شركة النفط الحكومية الأذربيجانية (سوكار) عالقة في تداعيات الحرب بين إسرائيل وغزة

صورة من كاتبة المقال أرزو غيبولاييفا

في 31 مايو/أيار، تجمعت مجموعة ناشطين تدعى “ألف شاب من أجل فلسطين”  خارج مبنى شركة النفط الحكومية الأذربيجانية (سوكار) في إسطنبول للاحتجاج على استمرار الإمدادات النفطية من البلاد إلى إسرائيل عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان،  خط أنابيب الغاز الذي ينقل النفط الأذربيجاني عبر جورجيا إلى موانئ تركيا على البحر الأبيض المتوسط حيث يتم شحنه إلى جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إسرائيل. لا تزال تركيا تحافظ على تدفق الإمدادات بالرغم من الدعوات لوقف صادرات النفط الأذربيجانية إلى إسرائيل (في الواقع، قيدت تركيا بيع سلع معينة إلى إسرائيل في أبريل/نيسان، وأعلنت عن قرار بوقف جميع العلاقات التجارية مع إسرائيل في مايو/أيار 2024).

وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية، تم اعتقال حوالي 13 عضوًا من المجموعة بعد تنظيم الاحتجاج وإلقاء الطلاء الأحمر على واجهة المبنى وكسر باب المدخل. بينما التزمت “سوكار” الصمت في البداية بشأن الحادث، ردت في نهاية المطاف، نافية بيع النفط مباشرةً إلى إسرائيل ومؤكدة أن عمليات البيع تتم عبر شركات تجارية. كما أصرت على أن هذه الشركات التجارية لا تخضع للمراقبة أو السيطرة من قبل الشركات الموردة مثل “سوكار”.

زعمت وكالة أنباء أذربيجان الحكومية، “آي بي آي”، أن “الاحتجاج نتج عن أعمال تخريبية إيرانية في محاولة لتشويه صورة أذربيجان في تركيا”. في الوقت نفسه، زعمت منصة “سوكار” الإعلامية التركية “هابر غلوبال” أن الهدف من الاستهداف الأخير لمبنى “سوكار” في اسطنبول هو الإضرار بالعلاقات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.

تقول “هابر غلوبال” (منصة “سوكار” الإعلامية التركية)، إن الهدف الفعلي من الاحتجاجات كان “الأخوة بين علييف وأردوغان”

العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان

لطالما استندت علاقات أذربيجان مع إسرائيل إلى تجارة المعدات العسكرية ومعدات المراقبة وإمدادات النفط، ومؤخرًا تكنولوجيا الفضاء الجوي. أقامت إسرائيل سفارتها في العاصمة باكو عام 1993، وبدأت أذربيجان تزويد إسرائيل بالنفط في عام 1999. مع ذلك، جاءت نقطة التحول في العلاقات عام 2010، وفقًا للمحلل الأذربيجاني زاور شيرييف، الذي قال في مقابلة مع جلوبال فويسز إن حاجة باكو لتحديث جيشها، وبحث إسرائيل عن شركاء جدد، وسط تدهور العلاقات مع تركيا، يمكن أن يقرّبا بين البلدين.

بحلول عام 2011، كانت أذربيجان الشريك التجاري الأول لإسرائيل، وكانت تصدر حوالي 2.5 مليون طن من النفط سنويًا بحسب البيانات المتاحة خلال تلك الفترة. في العام نفسه، وقّعت شركة بحر قزوين للتنقيب، التابعة لشركة النفط الحكومية الأذربيجانية (“سوكار”)، اتفاقًا مع حقل النفط الإسرائيلي أشدود، وحصلت على حصة خمسة في المئة وحقوق الحفر البحري في المنطقة.

مع ازدهار العلاقات، زادت أذربيجان من إنفاقها على المعدات العسكرية الإسرائيلية. بين عامي 2015 و2019، زودت إسرائيل 60 في المئة من الأسلحة المستوردة إلى أذربيجان، وفقًا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. كان من شأن هذه المعدات، بالإضافة إلى شراء طائرات إسرائيلية دون طيار، أن ساعدت أذربيجان على ضمان النصر خلال حربها مع أرمينيا، التي استمرت 44 يومًا في عام 2020.

