إساءة معاملة الأطفال في مؤسسات الرعاية الحكومية في جامايكا مشكلة لن تختفي، هل يقع اللوم على النظام؟

صورة من برنامج Canva Pro.

سادت موجة من الصدمة والسخط خلال الأيام القليلة الماضية أرجاء جامايكا بسبب المحنة التي ألمت بأكثر أطفالها هشاشة: أطفال الرعاية الحكومية. فقد عرضت اللجنة البرلمانية “مكتب حماية الأطفال”، المفوضة بتعزيز وحماية حقوق ومصالح الأطفال المؤسسة منذ سنة 2006 تحت قانون حماية ورعاية الطفل، على مجلس النواب تقريرًا مثيرًا للقلق بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني، ويتضمن هذا التقرير تفاصيل حول العلاقة المشبوهة بين مؤسسة حماية الطفل وخدمة الأسرة والمؤسس الأمريكي لمنظمة دينية المتهم بسلوكيات غير أخلاقية بحق العديد من أقسام الحكومة.

وجه التقرير أصابع الاتهام كذلك إلى مؤسسة حماية الطفل وخدمة الأسرة، وبالخصوص مديرتها التنفيذية، روزالي غايج غراي، لكونها غير حريصة، وربما لعرقلتها تحقيق مكتب حماية الأطفال. يزعَم التقرير أن غايج غراي فشلت في أداء مهمتها الإدارية والأخلاقية في ملحقات الحكومة السابقة، ومقرها في منشأة تقليدية تدعى “بيت الأب”.

Her responses indicate that she is either unaware of, or has a reckless approach to the significant vulnerability which attaches not only to them when they are minors, (that is below 18 years) but also even after and during their transition out of the formal care system.

تدل ردة فعلها إما أنها غير مدركة للأمر، أو أن نهجها نهجٌ متهور تجاه ضعف وضع الأطفال الملحوظة، التي لا ترتبط بفترة قصرهم فقط (كونهم تحت عمر 18 سنة)، بل حتى بعد وأثناء مغادرتهم نظام الرعاية الرسمي.

أكدت منظمة “رعاية اليتامى” التي يرأسها كارل روبانسكي، الأمريكي المذكور في التقرير، أنها:” تؤمن بحب الرب، ومن خلال حبه نهتم بأمر اليتامى المهملين والذين يعانون من سوء المعاملة في جامايكا”. في سنة 2009، بعد سنتين من بداية عملها في جامايكا، أرست علاقة مع مصلحة “تنمية الطفل” (قبل إعادة تسميتها)، التابعة لوزارة التربية والتعليم الجامايكية.

بدأ عقد إيجار منشأة “بيت الأب” سنة 2011، وبدأت تستقبل أقسام الحكومة التي تقترحها مؤسسة حماية الطفل وخدمة الأسرة سنة 2013. في سنة 2016، أُدِين روبانسكي الذي تدعوه صغيرات جامايكا “العم كارل”، بسوء سلوك مهني مع طالبة في الولايات المتحدة، وأوقفوا رخصته التعليمية في ولاية واشنطن مدة عامين. أشار أمر التوقيف لما يلي: “هناك أدلة واضحة ودامغة، تشير إلى أن السيد روبانسكي  يملك اضطرابات سلوكية، تشكل تهديدًا على السلامة التعليمية، والأمان الشخصي للطلاب، والمعلمين، أو أي زميل أخير في الطاقم التعليمي”. وفقًا لتقرير طبيبة نفسية، من المحتمل أن يكرر هذا السلوك، وتشكيل خطر على من يتواصل معه.

حسب تقرير مكتب حماية الطفل، قالت مؤسسة حماية الطفل وخدمة الأسرة أنه علموا بقضية توقيف روبانسكي سنة 2018، إلا أنهم لم يقطعوا علاقتهم بمنظمة “رعاية اليتامى”.

