لا يعير الجامايكيون اهتمامًا كبيرًا بالهالووين، بخلاف ما يحظى به من شعبية في الولايات المتحدة أو في بعض أجزاء أوروبا. ويُعتقد أن أصول هذا الحدث الموسمي تعود إلى التقاليد السلتية، حيث كان يُحتفل بنهاية العام فيمَا يسمى بالعيد القديم ‘سامهاين‘ في القرن الثامن، وربما إلى العصور الرومانية القديمة. مع مرور الوقت، تداخلت هذه التقاليد شيئًا فشيئًا مع المعتقدات المسيحية، فتزامن ذلك مع يوم جميع القديسين (الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، المعروف أيضًا بيوم الهالو) ويوم ذكرى الأموات (الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني).
لكن يبدو أن امتعاض الجامايكيين من هذه المناسبات لا يقتصر فقط على الاختلافات الثقافية — فعلى غرار عيد الحب، الذي غالبًا ما عدّ مجرد تقليد أمريكي مستورد يعلوه الطابع تجاري — بل ينبع أيضًا من تأثير العقيدة المسيحية في البلاد.
يقول أحد الجامايكيين :
What does Halloween have to do with Jamaica? Unu foreign minded bad
— Aurelius (@noslickting) October 27, 2024
ما علاقة الهالووين بجامايكا؟ أنتم مهووسون بتقليد الأجانب بشكل سيء.
بالنسبة للمنتسبين إلى الكنيسة الأصولية، الأمر محسوم؛ إذ يرون أن مثل هذه المناسبات هي في الأساس ‘شعائر شيطانية’. لكن الأمر محل نزاع و خلاف بين القسيسين. يتبنى الأب شون ماجور كامبل رأيًا مختلفًا، إذ يقول:
“محاولة منع الناس من الاحتفال بالهالووين تعني تقييد حرية الأفراد وفرض المعتقدات على الآخرين، في حين يقتضي دور الكنيسة في إرساء العدالة والمساواة للجميع على حد سواء.”
أما بالنسبة للأجيال الناشئة في جامايكا، تنظر إلى هذا الحدث كفرصة للمرح و اللهو. في النهاية مجرد احتفال يتخلله طابع مميز وأزياء تنكرية مما أثار اهتمام منظمي الحفلات الذين لن يفوتوا أي فرصة لتحقيق الأرباح. فقد لاقى العرض الأخير لفيلم الرعب “Scream” على سبيل المثال نجاحًا كبيرًا.
Anyways…cheers to another successful staging of the Region’s biggest Halloween Festival 🎃…
Vibes was unmatched… majority of the patrons in costumes? 🥹 https://t.co/CFg544zxDY pic.twitter.com/jzVRYmn095
— Jhevvv (@Jhevvvv) October 26, 2024
على أي حال… نحتفل بنجاح آخر لأكبر مهرجان هالووين في المنطقة 🎃…
الأجواء كانت استثنائية حيث ارتدى معظم الحاضرين ملابس تنكرية 🥹
Be that as it may, Jamaican folklore is replete with stories of “duppies” (ghosts or spirits) and frightening monsters. Many of these have their roots not in the Christian tradition but in African retentions, including Obeah.
مع ذلك، فإن الفولكلور الجامايكي زاخر بقصص عن “الدوبي” (أرواح شريرة أو أشباح وفق المعتقدات الشعبية) أو عن الوحوش المرعبة. قد يعتقد البعض أن هذه القصص نابعة من التقاليد المسيحية، لكنّها في الواقع تعود إلى موروثات إفريقية، بما في ذلك طقوس “أوبيا“.
من أكثر الشخصيات رعبًا في الفولكلور الجامايكي شخصية “رولينغ كالف”، روح شريرة يُقال إنها تتجسد أحيانًا في هيئة كائن شديد الضراوة، كقاتل أو جزار ذو عينين تتقدان حمرة، يتجول ليلًا في الطرقات الريفية جارًا خلفه سلسلة تحدث أزيزًا مخيفًا. غالبًا ما تصوًّرُ هذه الشخصية على هيئة لا تألفها السليقة، نصفه انسيّ ونصفه الآخر حيوان، غالبًا ما يكون ماعز أو بقر.
تم تخليد العديد من هذه الشخصيات المخيفة في الأساطير الجامايكية من خلال الفنون والموسيقى الشعبية. على سبيل المثال، تناولت الشاعرة لويز بينيت-كوفيرلي (المعروفة باسم ‘ميس لو’) شخصية “رولينغ كالف” في إحدى قصائدها، بينما اختار بَني وايلر شخصية “الرجل ذو القلب الأسود” في بعض أغانيه، وهو “دوبي” يتجول عبر الجزيرة باحثًا عن قلوب ضحاياه. جرت العادة في جامايكا أن تُستخدم قصته في تخويف الصبية، وحثّهم على اجتناب الغرباء. يبدو أن اسم هذه الشخصية متداول إلى يومنا هذا، بل يعتقد بعضهم بإثارتها لرعب السامعين.
