مستقبل المراقبة الجماعية في صربيا

تحذير المنظمات الرقمية الصربية من نظام المراقبة منذ 2019

صورة آنا توسكيتش سفيتينوفيتش ، إل إل إم. من المؤلف، استخدمت بإذن.

كُتب هذا المقال بواسطة، آنا توسكيتش سفيتينوفيتش، المديرة التنفيذية لمنظمة المجتمع المدني شركاء من أجل التغيير الديمقراطي في صربيا، وهي عضو في شبكة المشاركة المدنية المتزايدة في جدول الأعمال الرقمي (ICEDA). أعادت جلوبال فويس نشر النسخة المعدلة بعد الإذن.

 “The modern totalitarian state relies on secrecy for the regime, but high surveillance and disclosure for all other groups. The democratic society relies on publicity as a control over government, and on privacy as a shield for group and individual life.” – Alan Westin, 1967

 ’’تعتمد الدولة الشمولية الحديثة على سرية النظام، وليس على الرقابة والإفصاح لجميع الجماعات الأخرى. يعتمد المجتمع الديمقراطي على الإعلان كنوع من السيطرة على الحكومات، وعلى الخصوصية كدرع لحماية حياة الجماعة، والفرد.‘‘ – ألن ويستن 1967.

أعلنت وزارة الشؤون الداخلية الصربية في ديسمبر/كانون الأول 2022، قانون يتعلق بالشؤون الداخلية. كانت هذه هي المرة الثانية، خلال 16 شهر، التي تعلن فيها الوزارة عن هذا القانون الذي سيرفع من سلطة ضباط الشرطة، ومن قوة نفوذهم السياسي وأنشطتهم، وسيوفر أساس قانوني للرقابة الإحصائية الجماعية في صربيا.

هذه أيضًا المرة الثانية خلال 16 شهر، التي يُسحب فيها مشروع القانون من العملية التشريعية. مع ذلك، وعلى عكس سبتمبر/أيلول 2021، عندما أتم ذلك الرئيس ألكسندر فوتشيتش، الذي كشف أن القوة السياسية لهذا القانون لم تكن القوة الصحيحة (في هذا الوقت كانت صربيا تستعد لجولة أخرى من الانتخابات الوطنية)، هذه المرة كانت رئيسة الوزراء آنا برنابيتش هي التي بدأت الانسحاب. وقد وعدت بأن يستمر العمل بشأن هذا القانون بعملية تشاور شاملة وجامعة لجميع الأطراف المعنية.

أعقبت كلتا المحاولتين لاعتماد قانون الشؤون الداخلية باستجابة قوية من منظمات المجتمع المدني الصربية والدولية التي علقت في معظمها على بنود الرقابة الإحصائية الجماعية. لكن نضالهم بدأ في عام 2019، عندما أعلن وزير الشؤون الداخلية آنذاك أن مدينة بلغراد ستُغمر بكاميرات الرقابة الإحصائية الجماعية، المزودة ببرامج التعرف على الوجه، بالإضافة إلى نظام للتعرف الآلي على لوحات السيارات. لم تحصل صربيا فقط على نظام رقابة غير مُختبر كفاية من شركة هواوي الصينية من خلال عقد سري، دون تعزيز الأساس القانوني السابق لاستخدامه، ودون تحديد ضرورة استخدام هذا النظام وتناسبه، لكن أيضًا دون إجراء تقييم لتأثير استخدام مثل هذه التكنولوجيا المتطفلة على حقوق المواطنين. بناءً على تحقيقات العامة، كانت استجابة الحكومة كما هي: رُكبت الكاميرات، لكنهم لم يحصوا على برنامج التعرف على الوجه، واستخدموا التقنية المتاحة كالمراقبة العادية بالفيديو (الدوائر التليفزيونية المغلقة).

