الانتخابات في مواجهة خطر التزييف الصوتي وخدع الذكاء الاصطناعي

 صورة أنشئت باستخدام دالي-٣ من خلال  <a href="https://openart.ai/terms">OpenArt</a>.

صورة منشأة باستخدام دالي-٣ من OpenArt.

يكاد يستطيع أي شخص في الوقت الحاضر أن ينشئ تسجيلات صوتية أو مرئية لمشاهير أو لأشخاص عاديين، يتصرفون ويتحدثون بطرق لم يقوموا بها من قبل، باستخدام برنامج مبسط للذكاء الاصطناعي متوفر على نطاق واسع. لذا فإن حقوق هؤلاء الأشخاص، الذين سُلبت أصواتهم وصورهم، بحاجة لحماية أكثر حزمًا. من جانبها تعاونت شركات التكنولوجيا الكبرى في محاولة لوقف الاستخدام الضار للذكاء الاصطناعي في الانتخابات القادمة حول العالم.

ما يزال التزييف العميق يتطور، وفي كل مرة يحسن من جودته واقترابه من الواقع، لتزداد المخاوف من إدخال الذكاء الاصطناعي في العمليات الانتخابية في عدد كبير من الانتخابات حول العالم، التي ستجرى خلال عام ٢٠٢٤، مما قد يضر بنزاهة الانتخابات. تعد قضية التلاعب بالناخبين، بواسطة التزييف العميق، من إحدى المناقشات الأساسية لدول كثيرة من دول العالم المستعدة للانتخابات، حيث سيتوجه ما يقارب من ٤ مليار شخص إلى صناديق الاقتراع في أكثر من خمسين دولة مختلفة. لذا عبر أكاديميون وصحافيون وسياسيون عن مخاوفهم من استخدام محتوى الذكاء الاصطناعي في عمليات التأثير السياسي.

كما سيكون لمحتوى الذكاء الاصطناعي أثر عظيم على حياتنا الاجتماعية، فما حدث أخيرًا من انتشار حالات ذات صلة بالمشاهير، ومع التطور السريع للتزييف العميق سيكون بحوزتنا فيديوهات مزيفة باستخدام التزييف العميق لأشخاص عاديين ليسوا بمشاهير أو سياسيين، ولا يثيرون اهتمام عام بوظائفهم أو أنشطتهم. هذا يمثل خطرًا على المجتمعات، ويؤكد أهمية وجود مبادرات جماعية لمواجهة حيل الذكاء الاصطناعي.

دراسات حالة عن حالات التزييف الحديثة

إن حالات التزييف العميق أو عمليات الاحتيال غير المستندة على الذكاء الاصطناعي، التي تسمى بعمليات “التزييف الرديئة”، ليست بجديدة بل موجودة منذ فترة، لكن مع تأثير ChatGPT في إتاحة الذكاء الاصطناعي لجمهور عريض، استثمرت مليارات الدولارات في العام الأخير في شركات الذكاء الاصطناعي. كما تضاعف تطور البرامج التي تيسر من إنتاجها، خاصة إنتاج التزييف العميق باستخدام الذكاء الاصطناعي، لإنتاج مقاطع تستهدف العامة. حتى الآن هناك الكثير من حالات خلق مقاطع صوتية باستخدام التزييف العميق، التي يسهل إنشاؤها، بالإضافة للتلاعب بمقاطع الفيديو.

وصل المقطع الصوتي المستخدم التزييف العميق حتى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جو بايدن، المنشور في ولاية نيو هامبشاير، لأكثر من ٢٠ ألف شخص، يحث الشعب بعدم التصويت في الانتخابات الأولية. يدعي الشخص وراء ذلك التلاعب ستيف كرامر، أنه دفع ١٥٠ دولار لإنتاجه. صرح عن قيامه بذلك كنوع من العصيان المدني، للفت الانتباه للمخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عالم السياسة، وكذلك لوضع قواعد تنظيمية.

هناك مثال آخر ذو ثقل، يوضح مدى خطورة التزييف العميق على الديمقراطية، وهو المقطع الصوتي المزيف بالتزييف العميق للسياسي السلوفاكي ميشيل سيميكا، تم تحميل الرسالة الصوتية المسجلة على فيسبوك قبل ٤٨ ساعة من انتخابات سلوفاكيا، يظهر فيه سيميكا يتناقش مع الصحافية مونيكا تودوفا حول التزوير في الانتخابات، وهناك مثال آخر قد كان له تداعياته السياسية والاجتماعية الخطيرة وهو المقطع الصوتي المزيف بالتزييف العميق لعمدة لندن صادق خان الذي ظهر في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، حيث انتشر المقطع الصوتي المزيف انتشارًا واسعًا يبدو فيه وهو يهين يوم الهدنة (مناسبة انتهاء الحرب العالمية الأولى) ويعطي الأولوية للمسيرات الداعمة لفلسطين.

بالإضافة إلى المقاطع الصوتية المزيفة التي تنسب لرجال السياسة، تم تداول مقاطع فيديو لمشاهير على الإنترنت مثل مقاطع الفيديو المزيفة التي انتسبت لممثل هوليود توم هانكس، يظهر في نسخة من الذكاء الاصطناعي وهو يروج لبرنامج خاص بالأسنان، وفيديو آخر يظهر فيه مستر بيست يوتيوبر المشهور الذي بدا مستضيفًا “أكبر هدية لجهاز أي فون ١٥ في العالم”.

انتشرت صورة للمغنية تايلور سويفت باستخدام التزييف العميق في بداية هذا العام على منصات عديدة من منصات التواصل الاجتماعي، ومنها منصة إكس (تويتر سابقًا) وإنستجرام وفيسبوك وريديت، وشوهدت ٤٥ مليون مرة قبل حذفها من منصة إكس، في وقت قارب على ١٧ ساعة، وهو الوقت الذي استمرت فيه على المنصة.

المبادرة الجماعية لمواجهة حيل الذكاء الاصطناعي

إن “الاتفاق التكنولوجي للتصدي للاستخدام الخادع للذكاء الاصطناعي في انتخابات ٢٠٢٤” الذي تم الإعلان عنها في مؤتمر ميونيخ للأمن، يلتزم فيه ٢٠ مشغل رئيس، بما فيهم أدوب وجوجل ومايكروسوفت وأوبن إيه آي وسناب وميتا باستخدام  أحدث التقنيات للكشف عن المحتوى الضار للذكاء الاصطناعي، ومواجهة هذا المحتوى الذي يهدف لتضليل الناخبين، ولدعم الجهود الرامية إلى تعزيز الوعي العام  والتربية الإعلامية ومرونة المجتمع، وتعد هذه المرة الأولى التي تجتمع فيها ٢٠ شركة مختلفة على نفس لنهج  للتصدي لحيل الذكاء الاصطناعي.

اتفقت الشركات على ثمان تعهدات محددة لتخفيف المخاطر المتعلقة بالمحتوى الانتخابي للذكاء الاصطناعي، وتهدف هذه المبادرة الكائنة بين قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لاستهداف الصور ومقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية، التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، تضلل المصوتين بما يتعلق بالمرشحين ومسؤولي الانتخابات وعملية التصويت، إلا أن ذلك لا يعني أن هذا المحتوى يتم حظره كليًا.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.