في اليمن إن كنت تحمل كاميرا سيكون حولك علامة استفهام

المصوّرون المتحدثون في المقال

رغم مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب في اليمن في 26 مارس/آذار 2015 وتدهور الأوضاع الإنسانية في البلد إلا أن هناك شباب يبحثون عن الجمال والأمل ويحاولون التعبير عن قضاياهم عبر التقاط الصور.

يسرد هذا المقال تجارب مصورين يمنيين في مجتمع لا يقدّر مهنة التصوير ويحيا تحت وطأة الحرب.

هواية أم مهنة؟ موهبة أم موضة؟

حمزة جمال إعلامي أثرت الحرب عليه سلبياً وإيجابياً، حيث بدأ التصوير كهواية ولكن الوضع الحالي في البلد فرض عليه أن يجعل منه مصدرًا للدخل أيضًا، يقول حمزة:

اليمن مليئة بالمبدعين وخصوصًا في التصوير؛ فإذا استمر التطوير في أعمال الفوتوغرافيا وتنويع استخدامها في الأشياء التي تنفع الدين والبلاد قبل أن تكون مكسبًا فبالتأكيد سيكون للتصوير مستقبلًا زاهرًا وخصوصًا إذا صلُح حال بلادنا.

التقط حمزة الكثير من الصور التي أثّرت عليه لاسيما وقد أصبح  للإعلام  تأثيرًا كبيرًا على الأشخاص والمجتمع لأنهما يعكسان الحقيقة والوضع وينقلان رسالة واضحة وذلك بحسب تعبيره.

يضيف حمزة:

قبل البدء بالتصوير أتمنى أن يفكر كل مصور بالشيء الذي سوف يقوم بتصويره، والتفكير هل سوف يفيد هذا العمل المجتمع والبلاد أم سيكون له أضرار، وذلك من منطلق أنه صاحب رسالة، أما المجتمع فيجب أن يعيد نظرته للمصورين والمبدعين وأن يساعدهم كي يصلوا للأفضل، حيث أننا في مجتمع لا يعطي المصور المبدع والمتمكن في هذا المجال حقه الكامل سواء معنويًا أو ماديًا.

صور تم تصويرها من قبل حمزة ونادر وأنغام

نادر العبسي خريج تكنولوجيا المعلومات ويتخذ التصوير كهواية:

أحب التصوير منذ نعومة أظافري وفيه أجد نفسي، وأجد في التصوير فن ينسجم مع روحي وأعبر فيه عن كل جوانب الجمال في حياتي. امتهنت عدة مهن كمصدر دخل لكن كمصور كانت هناك أعمال محدودة وبسيطة خصوصًا في الأوضاع الحالية، كان التصوير في البداية شغف وهواية  أمارسه كترويح عن النفس ولكن في الفترة الأخيرة بدأت أفكر في تحويله إلى مصدر دخل إضافي والاستفادة منه في تحسين المستوى المعيشي.
إن الصورة من أسهل الطرق لإيصال الفكرة للمجتمع، ونقل صورة حية للواقع المحيط، وهناك صور مؤثرة التقطها في محافظة الحديدة للقرى المتضررة من السيول لأطفال وهم يحملون بعض مما جادت به بعض المنظمات من مساعدات  ويعبرون بها مياه السيول للانتقال للضفة الأخرى ليفترشوا بها العراء مع أسرهم، وأم تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من منزلها الطيني الغارق في المياه.

معاذ العابد طالب إعلام قسم إذاعة وتلفزيون يتحدث:

التصوير هواية قبل أن تكون مهنة مع ذلك جعلتها مهنة لمساعدتي في جوانب الحياة، ومستقبل التصوير كمجال أرى أنه يتطور من يوم لآخر لأن عدد المصورين المتواجدين والبارزين في الساحة اليمنية ليس بالقدر البسيط وهناك تنافس كبير نراه يحتدم يومًا بعد يوم لهذا فمستقبل التصوير في اليمن سيكون بحسب اعتقادي واعدًا إن شاء الله.

يضيف معاذ:

للصورة تأثير. خصوصاً التي لها معنى فتأثيرها أكبر وأشمل من مشهد فيديو أو من مقطع كامل لأنك في اللقطة تحاول إيصال رسالة أو كلام معبر بصورة واحدة فقط وهذا فن تصعب إجادته، ومن الممكن أن يؤثر بالمحيط ككل. أما بالنسبة لي فإنني أحاول أن أستلهم من الصورة برؤيتي لها وأفكر بها بحيث تبعث طاقة إيجابية كبيرة أستفيد منها لاحقًا.

