
لقطة من وثائقي “الشار شابوري: وثائقي عن مجتمع ميا في أسام” على يوتيوب من إنتاج Inspire Northeast. مستخدمة بموجب الاستخدام العادل.
في يوليو/تموز 2024، تم إخلاء نحو 1500 عائلة من مقاطعة ماريغاون شمال شرق ولاية أسام الهندية، لإقامتها بصورة غير قانونية على أراضي الغابات والسكك الحديدية. تعود معظم تلك المنازل للمسلمين الناطقين باللغة البنغالية، المعروفين باسم ‘ميا‘. فيما لا تقتصر عمليات الإخلاء هذه على ولاية أسام، أثارت الواقعة مزاعم عن تحيّز الحكومة تتهم السلطة باستهداف المسلمين البنغاليين بالتحديد وتصعيد التوتر في المنطقة لإخراجهم منها.
من هم ‘الميا'؟

خريطة حوض نهر براهمابوتر وروافده في أسام. الصورة من Planemad عبر ويكيبيديا. مصرح باستخدامها بموجب رخصة نَسب المُصنَّف – الترخيص بالمثل 3.0 غير موطَّنة.
في علم التأثيل، يستمد مصطلح “ميا” جذوره من مصطلح “ميان” — كلمة مشتقة من المجتمع البارسي تُشير للشخص الجدير بالاحترام في شبه القارة الهندية. هاجر الميا إلى أسام من مختلف بقاع الهند وبنغلاديش الحالية في أوائل القرن العشرين خلال حكم الاستعمار البريطاني، واستطونوا مجاري نهر براهمابوترا في أسام. تُعرف المنطقة باسم شار شابوري.
مع ذلك، تدعي العديد من منظمات السكان الأصليين والمجموعات السياسية أن هنالك موجة من المهاجرين غير الشرعيين من بنغلاديش إلى أسام، وغالبًا ما يربطون مجتمع ميا بهذه المجموعة. لهذا يُستخدم مصطلح “ميا” بشكل ازدرائي للإشارة للبنغاليين غير النظاميين.
إخلاء، وخطابات كراهية، وتهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي
للخطاب المعادي للمسلمين تاريخ طويل في أسام، إلا أن حزب بهاراتيا جاناتا، الذي قاد الحكومة اليمينية، ورئيس وزرائها هيمانتا بيسوا سارما ساهم في تغذيته. كثيرًا ما تصدر سارما عناوين الأخبار بخطاباته المعادية للمسلمين بعد أدائه اليمين الدستورية رئيسًا للوزراء في 2021.
“First, Miya #Muslims buy land in Hindu villages, then invite others to settle. They start eating beef, causing Hindus to leave & relocate. This is “#LandJihad.” Many #Hindus from #Dhubri, #Barpeta, and #Nalbari in #Assam have left similarly. No other CM has spoken about this… pic.twitter.com/SY0KpAeoio
— Hate Detector 🔍 (@HateDetectors) August 25, 2024
أولًا، يشتري مسلمي ميا أراضٍ في القرى الهندية ثم يدْعونَّ الآخرين للاستيطان. بدأوا بتناول اللحوم، مما دفع الهندوس للمغادرة والانتقال. إنه جهاد الأرض. غادر الكثير من الهندوس من دوبري، وباربيتا، ونالباري في أسام على نحو مماثل. لم يسبق أن تحدث رئيس وزراء آخر عن هذا الشأن.
- رئيس وزراء أسام، هيمانتا بيسوا سارما
سجلت ذا كوينت، منصة أخبار رقمية مستقلة في الهند، نَشرْ سارما لخطاب كراهية يستهدف المسلمين الناطقين بالبنغالية 18 مرة خلال عامًا واحد. غالبًا ما استحضر هذا الخطاب المصطلح الإسلامي “جهاد” في إطار قضايا مختلفة تتعلق بالمجتمع.
في أغسطس/آب 2024، اتهم سارما جامعة العلوم والتكنولوجيا، منشأة يديرها مسلمون في ولاية ميغالايا، بالتورط في “جهاد الفيضانات”، مُلقيًا عليها لوم وقوع فيضانات في غواهاتي. كما أدعى امتلاك الجامعة لهيكل لمكة، مشيرًا إلى كونه رمزًا للجهاد. بشكل مماثل، اتهم سارما أيضًا مزارعين مسلمين بنغاليين بممارسة “جهاد الأرض والسماد” باستخدامهم كمية كبيرة من الأسمدة على محاصيلهم.
لجأ أبويوب بويان، منشئ محتوى صوتي من أسام، لمنصة إكس (تويتر سابقًا) للسخرية من الادعاءات المتعصبة:
‘FLOOD Jihad’ just because the owner of USTM is a Muslim?
In 2021, Assam CM just after assuming his charge, inaugurated a block at the USTM.
In 2022, President of India visited USTM.
In 2024, Assam CM blames USTM for triggering floods in Jorabat.
Just because of the religion? pic.twitter.com/jXgNxLzD6L
— aboyob bhuyan (@aboyobbhuyan) August 10, 2024
“جهاد الفيضانات” لمجرد أن مالك جامعة العلوم والتكنولوجيا في ميغالايا مسلم؟
في 2021، فرض رئيس وزراء أسام، بعد توليه منصبه، حظرًا على جامعة العلوم والتكنولوجيا في ميغالايا.
في 2022، زار رئيس الهند جامعة العلوم والتكنولوجيا في ميغالايا.