يُعتبر التقرير نتيجة عامين من التحقيقات، بسبب القضية التي نقلتها إذاعة شبكة الأخبار الوطنية في مارس/آذار 2021، وبطلب من وزارة التعليم للتحقيق في المسألة. لاحقًا، في نفس السنة، لم تبد الحكومة أي ردة فعل إزاء المسألة. خلال مؤتمر صحفي في أبريل/نيسان 2021، أكدت وزيرة التعليم، فيفال ويليامز، أن وزارتها أنهت علاقاتها مع منظمة رعاية اليتامى، وطلبت إخلاء مقرها المستأجر خلال 90 يوم.

كما ذكرت نفس الإذاعة، وجود فوائد مالية ممنوحة لبعض الموظفات، وتغطي رِحْلات إلى الولايات المتحدة. أشار تقرير مكتب حماية الأطفال إلى تصريح موظفة لم تشتك من الاعتداء، أو تحذر منه، كون روبانسكي يدفع رسوم مدرستها، ولم ترد خسارة الدعم المالي. واصل تواصله مع الفتيات سواء في الوقع أو عن بعد، وحسب ما أفاد التقرير، فقد وثق هذا التواصل أحد أصدقاء الفتيات، واحتفظ به.

في حديثها أمام مجلس النواب في 10 يناير/كانون الثاني، قالت الوزيرة ويليامز، وكان صوتها يرتجف أحيانًا، إن OCA أوصت بإعادة تعيين مديرة، وأم منزل، وردت أسماؤهما في التقرير بسبب تواطؤهما المزعوم. على الرغم من التقارير العديدة التي تفيد بقطع العلاقات، إلا أنها أشارت إلى أن رئيس CPFSA ضللها:

I am enraged when I consider that following the report explicit directives were given, there was constant follow up […] The situation was untenable. It cannot be defended.

Based on the report of the OCA, it is not in the best interest of our children in state care for the CEO of the CPFSA to remain as head of the agency while further investigation takes place. And so I call on her to step aside, at least while the Public Service Commission completes its deliberations.

أشعر بالغضب عندما أرى صدور توجيهات صريحة، في أعقاب التقرير، مع المتابعة المستمرة … لا يمكن الدفاع عن الوضع. بناءً على تقرير OCA، ليس من مصلحة أطفالنا في رعاية الدولة أن يظل الرئيس التنفيذي CPFSA للوكالة أثناء إجراء المزيد من التحقيقات. لذا أنا أدعوها إلى التنحي، على الأقل بينما تكمل لجنة الخدمة العامة مداولاتها.

أُرسل التقرير إلى الشرطة، ويسعى وزير التعليم أيضًا إلى الحصول على توجيهات من لجنة الخدمات العامة. ولم تصدر الوكالة التنفيذية ولا رئيسها التنفيذي بيانًا حول هذا الأمر، ويقال إن الرئيس التنفيذي كان يعمل كالمعتاد.

أعرب مستخدمو الإنترنت الجامايكيون عن غضبهم وصدمتهم، حيث أشار أحدهم بأصابع الاتهام إلى أجنبي أبيض جاء تحت ستار الدين:

كيف تم السماح للمتحرش بالوصول إلى الأطفال من قبل وكالات حماية الأطفال؟ ببساطة لأنه كان أجنبيًا، أبيض اللون، يدعي الإلهام من الإله المسيحي. مع ذلك، أنتم جميعًا لستم مستعدين لمواجهة هذا الأمر حقًا، لذا دعوني أعود إلى القيام بهذا العمل.

كان لدى محامي حقوق الإنسان والناشط ألكسيس جوف، قبل عامين، العديد من الأسئلة بخصوص روبانسكي:

هذا ما ورثته. نظام “حماية” الطفل هو ملاذ لإساءة معاملة الأطفال، ويسود الإفلات من العقاب. فيما يتعلق بقضية كارل روبانسكي ورعاية اليتامى، هل أنهت Cpfsa والحكومة الشراكة مع كل من روبانسكي ومنظمته؟ إذا كان الأمر كذلك، قدموا لنا الدليل.

Carl Robanske spotted the need for better facilitation for wards of the Jamaican state. Let's think then, of what Jamaica got in return. Several wards in state facilities are now possibly blighted for life, based on the allegations, and the exposure of yet another Jamaican oversight body, which appears totally irredeemable.

