- Global Voices الأصوات العالمية - https://ar.globalvoices.org -

تعالج الصين أزمتها الغذائية بتحويل الغابات لأراضٍ زراعية

التصنيفات: شرق آسيا, الباهاماس, الصين, بيئة, صحافة المواطن, علاقات دولية, Green Voices
صورة طبق أرز. [1]

الصورة مجانية الاستخدام من بيكسباي [1].

بعد الفيضانات [2] التي دمرت الأجزاء الوسطى والجنوبية من الصين في 1998، أطلقت بكين “برنامج الحبوب نظيرالمساحات الخضراء [3]” (أو “تحويل الأراضي الزراعية إلى الغابات”) لمعالجة مشكلة تآكل التربة جراء إزالة الغابات. في إطار البرنامج، عُوِّضْت الأسر الريفية عن أراضيها الزراعية، التي حُوِّلْت لأراضٍ حرجية. بفضل البرنامج، زاد الغطاء الحرجي [4] في الصين من 8% في 1960 إلى 21% في وقتنا الحاضر.

لكن منذ 2020 عُكٍِسَ البرنامج الذي كان موضع إشادة تدريجيًا مع تحويل الغابات لأراضٍ زراعية لزيادة إنتاج الحبوب. مع تفاقم تآكل التربة ووقوع الفيضانات مع مواسم الأمطار، لجأ بعض المواطنين الصينيين لوسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه الانتقادات، ومشاركة مقاطع للغابات المقطوعة وتآكل التربة الشديد في الأراضي الزراعية المطورة حديثًا.

تُدُوِّلَ مقطع على نطاقٍ واسع يُظهر كيف دُمِرت المزارع المطورة حديثًا قرب تلة جراء العاصفة:

مع قدوم أمطار الصيف، تُلِفت المُدَرَّجات الزراعية المطورة حديثًا، التي حُوِّلْت من أراضي حرجية إلى أراضي زراعية.

شواغل الأمن الغذائي

تحت رئاسة الرئيس الصيني شي جين بينغ، كان ضمان الأمن الغذائي في البلاد أحد أهم أهداف الحزب الشيوعي الصيني. أصبحت عبارته [7]، “يتحتم علينا إحكام الإمساك بأوعية أرز تملأها الحبوب الصينية للشعب الصيني” المبدأ التوجيهي للسياسة الزراعية في البلاد.

في خضم القلق المتزايد إزاء المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا [8] وتوتر العلاقات عبر المضيق بين الصين وتايوان [9]، تضخمت أزمة الأمن الغذائي. في افتتاح المؤتمر الشعبي الوطني في مارس/آذار، قال [10] رئيس الوزراء السابق لي تشيانغ أن الصين ستزيد إنتاجها من الحبوب بمقدار 50 مليون طن في 2023 وستُشيّد مراكز تخزين لإمدادات الطوارئ من اللوازم اليومية.

رغم قدرة الناتج الكلي من الحبوب في الصين — الذي بلغ 686.53 مليون طن [11] في 2020 — على إطعام سكانها البالغ عددهم 1.3 مليار بالكامل، إلا أنها ما تزال أكبر [12] مستورد للغذاء في العالم. في الواقع، تراجع [13] معدل الاكتفاء الذاتي الغذائي في البلاد من 93.6% في 2000 إلى 65.8%. يعتبر الحزب الحاكم هذا التيار أزمة أمن غذائي.

لمعالجة هذه الأزمة، من المقرر [14] أن تزيد الصين إنتاجها السنوي من الحبوب، بتخصيص 103 مليون هكتار من إجمالي 120 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة لإنتاج الحبوب. كما ستعزز قطاع البذور، ونظام الحوكمة الريفي، وتقدم مليارات المعونات [15] لإنعاش القطاع الزراعي، والمزيد.

لبلوغ الهدف، يتعين على الدولة زيادة الأراضي الزراعية المتاحة لإنتاج الحبوب. مع ذلك، لا يُحْفّز معظم المزارعين لزراعة الحبوب لأن المحاصيل التجارية، كأشجار الفاكهة والزهور، مربحة أكثر. بالتالي، تلجأ الحكومات المحلية للحملات السياسية والإجراءات القسرية لتحويل الأرض [16] لإنتاج الحبوب عبر فرض الإدارة الريفية للأراضي المتسلحة بفرق إنفاذ القانون المحلية الجديدة المعروفة باسم “نونغان [17]“، التي تتدخل في جوانب لا حصر لها من الحياة الريفية وسبل العيش.