صور تم تصويرها من قبل جهاد وشهدي ونهار وصادق

جهاد إدريس خريجة إدارة اعمال:

التصوير بالنسبة لي ليست مهنة هي هواية أحبها جدًا وأحب أن أقضي كل وقت فراغي في ممارستها. وحاليًا بسب الوضع الحالي من الصعب القول أنه من الممكن أن يكون للمصورين مستقبل لكن بإذن الله سيتحسن الوضع ويتغير للأفضل ويؤثر إيجابيًا على المصورين وغيرهم.. أما الصورة فقد يستصغرها البعض لكن في الحقيقة هذه الصورة قد تحرّك شعبًا وتشعل قضية رأي عام وتغيّر مصير إنسان كبائع الأقلام السوري. انتشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل معها الكثيرون، وهناك صور التقطتها أثرت بي كصورة كانت لمسنّ نائم على الأرض وتحته كلب نائم. الصورة مؤلمة، أي كيف أصبح وضع الإنسان نفس وضع الحيوان في بلادي؟ إن التصوير ليس بالأمر السهل كما يظن البعض. صعب أن تصل للاحتراف إن لم تبذل جهدًا، لهذا رجاء لا تطلبوا من المصورين تصويركم مجانًا إلا إذا كان عملًا خيريًا لأنه فعلا عمل شاق.

شهدي الصوفي 23 سنة طالب جرافكس ومصور فوتوغرافي منذ 2010 بدأ التصوير كهواية وأصبحت الآن مهنته يتحدث عن التصوير وتأثير الحرب عليه:

هناك طفرة ظهور مصورين كثر في فترة وجيزة، كثير منهم أخذ موضوع التصوير كموضة، دون امتلاك الموهبة، وفي المستقبل سيختفي كثير منهم ويبرز الموهوبون بقوة وسيكون هناك اهتمام بالتصوير بشكل كبير وستوجد مسابقات محلية بمستوى راقٍ فالصورة الفوتوغرافية هي لوحة فنية بحد ذاتها تختصر عددًا كبيرًا من الكلمات في صورة واحدة وتحمل رسالة لا تستطيع الكلمات التعبير عنها وتجعل المتلقي لها في حالة تفكير عميق وبالتأكيد تؤثر على المصوّر كونه المتلقي الأول لها وصانعها. إن التصوير الفوتوغرافي فن عظيم ويجب على المصور أن يكون فنانًا قبل أن يكون فنيًا يعمل على آلة.

محمد السقاف 20 عاماً مهنته التصوير يتحدث:

قبل فترة وجيزة كنت بصدد التقاط صورة للنفايات المتواجدة في شوارع العاصمة صنعاء للتوعية من مرض الكوليرا في اليمن وبعد التأكد من ثبوت الصورة رأيت في عدسة الكاميرا امرأة بعمر والدتي قاطعتني وقت التصوير فأنزلت العدسة منتظراً أن تذهب ولكن انتبهت للحظة أنها كانت تأكل من النفايات. لم تتصوري مقدار انقباض قلبي وحزني عليها بهذه الحالة، إن الصورة محفّز لتغيير تفكير الكثير من الناس مثل صورة الطفل اللاجئ الذي وُجد في الساحل وهو متوفى. هذه الصورة أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي ونفوس الكثيرين…

في الوقت الحالي يرى محمد مستقبلًا جميلًا للمصورين في اليمن ويصف بأن هناك الكثير من الصور الجميلة والكليبات أنتجها شباب يمنيين مثل (ما يحتاج) وغيره.

صور من تصوير عمار ومعاذ وحسين

عمار العوامي 28 سنة يمتهن التصوير ولديه مهن أخرى:

أحببت مهنة التصوير لأنني أجسد ما أراه بلقطة. ولكل صورة حكاية حيث أننا نجسد بها لحظة من لحظات حياتنا ويتوقف عليها الزمن، ومستقبل التصوير والمصورين في اليمن في علم الغيب.

أنغام الصرحي خريجة تصميم جرافيك تعشق التصوير :

التصوير هو شغفي الأكبر وطموحي نحو العالمية بإذن الله وحاولت أن أطور من نفسي كلما واتتني الفرصة وسمحت لي الظروف لأن عالم التصوير عالم كبير يحتاج من المصور التأمل أكثر وقنص الفرصة الملائمة لإخراج الصورة إلى الواقع لتبدو لوحة فنية أبدع في تصويرها وإخراجها. إن الصورة قد تكون غير مؤثرة حين تلتقط دون أي عناية أو تركيز في العمل ولكن لها تأثير خاص ومميز حينما يعتني المصور بجوانب الصورة بجميع اختلافاتها ليجعل منها صورة ناطقة بالجمال والفن المذهل.

