في السنوات الأخيرة، برزت مجموعة دول البريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، كقوة رئيسية في الاقتصاد العالمي. ومع التقدم الكبير الذي حققته المجموعة، أعرب عدد متزايد من البلدان الأفريقية عن اهتمامها القوي بالانضمام إلى هذا التحالف المؤثر.
تختلف آراء المحللين حول الإنجازات الملموسة التي حققتها مجموعة البريكس منذ إنشائها في عام 2009. في حين يحافظ بعض المحللين على نهج الانتظار والترقب وتقييم الإمكانات المستقبلية، يزعم آخرون أن مجموعة البريكس تجاوزت التوقعات بالفعل. مع ذلك، يؤكد البعض على الحاجة إلى نص أكثر واقعية للمجموعة.
في عام 2014، أنشأت دول البريكس بنك التنمية الجديد (NDB)، باستثمار أولي قدره 50 مليار دولار أمريكي. تم تصميم هذه المؤسسة المالية كبديل للمؤسسات الغربية المهيمنة مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، التي واجهت انتقادات لفرضها سياسات اقتصادية صارمة على الدول النامية. يقدم بنك التنمية الجديد للدول الأعضاء ثقلاً موازنًا، إذ يتيح لها الوصول إلى تمويل التنمية دون القيود المرتبطة بالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي. بالتزامن مع ذلك، قدمت دول البريكس ترتيبات احتياطي الطوارئ، المصممة لتقديم المساعدة المالية للدول الأعضاء التي تواجه مشكلات في الدفع أوقات الاضطرابات الاقتصادية.
ركزت قمة البريكس هذا العام، والمنعقدة في جوهانسبرج في الفترة من 22 إلى 24 أغسطس/آب، على مناقشة توسيع عدد أعضاء المجموعة. في حين، تنشأ مخاوف لأنه لا يبدو أن جميع الأعضاء الحاليين يؤيدون هذا الإدراج. يكشف تقرير لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست أن الهند والبرازيل تتخوفان من هذا الاحتمال، بسبب المخاوف من إضعاف نفوذهما داخل الكتلة. تتوخى الهند الحذر بشكل خاص لأن إضافة أعضاء جدد يمكن أن يؤدي إلى تضخيم النفوذ الاستراتيجي للصين، خاصة وأن بكين تحافظ على علاقات وثيقة مع بعض الداخلين الجدد المحتملين، بما في ذلك الجزائر، وإيران، والأرجنتين، وإثيوبيا، ونيجيريا.
من بين الجوانب المثيرة للاهتمام التي يتعين علينا أن ندركها هو ديناميكيات روسيا والصين، العضوين البارزين في مجموعة البريكس، في سعيهما إلى صياغة جدول أعمال التحالف. تجد كلتا الدولتين نفسيهما متورطتين ومعزولتين بسبب استراتيجيات العقوبات التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها، حيث تواجه الصين تحالفًا عدائيًا في جوارها، وتقاتل روسيا التحالفات المناهضة لروسيا في أوروبا الشرقية. علاوة على ذلك، أدت الإجراءات الاقتصادية التي تحد من نفوذها، مثل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات المفروضة على روسيا، إلى تعزيز فكرة مجموعة البريكس. بالنسبة لروسيا والصين، تعمل مجموعة البريكس كإجراء مضاد ضد جهود الاحتواء الأمريكية.
في عام 2010، أصبحت جنوب أفريقيا أول دولة أفريقية تنضم إلى مجموعة البريكس. منذ انضمامها، ظلت تعمل بنشاط على تعزيز توسيع التحالف ليشمل بلدانا أفريقية أخرى. كشف الرئيس الحالي لمجموعة البريكس، من جنوب أفريقيا، في تقرير إذاعة صوت أمريكا الإخباري أن أكثر من 40 دولة أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى التحالف، مما يدل على الجاذبية المتزايدة لهذه الكتلة.
أبدت إثيوبيا رغبة قوية في الانضمام إلى مجموعة البريكس. في 29 يونيو/حزيران من هذا العام، أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية رسميًا عن تقديم طلب للانضمام إلى اتحاد الدول الناشئة في الكتلة. يسلط مقال من موقع The Conversation الضوء على الأسباب الإستراتيجية التي تجعل إثيوبيا مهتمة بالانضمام. أولاً، يمكن أن يكون تدهور علاقاتها مع القوى الغربية بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان سببًا للسعي للانضمام إلى مجموعة البريكس، لأنه سيجعل البلاد أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية، وربما يخفف من ضغط القوى الغربية على أهمية قضايا حقوق الإنسان في إثيوبيا. ثانيًا، في ظل النمو الاقتصادي السريع، تبحث إثيوبيا عن سبل بديلة للنمو، خاصة في علاقاتها الاقتصادية القوية مع الصين والهند. يمكن لعضوية البريكس تحسين التعاون وجذب الاستثمار. ثالثًا، من خلال الانضمام إلى مجموعة البريكس، يمكن لإثيوبيا أن تكتسب نفوذًا أكبر في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وربما تكون جزءا من تحدي هيمنة الدولار الأمريكي بإنشاء عملة جديدة للكتلة. رابعًا، تدعم قوى البريكس، بشكل عام، عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى. أخيرًا، يمكن لصورة رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد أن تستفيد من العضوية، واستعادة المصداقية وإظهار القبول من قبل القوى العالمية الكبرى.