قدّم الفنان المعاصر المتخصص في السرد القصصي، ريتشارد ناتو، مؤخرًا سلسلة من اللوحات التي تجسّد شخصية “ريفر ماما“.
لم تكن الطاقة على متن القارب البني على ما يرام. شيئ ما يدعو الى الريبة وماهي الا لحظات حتى طفت “ريفر ماما” على سطح الماء مداعبة شعرها ناظرة الى الافق كأنها تناجي الليل والقمر الأحمر. ثم تحولت فجأة لتمساح يجّر القارب إلى أعماق الماء. لكن في تلك اللحظة تحديدًا، رأت نصف ثمرة “البرقوق الهندي” تطفو على الماء، فشعرت بأنها قُدمت كقربان من ذلك المتجول. توقفت فجأة وأعرضت عن القارب، وكأنها قررت أن تجد متنفسًا آخر لما يدور في خلدها.
تُعدّ “ريفر ماما” إحدى حوريات البحر التي تجوب منطقة معينة حول جسر “فلات بريدج” على نهر ريو كوبري في جامايكا، حيث تُغري الناس قبل أن تجذبهم إلى أعماق النهر. الغريب أن هذا الجسر القديم، الذي بناه الأفارقة المستعبدون في القرن الثامن عشر، شهد العديد من حوادث السير عبر الزمن. تناولت الشاعرة لورنا غوديسون شخصية “ريفر ماما” في قصائدها، لتعيد إحياء أسطورتها عبر أبيات شعرية.
من أشهر الحكايات المتداولة في الجزيرة عن آني بالمر، التي تُعرف “الساحرة البيضاء لقصر روز هول”، القصر الذي ارتكبت فيه أعمالها الشريرة حيث أصبح المنزل في مونتيغو باي، ويعتبر اليوم وجهة تجذب أعدادًا كبيرة من السياح. يبدو أن القصة استُلهمت من رواية شائعة في القرن العشرين، فالحقائق التاريخية لا تدعمها بشكل كامل. مع ذلك، باتت هذه الحكاية المشوّقة جزءًا من قصص “الدوبي” التقليدية التي يستمتع بها السياح.
MORE NIGHTS!!!! Rose Hall Greathouse Haunted Night Tour is now offered 4 nights per week. Learn more about the White Witch of Rose Hall and how she reigned with terror during 18th century Jamaica. #Whitewitchawaits #idareyou #experiencethemagicatrosehall #montegobay #caribbean pic.twitter.com/L1RKdFgLUn
— Rose Hall Jamaica (@rosehalljamaica) April 22, 2022
ليالٍ إضافية! جولة ليلية مرعبة في ‘غريتهاوس’ بروز هول أصبحت متاحة الآن 4 ليالٍ في الأسبوع. اكتشفوا المزيد عن ‘الساحرة البيضاء’ لروز هول وكيف نشرت الرعب في جامايكا خلال القرن الثامن عشر.
الآن، بغض النظر عن الجدال القائم حول الهالووين المرفوض من الكثيرين في جامايكا، هل يؤمن الجامايكيون حقا بحكايات “الدوبي”؟
قبل فترة وجيزة، تناقلت الأخبار المحلية حادثة درامية أثارت ضجة وصخب: أكّد سكان «سبانيش تاون» أن “دوبي” — أو ربما نوع من الأشباح العدوانية — كان يقذف الحجارة على إحدى المنازل، ويُقال أيضا أنّه جاء في طلب صبي في الحادية عشرة من عمره. في نفس البلدة، تعالت الأصوات حول قصة أخرى مشابهة دارت عن متجر خياطة تتطاير حوله الحجارة، لكن هذه المرّة على يد مالكه الذي مات حنقًا.
الروايات الخارقة للطبيعة والتجارِب المثيرة كهذه تجري على الألسن باستمرار وتتناقلها الأقلام، لا سيما في صحيفة “جامايكا ستار” الشعبية، حيث تكثر المقالات حول كائنات تتغير أشكالها، ويُزعم أحيانًا إمكانية التقاط أشباح “الدوبي” بعدسات الكاميرا.
“كنيسة الدوبي”، مكان آخر يزعم أنه مسكون، وسرعان ما يلقي في قلوب الجامايكيين ما ترتعد له أبدانهم. تقع الكنيسة المهجورة “سانت جورج الأنغليكانية” وسط غابة كثيفة في منطقة “مايل غالي” في مقاطعة “مانشستر”؛ ويُقال إن المصلين هجروها بسبب الأرواح التي تسكنها. قيل الكثير عن هذه الكنيسة، حتى إن سائقي الأجرة يخشون التوقف قربها، خصوصًا في الليل. كما يُقال أنه إذا مررت بجوارها ليلًا، ستسمع عزف الأرغن.
Duppy Church near Mile Gully, Manchester, Jamaica. pic.twitter.com/DTqBQk7rNt
— Photo Jamaica (@PhoJa01) March 28, 2023
كنيسة الدوبي قرب مايل غالي، مانشستر، جامايكا.