It is clear to me that in this saga our needs and wants were fully exploited because of this horrific culture in Jamaica to trade a blind eye for measly benefits. Well, the price which we have paid here is immeasurable.

لاحظ كارل روبانسكي الحاجة لتسهيلات أفضل لأقسام الدولة الجامايكية. دعونا نفكر إذن فيما حصلت عليه جامايكا في المقابل. من المحتمل الآن أن تكون العديد من الأقسام في مرافق الدولة محرومة مدى الحياة، استناداً إلى هذه الادعاءات، والكشف عن هيئة رقابية جامايكية أخرى، والتي تبدو غير قابلة للإصلاح على الإطلاق. من الواضح بالنسبة لي أنه في هذه الملحمة، تم استغلال احتياجاتنا ورغباتنا بالكامل، بسبب هذه الثقافة المروعة في جامايكا من أجل غض الطرف عن فوائد تافهة. حسنًا، الثمن الذي دفعناه هنا لا يقدر بثمن.

في تقرير صدر في يونيو/حزيران 2022، أشارت يونيسف جامايكا إلى أن نظام حماية الطفل في البلاد “يفتقر إلى الموارد البشرية والدعم المالي الكافي”. وبالاعتماد على البيانات والأدلة التي تم جمعها في الفترة من يونيو/حزيران إلى ديسمبر/كانون الأول 2021، شددت وكالة الأمم المتحدة على ضرورة تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي. وحثت على تعزيز الرقابةن والتنسيق، والرصد، وتخصيص الموارد في هذا القطاع، فضلاً عن السياسات الرامية إلى منع جميع أشكال العنف ضد الأطفال.

أعربت منظمات حقوق الإنسان عن إحباطها وغضبها إزاء عودة قضية الأطفال في رعاية الدولة إلى الواجهة مرة أخرى، على الرغم من الاحتجاجات الكبيرة والتغطية الإعلامية الواسعة. وأشادت رئيسة منظمة جامايكا من أجل العدالة، ميكل جاكسون، بمنظمة مكافحة الفساد لنشرها التقرير للعامة:

يجب أن أقول ذلك مرة أخرى، أحسنت OCA العمل في هذا التقرير. لقد شجعتني رغبة الأشخاص في التقدم. وأنا على ثقة من أن المزيد من التحقيقات ستشهد ظهور المزيد من القضايا لمزيد من المساءلة. كما أنني على ثقة أنه إذا تأثرت أي فتاة، فسوف تحصل على الدعم.

كما اعتقدت أن النظام معيب:

دعونا نتوقف عن التبجح حول هذه القضية. إن ظلم روبانسكي هو نتيجة الفشل المؤسسي. تفتقر الوزارة أيضًا إلى نهج “التعامل مع الثور من قرنه”. كما أن هناك نقصًا في السلطتين التنفيذية والتشريعية. على الرغم من التقارير والنتائج التي لا تعد ولا تحصى من المآسي الماضية، حتى الآن، لم يتم اتخاذ سوى القليل من الإجراءات!

دعت المتحدثة باسم المعارضة غابرييلا موريس إلى مراجعة جميع دور الأطفال. واقترحت عضوة أخرى في المعارضة، الدكتورة أنجيلا براون بيرك، نشر سجل مرتكبي الجرائم الجنسية في جامايكا. وبحسب ما ورد يحتوي السجل على أسماء أكثر من 300 فرد.

استخدمت الناشطة في مجال حقوق الإنسان والمديرة التنفيذية لمنظمة “قف من أجل جامايكا”، ماريا كارلا جولوتا، نفس الاقتباس الذي استخدمه هذا الجامايكي في بيان صحفي:

“ما من طريقة أكثر وضوحًا لمعرفة روح المجتمع، من الطريقة التي يعامل بها أطفاله.” ~ نيلسون مانديلا. كيف حالنا في جامايكا؟

في مايو/أيار 2022، ظهرت أيضًا ادعاءات تتعلق بإساءة معاملة القُصَّر في رعاية الدولة في منطقة كاريبية أخرى، وهي ترينيداد وتوباغو.

ابدأ المحادثة

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.