على الرغم من أن انضمام إثيوبيا إلى مجموعة البريكس يمثل مخاطر ومزايا محتملة، يمكن تفسيره على أنه اصطفاف مع كتلة جيوسياسية بديلة. من الممكن أن يؤدي هذا التحالف إلى خفض المساعدات والاستثمارات من القوى الغربية مع زيادة أهمية إثيوبيا الاستراتيجية.
في تطور موازٍ، على الرغم من أن نيجيريا لم تظهر صراحة اهتمامها بالانضمام لمجموعة البريكس، فقد ذكر تقرير في مجلة ليدرشيب أن جمعية العلوم السياسية النيجيرية (NPSA)، دعت الحكومة للسير على خطى الدول الأخرى، والانضمام إلى تحالف البريكس. أظهر الاقتصاد النيجيري نموًا كبيرًا، حيث نما بنسبة 6.6% في العام الماضي، ويستعد للتقدم المستمر، وفقًا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
وجهات النظر والإمكانيات
يؤكد الحماس الذي أبدته الدول الأفريقية تجاه مجموعة البريكس، قدرتها على تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي. يبرز الدور الاستباقي الذي تلعبه جنوب أفريقيا في الدفاع عن توسع الكتلة في القارة. ترى إثيوبيا ونيجيريا، وغيرها من الدول الأفريقية المهتمة، أن العضوية هي بوابة لأسواق جديدة، واستثمارات، وحلول تعاونية للتحديات المشتركة.
هناك أبعاد عديدة تدعم اهتمام الدول الأفريقية بمجموعة البريكس. تشكل الاعتبارات الاقتصادية، حيث تشكل دول البريكس حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فرصًا تجارية واستثمارية موسعة للاقتصادات الأفريقية. إن المشاركة مع مجموعة البريكس يمكن أن تجتذب الاستثمار الأجنبي المباشر والتقدم التكنولوجي وتعزيز قدرات التصدير.
علاوة على ذلك، برزت مجموعة البريكس كصوت مميز يدعو لإصلاحات في الحوكمة العالمية والتعددية القطبية. بالنسبة للبلدان الأفريقية، التي غالبا ما تكون مهمشة في عملية صنع القرار العالمية، تقدم مجموعة البريكس منصة لرفع أصواتها، وتعزيز مصالحها.
توفر تحديات التنمية المشتركة أرضًا خصبة للتعاون بين دول البريكس والدول الأفريقية. إن تطوير البنية التحتية وتخفيف حدة الفقر وتحقيق النمو المستدام لها صدى عميق لدى الطرفين. ومن خلال مجموعة البريكس، تطمح الدول الأفريقية إلى الحصول على الدعم الفني والمساعدة المالية لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال.
مع ذلك، هناك جوانب سلبية محتملة. يتم التعبير عن المخاوف بشأن مخاطر الاعتماد الاقتصادي على الاقتصادات الرئيسية في الكتلة، وخاصة الصين. من الممكن أن تؤدي الشراكات غير المتكافئة، والاختلالات التجارية غير المواتية، لاستغلال الموارد الأفريقية. كما إن تنسيق الهياكل الاقتصادية المتنوعة، والأنظمة السياسية، ومستويات التنمية بين الدول الأفريقية، قد يشكل تحديات دبلوماسية داخل مجموعة البريكس.
إن الحماس الذي أبدته الدول الأفريقية في الانضمام إلى مجموعة البريكس، يسلط الضوء على القدرة التحويلية للتحالف. مع ذلك، يثير التوسع المحتمل لمجموعة البريكس لدمج الدول الأفريقية تساؤلًا حول استهلال حقبة جديدة من التعاون بين بلدان حركة عدم الانحياز، مما يعزز الصوت الموحد للاقتصادات الناشئة على المنصة العالمية. بينما تفكر البلدان الأفريقية في الانضمام إلى مجموعة البريكس، يصبح من الضروري تقييم آثاره بعناية، وضمان أن هذا يمهد الطريق للتنمية الشاملة والمستدامة. يشكل هذا التقييم حجر الزاوية لمستقبل واعد يتسم بالتقدم التعاوني.