كتب أندرو غوندال ونازيرك كورمانغازينوفا هذه المقالة لموقع Vals.kz، نشرت في ١ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٤، ثم نشرت نسخة محررة لها على جلوبال فويسز بموجب اتفاقية شراكة إعلامية.
هاجر شعب دونغان من الصين إلى آسيا الوسطى منذ حوالي 150 عام. في عام 1862 كافحت المجموعة العرقية، ذات الأغلبية المسلمة، ضد الدمج الثقافي القسري الذي روجت له مجموعة هان العرقية ذات الأغلبية، مما أسفر عنه تمرد دونغان حيث قتل فيه ما يقرب من مليون دونغاني، وحرق أكثر من ٨٠٠ مسجد فيمَا يطلق عليها حاليًا مقاطعتي شنسي وقانسو.
هاجر الدونغانين أفواجًا في القرن التالي عن طريق جبال تيان شان، التي تحد الصين وآسيا الوسطى، ويعيش في الوقت الحالي ما يقارب ١٠٠ ألف دونغاني (هوي) في آسيا الوسطى في كل من قيرغيزستان، حيث يعيش فيها حوالي ٦٠ ألف، و٣٠ ألف في كازاخستان، و١٠ آلاف في أوزبكستان.
استقر الكثير من دونغان في المدن الشرقية لقيرغيزستان والمدن المجاورة في عام ١٨٧٧، مثل مدن كاراكول وإيرديك حيث كانت نقطة البداية في تشكيل مجتمع دونغان الذي ساهم في المجتمع والثقافة في قيرغيزستان الشرقية، كما استقر القليل منهم في مدن صغيرة بالقرب من بيشكيك عاصمة كيرجستان مثل توكموك ميلانفان، ايفانفوكا وأليكساندروفكا.
يعرض الفيديو التالي، مقطع فيديو على يوتيوب، مسجد دونغان في كاراكول المبني عام ١٩١٠.
عندما استقر أهل دونغان في آسيا الوسطى، حملوا معهم تقاليد الطهي حتى أصبح فن الطهي الدونغاني ذي شهرة على نطاق واسع في آسيا الوسطى، وبالرغم من تأثره بالمؤثرات الصينية وآسيا الوسطى، فإنه متمسك بجذوره.
حاور موقع فلاست “مدينا بالاخيشيفا”، خبيرة طهي من دونغان، حيث تقدم جولات ودروس في الطبخ في كاراكول، المدينة الصغيرة شرق قرغيزستان، يبلغ عدد سكانها حوالي ٩٠ ألف نسمة.
طعام مسافر لآلاف الأميال
تقول بالاخيشيفا، إن إسلوب الطهي الدونغاني المعتاد استخدامه في آسيا الوسطى مشابه تمامًا للطريقة المتبعة في الصين، وتشرح بقولها: “هنا، كما كان الحال في الصين، نقطع كل المكونات لقطع صغيرة ونقليها على نار مرتفعة”، وتتابع بكلامها ما يلي:
We have a dish consisting of eight bowls of tripe soup with eight different kinds of meatballs in each bowl. We usually fry some bread in oil and eat it along with this dish. What’s interesting though is the words for meatballs (wán zi) and fried bread (má huā zi) are the same in the Dungan and in Chinese.
لدينا طبق مكون من ثمانية أوعية من حساء الأمعاء، في كل وعاء ثمانية أنواع من كرات اللحم، وعادة ما نقلي بعض الخبز في الزيت ونتناوله مع هذا الطبق. من المثير للاهتمام، أن كلمة كرات اللحم (wán zi) والعيش المقلي (má huā zi) هي نفسها في دونغان والصين.
لكن إحدى الاختلافات الرئيسة بين دونغان وهان الصيني، هو أن شعب دونغان مسلمون من الطائفة السنية ولا يستهلكون إلا اللحم الحلال، ولا يأكلون لحم الخنزير.
عندما أغلقت الحدود بين جمهوريات آسيا الوسطى السوفيتية والصين، واجه أهل دونغان صعوبات في الوصول إلى المكونات الرئيسة. توضح بالاخيشيفا، إن إحدى أكبر الاختلافات هو استخدام الناس في كاركول توابل أقل مما في الصين.
