
“الخضر”، شيفا أحمدي، ألوان مائية على لوح مائي، 101.6 × 152.4 سم (40 × 60 إنش)، 2009. الصورة مقدمة من الفنانة.
فن شيفا أحمدي هو رقصة بين التقاليد والسرد المعاصر، حيث تتلاقى الألوان النابضة بالحياة والتفاصيل المعقدة لتحكي قصصًا عن السلطة والمرونة والهوية. تنضح أعمالها بالرمزية، وتستلهم من الثراء الشعري الذي تزخر به التقاليد الفارسية والهندية والشرق أوسطية، لتعالج في الوقت نفسه الحقائق الاجتماعية والسياسية الحديثة.
ولدت أحمدي في طهران، وقد أثّرت تجاربها المبكرة خلال الثورة الإيرانية والحرب العراقية بشكل كبير على صوتها الفني. تابعت لاحقًا العديد من درجات الدراسات العليا في الفنون الجميلة في الولايات المتحدة، حيث تعاملت أيضًا مع التحديات المرتبطة بوضعها كفنانة مهاجرة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
تعمل الأحمدي حاليًا أستاذة في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، وتكرس عملها لرعاية الإبداع والتفكير الناقد لدى طلابها. تضمّن معرضها الأخير، “تانغل” (Tangle)، الذي أقيم في غاليري شوشانا واين في لوس أنجلوس، أعمالًا جديدة تسلط الضوء على شخصيات نسائية منغمسة في مناظر طبيعية مدهشة للأرض والمياه. ومن خلال الألوان المضيئة والشخصيات الغامضة، تشتبك في أعمال أحمدي مواضيع “الهجرة والحرب والمعاملة الوحشية للمهمشين”، داعية الناظر إلى “الغوص تحت سطح الروايات الموروثة”.

شيفا أحمدي في الاستوديو الخاص بها في سان فرانسيسكو. الصورة مقدمة من الفنانة
عُرضت أعمال أحمدي على الساحة الدولية، بحيث استُضيفت عروضها في مؤسسات مرموقة مثل متحف المجتمع الآسيوي في نيويورك ومتحف أونتاريو للفنون في تورنتو بكندا. كما تُشكل أعمالها جزءًا من مجموعات مرموقة، بما في ذلك متحف متروبوليتان للفنون ومتحف الفن المعاصر في لوس أنجلوس، ما يؤكد تأثيرها العالمي. وتدفع رسومها المتحركة واللوحات والتركيبات باستمرار حدود التعبير الفني، وتقدم وجهات نظر جديدة حول النظم الثقافية والسياسية.
في مقابلة مع جلوبال فويسز، تحدثت أحمدي عن تأثير الأساطير التاريخية والتجارب الشخصية على فنها، وتحديات كونها فنانة مهاجرة، ودور المرأة المتنامي في رواياتها. كما شاركت رؤى حول عمليتها الإبداعية، وشغفها بالتدريس، ورؤيتها لمستقبل رحلتها الفنية.
في ما يلي مقتطفات من المقابلة:

“لوتس”، شيفا أحمدي، ألوان مائية وحبر على لوح مائي، 304.8 × 152.4 سم (120 × 60 إنش)، 2014. الصورة مقدمة من الفنانة.
أُميد معماريان: غالبًا ما يتضمن فنك رمزية غنية وإشارات إلى الأساطير التاريخية. هل يمكنك توضيح كيفية استرشاد رواياتك بهذه العناصر، لا سيما في مجموعات مثل “العرش” و”الملعب الكارثي”؟
شيفا أحمدي: نشأت في إيران، ولذلك كنت محاطة بلوحات منمنمات فارسية تزين الجدران من حولي. بالرغم من كونها جميلة ومعقدة ومفصلة، كانت هذه الصور أيضًا رسومية بشكل مدهش -حيث صوّر العديد منها مشاهد الصراع والقتال، التي كانت تتناقض مع الغرض منها كفن زخرفي. بعد سنوات، في كلية الدراسات العليا، بينما كنت أبحث عن طريقة للتفكير في العالم من حولي، وجدت أن هذه الصور التاريخية هي مصدر إلهام مهم جدًا.

