تمثل السينما الروائية النيبالية صناعة نابضة بالحياة، إلا أن صناعة الأفلام الوثائقية لا تزال محدودة وغير معروفة في دولة الهيمالايا. أحد المهرجانات القليلة التي تعرض مثل هذه الأفلام هو مهرجان كاتماندو الدولي للأفلام الجبلية (Kimff) الذي يعرض أفلامًا ووثائقيات تركز بشكل كبير على الحياة الجبلية والمغامرات، وكذلك تغير المناخ وحياة المجتمعات الريفية. عرضت نسخة 2024 أكثر من 20 فيلمًا من اثنتي عشرة دولة.
لكن كيف هي حياة صانعي الأفلام الوثائقية خارج هذا الحدث المقام مرة واحدة في العام؟ للاستماع إلى التحديات والمتع التي تواجه مثل هذه المهنة النادرة في نيبال، تحدثت منظمة جلوبال فويسز إلى راجان كاثيت، صانع أفلام مقيم في كاتماندو يعمل في كل من الأفلام الروائية والوثائقية. كاثيت خريج برامج أفلام مختلفة، بما فيها DOCNOMADS ،Berlinale Talents وGlobal Media Makers
أجريت المقابلة عبر البريد الإلكتروني بعد محادثة شخصية في كاتماندو.
فيليب نوبل (ف. ن): ما التحديات الرئيسية التي تواجه صانع الأفلام الوثائقية في نيبال؟
Rajan Kathet (RK): The primary challenges for documentary filmmakers in Nepal are funding and market access. The overwhelming majority of films produced in Nepal are fiction, with nearly all financiers, distributors, and producers focused solely on this genre. State support is virtually nonexistent, and there are almost no venues to screen documentaries domestically, pushing filmmakers to seek opportunities abroad. While charity screenings or limited runs in theaters do occur, they rarely ensure financial returns and often serve more as symbolic gestures than viable income sources. Nepali television channels do not typically purchase documentaries, unlike their counterparts abroad. To have a documentary broadcast on Nepali TV, filmmakers often need to buy airtime or find commercial sponsors to cover the costs. Consequently, initiating and completing a documentary in Nepal is a formidable task, often requiring collaboration with international producers to access grants from Europe or America.
راجان كاثيت (ر.ك): تتلخص التحديات الأساسية التي تواجه صناع الأفلام الوثائقية في نيبال في التمويل والوصول إلى الأسواق. في الواقع، الغالبية العظمى من الأفلام المنتجة في نيبال هي أفلام روائية، حيث يركز كل الممولين والموزعين والمنتجين تقريبًا على هذا النوع من الأفلام. الدعم الحكومي معدوم تقريبًا، ولا توجد أماكن كثيرة لعرض الأفلام الوثائقية محليًا، الأمر الذي يدفع صناع الأفلام للبحث عن فرص في الخارج. رغم أن العروض الخيرية أو العروض المحدودة في دور العرض السينمائي تحدث بالفعل، فإنها نادرًا ما تضمن عائدات مالية وغالبًا ما تكون بمثابة إشارات رمزية، أكثر من كونها مصادر دخل قابلة للاستمرار. لا تشتر القنوات التلفزيونية النيبالية عادة الأفلام الوثائقية، على عكس نظيراتها في الخارج. لبث فيلم وثائقي على التلفزيون النيبالي، غالبًا ما يحتاج صناع الأفلام لدفع “وقت بث” أو العثور على رعاة تجاريين لتغطية التكاليف. نتيجة لهذا يشكل البدء وإكمال فيلم وثائقي في نيبال مهمة شاقة، غالبًا ما يتطلب التعاون مع المنتجين الدوليين للوصول إلى المنح من أوروبا أو أميركا.
ف. ن: ما الأماكن والمهرجانات في آسيا التي تسمح لك بعرض الأفلام والالتقاء بأقرانك؟
RK: For the past two decades, South Korea has been a prime destination for Nepali filmmakers seeking grant support and prestigious premieres, whether Asian or World. The Busan International Film Festival stands out as a top priority, especially for fiction filmmakers, due to its rich array of market forums and workshops aimed at nurturing Asian talent. In recent years, however, Nepali filmmakers have expanded their reach to other Asian festivals in Japan, Hong Kong, Taiwan, India, Singapore, and beyond. My first feature documentary, “No Winter Holidays”, received financial support from DMZ Docs in South Korea, where it also had its Asian premiere. The film enjoyed a successful run across major Indian festivals like Dharamshala IFF, MIFF Mumbai, Kolkata IFF, and Kolkata People's Film Festival, and was recently showcased at the Taiwan International Documentary Film Festival (TIDF) and the Golden Apricot International Film Festival in Armenia.