ترى أنغام أنه في السنوات الأخيرة الماضية تفاوتت أعمال المصورين اليمنيين من الجيد إلى الممتاز وأن مستقبل التصوير في اليمن يتجه إلى الأفضل بشكل عام وهناك جهد ومثابرة للوصول بهذا الفن إلى أفضل المستويات بحسب تعبيرها، وتضيف:

هناك صورتان التقطهما لهما دور كبير في التأثير النفسي الكبير لدي، إحداهما صورة لرجل عجوز أعمى البصر كان يحاول الحصول على الماء من أحد الأماكن العامة المنتشرة في الشوارع وكانت أصابعه الأربعة في إحدى اليدين مبتورة فشدني ذلك كثيرًا وأثّر في نفسي فكانت الصورة وليدة اللحظة.

عباس العباسي مصور ومخرج بدأ التصوير في 2010 وله العديد من الاعمال الفنية مثل ويه ياعيد وغيره يقول :

يعتبر مجال التصوير هواية وأصبح في الآخر تقريبًا مصدر رزق، لكنني لست معتمدًا عليه كثيراً، فعملي الأساسي هو هندسة وتركيب أنظمة البخار… وأجد نفسي بارعاً في كتابة السيناريوهات الدرامية للأفلام المستوحاة من قصص حقيقية. كتبت سيناريوهات لفيلمين ومتوقع بيعهما لمخرجين أجانب. أما مستقبل المصورين في اليمن فأتوقع بأنه سيظهر للنور عما قريب وستزهر الشاشة اليمنية بالأعمال الشبابية القوية والهادفة، وثقافة الشعوب تصنف وتقدر بما يقدمونه في مسارحهم قديمًا وحاضراً في شاشاتهم أما عن تأثير الصورة فسلاح العصر هو الكاميرا والتصوير والصورة لها كل التأثير بالتأكيد.

حسين السعد 19 سنة، 5 سنوات في المجال المجتمعي والمجال الإعلامي مهنته الأساسية هي كاتب سيناريو وفنان دبلاج أما التصوير هواية وشغف :

صورت صورة قبل سنوات ضمن مسابقة لمنظمة حقوقية وحصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية وكانت لطفل اضطر أن يحمل معه كرتونة بيع إلى جانب الكتب وبيعها في المدرسة هذه الصورة أثرت بشكل كبيرعلي. إن التصوير مستقبله لا يتوقف على أي مكان مهما كان ذلك المكان يحمل من مشاكل بل يتوقف على الأشخاص الممارسين له؛ هل يتوقفون عن العمل لرؤية بلادهم بهذا الشكل أم يصنعون الحافز لأنفسهم.

مريم الشامي طالبة لغات (فرنسي) مهنتها التصوير و بدأت مشوارها في التصوير منذ عام وترى التصوير في اليمن ليس بالجيد وتسهب في الحديث:

أعتقد حب التصوير ورثته من اجدادي. أحلم ألا تتهدم باقي آثار بلادي كي أستطيع التقاط صور لها، إن الصورة بالطبع ذات تأثير فربما انا التقطت صورة لمكان لم يسبق لك زيارته ووقعت في حب الصورة وانطبعت فكرة في بالك أن هذا المكان جميل مثل ما شاهدته في الصورة فمن الطبيعي أنك ستسارع لزيارة ذلك المكان.

صور تم تصوريها من قبل مريم وفؤاد ومحمد

صادق الحراسي طالب هندسة معمارية:

التصوير يعتبر شغف وهواية أعشقها جداً. إن التصوير في اليمن أصبح مهزلة، كل من لديه مال ذهب يشتري له كاميرا وبدأ يصور أو يقوم بتأجيرها، ولكن هناك مصورين رائعين جداً ويستحقون كل التقدير والاحترام وأظن أنهم سوف يقومون بنقلة كبيرة في اليمن فالصورة أكبر وأهم ناقل للأخبار والمشاعر ومؤثرة بشكل كبير جداً.