We only used two types of peppers: black pepper and red pepper powder. The black pepper came from India and the red pepper was planted by local people. Both peppers have become an important part of modern Dungan cuisine.
يقتصر استخدامنا على نوعين من الفلفل، الفلفل الأسود ومسحوق الفلفل الأحمر، يأتي الفلفل الأسود من الهند، أما الفلفل الأحمر فيزرعه السكان المحليون، أصبح الفلفل مكونًا مهمًا في الطهي الدونغاني الحديث.
أصبح الثوم المعمر مكون بالغ الأهمية في الطبخ الدونغاني، فإذا كنت تستخدم الثوم المعمر في آسيا الوسطى فمن المحتمل أن ترى أثره تحديدًا في الطبخ.
‘Ju ci’ (jiǔcài in Mandarin, or jusai in other Central Asian transliterations), or chives, are very popular among Dungan people and anyone who has relations to China. We even eat it with bread and rice. We make many things with ju ci: baozi, jiaozi, and we use it in a sauce for laghman, so we really like it. It's a must-have ingredient in a Dungan cafe.
يحظى الثوم المعمر أو Ju ci’ ( بلغة ماندرين jiǔcài أو jusai بالترجمات الأخرى الخاصة بآسيا الوسطى) أو الثوم المعمر بين أهل دونغان ولأي فرد له علاقة بالصين، نأكله أيضًا مع الخبز والأرز، ونصنع منه الكثير مثل بازوي وجياوزي وكذلك في الصلصة لغمن، لذلك نعشقه كمكون أساسي في المطبخ الدونغاني.
أوضحت بالاخيشيفا إن من الدلالات الأخرى المعروفة التي تدل على التأثير الصيني هو استخدام الخل، ويقدم الخل الأسود المصنوع من خل الأرز والصويا مع أغلب الوجبات في الصين، ويتشابه استخدام الدونغان له في آسيا الوسطى.
In our family when we are going to make manti (mántou), jiaozi, or baozi, we first need to see if we have vinegar (cù). If there is no cù, there is no baozi.
في عائلتنا، عندما نصنع مانتي وجياوزي أو باوزي، علينا أولاً تأكيد وجود الخل، دون خل لا يمكن عمل الباوزي
التأقلم مع الجيران الجدد
لاحظت بلاخيشيفا، عند وصول طعام الدونغان آسيا الوسطى، تعين عليهم التكيف مع الأطباق الجديدة ومع عدد من مكونات محدودة جدًا.
There is quite a distinct Central Asian influence. You can see this in our famous dish, ashlyanfu. It used to just be called lyanfu; it was only made of starch, vinegar and a spicy sauce. But then people added some noodles and started calling it ashlyanfu. And now it’s a staple in Karakol.
هناك تأثير متميز تميزًا واضحًا من آسيا الوسطى، يمكننا رؤيته في طبقنا المشهور وهو أشليانفو، كان يطلق عليه ليانفو، كان مصنوع فقط من النشا والخل والصلصة الحارة، لكن عندما أضاف الناس بعض المكرونة أطلقوا عليه أشليانفو، والآن هو عنصر أساسي في كاراكول.
فيما يلي مقطع فيديو على يوتيوب عن أشليانفو في كاراكول:
صرحت بالاخيشفا لفلاست، حينما شقت عادات الطعام القيرغيزية طريقها إلى الأطباق الدونغانية، كان لدى الوصفات الدونغانية الأثر نفسه.
We brought our vinegar recipe from China; you can only find it in the Dungan communities around Issyk-Kul, since the climate is perfect for its production. Our vinegar has become such a critical ingredient in Karakol that you will find it used in restaurants and sold at markets no matter the cuisine — Russian, Tatar, Kyrgyz, or Dungan.
حملنا معنا وصفة الخل من الصين، لأنك لا تجده إلا في مجتمعات دونغان حول إيسيك كول حيث يعد المناخ مثاليًا لإنتاجه، فأصبح خلنا مكونًا ضروريًا في كاراكول وتجده في المطاعم. يباع في الأسواق بصرف النظر عن نوع الطبخ سواء المطبخ الروسي أو التتاري أو الدونغاني.
