التاريخ أم الإنتاجية؟ غضب في جامايكا بسبب مقترح لعيد وطني

الصورة المرفقة باستخدام تطبيق كانفا برو

بدأ استعمال مصطلح “Emancipendence” (التحرر والاستقلال) تدريجيًا منذ بضع سنوات بعد أن أعيد تعيين الأول من أغسطس/آب (يوم التحرر) كيوم وطني في جامايكا خلال 1997. يقارب التاريخ عيد استقلال الجزيرة الموافق 6 أغسطس/آب. يشير التعبير إلى دمج اليومان. انطلاقًا من هذه الفكرة، اقترحت هيئة القطاع الخاص المؤثرة في جامايكا (PSOJ)، في بيان صحفي مثير للجدل للغاية، دمج العطلتين في عطلة نهاية أسبوع واحدة لمدة أربعة أيام.

قُدِّمَ يوم التحرر، الذي يُحتفل به في 8 دول كاريبية أخرى وكذلك في كندا في نفس التاريخ (1 أغسطس/آب)، كعطلة عامة في جامايكا في 1893؛ إلا أنه توقف في 1962، عام الاستقلال، واستبدل بيوم الاستقلال (6 أغسطس/آب). اُحْتُفِل بيوم “صباح أغسطس” العام الماضي بأسبوع من الأنشطة الثقافية برعاية الحكومة في الملعب الوطني، يشمل كلا المناسبتين.

واحدة من أهم المناسبات لإحياء ذكرى النهاية الرسمية للعبودية في دار غريت هاوس، حيث عاش ومات آلاف الأفارقة المستعبدين. يستمر التطبيل، والرقص وغيره من الأنشطة التذكارية طيلة الليل على شرفهم. عادةً ما يقوم الناس بوقفة تضامنية في 31 يوليو/تموز، وفي منتصف الليل، تدق أجراس الكنيسة وتُقرع الطبول في الحدائق والميادين العامة لإعادة تجسيد لحظات الحرية الأولى للأفارقة المستعبدين. أفادت هيئة القطاع الخاص الجامايكية بأنها استشارت أفرادها بشأن “عطلة التحرر والاستقلال” الطويلة، وأظهر الاستطلاع تأييد الأغلبية للفكرة:

A consolidated ‘Emancipendence’ holiday can serve as a platform for promoting local tourism and cultural activities … attracting both domestic and international visitors. This will provide a much-needed economic stimulus for the tourism, entertainment, and cultural industries, while also fostering national pride.

يُمكن أن يشكل “عيد التحرر والاستقلال” وسيلة لتعزيز السياحة المحلية والأنشطة الثقافية، مما سيجذب الزوار على الصعيد المحلي والدولي. كما سيتيح ذلك الحافز الاقتصادي اللازم للسياحة، والترفيه، والصناعات الثقافية، فيما يوطد الفخر الوطني أيضًا.

أشارت الهيئة إلى ما تعدّه “مخلفات العطلة” بموجب الترتيبات الحالية:

This phenomenon, sometimes referred to as a holiday hangover, can disrupt economic momentum, particularly in key sectors such as manufacturing, tourism and agriculture.

قد تعرقل هذه الظاهرة، التي يشار إليها أحيانًا بمخلفات العطلة” الزخم الاقتصادي، لا سيما في القطاعات الرئيسية مثل التصنيع، والسياحة، والزراعة.

ترى الهيئة أن دمج العطلتين سيساهم في رفع الإنتاجية، وسيساعد المشروعات التجارية والموظفين على التخطيط لعطلتهم بسهولة أكبر. تنوي الهيئة مناقشة المقترح مع الحكومة قبل العام المقبل.

سرعان ما أصبح الاقتراح مسألة تثير الكثير من الجدل، مع انتياب الحَيْرَة للكثير من الجامايكيين. أدى ذلك إلى إصدار الهيئة لبيان صحفي آخر، الذي بدا بأنه هدأ روع المعارضين للفكرة:

تود هيئة القطاع الخاص الجامايكية التوضيح بأنها لم تقترح دمج عطلتي عيد التحرر وعيد الاستقلال. لقد أصدرنا بيانًا يتعلق بموقفنا عن هاتين المناسبتين الوطنيتين.