في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول والحرب اللاحقة في غزة، واصلت أذربيجان الحفاظ على توازن دقيق، فهي لم تدن إسرائيل رسميًا. كان الإجراء الوحيد الذي اتخذته حتى الآن هو “التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس”، الذي، وفقًا لخبير السياسة الخارجية إلدار محمدوف، “أبعد ما تكون [أذربيجان] مستعدة للذهاب إليه”، على حد ما كتبه في مقال رأي لأوراسيا نت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

في حديثه للصحافيين عقب الاجتماع مع نظيره المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة في 8 يونيو/حزيران، دعا الرئيس علييف أيضًا لوقف “المأساة في غزة”، وحل جميع القضايا من خلال المفاوضات.

في مقابلة مع صوت أميركا في أذربيجان، أعرب عضو مجلس النواب الأذربيجاني راسم موسابيلي عن تضامنه مع إسرائيل بعد وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، قائلًا: “ندين بشدة الهجمات التي أسفرت عن مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين. كما نقف مع إسرائيل في هذه الأوقات الصعبة”.

في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت “سوكار” إحدى ست شركات حصلت على ترخيص لاستكشاف وتطوير احتياطيات جديدة من الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط. ورد في هذا السياق، أن وزير الطاقة يسرائيل كاتس قال آنذاك: “التزمت الشركات الفائزة باستثمارات غير مسبوقة في التنقيب عن الغاز الطبيعي على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ونأمل أن تؤدي إلى اكتشاف مكامن جديدة للغاز الطبيعي”.

في العام نفسه، افتتحت أذربيجان سفارتها في تل أبيب.

في الوقت الحاضر، توفر أذربيجان حوالي من 40 في المئة من نفط إسرائيل عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان وتبدو إمكانية النمو واردة. في أبريل/نيسان 2024، ناقش وزيرا الطاقة من كلا البلدين المزيد من العلاقات في مجال الطاقة خلال اجتماع في دبي.

تركيا وتوازنها

يأتي أيضًا دور تركيا المتحول من محاولة التوسط بين إسرائيل وحماس منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى الإعلان عن قيود كاملة على الحركة التجارية مع إسرائيل إلى حين انتهاء الحرب على غزة. لكن كشف تحقيق أجراه الصحافي التركي متين جيهان مؤخرًا، كيف أدى النفط الأذربيجاني، المستمر بالتدفق عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان إلى إسرائيل، إلى تفاقم المظالم القائمة. باستخدام بيانات من “بوتاس” – شركة النفط والغاز التركية المملوكة للدولة، والتي تدير القسم التركي من خط الأنابيب المذكور – كتب جيهان كيف يتم شحن الملايين من براميل النفط من جيهان شهريًا. في هذا الإطار، كتب على موقع “X”: “لا نعرف الكمية التي تذهب إلى إسرائيل”. شرح قائلًا: “وفقًا لوزير الطاقة في بلادنا، ليس لدينا نفوذ أو سلطة على وجهة شحن النفط. يباع النفط من قبل أذربيجان. نحن ببساطة نحصل على حصتنا”.

في تغريداته التالية، كتب جيهان أنه بعد النظر في الاتفاقيات ذات الصلة، لا يمكن لتركيا فرض عقوبات على هذا الطريق التجاري نظرًا للاتفاقيات المبرمة بهذا الشأن، حيث أوضح قائلًا: “بموجب اتفاق مع شركة بريتيش بتروليوم، نحن ملزمون بدفع تعويض للشركة في حالة تأخير البترول لأي سبب من الأسباب”. أضاف: “بحسب اتفاقية خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان الموقعة [من تركيا]، يتوجب علينا مواصلة توريد النفط حتى في أوقات الحرب أو الإرهاب. تعتبر هذه التجارة متفوقة حتى على حقوق الإنسان وسيادة الدولة. في المقابل، نحصل على حصة قدرها 80 سنتًا لكل برميل من النفط يتم تحميله على متن الناقلات من جيهان”.

أما في باكو، فالعلاقات مع إسرائيل مستمرة. وفقًا للمحلل الأذربيجاني روفسان مامادلي، فإن أذربيجان “تميل إلى تعزيز علاقاتها بهدوء مع إسرائيل دون التورط في صراع القوى الكبرى”، بالرغم من صعوبة التنبؤ “بالتكاليف أو الفوائد المحتملة للتحالف مع إسرائيل” مع استمرار الحرب على غزة.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.