“أنبوب”، شيفا أحمدي، ألوان مائية على لوح مائي، 101.6 × 152.4 سم (40 × 60 بوصة)، 2014. مجموعة متحف متروبوليتان للفنون. الصورة مقدمة من الفنانة.
أ. م.: في سلسلتك “إعادة اختراع شعرية الأسطورة“، تدرسين قضايا مثل الرأسمالية وتمجيد النفط في الشرق الأوسط. كيف تتعاملين مع التقاطع بين الفن والسياسة؟
ش. أ.: أعتقد أنه من المستحيل أن تكون إيرانيًا وألا تكون سياسيًا. بصفتي امرأة إيرانية مغتربة، تأثرت حياتي بشكل مباشر بالقرارات السياسية. تكشف نظرة سريعة على التاريخ كيف أدت سياسات النفط في الشرق الأوسط دورًا مهمًا مع الوقت، وأعتقد اعتقادًا راسخًا أن الكثير مما حدث في بلدي عبر تاريخه يرتبط ارتباطًا وثيقًا بديناميكيات النفط في المنطقة وتأثير الرأسمالية.

“ضد قوة الجذب”، شيفا أحمدي، ألوان مائية على ورق، 38.1 × 57.15 سم (15 × 22.5 بوصة)، 2024. الصورة مقدمة من الفنانة.
أ. م.: كيف شكلت نشأتك رؤيتك الفنية، وما هي طرق ظهورها في عملك؟
ش. أ.: نشأتي خلال الثورة الإسلامية والحرب، التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق، جعلتاني مدركة تمامًا لما يحيط بي، وغرستا فيّ إحساسًا عميقًا بالقلق وعدم الاستقرار أصبح في ما بعد محوريًا في عملي. أعتقد أن أحد الأسباب التي تجعلني منجذبة إلى العمل بالألوان المائية هو طبيعتها التي لا يمكن السيطرة عليها – فالمياه تتدفق بحرّية، وتتطلب جهدًا ومهارة كبيرة للتعامل معها. وتنقل هذه الخاصية بشكل مثالي قلة الاستقرار التي يتردد صداها مع تجاربي ومواضيعي.
أ. م.: كيف تعكس تقنياتك وألوانها النابضة بالحياة، المتجذرة في التقاليد الفارسية والهندية والشرق أوسطية، العملية التي تتبعينها والنظم الثقافية التي تشكل رواياتك؟
ش. أ.: مع أنني لم أحصل على تدريب رسمي على رسم المنمنمات، ولا أصنع لوحات منمنمة فارسية، إلا أنني أكنّ احترامًا كبيرًا لهذا الفن التقليدي الذي يتطلب تدريبًا مخصصًا لإتقانه. فهو تقليد فني عميق له العديد من المدارس الأسلوبية والتاريخ الغني. من الناحية المفاهيمية، أستمد الإلهام العميق من العناصر السردية لرسم المنمنمات الفارسية. فالقصص المعقدة، التي تضم أبطالًا وأشرارًا فريدين، آسرة ومثيرة للتفكير. تدعو هذه اللوحات إلى الغوص مطولًا فيها، وتكشف عن تفاصيل جديدة مع كل مشاهدة. تلهمني هذه الميزة لاستخدام الاستعارة والسرد للتفكير في القضايا المعاصرة في عالم اليوم.

