يُستخدم مصطلح (MENA) “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” منذ فترة طويلة لوصف منطقة شاسعة ومتنوعة تمتد من المغرب في الغرب، إلى إيران في الشرق. رغم ذلك، تم انتقاد المركزية الأوروبية للمصطلح، وفي السنوات الأخيرة شهدنا زخمًا متزايدًا لاستبدال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمصطلحات مثل SWANA (جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا) أو WANA (غرب آسيا وشمال أفريقيا).
كجزء من مهمتنا المتمثلة في نشر الآراء من أنحاء العالم، وإدراكًا لأهمية اللغة، قررنا في منظمة جلوبال فويسز اعتماد مصطلح “غرب آسيا وشمال أفريقيا” بدلًا من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كوسيلة لتحدي مثل هذه المصطلحات القديمة والاستعمارية.
يعكس هذا التحول وعيًا متزايدًا بالموروثات الاستعمارية والرغبة في تفكيكها في جميع أنحاء العالم. يشكل إنهاء الاستعمار لغويًا واصطلاحًا للحديث عن العالم وشعوبه جزءًا من هذه العملية.
“وسط أين، شرق ماذا؟”
مصطلح “الشرق الأوسط” متجذر في الاستعمار الأوروبي منذ القرن 19. يعكس وجهة نظر مركزية أوروبية، ويضع أوروبا في مركز خريطة العالم ويصنف المناطق الواقعة إلى الشرق وفقًا لبعدها عن ذلك المركز.
إن استخدام “الشرق الأوسط” يديم هذه العقلية الاستعمارية بالاستمرار في تأطير المنطقة من خلال تلك النظرة. إن إضافة “شمال أفريقيا” لمصطلح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تفعل الكثير لمعالجة هذه القضية، لأنها تربط منطقتين – الأولى موصوفة بجغرافيتها القارية، والأخرى توصف علاقتها بأوروبا – تحت مظلة واحدة تفشل بالتعرف على هوياتهما المتميزة وتجاربهما التاريخية.
مناقشة عربية؟
في اللغة العربية، يختلف المصطلح المستخدم لوصف المنطقة، وغالبًا ما يعتمد على السياقات السياسية. الأكثر استخدامًا هو في الواقع “الشرق الأوسط”، المترجم مباشرة إلى “الشرق الأوسط” الأوروبي. بالرغم من استخدام مصطلحات أخرى مثل “غرب آسيا” كخيار لإنهاء الاستعمار في الخطاب الأكاديمي والسياسي، إلا أنها لا تستخدم بشكل شائع مثل “الشرق الأوسط”. يصادف غرب آسيا في الغالب في تقارير الأمم المتحدة والأحداث الرياضية أو البطولات الإقليمية.
المصطلحات الأخرى الشائعة الاستخدام هي “الوطن العربي”، أو “العالم العربي” المستخدمة بشكل متكرر للتأكيد على الروابط اللغوية والثقافية والتاريخية المشتركة بين الشعوب العربية في 22 دولة تشكل جامعة الدول العربية. يستثني هذا المصطلح المتنازع عليه كلًا من الدول غير الناطقة بالعربية في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا الأوسع، التي تشكل جزءًا جوهريًا من شعوب المنطقة المتنوعة، مثل الأكراد والأمازيغ والأرمن والآشوريين وغيرهم. أما “العالم الإسلامي” فهو مصطلح آخر يستخدم غالبًا لوصف منطقة أوسع، التي بدورها تستبعد العديد من الجماعات غير المسلمة الموجودة داخل هذه المنطقة الجغرافية، والعديد من الجماعات الإسلامية الموجودة خارجها.
لا تزال النقاشات العربية، حول استخدام اللغة المتعلقة بالهوية والجغرافيا وإنهاء الاستعمار، أقل تأثيرًا من نظيراتها في اللغة الإنجليزية. مع ذلك يمكن قول الشيء نفسه عن اللغات الرئيسية الأخرى مثل الفرنسية أو الإسبانية أو حتى الماندرين الصينية التي تستمر في الغالب باستخدام مصطلحات مكافئة “للشرق الأوسط”، بدلًا من المصطلحات أكثر دقة جغرافيًا مثل غرب آسيا، لكن قد تحدث النقاشات حتى لو كانت محدودة.
لماذا SWANA أو WANA؟
أحد الحجج الرئيسية لاعتماد SWANA أو WANA هي الدقة الجغرافية لهذه المصطلحات. “جنوب غرب آسيا” و”غرب آسيا”، مثل “شمال إفريقيا”، هي أوصاف جغرافية لمنطقة ما، تضعها في سياقها القاري. تلغي هذه المصطلحات من المنظور الأوروبي، وتركز بدلًا من ذلك على جغرافية المنطقة نفسها.
اكتسب استخدام WANA زخمًا بين علماء ونشطاء إنهاء الاستعمار الساعين لتحدي المركزية الأوروبية أو الاستشراق الذي تحمله مصطلحات مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم العربي والعالم الإسلامي المستخدمة لوصف هذه المناطق الشاسعة والمتنوعة وغيرها.
إن التسمية الجغرافية البحتة للمصطلحين SWANA أو WANA قادرة على الاعتراف بالتنوع داخل هذه المناطق، بالإضافة للقرب والروابط بين أجزائها. تسمح هذه المصطلحات الجغرافية بفهم أكثر دقة للهوية، فهم لا يقتصر على التصنيفات الاستعمارية أو الثقافية. باعتماد WANA لوصف المنطقة الجغرافية الشاسعة المترابطة، يمكننا تكريم تنوعها الغني والأشخاص الذين يدعونها موطنًا لهم بشكل أفضل.