الصورة إهداء جيوفانا فليك

بينما تتفاخر الصين بكونها أول دولة تستضيف كلا نُسختي الأولمبياد الصيفية والشتوية، وتعتبر المناسبة ما هي إلا فرصة سانحة لتذكير العالم أجمع بمكانتها الدولية وأنها الآن قوة عُظمى، إلا أن هذا التجمع الدولي تجاوز كونه حدثًا رياضيًا ليُصبح حلبة لمُختلف الروايات بشأن الصحة العامة والاستدامة البيئية وحقوق الإنسان والعلاقات الدبلوماسية ودور الجهات الراعية. وبينما تتصاعد نبرة الانتقادات، يظهر القليل من المؤيدين لبكين.

احتج المُشجعون والنُشطاء من كافة بقاء العالم على استضافة أذربيجان لدورة الألعاب الأوروبية 2015 لما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان والتلاعب بنتائج الانتخابات والتاريخ الحافل بتعذيب المعارضين. فلقد وُجهت اتهامات لأذربيجان بمحاولة صرف الانتباه عن الفظائع المُرتكبة عبر استضافة حدث رياضي قومي ملئ بالبهجة. من هنا صيغ مُصطلح “التبييض الرياضي” حيث تُحاول الشركات والحكومات والهيئات تحسين سمعتها عبر الرياضة. بالرغم من حداثة المصطلح، إلا أنه طالما اُتبع هذا الأسلوب متى اقترنت الأموال والقوة والسُمعة بالرياضيين وعالم الرياضة.

للمصطلح أهمية خاصة مع استعداد بكين لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في 4 فبراير / شباط حتى 20 فبراير / شباط بعد انقضاء ستة أشهر من انتهاء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في طوكيو دون حضور جماهيري لما لاقته البطولة من تأخير موعدها المُقرر عامًا كاملًا بسبب كوفيد19 واتباع الإجراءات الوقائيات، لتُصبح بكين أول مدينة تستضيف كلا نسختي الأولمبياد الصيفية والشتوية – سبق أن استضافت بكين دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في 2008.

أُقيمت أولمبياد بكين الشتوية وسط حالة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الصين منها استهداف المسلمين وأقلية الإيجور، وشح المياه في شمال الصين بسبب الاستغلال البيئي، واستمرار قمع حرية التعبير مع انتشار وباء كوفيد19.

ثمة دلائل بالفعل على محاولة بكين صرف الانتباه عن هذه الجرائم قبل حفل الافتتاح، إلا أن العالم لم يغفل عن ذلك. فقد أعلنت عِدة دول مُقاطعتها لأولمبياد بكين الشتوية بشكل أو بآخر، ورفضت بعض الدول – أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية – إرسال مُمثلين دبلوماسيين، بينما منعت دول أخرى كافة رياضييها من المشاركة. بجانب تصريح الرياضيين أنفسهم بمقاطعة الأولمبياد عبر منصات التواصل الاجتماعي للاحتجاج على المظالِم الجليّة.

كما أغضبت الصين الهيئات الرياضية وأثارت الجدل مع اختفاء لاعبة التنس (بيغ شواي) حين وجهت اتهامًا علنيًا لنائب رئيس الوزراء الصيني السابق (تشانغ غاولي) بالاعتداء جنسيًا عليها، لتختفي عن الأنظار وتُعاود الظهور بعد أسبوعين في ظروف غامضة، رافضةً الإدلاء بأي تصريح بشأن الواقعة، ما قاد البعض للشك بتهديد الحكومة الصينية لها. استقطبت هذه الواقعة اهتمام المجتمع الدولي ما دفع رابطة محترفات التنس وعددًا من مشاهير الرياضة لإدانة الحكومة الصينية والمطالبة بإجراء تحقيق مستقل بشأن تلك الادعاءات.

مع تفاقم تفشِ فيروس كوفيد19 في الصين بسبب انتشار متحور “أوميكرون” شديد العدوى، أُثيرت مخاوف بشأن السلامة أثناء الاستعداد لاستضافة الأولمبياد. فاستضافة هذا الحدث قد يُعقد استراتيجية “صفر-كوفيد” التي تتضمن تدابير الإغلاق الصارمة وتطبيق الحجر الصحي لاحتواء انتشار الفيروس في البلاد. انسحب بعض الرياضيين من الأولمبياد، وصرحت كوريا الشمالية بعدم مشاركتها بسبب مخاوف فيروس كوفيد19.

مهما كانت عدد الميداليات الأولمبية في هذا الحدث، فإن أولمبياد بكين الشتوية 2022 حتمًا موطِن الاضطرابات السياسية والاجتماعية. إليكم تغطية جلوبال فويسز لهذا الحدث التاريخي.

ترجمة فاطمة عبد الدايم


 

مقالات معلومات عن عندما ينخرط الرياضيون في السياسة: الجانب الآخر من أولمبياد بكين 2022 من فبراير - شباط, 2022