“توازن مختل”، شيفا أحمدي، ألوان مائية على ورق، 38.1 × 57.15 سم (15 × 22.5 بوصة)، 2024. الصورة مقدمة من الفنانة.
أ. م.: كيف أثرت شهاداتك وبرامج الإقامة في مجال الفنون الجميلة على ممارستك ومفاهيمك الفنية؟
ش. أ.: أثبت تعليمي أنه لا يُقدر بثمن، خاصة وأنني لم أحصل على بكالوريوس الفنون الجميلة في الولايات المتحدة وكنت أفتقر إلى التدريب على التفكير الناقد. في ذلك الوقت، لم تركز مدارس الفنون في إيران على التطور المفاهيمي. لكن حضور برامج الفنون الجميلة في الولايات المتحدة والمشاركة في برامج الإقامة ساعداني بشكل كبير على تنمية المهارات اللازمة لتحليل الأعمال الفنية ومناقشتها أثناء اختبار أفكار جديدة.
شاهد: “مهجور” لشيفا أحمدي، فيديو رسوم متحركة أحادي القناة مع صوت (رسوم متحركة مصنوعة يدويًا)، طبعة 3، مجموعة أكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة، 2021.
أ. م.: كيف تدرّسين الفن في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، وترسين التوازن بين طبيعته البديهية وتشجيع الإبداع والتفكير الناقد لدى الطلاب؟
ش. أ.: من الضروري تعليم طلاب الفنون مهارة المراقبة الحقيقية. فالنظر يختلف عن الرؤية. لذا يتضمن أحد تماريني الأولى للطلاب المبتدئين وضع كيس من التفاح على الطاولة والطلب منهم رسمها باستخدام خطوط بسيطة. عندما نراجع رسوماتهم، غالبًا ما ألاحظ أن التفاح يبدو متطابقًا تقريبًا في الشكل والحجم. ويحدث ذلك لأن الطلاب ينظرون بسرعة إلى التفاح، ويحفظون أول تفاحة يرونها، ثم يكررونها في الرسمة. إنهم يرسمون انطلاقًا من الذاكرة بدلًا من الملاحظة. ويؤكد هذا التمرين على أهمية حس الملاحظة الواعية والمتعمدة، ما يعزز الإبداع. بمجرد أن يتقن الطلاب هذه المهارة، يمكنهم تطبيقها على مختلف الممارسات والخبرات الفنية.

“شلال”، شيفا أحمدي، ألوان مائية على ورق، 57.15 × 76.2 سم (22.5 × 30 بوصة)، 2024. الصورة مقدمة من الفنان.
أ. م.: ما الذي ألهم تركيزك على الشخصيات النسائية في معرضك الأخير، “جدائل المرونة”، وكيف تجسدين المرونة والقوة في رواياتك؟
ش. أ.: قبل الجائحة [كوفيد-19]، كانت الشخصيات الرئيسية في لوحاتي مجهولة الهوية وعديمة الجنس. كان هذا الأمر مقصودًا لأنني أردت أن يركز جمهوري على الأفعال والرسالة من العمل بدلًا من الجندر أو الهوية. مثل أي شخص آخر، عندما ضرب الوباء، عزلت نفسي في الاستوديو. وبدأت برسم رسومات إيمائية للتعامل مع القلق. بمرور الوقت، أدركت أن الشخصيات كانت في الغالب من الإناث. أعتقد أن عقلي الباطن كان مدركًا بعمق لجسدي. وإذا بي، شيئًا فشيئًا، أضع النساء في المركز وأجعلهنّ محور عملي، ما أدى إلى إنشاء سلسلة جدائل المرونة. بعد بضع سنوات، مع انتفاضة النساء الإيرانيات، ازداد تركيزي على القضايا المتعلقة باضطهاد المرأة، لأنني اختبرت هذا الأمر شخصيًا خلال نشأتي في عهد الجمهورية الإسلامية.

“الهبوط الناري”، شيفا أحمدي، طباعة بالألوان المائية وشاشة حريرية على ورق، 104.14 × 152.4 سم (41 × 60 بوصة)، 2023. الصورة مقدمة من الفنانة.
أ. م.: كيف ترين تطور رحلتك الفنية، وهل ترغبين في استكشاف مواضيع أو وسائط جديدة؟
ش. أ.: بغض النظر عن الوسائط التي أستخدمها، سيكون عملي دائمًا بمثابة تعليق على العالم من حولي. أنا أعمل حاليًا على رسوم متحركة جديدة ستكون جزءًا من تجهيز غامر فيه المساحة والإضاءة والموسيقى معًا. سيؤدي التفاعل بين الإضاءة والصوت إلى تضخيم السرد العاطفي، ما يستحدث تجربة قوية وغامرة. لا يزال هذا المشروع في مراحله الأولى، وسنرى كيف يتطور. في ظل تسارع عادة تصفح المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي في عالم اليوم، أعتقد أن التركيبات الغامرة التي تشرك جميع الحواس يمكن أن تُحدث تأثيرًا عميقًا، وتجذب الناس إلى التجربة بطريقة لا تستطيع وسائل الإعلام الثابتة القيام بها في كثير من الأحيان.

“مقاوم للهب”، شيفا أحمدي، طباعة بالألوان المائية وشاشة حريرية على ورق، 104.14 × 152.4 سم (41 × 60 بوصة)، 2023. الصورة مقدمة من الفنانة.