
معتنقوا دين يوروبا في مسيرة “إيسو ليس الشيطان” في أوسوغبو. تصوير ليانيفا إغبيتونميس.استخدمت بإذن.
خرج معتنقوا الديانة اليوروبية التقليدية في 24 ديسمبر/كانون الأول، في المدينتين النيجيريتين أوسوغبو ولاغوس، و مدن أخرى حول العالم احتجاجًا على خطأ تاريخي سبب تمييزًا دينيًا لقرون. شوهد المتمسكون بالتقاليد في الشوارع يرتدون سترات ويحملون لافتات ورايات مزركشة. حيث نسب معتنقو الديانات الابراهيمية على مر العصور، الإله يوروبي ايسو (Esu المدعو أيضًا إيشو) بالشيطان المجسد للشر وخصم الله في الإسلام والمسيحية واليهودية. اليوروبا شعوب معروفة في غرب إفريقيا، تقطن مجموعات كبيرة منهم في نيجيريا، وبنين، وتوغو. كما تتواجد جاليات حول العالم. يدين الكثير من اليوربيين بالديانة اليوروبية التقليدية.
بث المتمسكون بالتقاليد حملة على محطات الراديو، والتلفاز النيجيرية، ونشروا المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي تحت الهاشتاغ #EsuIsNotSatan (ايسو ليس الشيطان) لنشر الوعي حول المسيرة.
Will you be there? #esuisnotsatan #december24#africashrine pic.twitter.com/ch8JP6gbLl
— BABA AJISEFA (@ILE_AJISEFA) December 1, 2024
هل ستشارك؟
أُلقيت محاضرات عامة في المدينتين النيجيريتين أوسوغبو ولاغوس. كانت الحملة نشطة كذلك في المكسيك، وإسبانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفي مناطق أخرى للجاليات الإفريقية حيث تعيش مجموعات كبيرة ممن يدينون بعقيدة اليوروبا التقليدية.
جذور الخطأ التاريخي
كانت بداية هذا الخطأ التاريخي في 1860، عندما كلفت جمعية البعثة المسيحية الأسقف صامويل أجاييّ كراوثر، أول أسقف إفريقي في الكنيسة الأنجليكانية، بترجمة الإنجيل إلى اللغة اليوروبية كي يتمكن اليوروبيون من قراءته بلغتهم الأم.
كانت المهمة حرجة، إذ وجب عليه أن يضع كتابة للغة طبيعتها شفهية فقط. عمل الأسقف كراوثر خلال حياته على توحيد لغة اليوروبا ولغات إفريقية أخرى كلغة النوبي والاغبو. لم ينجح فقط في ترجمة الإنجيل، بل أعد أول معجم يوروبي ونشر كتابه لقواعد يوروبا النحوية عام 1843.
أثناء ترجمته للإنجيل، أقدم كراوثر على خطأ سبب التمييز الديني لقرون، فقد نسب كلمة الشيطان إلى إيسو. يصور هذا التوطين إله يوربا كالتجسيد الفعلي للشر، مثل الشيطان. على عكس الديانات الإبراهيمية، حيث يصوّر الخير والشر كقوى متضادة، عندما نرى الأمر من وجهة نظر الفكر اليوروبي فإن علاقتهما تكاملية. إيسو هو الإله المسؤول عن السيطرة على قوى العالم و تنظيمها. ترى ديانة يوروبا بعدم وجود شيء جيد أو سيء مطلق، فيمكن لأشياء جيدة أن تأتي من أحداث سيئة، ولأشياء جيدة أن تكون نتيجة أحداث سيئة.
الحد من المفهوم الخاطىء
حتى بعد مُضي 140 عام على نشر ترجمة كراوثر للإنجيل، ما زال المفهوم الخاطئ منتشرًا، كون “ايسو” الشيطان. كما روجت الثقافة السائدة والإعلام لهذه الرواية السلبية. عندما رأى المتمسكون بالتقاليد الأثر السلبي لهذه الترجمة على دينهم، أسست مجموعة منهم حملة في 2014 لتصحيح هذا الخطأ بتخصيص يوم 24 ديسمبر/كانون الأول لتوعية الناس عن الديانة و الثقافة اليوروبيتين.
خلال محادثة عبر تطبيق واتساب مع جلوبال فويسز في 28 ديسمبر/كانون الأول، شارك رائد الأعمال التقليدي أكنابي إيفادولا أفوفون، المقيم في لاغوس، نيجيريا بعض الأفكار عن المفهوم الخاطئ عن إيسو وحملة #EsuIsNotSatan
عبد الرشيد فاديابي (ع.ف): ما هو شعورك تجاه تمثيلات ايسو في الثقافة السائدة والإعلام؟
إيفادولا أفوفون (إ.أ): تشعرني تمثيلات إيسو في الإعلام بالأسى على شعوب يوروبا. يقوم جزء من عملي على تثقيف الناس حول هوية وأهمية إيسو، حتى يفهموا أن إيسو لا يشبه الشيطان. إيسو هو الإله الحامي للمداخل والمخارج ومفترق الطرق والأسواق في يوروبالاند. يوصف بكونه ليس خَيرًا أو شريرًا مطلقًا. يعاقب إيسو مخالفي القوانين الكونية. في الواقع يعد إيسو رسول أورونميلا، الأوريشا الذي جاء بكلمة أولودوماري إلى العالم. نحاول إيقاف التمثيل السيء لإيسو في الإعلام.