ر.ك: على مدى العقدين الماضيين، كانت كوريا الجنوبية وجهة رئيسية لصناع الأفلام النيباليين الساعين للحصول على دعم المنح والعروض الأولى المرموقة، سواء كانت آسيوية أو عالمية. يبرز مهرجان بوسان السينمائي الدولي كأولوية قصوى، خاصة لصناع الأفلام الروائية، نظرًا لمجموعة المنتديات وورش العمل الغنية التي تهدف إلى رعاية المواهب الآسيوية. مع ذلك، في السنوات الأخيرة، وسع صناع الأفلام النيباليون نطاق وصولهم إلى مهرجانات آسيوية أخرى في اليابان وهونج كونج وتايوان والهند وسنغافورة وغيرها. تلقى أول فيلم وثائقي طويل لي، “لا عطلات شتوية”، دعمًا ماليًا من DMZ Docs في كوريا الجنوبية، حيث عُرض لأول مرة في آسيا أيضًا. حظي الفيلم بنجاح كبير في المهرجانات الهندية الكبرى مثل Dharamshala IFF وMIFF Mumbai وKolkata IFF ومهرجان Kolkata People's Film Festival، وتم عرضه مؤخرًا في مهرجان تايوان الدولي للأفلام الوثائقية (TIDF) ومهرجان Golden Apricot الدولي للأفلام في أرمينيا.
فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان نيبال الدولي لحقوق الإنسان في ديسمبر/كانون الأول 2023. ههنا مقطع دعائي للفيلم الوثائقي الذي يصور مواجهة امرأتين نيباليتين أرملتين ريفيتين مسؤولتين عن قرية نائية تمييزًا تقليديًا على أساس جنسهما وطبقتهما ومكانتهما الاجتماعية:
لمزيد من المعلومات حول TIDF، اقرأ: مهرجان تايوان الدولي للأفلام الوثائقية يكرم صناع الأفلام من ميانمار
ف.ن: تعاونت أيضًا مع فريق تايواني لفيلم وثائقي. كيف كانت هذه التجربة؟
RK: After the COVID-19 pandemic, I coordinated the Nepal production of the Taiwanese feature documentary ‘After the Snowmelt’ ( 雪水消融的季節), directed by Lo Yishan (羅苡珊). This personal documentary follows Yishan as she retraces the final journey of her friend, who tragically lost her life in a weather-related incident in Nepal. Due to travel restrictions, the director and her team could only manage the second of the two scheduled filming trips to Nepal. For the first schedule, immediately after the pandemic, my team at Salpa Films and I handled all the filming. During the second schedule, I primarily assisted Yishan's team with logistics, permits, and other essential support. The film premiered at Visions du Réel festival in April 2024 and is now traveling around the film festivals.
ر.ك: بعد جائحة كوفيد-19، نسقت إنتاج نيبال للفيلم الوثائقي التايواني الطويل “بعد ذوبان الثلوج” (雪水消融的季節)، من إخراج لو ييشان (羅苡珊). يتتبع هذا الفيلم الوثائقي الشخصي ييشان وهي تستعيد الرحلة الأخيرة لصديقتها، التي فقدت حياتها بشكل مأساوي في حادث طقس في نيبال. بسبب قيود السفر، لم تتمكن المخرجة وفريقها إلا من إدارة الرحلة الثانية من رحلتي التصوير المقررتين إلى نيبال. بالنسبة للفترة الأولى، مباشرة بعد الوباء، تعاملت أنا وفريقي في Salpa Films مع جميع عمليات التصوير. خلال الفترة الثانية، ساعدت فريق ييشان بشكل أساسي في الخدمات اللوجستية والتصاريح وغيرها من الدعم الأساسي. تم عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان Visions du Réel في أبريل/نيسان 2024، وهو الآن يتنقل حول المهرجانات السينمائية.
إليكم المقطع الدعائي لفيلم لو ييشان:
ف.ن: ما هي مشاريعك الحالية، وكيف ترى تطور حياتك المهنية؟
RK: I'm currently involved in several projects. I'm writing a short fiction film working-titled ‘Oxygen’, which explores the father-son relationship in the aftermath of the COVID-19 pandemic. Additionally, I'm researching and developing a feature documentary focused on caste-based social discrimination in Nepal, a project that was presented at the Doc Station of Berlinale Talents and Docedge Kolkata earlier this year. I'm also working on a concept for a TV documentary in collaboration with an Indian filmmaker, whom I supported as a Nepal producer for his TV docu-series ‘A Himalayan Endgame’, which is now in post-production.
In the past, sustaining a career in filmmaking has been challenging, but in recent years, I've found a more stable path. Connecting with international filmmakers has led to various collaborations, which have helped me secure work and, in turn, allowed me to develop my projects with less financial strain. In the next few years, I see myself distributing my second feature-length documentary while seeking funding for my feature fiction film.