أضافوا:

يهدف مقترحنا، الذي شاركناه مع وزارة الثقافة، والنوع الاجتماعي، والترفيه، والرياضة إلى تعزيز الاحتفال بكلا العيدين، فيما يتم معالجة الاعتبارات الاقتصادية. نرحب بإجراء حوار بنّاء حول تشريف تراثنا بينما ندعم نمو جامايكا.

شارك معلق معروف استطلاع رأي عام حديث، أظهر أن الغالبية يميلون إيجابيًا للمقترح:

استطلاع دون اندرسون

ثمّة دعوةٌ عامة لجعل عطلة عيد التحرر وعيد الاستقلال عطلة نهاية أسبوع طويلة تبدأ من أول جمعة في أغسطس حتى يوم الاثنين التالي بحيث تكون العطلة يومي الجمعة والاثنين مما يجعل عطلة نهاية الأسبوع طويلة.

62% أؤيد
26% أرفض

بينما يظهر الجامايكيين انقسامًا شديدًا حول هذه المسألة، كان لأولئك المعارضين صدًا أعلى على مواقع التواصل الاجتماعي في رفضهم لمقترح هيئة القطاع الخاص الجامايكية. في غضون ذلك، عارض رئيس الوزراء السابق بي جي باترسون، الذي أعاد تعيين يوم التحرر في الأول من أغسطس/آب كعطلة وطنية في 1997، الاقتراح بشدة، مؤكدًا بأنه سيكون بمثابة “خطوة إلى الوراء وانتهاك جسيم لأسلافنا”. أشار باترسون إلى أن قرار تأسيس عطلة عيد التحرر تم بعد التشاور مع لجنة ترأسها البرفسور الراحل ريكس نيتليفورد، مضيفًا، “لا يمكن للراحة والرفاهية أن تكون موقفنا تجاه وفيات وفظائع الممر الأوسط“.

أعرب حزب باترسون، حزب الشعب الوطني، في صفوف المعارضة الاّن، عن موقفه: “نتفهم المخاوف الاقتصادية التي أثارتها هيئة القطاع الخاص الجامايكية بشأن تراجع الإنتاجية، لكننا نحث على التوزان بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموروث الثقافي”.

كما انتقد رئيس القضاة الاقتراح:

“I would want to think that there are some things in our nation’s history that really cannot carry a price tag, and freedom and celebration of freedom is one of them … It is not about … an organised weekend-long celebration that could attract tourists to participate in cultural events, concerts and festivals, thereby boosting revenue across various sectors. I would have thought that the emancipation of enslaved persons of African descent, which was, in our case, the antecedent to independence, would warrant more analysis than to be described as a mere five days, encapsulating … Jamaica’s journey from abolition of slavery to the achievement of self-governance.”

“أرغب في تصوّر وجود بعض الأشياء التي لا تقدر بثمن في تاريخ أمتنا، الحرية والاحتفال بها أحدها… الأمر لا يتعلق بتنظيم احتفال خلال عطلة نهاية الأسبوع من شأنه جذب السياح للمشاركة في المناسبات الثقافية، والحفلات الموسيقية، والمهرجانات، وبهذا تزيد إيرادات مختلف القطاعات. ظننت أن تحرر المستعبدين ذوي الأصول الأفريقية، الذي كان في حالتنا سابقة للاستقلال، سيستدعي المزيد من التحليل من مجرد اعتباره خمس أيام فقط، بإيجاز… رحلة جامايكا من إلغاء العبودية إلى تحقيق الحكم الذاتي”.

استطلعت وسائل الإعلام آراء الجامايكيين في الشارع، حيث تباينت الآراء في حديقة التحرير في كينغستون (أنشئت في 2002). في مكانًا آخر في كينغستون، كان للمواطنين آراء مختلفة لكنهم، بشكلٍ خاص، أعربوا عن قلقهم إزاء وجوب الاحتفال بيوم التحرر على نحو مناسب ومنحه الاهتمام الذي يستحقه.

أشار المعلّق والاختصاصي النفسي ليشيم سيماج إلى أخذ يوم الاستقلال محل يوم التحرر، ما لم يدرج في القانون:

أفلتوا بفعلتهم عام 1962.
نحن أذكى الآن. ما الذي سنقوله لأسلافنا.

إن أرادت الهيئة فعلًا تعزيز الإنتاجية يمكنني تقديم لائحة طويلة من الخيارات المجربة التي جرى اختبارها.