استبدال الغابات بحقول الأرز المُدَرَّجة

في الأشهر الماضية، شارك المزارعين مقاطع تُظهر كيفية اقتلاع محاصيلهم التجارية، كأشجار الفاكهة، لإفساح المجال أمام حقول الحبوب. اُلْتُقِطت اللقطات الآتية في مقاطعة تشجيانغ:

في تشجيانغ، زُرِعت أشجار الخيزران لثلاثة أعوام، والآن تعين عليهم اقتلاعها لتحويل الأرض إلى أرض زراعية. هذا ضرب من الجنون!

أظهر مقطع آخر اقتلاع “الجدار الأخضر [20]” الذي بُنيّ لمنع وقوع العواصف الرملية بالقرب من مدينة هاربين:

لا عجب في أن العواصف الرملية تكررت كثيرًا في المقاطعات الشمالية. التخلي عن “الماء الأخضر [24] والجبال” نظير “الأمن الغذائي”…

مقطع من “إعادة الغابات إلى أراضي زراعية: قطع ‘الجدار الأخضر'”.

نظرًا لامتلاك الصين أقل من 10% من الأراضي الصالحة للزراعة، مع تخصيص بعضها لأغراض غير زراعية، منها أماكن التخزين، ومواقف السيارات، ومنازل القرى، ومزارع تربية الماشية، والطرق، وممرات الدراجات، والمتنزهات، والمساحات الخضراء، تتطلع بعض الحكومات المحلية للمناطق المرتفعة بحثًا عن فرص جديدة، تحت شعار الحملة “زراعة حقول الأرز في أعالي التلال”.

نُفِّذ أحد مشاريع حقول الأرز المرتفعة في مقاطعة يونّان، بنحو 30 ألف هكتار من الأراضي الحرجية التي حُوِّلْت لمُدَرَّجات زراعية [25] لزراعة حقول الأرز المرتفعة [26]. يُظهر المقطع أدناه أحد مواقع مزارع الأرز المرتفعة في يونّان:

تعلمت يونّان زراعة حقول الأرز في أعلى التلال من قرية داجاي، الواقعة في مقاطعة شانشي، التي كانت بمثابة نموذج للإنتاج الزراعي في أنحاء الصين خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

كان مشروع تطوير الأراضي الزراعية المرتفعة قائمًا على التجربة الأولية لزراعة حقول الأرز المرتفعة في مركز الأبحاث الزراعية. ادعى جو يويونغ [29]، أخصائي أمراض نباتية وممثل المؤتمر الشعبي الوطني، أن فريق البحث نجح في إنتاج ما يصل إلى 736 كيلوغرام [25] من الأرز في واحد مو [30] فقط (ما يعادل 0.066667 هكتار) من الأرض.

مع ذلك، شكك الكثيرون في إمكانية تكرار نتيجة المختبر في البيئة الطبيعية حيث لا يُمكن التحكم بجودة التربة. أُثيرت زوبعة من الانتقادات على إثر انتشار صور تُظهر تحول التلال الخضراء إلى أراضٍ قاحلة على منصات التواصل الاجتماعي الصينية. أفاد أحد المنشورات على ويبو:

全国那么多优质的田地荒芜,不去耕种,非得把山推了,把田建在山上。水稻上山有几大弊端:一是容易造成水土流失,引发山洪;二是山上缺水,种植水稻只能靠天吃饭,即便有水抽,成本也覆盖不了;三是鸟兽的损耗;四是山上小梯田翻耕麻烦,收割麻烦,搬运麻烦,不利于机械化,成本高出一大截。

من ناحية، هُجِرت الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة في أنحاء البلاد؛ ومن ناحية أخرى، تُنْقَل الحقول إلى المنحدرات. ثمة بعض المشاكل المتعلقة بزراعة الأرز في المرتفعات؛ أولًا، قد تؤدي زراعته لتآكل التربة والانهيارات الأرضية. ثانيًا، نقص إمدادات المياه في التلال مما يضطر المزارعين للاعتماد على المطر لزراعة الأرز. ثالثًا، سيتأثر المحصول بالطيور والحيوانات البرية. رابعًا، يصعب الحفاظ على الحقول المُدَرَّجة. لا يمكن تحمل تكاليف المكننة الزراعية ويتطلب حرث الأرض وحصاد المحاصيل قوة عاملة هائلة.