نهارعلي خريجة تربية انجليزي انخرطت في مجال الإعلام والتصوير منذ ست سنوات تقول:

مصورين كثير في اليمن ولكن ليس هناك مستقبل! فوزارة الثقافة والإعلام لا تهتم بالتصوير والمصورين كثيراً، وبالتحدث عن الصور هناك صورة ألتقطها اثرت في نفسي كانت لمزارعة في مزارع البن في محافظة تعز اليمنية إن الصورة توثق كل شيء الحقائق الألم وغيره…

فؤاد الجعدي مصور فوتوغرافي وخريج إعلام يختم الحديث:

التصوير في اليمن أصبح مواكبة للموضة، أصبح للإحساس بالتميز. أي لم يعد ذلك التصوير الممارس بشغف لأجل قصص، لأجل رسائل، فالصورة تتكلم عن نفسها وتختزل الكثير من المعاني.

تأثير الحرب

يرى نادر العبسي أن مستقبل التصوير في اليمن غير واضح الملامح كون هناك العديد من المعوقات وقلة الإمكانيات ويضيف:

  من المعوقات التي يواجها التصوير كفن ويواجها المصور أيضاً قلة الإمكانيات التي تتوفر وارتفاع كلفة معدات التصوير بجانب عدم توفر مراكز للتدريب في مجالات التصوير، وبسبب قلة وعي المجتمع بأهمية الإعلام بشكل عام والتصوير بشكل خاص ومدى التأثير الذي يحدثه بالمجتمعات يتم التقليل من أهمية المصور، وكذلك أثرت الحرب بشكل سلبي على معظم المصورين، حيث يكاد يكون حمل الشخص للكاميرا جريمة، وإن جازف احدهم بالتصوير لا يكاد يسلم من المضايقات والتشكيك فيه من معظم فئات المجتمع، وهناك قصص كثيرة عن مصورون احتجزوا وتمت مصادرة معداتهم ومنعوا من التصوير لأسباب واهية.

يتفق أغلب المصوّرين المتحدثين في هذا المقال مع ما يقوله معاذ العابد:

نستطيع القول أن الحرب أثرت على المصورين بشكل إيجابي وسلبي ولكن السلبي أكثر لأنها قيدتنا بعض الشيء كسبل التواصل أو أخذها كمهنة أو خلق افكار وغيرة  فهذا سوف يعقيك ولهذا كان الدور السلبي أعم من الإيجابي والذي ممكن خلق لنا تفكير كبير إلى ما بعد الحرب والرؤية التصويرية لدينا.

من جانب آخر يرى شهدي الصوفي تأثيرًا إيجابيًا للأوضاع في اليمن في اتساع مجال التصوير الإنساني والعمل الصحفي وفرص التعامل مع الوكالات العالمية.

أما محمد السقاف فقد أجبرته الحرب للنزوح إلى القرية والبقاء هناك سبعة أشهر ولكن ذلك جعله يكتشف حبه للتصوير بالتقاط صور لمناظر جميلة هناك بحسب قوله.

بينما وصف عمار العوامي:

عانيت في الحرب كثيراً وقد صودرت كميرتي بدون أي تهمة وكل ما أخرج للتصوير أخاف على نفسي وعلى كاميرتي “البلاد لهم وحدهم ليست هناك ثقة”.

في وجهة نظر مريم الشامي ترى أن الحرب لها تأثيرها السلبي ولكن في الوقت تقسه خلقت دوافع إيجابية جميلة:

بسبب الحرب أضطر احياناً إلى إلغاء بعض المهام تحسباً لقلق والدي ولكن أعطتنا دافع أنه مهما كانت الحرب بشعة سنخلق ألف جمال ونعكس صور أجمل عن بلدنا.

في تعليق أخير لفؤاد الجعدي يقول:

 الحرب لم تؤثر علينا بل دمّرتنا كمصوّرين لدرجة أصبح لي أكثر من عامين لا أصور التصوير الذي كنت أطمح له. أصبح المصور عندنا مجرم، كثير من المشاكل نعاني منها في ما يخص التصوير كثير من المشاريع والأفكار التي كانت في ذهني توقفت تماماً بسبب الحرب بسبب أنه مجرد أن يراك أحد في شارع مع كاميرا فأنت بالنسبة لهم عميل ومجرم وغيره…

أجمع المصوّرون بشكل عام بأن الحرب كان لها تأثيرها العميق في حياتهم خصوصًا انعدام شعورهم بالأمان وإمكانية التصوير بحرية وتعرّضهم لمصادرة الكاميرات والاحتجاز بحجّة التواجد في مواقع يُحظر التصوير فيها وما شابه.

2 تعليقات

شارك النقاش

الرجاء تسجيل الدخول »

شروط الاستخدام

  • جميع التعليقات تخضع للتدقيق. الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر تعليق مزعج.
  • الرجاء معاملة الآخرين باحترام. التعليقات التي تحوي تحريضاً على الكره، فواحش أو هجوم شخصي لن يتم نشرها.