كان الكاتب الجامايكي كوامي ماكفيرسون، الحائز على جوائز، مصرًا:

هذه التواريخ مسألة غير قابلة للنقاش. تمثل هذه الأيام هويتنا كأفارقة في الكاريبي. ترتبط هذه التواريخ بمعاناة وصمود شعب. إنها مقدسة.  لا تكِّن الهيئة أي تقدير لتضحيات أسلافنا، عدا ذلك لما لا تحمل هذه التواريخ أي معنى لهم.

إذن، ما هي البدائل؟ يقترح العديد من الجامايكيين إقامة احتفال مماثل لاحتفال “الأسبوع الذهبي” في اليابان، المدرج في القانون، ويشمل 4 أيام عطلة، مما يسمح للمواطنين بأخذ إجازة حقيقية من العمل.

طرح رجل الأعمال والاخصائي المالي ديفيد مولينغس هذه الفكرة:

تحمل هذه الأيام معنًا محددًا ولا ينبغي دمجها لتكون “عطلة نهاية أسبوع طويلة”.

عليهم تشكيل عطلة من 6 أيام، إذ تشغل العطلة أسبوعًا كاملًا سنويًا ويمكننا جميعًا وضع خطط بناءً على ذلك بما أن هذا ما يحدث بصورة فعالة في الكثير من الحالات عمومًا لأن الناس يحاولون وضع خطط في هذه الفترة.

كما تستطيع جامايكا استغلال العطلة في توعية الناس حول أهمية عيد التحرر والاستقلال.

طرح رائد الأعمال الرقمي إنغريد ريلي آراء مشابهة، بينما رد مقال تحريري في صحيفة جامايكا أوبسيرفر التجارية:

The emergence and almost immediate adoption of the term ‘Emancipendence’ by the Jamaican populace is perhaps a major indication of its organic nature and the evolutionary thinking of the people. […]

The importance of celebrating our Emancipation and Independence is not really about how much time we take off to frolic, but more so about the quality of the celebrations. We can commemorate the events while increasing productivity, over one weekend. In other words, we can ride and whistle.

ربما يشكل ظهور مصطلح “التحرر” والاعتماد الفوري له مؤشرًا رئيسيًا على طبيعته العضوية والفكر التطوري لدى الشعب.

لا تكمن أهمية الاحتفال بتحررنا واستقلالنا بمقدار الوقت المستقطع الذي نأخذه للمرح، بل بجودة الاحتفال. يمكننا إحياء ذكرى الأحداث فيما نزيد من الإنتاجية، بعطلة نهاية أسبوع واحدة. بعبارة أخرى، يمكننا تحقيق الأمرين.

دعم أصحاب الأعمال الآخرين، لا سيما قطاع السياحة، هذه الفكرة. اقترح مروج ترفيهي أن عطلة نهاية الأسبوع الطويلة ستعود بالنفع على قطاع السياحة، ما أزعج مستخدم إنترنت جامايكي آخر، الذي علق قائلًا:

“المشكلة التي تواجه جامايكا دائمًا هي ما إذا كنا نستطيع، في ظل انخفاض الإنتاجية، تحمل عدد العطل التي لدينا”.

يا إلهي، إننا نعيش في جحيمًا رأسمالي. تمتلك جميع بلدان الكاريبي الأخرى في الأساس عطلًا أكثر من جامايكا.

سخر مواطن آخر عما يتعلق بمشكلة الإنتاجية وساعات العمل – واضعًا تزايد الشكاوى بشأن وقت التنقل الطويل بعين الاعتبار:

يقول أوبسيرفر بصراحة تامة أنه لدينا بالفعل الكثير من العطل بالنسبة لبلد غير منتج.

نفس الأشخاص الذين أعادوا الناس من العمل عن بعد إلى زحمة السير، التي تستغرق 3 ساعات، لأنهم…

إنهم يفلتون بذلك، ما العطلة الأخرى التي يفترض التضحية بها تاليًا؟

أنحن فعلًا بحاجة إلى يوم للاحتفاء بالملاكمة؟

خلصت صحيفة جامايكا غلينير في مقال تحريري، “قد توجد أسباب تدعو للتساؤل عن كيفية احتفال الجامايكيين بالتحرر والاستقلال. إلا إن هيئة القطاع الخاص الجامايكية لم تقدم حِجَّة مقنعة”.

مع التزام الحكومة الجامايكية الصمت، أوقف المناهضين لمقترح الهيئة دعواهم — في الوقت الحاضر، على الأقل.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.