زراعة الحبوب في الحدائق البيئية

لم يقتصر تأثير سياسة الأراضي الزراعية على المناطق الريفية فقط. نظرًا لدراية الحكومة الصينية بتخصيص الأراضي الزراعية لأغراض أخرى أيضًا، منها الحدائق البيئية في المدن، تتعرض الحكومات المحلية للضغط كي تحول الحدائق لأراضي زراعية أو تزرع الحبوب في المساحات الخضراء.

في شينغدو، سيتم تحويل حزام أخضر بطول 100 كيلومتر يضم 120 حديقة في المدينة لحوالي 100 ألف مو [30] أو 6700 هكتار [31] من الأراضي الزراعية. نظرًا لأن الحزام الأخضر سيكلف حكومة شينغدو 34.1 مليار يوان (نحو 5 مليار دولار)، يجد السكان القرار غير معقول. قال [31] تعليق تُدُوِّلَ على نطاقٍ واسع:

花了341亿打造的天府绿道公园。这得收多少大米才能回本?作为农盲,我还是上网学习了一下。一亩水稻的利润在770元人民币算是比较高的…10万亩地一年能赚7700万……嗯,要442.8年才能收回公园成本。

تبلغ تكلفة بناء الحزام الأخضر 34.1 مليار يوان. ما مقدار محصول الأرز الذي يمكنه تغطية هذه التكلفة؟ بحثت عبر الإنترنت ووجدت أن الربح السنوي الناتج عن مو [30] واحد من حقل الأرز حوالي 770 يوان… يُمكن أن يحقق 100 ألف مو [30] من الأرض 77 مليون يوان في العام. ستتطلب تغطية تكلفة الحزام الأخضر 442.8 عام.

تواجه الصين أيضًا نقصًا في عمال الزراعة، والذي تفاقم جراء السياسة الجديدة. رغم امتلاك الصين لنحو 450 مليون مزارع، أكثر من 290 مليون منهم عمال مهاجرين ريفيين [32] يعملون في المناطق الحضرية؛ في الواقع، ثمة أقل من 150 مليون مزارع متاح. أشار أحد مستخدمي ويبو:

退林还耕,把城里的公园改成农田,产出有多大?…关键是有没有人去种这些地。现在农村都有不少耕地没人种,变成了荒地。…除非种粮的回报可以高到吸引一批年轻人回归土地的程度,粮食保产增产才更现实。

ما مقدار الإنتاج الذي سيحققه “إعادة الغابات إلى أراضي زراعية” وتحويل الحدائق في المناطق الحضرية إلى حقول للحبوب؟ … المهم هنا أن لا أحد سيهتم بالأرض. حتى في المناطق الريفية، ثمة الكثير من الأراضي الصالحة للزراعة التي هُجِرت وأصبحت أرضًا قاحلة… لن تنج الخطة ما لم يُرْفَع مقدار الربح من إنتاج الحبوب لمستوى يدفع الشباب للعودة إلى المناطق الريفية.

في غضون ذلك، أنشأت الصين منظمات لإدارة الأرياف [33] لفرض تحقيق هدف زراعة الربيع لعام 2023. يشعر البعض بالقلق من أن الحكومة ستُعيد في النهاية ممارسة الزراعة الجماعية [34] لمعالجة مشكلة نقص المزارعين. العام الماضي، أعادت [35] الصين إحياء هيئات الإمداد والسوق الشعبية التعاونية، طريقة أُنشئت في خمسينيات القرن الماضي لدعم الزراعة الجماعية وتعزيز الحوكمة الريفية.

يشهد العالم أزمة غذائية فعلًا مع ارتفاع أسعار الأغذية لمستويات قياسية جراء جائحة كوفيد-19 والصراع الحاصل في أوروبا الشرقية. مع ذلك، وفقًا لإحصاءات البلاد الرسمية، يُعد إنتاج واحتياطي [36] الأرز أبعد من أن يكون غير آمن. يعتقد الكثيرون أن التحول المفاجئ في السياسة هو استجابة للتوتر الجيوسياسي. لكن يبدو أن المناطق الريفية الصينية ستتكبد نشوب ثورة كبيرة [1] أخرى قبل ظهور التهديدات الخارجية.