ع.ف: هل يمكنك مشاركة تجربتك الشخصية عن الفهم الخاطيء لكون إيسو الشيطان؟
إ.أ: واجهت في صغري المفاهيم الخاطئة لإيسو نتيجة لخلط الروحانية اليوروبية بالمفاهيم الدينية الغربية. وقع الناس في خطأ مساواة إيسو بالشيطان، و قد أثر سوء الفهم هذا على علاقتي بهذا الإله المقدس.
ع.ف: ما هي معتقداك الأساسية حول دور إيسو في كوزمولوجيا يوروبا؟ في أي النواحي يختلف إيسو عنالشيطان الديانات الإبراهيمية؟
إ.أ: لست باحثًا في الإنجيل، لكن بالنظر لديمومة وصف الشيطان كخصم للإله الإبراهيمي، أعتقد أن إيسو لا يتشارك بأي صفات مع شيطان الدين الإبراهيمي. لا يحارب إيسو مع أي قوة عليا لأجل السيادة. إيسو في ديانتنا هو المسؤول عن المحافظة على النظام و القانون في البعد الكوني. نسمي إيسو “الشرطة”. غلطة الرجل الذي ترجم الإنجيل إلى اليوروبية، الأسقف أجاييّ كراوثر هي التي سببت المفهوم الخاطئ.
ع.ف: ما الذي ألهمك للمشاركة في حملة #EsuIsNotSatan؟
إ.أ: ما ألهمني للانضمام للحملة هو شعوري بعدم صحة وتضليل ترجمة الكثير من المفاهيم اليوروبية إلى الانجليزية، إضافة لذلك شعوري بالحاجة الماسة لحفظ لغة وثقافة يوروبا، أنا قسيس إيفا من سلاسة عابدة لإيسو.
ع.ف: كيف أثرت الحملة على نظرة الناس لدين و ثقافة يوروبا في نيجيريا والمغتربين؟
إ.أ: أثرت حملة #EsuIsNotSatan تأثيرًا ملحوظًا على الدين والثقافة اليوروبيتين. أوضح مثال على تأثير الحملة الإيجابي هو تغيير جوجل، الذي يعد أكثر محركات البحث استخدامًا، لتمثيله و ترجمته لإيسو. يجب علي ذكر اسم من بدأ هذه الحملة منذ عشر سنوات: أولوو سولابادي بوبولا. منذ بدء الحملة، كان هناك زيادة كبيرة في عدد الناس المعتنقين لديانة يوروبا التقليدية. كان الهاشتاغ #EsuIsNotSatan الأكثر شيوعًا على تويتر في 24 ديسمبر/كانون الأول. يسعى الكثير من الناس للعودة إلى جذورهم، كما فتحت الحملة أعين معتنقي عقيدة يوروبا التقليدية على أهمية التبشير بدينهم.
ع.ف: ما هي التحديات التي واجهتك أثناء رفع الوعي بهذه المشكلة؟
إ.أ: لم يكن الأمر سهلًا. تكمن إحدى الصعوبات بعدم تلقي الدعم من الحكومة في دمج معلومات صحيحة عن معتقدات يوروبا في المناهج الدراسية، مما أدى إلى تفشي المفاهيم الخاطئة بين الجيل الناشئ. بينما كانت وسائل التواصل الاجتماعي أداة عملية، ما زال الاشتباك مع جذر المشكلة، المنهج الدراسي، تحديًا كبيرًا. نعمل في سبيل تغيير المنهج الدراسي ليتضمن تمثيلًا صحيحًا لمفاهيم يوروبا.
ع.ف: ما رأيك بتأثير الحملة على الحوارات بين الطوائف الدينية والتسامح الديني؟
إ.أ: أصبح بعض معتنقي الديانات الإبراهيمية أكثر تسامحًا مع التقليديين، وتوقف بعض الدعاة عن تصوير الشيطان كإيسو. رأينا تزايدًا في قبول الناس للثقافة اليوروبية من خلال ملبسهم واستخدامهم للغة. ندرك بعدم إمكانية تغيير هذا المفهوم الخاطئ بين ليلة وضحاها، لكننا نتقدم تدريجيًا.
ههنا فيديو لمعتنقو الديانة أثناء المسيرة في لاغوس.
يأمل المتمسكون بالتقاليد أن تساعد هذه التوعية العامة في تقليل المفاهيم الخاطئة وزيادة التسامح الديني.