلافًا للأشخاص المصابين بإعاقات مثل الصمم، والعمى، والتوحد، تُصيب الإعاقات غير المرئية أيضًا أولئك ممن يعانون من إصابات دماغية، والخلل المعرفي، وصعوبات في التعلم، والاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، ومتلازمة التعب المزمن. كما أنها شائعة بين الأفراد المصابين بالصرع، والتهاب القولون، والتهاب بطانة الرحم، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وتليف الكبد، والالتهاب العضلي الليفي، والذئبة، والتهاب الدماغ النخاعي، والسكري، والتهاب الأمعاء الناحي، والأمراض المزمنة عمومًا.
يُمكنها أن تُشكل تحدياتٍ بسيطة خلال الحياة اليومية أو تحُّد من أنشطتها بدرجة كبيرة. يُمكن أن يكون التأثير طويل المدى أشد ضررًا.
وسائل لكسر الحواجز التي تفرقنا
يُعد شعار الكرسي المتحرك غير كافٍ فيما يتعلق بتمثيل جميع الإعاقات. غالبًا ما يُنظر إلينا بغضب بنظرة بغض واشمئزاز عند طلب المقاعد المخصصة، سهل الوصول إليها. مع وجود سجلات طبية أو أدلة أخرى على الإعاقة، تستمر إهانات وهجوم الأشخاص؛ لذلك نضطر للتخلي عن مقاعدنا. الوضع أسوأ بالنسبة للنساء المتحولات جنسيًا، كون برأي جزء كبير من المجتمع، لا نستأهل الحياة.
نظرًا لذلك، لابد أن نقر بوجود التهميش الاجتماعي علنًا وفعليًا. يجب علينا النظر في طرق تقييد الحواجز المادية والاجتماعية لذوي الإعاقة غير المرئية. إن الاعتراف بإمكانية تكييف الموارد للأفراد جزء من تطورنا الاجتماعي. سيُتيح تطبيق ذلك توسيع نطاق مشاركتهم ومساهمتهم في بناء أفضل عالم ممكن.
بعض توصياتي لتحسين هذا الوضع:
- وسع نطاق فهمك، وفكر قبل التحدث، ولا تُلقِ “الدعابات” عن هذه الحالات.
- أدرك بعدم شعورك بالرضى عند إساءة معاملتنا.
- احترم خصوصيتنا. مع ذلك، إن أطلعك أحدهم عن حالته الصحية، استمع إليه، وتعلم، وانشر الوعي.
- أفهم توقعات أقرانك. على سبيل المثال، يُعد التواصل البصري المباشر مناسبًا في التواصل الطبيعي لكنه غير مناسب بالنسبة للمصابين بالتوحد أو الذين تعرضوا لأحداث صادمة.
- أوصل أفكارك بمصطلحات بسيطة، ومفهومة، باستخدام تعليمات مباشرة قدر المستطاع. يُمكنك أيضًا، لو أمكن، تعلم لغة الإشارة للتواصل مع الصم.
- أدرج نسخ صوتية وترجمة للمحتوى.
- استخدم تباين لوني كافٍ ونص بديل للرسومات.
- يُعد المصابين بالتنوع العصبي، و/أو الاكتئاب أو القلق أشد حساسية تجاه التدقيق والضوضاء. لذا يستحسن التخلص من مصدر الضوضاء، وتجنب المساحات المفتوحة، والقدرة على وضع جداول زمنية مرنة للعمل.
- تطبيع بيئات العمل الهادئة واستخدام السماعات العازلة للضوضاء.
- استخدام التصاميم التي تضمن سهولة الحركة داخل أماكن مختلفة، بالتالي تجنب النقاط العمياء.
توفير طرق مختلفة للوصول إلى المواقع المنظمة. تَذَكّر، لا يمتلك الجميع سيارة. من المفيد توضيح ما إذا كانت هناك أي طرق نقل عام يمكن الوصول إليها وتقديم معلومات عن أقصر الرحلات.
في البداية، أَمِلْت العودة لوضعي الطبيعي. لكن أعراضي دائمة التغيُّر ولا تتبع الدورة المعتادة للإصابة بالمرض، تلقي العلاج ثم التحسن. يصعب التكييف معها، لهذا أركز طاقتي على الشعور بأني “طبيعية” في طبيعتي الجديدة.
على الأقل، يُدرك ابني أن “الضروري غير مرئي للعين”.