من الواضح أن وزارة الشؤون الداخلية والحكومة الصربية لم يُعرضوا عن تنفيذ هذا النظام لمراقبة المواطنين بعد أربع سنوات. في يناير/كانون الثاني، نظم رئيس الوزراء برنابيتش الاجتماع بحضور ممثلين من المجتمع المدني، ووزارات معنية، لمناقشة الأحكام المنتقدة. على الرغم من عدم تحديد الجدول الزمني الدقيق للقانون التشريعي، من المؤكد ظهور مسودة قانونية جديدة في محاولة لتوفير أساس قانوني لما كانت فكرة سلطاتنا لسنوات.

لكن ما يجعل هذا النظام جذاب، هو محاولة السلطات الصربية تنفيذه، منذ أكثر من ثلاث سنوات، حتى في البداية ودون اعتماد لائحة الترخيص، واستخدام أسلاك الكاميرات المتصلة بنظام التعرف التلقائي على الوجه.

في الواقع تستخدم الحكومات نظام المراقبة الإحصائية على نحو متزايد لمنع جرائم معينة، ولملاحقة أعدائهم بشكل أساسي. ومع ذلك، أظهرت التجارب عن إمكانية مساعدة هذا النظام في قمع جرائم معينة، إلا أن الجرائم الصغيرة قد تتأثر على نحو أساسي. مثلًا، الكاميرات في الأماكن العامة ليست رادعة للجرائم الشائعة. بالنسبة لصربيا، لم يُقدم تحليل شامل لإظهار حالة الجريمة فيها، وكيف يكون مجتمعنا آمن، (وغير آمن)، ولما تعتبر الرقابة الإحصائية هي الأداة التي ينبغي لها المساهمة في سلامتنا.

يتسم هذا الأخير بأهمية خاصة بالنظر إلى إظهار التجارب المقارنة الأخيرة، عددًا من الآثار السلبية للرقابة الإحصائية. ينطوي النظام نفسه على تقييد دائم لحق المواطنين في الخصوصية، لكن المشكلة أكبر من ذلك بكثير. حيث أدت حالات الخطأ في تحديد الهوية، وأخطاء النظام إلى إدانات غير مشروعة. أصبح لدى النظام أفراد أقلية معترف بهم في كثير من الأحيان على أنهم مشتبه بهم، بينما تستخدم السلطات في بعض الدول هذا النظام للتعامل مع هؤلاء الذين لا يشاركون آرائهم السياسية. في النهاية، أظهرت الأبحاث أن تنفيذ هذه التكنولوجيا في الأماكن العامة له تأثير مخيف. مع العلم أنهم تحت الرقابة باستمرار، فلا يشعر المواطنون حينئذ أنهم أحرار حتى في التواصل مع الآخرين، والاجتماعات، والمشاركة في التجمعات السياسية، أوغير ذلك من طرق تعبيرهم عن وجهات نظرهم وآرائهم، ومعتقداتهم.

كل هذا هو موضوع نقاش مكثف داخل الاتحاد الأوروبي، الذي يقوم حاليًا بصياغة قانون الذكاء الاصطناعي، لائحة يجب أن تحكم تطوير، وتنفيذ الذكاء الاصطناعي في الدول الأعضاء.  مازال غير مؤكد شكل الإصدار النهائي من القانون، لكن المجتمع المدني وجماعات حماية حقوق الإنسان، ومعظم أعضاء مجلس النواب الأوروبي دعوا لحظر الرقابة الإحصائية الجماعية.

في ظل كل هذا، لا يجب السماح باتخاذ قرارات متسرعة بشأن إدخال الرقابة الإحصائية إلى صربيا. بدلًا من التسرع، وعدم الشفافية، والحلول المتهورة، نحتاج إلى نقاش هادف بشأن حاجة مثل هذا النظام أم لا، وماذا نريد أن نحقق من خلاله، وأخيرًا إذا كنا نستطيع التخلي عن جزء من حريتنا كمجتمع على نحو دائم.

اشترك بالتحديثات عبر البريد الالكتروني »

Exit mobile version