في 2024، لامَّ رئيس وزراء أسام جامعة العلوم والتكنولوجيا على وقوع الفيضانات في جورابات.
بسبب الدين فقط؟
اشتعل الجدل مجددًا في أغسطس/آب هذا العام بعد اغتصاب مجموعة فتيان مسلمين بنغاليين لقاصرة هندوسية تبلغ من العمر 14 عامًا في قرية دهينغ في ولاية ناغاون. انتشرت الأخبار كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أجّّجَ البروباغندا المعادية للمسلمين وخطابات الكراهية. وصف رئيس وزراء أسام هيمانتا بيسوا سارما، إضافةً لوزراء آخرين، هذه الواقعة على أنها هجوم على سكان أسام الأصليين. في 23 أغسطس/آب، اعتقلت الشرطة رجلًا مسلمًا، توفازال إسلام (24 عام)، لارتكابه الجريمة. لكن عُثِّر على جثته في بحيرة في الساعات الأولى من 24 أغسطس/آب قبل أن يتمكن من الخضوع للإجراءات القانونية اللازمة. أدعت الشرطة أن المتهم حاول الفرار أثناء أخذه لمسرح الجريمة وغرق بالخطأ في البحيرة. مع ذلك، يزعم السكان المحلييون بأنها قضية قتل خارج نطاق القضاء، إذ أُفيد بأن البحيرة غير عميقة بما يكفي ليغرق فيها أحد.
تسببت الواقعة باضطرابات واسعة في أنحاء أسام، مما أدى لإثارة توترات طائفية وتهديدات ضد المسلمين الناطقين باللغة البنغالية. شهدت أسام العليا، حيث يتألف السكان بصورة رئيسية من سكان أسام الأصليين، نزوحًا جماعيًا للمسلمين البنغاليين. كما استغلت الكثير من مجموعات السكان الأصليين والأحزاب السياسية اليمينية، منها حزب باراتيا جاناتا، قضية الاغتصاب لاستهدافهم في أسام العليا.
في أسام، يعمل عدد كبير من المسلمين البنغاليين بالأجر اليومي في قطاعات مختلفة. في مقاطعة سيفساغار، منحت نحو 30 مؤسسة قومية مهلة قدرها 7 أيام لخروج المسلمين البنغاليين من أسام العليا. وفقًا لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، تبحث هذه المؤسسات والمجموعات عن العمال المسلمين البنغاليين وتنذرهم بمغادرة المنطقة.
كما أصدر رئيس وزراء أسام إنذارًا للمسلمين البنغاليين، عوضًا عن حمايتهم. تمادى سارما إلى حد التصريح بمنع العمال المسلمين البنغاليين من الذهاب إلى أسام العليا دون إذن من سكانها المحليين، كما كشف عن تحيزه بالانحياز علانية لمجموعات السكان الأصليين.
نشر هيمانتا بيسوا سارما على X:
My request to the Miya-Muslim community is not to forcefully try to settle in indigenous Assamese areas against their will; this will aggravate societal fault lines and be a possible security issue.#AssamLegislativeAssembly pic.twitter.com/LIMeh6V1Pg
— Himanta Biswa Sarma (@himantabiswa) August 27, 2024
أطالب مجتمع ميا المسلم بالامتناع عن محاولة الاستيطان بالقوة في مناطق السكان الأصليين ضد رغبتهم؛ سيؤدي ذلك لتفاقم الانقسامات الاجتماعية ومشكلة أمنية محتملة.
تصاعد الغضب إلى اعتداءات جسدية، مع تعرض مجموعة من عمال مسلمين للاعتداء. في مقاطعة شارايدو من أسام العليا، أجبر رئيس حزب باراتيا جاناتا العديد من العمال المسلمين على العمل تحت إدارته للمغادرة. رغم أنه مدين لهم بمبلغ 1.5 مليون روبية هندية (17873 دولار أمريكي)، لم يدفع الرئيس، المقاول أيضًا، فلسًا واحدًا لهم.
على نحو مماثل، في ناغاون، منعت فير لاشيت سينا، مؤسسة قومية متطرفة مثيرة للجدل يملكها محليين من أسام، الصيادين المسلمين البنغاليين من بيع أسماكهم في السوق. شاركت المجموعة في نشر خطابات الكراهية وتوجيه التهديدات للمسلمين البنغاليين في أسام العليا.
في 9 سبتمبر/أيلول، تحولت حملة الإخلاء إلى أعمال عنف، ما أفضى إلى وقوع اشتباكات بين قوات الشرطة والسكان المحليين، في قرية كوسوتولي، منطقة كامروب، حيثُّ معظم السكان مسلمون من أصل بنغالي. اتهمت الحكومة السكان باحتلال الأرض بشكل غير قانوني في تجمعات قبلية ونطاق مخصص حصرًا للمجتمعات القبلية. جرى إخلاء نحو 151 عائلة، ودُمِّرت الكثير من المباني. أسفر عن أعمال العنف حالتي وفاة خلال الاشتباكات بين أفراد الشرطة والمتظاهرين.
جرت حملة إخلاء مماثلة في غابة مقاطعة غولبارا المحمية، ما نتج عنه تشريد نحو 450 أسرة.
بينما تستعد أسام للانتخابات العامة القادمة للولاية في 2026، كثفت الحكومة اليمينية بقيادة هيمانتا بيسوا سارما استهدافها للمسلمين البنغاليين. نظرًا إلى شيوع اتباع تكتيك الاستقطاب الديني لدى حزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات السابقة، من المتوقع تفاقمه في الأيام المقبلة.