ر.ك: أنا حاليًا منخرط في العديد من المشاريع. أكتب فيلمًا روائيًا قصيرًا بعنوان “الأكسجين”، يستكشف العلاقة بين أب وابنه في أعقاب جائحة كوفيد-19. كما أقوم بالبحث والتطوير لفيلم وثائقي طويل يركز على التمييز الاجتماعي القائم على الطبقات في نيبال، مشروع تم تقديمه في Doc Station of Berlinale Talents وDocedge Kolkata في وقت سابق من هذا العام. كما أعمل على فكرة لفيلم وثائقي تلفزيوني بالتعاون مع صانع أفلام هندي، الذي دعمته كمنتج نيبالي لسلسلته الوثائقية التلفزيونية “نهاية لعبة الهيمالايا”، الآن في مرحلة ما بعد الإنتاج. في الماضي، كان الحفاظ على مهنة في صناعة الأفلام أمرًا صعبًا، لكن في السنوات الأخيرة، وجدت مسارًا أكثر استقرارًا. أدى التواصل مع صناع الأفلام الدوليين إلى تعاونات مختلفة، مما ساعدني في تأمين العمل، وبالتالي سمح لي بتطوير مشاريعي بضغوط مالية أقل. في السنوات القليلة المقبلة، أرى نفسي أقوم بتوزيع فيلمي الوثائقي الطويل الثاني بينما أبحث عن تمويل لفيلمي الروائي الطويل.
RK: ‘No Winter Holidays’ (Dhorpatan in Nepali) was first screened in Nepal at the Nepal Human Rights International Film Festival 2023, where it won the Best Film of the Festival award. Following the festival, as the film gained international recognition through a successful festival run and numerous awards, we decided to host a theatrical screening in Kathmandu. Originally planned for one week, with one screening per day at a single theater, the response exceeded our expectations. Thanks to strong audience support and media coverage, the screening extended to a full month—an impressive feat for documentaries in Nepal, where audiences are not accustomed to watching documentaries outside a handful of film festivals. Most documentaries in Nepal tend to be corporate, INGO, or awareness-raising films, so our film offered a refreshing change. Despite minimal promotional efforts, strong word of mouth and positive media reviews helped sustain the screenings for an entire month.
ر.ك: عُرض فيلم “لا عطلات شتوية” (Dhorpatan باللغة النيبالية) لأول مرة في نيبال في مهرجان نيبال الدولي لحقوق الإنسان السينمائي 2023، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم في المهرجان. بعد المهرجان، مع اكتساب الفيلم شهرة دولية من خلال عرض ناجح في المهرجان وجوائز عديدة، قررنا استضافة عرض مسرحي في كاتماندو. كان من المخطط أن يستمر العرض لمدة أسبوع واحد، بعرض واحد يوميًا في مسرح واحد، وتجاوزت الاستجابة توقعاتنا. بفضل دعم الجمهور القوي والتغطية الإعلامية، امتد العرض إلى شهر كامل – وهو إنجاز مثير للإعجاب للأفلام الوثائقية في نيبال، حيث لم يعتد الجمهور على مشاهدة الأفلام الوثائقية خارج حفنة من المهرجانات السينمائية. تميل معظم الأفلام الوثائقية في نيبال إلى أن تكون أفلامًا للشركات أو المنظمات غير الحكومية الدولية أو أفلامًا توعوية، لذلك قدم فيلمنا تغييرًا منعشًا. على الرغم من الجهود الترويجية الضئيلة، إلا أن الكلام الشفهي القوي والمراجعات الإعلامية الإيجابية ساعدت في الحفاظ على العروض لمدة شهر كامل.
RK: While many films have been made about rural areas in Nepal, the country’s geography extends far beyond the regions typically portrayed in media and cinema. Most films depicting rural life tend to focus on areas that are easily accessible from Kathmandu, or popular tourist destinations. However, there are remote corners of Nepal where the state, media, and filmmakers have largely failed to reach. As a result, the depiction of rural life in Nepali films has become a narrow caricature, often repeating what pioneering filmmakers initially established, without exploring the true diversity, nuances and complexity of these regions.
ر.ك: بالرغم من إنتاج العديد من الأفلام حول المناطق الريفية في نيبال، تمتد جغرافية البلاد إلى ما هو أبعد من المناطق التي يتم تصويرها عادة في وسائل الإعلام والسينما. تميل معظم الأفلام التي تصور الحياة الريفية إلى التركيز على المناطق التي يمكن الوصول إليها بسهولة من كاتماندو، أو الوجهات السياحية الشهيرة. مع ذلك، هناك زوايا نائية في نيبال فشلت الدولة ووسائل الإعلام وصناع الأفلام إلى حد كبير في الوصول إليها. نتيجة لذلك، أصبح تصوير الحياة الريفية في الأفلام النيبالية كاريكاتيرًا ضيقًا، وغالبًا ما يكرر ما أسسه صناع الأفلام الرائدون في البداية، دون استكشاف التنوع الحقيقي والفروق الدقيقة والتعقيد في هذه المناطق.