لقد أبلى المطبخ الدونغاني بلاءً حسنًا في اندماجه في الكثير من المطاعم القيرغيزية، وأصبح خيارًا شائعًا في الوجبات.
Ashlyanfu is identified as a Kyrgyz dish, although we have both Dungan and Kyrgyz ashlyanfu. So, you can see the Kyrgyz influence on our cuisine. Kyrgyz people are really big meat eaters, and since our arrival in Central Asia, we started putting meat in our dishes, and even in our sauces.
تم تحديد طبق أشليفانو كطبق من الأطباق القيرغيزية، بالرغم من وجود أشيلفانوا الدونغاني وأشيلفانو القيرغيزي، يمكنك رؤية التأثير القيرغيزي على مطبخنا، الشعب القيرغيزني شعب مولع بأكل اللحم. منذ وصولنا آسيا الوسطى، بدأنا في إدخال أصناف اللحم في أطباقنا، وكذلك تضاف في أنواع الصلصة.
وجه آخر لثقافة الطعام المتبناة من شعب الدونغان من الثقافة القيرغيزية، عادة تمرير الخبز أثناء تناول الوجبة.
Many Kyrgyz people call us vegetarians because we normally eat very little meat. But I would say that our cuisines influence one another, and I think this has helped bring us closer together.
يطلق علينا كثير من الشعب القيرغيزي نباتيين لأننا نأكل القليل من اللحم، لكني أقول إن مطابخنا متأثرة ببعضها، وأعتقد أن هذا ساعدنا في التقرب من بعضنا.
توارث ثقافة دونغان
أوضحت بالاخيشيفا، أن تعليم أطفالهم لتاريخ دونغان ولغته وثقافته يعد تحديًا. لا توجد مدارس دونجان في كاركول، ولم يتم دمج التعليم الدونغاني داخل المنهج قيرغيزستان.
وجدت بالاخيشيفا صعوبة في توريث لغتهم إلى أطفالها.
بالرغم من تحدثي أنا وزوجي اللغة الدونغانية، لا يتحدث أطفالنا بها، مما يساهم في تدهور لغتنا.
إليك الفيديو التالي من يوتيوب عن ثقافة وعادات الشعب الدونغاني في قيرغيزستان.
مع مخاوف فقدان الدونغان بصمتهم في آسيا الوسطى، تعمل بالاخيشيفا عملًا فعالًا في تعزيز الطعام الدونغاني وثقافته. حيث تعمل على تولي جولات خاص بالطعام الدونغاني، وكذلك دروس في الطبخ مع منظمة محطات في كاراكول، المنظمة السياحية المحلية.
تذكر بالاخيشيفا أن كثير من آهل دونغان أتوا إلى آسيا الوسطى منذ فتح الحدود بين الصين وقيرغيزستان في ١٩٩٨، كما بدأوا في فتح المطاعم أنه عندما وصل كثير من الطلاب.
Today, there’s a very popular restaurant in Bishkek called Kuldja, and most people who work there are from China. Who knows, perhaps it will have an impact on the development of Dungan gastronomy.
في الوقت الحالي هناك مطعم ذو شهرة واسعة في بيشكيك يدعى كولدجا وأغلب العاملين فيها قادمين من الصين، ومن يدري ربما يكون له أثر على تطور فن الطهي الدونغاني.
عندما فتحت الحدود بعد وباء كوفيد-١٩ بدأت المتاجر الصينية، وأسواقها بالظهور مرة أخرى في كاراكول، مع بيع المكونات الرئيسية التي كان من الصعب إيجادها لولا ذلك.
كما ساعدت فرصة شراء الخل الأبيض ومسحوق الفلفل الأحمر للدونغانين في كاراكول في استمرار النكهات الدونغانية الأصلية في كاراكول، بدعم أهل دونغان والجولات التي تقوم بها بالاخيشيفا للطعام.
ينحدر أصل جميع الدونغان المتواجدون في آسيا الوسطى من الصين، لكن تكيف طعامهم عبر مرور الزمن، وكل تغير طفيف يعتمد على المحطة التي وصلوا إليها.